القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

 

قد اختلف أهل العلم في رؤيته صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في المعراج فمنهم من قال رأى ربه بعين رأسه ، ولكن الصحيح أنه رآه بقلبه، ولم يره بعين رأسه،

وأما قولهمَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى. [النجم:11-13]، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن هذا المرئي (جبرائيل)، رآه مرتين على صورته التي خلق عليها . (رواه البخارى) .

 فالصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه سبحانه وتعالى ببصره في المعراج، وإنما رآه بقلبه ولم ير بعينيه إلا النور وهو الحجاب الذي يكون بين الله وبين عباده،

كما عند مسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال : « حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه » . 

ودليل ذلك :

1- ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : من حدثك أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب وهو يقول : لا تدركه الأبصار ... )رواه البخاري( التوحيد/6832)

2- عن مسروق، قال : قلت : يا أم المؤمنين، أنظريني، ولا تعجليني، ألم يقل الله عز وجل : ولقد رآه بالأفق المبين [التكوير: 23] ، ولقد رآه نزلة أخرى؟ 

فقالت : أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : (( إنما هو جبريل، لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطا من السماء، سادا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض!)). أخرجه مسلم (177).

3- وعن أبي ذر قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك قال : نور أنى أراه. (رواه مسلم )

قوله : (( أنى أراه؟! )) أي : رأيت حجابا من نور فكيف أرى الله تعالى مع وجود حجاب النور؟!.

كما أن قوله : (( أنى أراه؟! )) هذا أبلغ من قوله : لم أره؛ لأنه مع النفي يقتضي الإخبار عن عدم الرؤية فقط، وهذا يتضمن النفي وطرفا من الإنكار على السائل،

كما إذا قال لرجل : هل كان كيت وكيت؟ فيقول : كيف يكون ذلك؟!.

وأما الرواية التى قال فيها " رأيتُ نوراً ". فالنور الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم ما هو إلا الحجاب الذي يكون بين الله وبين عباده، 

كما عند مسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال : « حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ».

4- عن ابن عباس قال : { ما كذب الفؤاد ما رأى، ولقد رآه نزلة أخرى }قال : " رآه بفؤاده مرتين ". (رواه مسلم (الإيمان/258 )).

فهذه الرواية المقيدة بالقلب تقيد الروايات المطلقة التى جاءت عن ابن عباس بخلاف ذلك ،

لأن الذي روي عن ابن عباس حديث مطلق بأن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه ، وهنا هذا الحديث مقيد بأنه رآه بفؤاده ، فيحمل المطلق على المقيد لأنه لم يرو ابن عباس أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعيني رأسه.

قال الإمام النووي رحمه الله :

تحت حديث ( نور أنى أراه ) معناه : حجابه نور فكيف أراه ؟ . قال الإمام أبو عبد الله المازري - رحمه الله - : الضمير في ( أراه ) عائد على الله سبحانه وتعالى ، 

ومعناه أن النور منعني من الرؤية كما جرت العادة بإغشاء الأنوار الأبصار ، ومنعها من إدراك ما حالت بين الرائي وبينه . انتهى من (شرح النووي على مسلم).

قال ابن القيم رحمه الله :

 وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرؤية له إجماع الصحابة على أنه لم ير ربه ليلة المعراج ، 

وبعضهم استثنى ابن عباس فيمن قال ذلك وشيخنا يقول ليس ذلك بخلاف في الحقيقة ،

فإن ابن عباس لم يقل راه بعيني رأسه وعليه اعتمد أحمد في إحدى الروايتين حيث قال إنه راه عز وجل ولم يقل بعيني رأسه،

ولفظ أحمد لفظ ابن عباس رضي الله عنهما ويدل على صحة ما قال شيخنا في معنى حديث أبي ذر رضي الله عنه قوله في الحديث الاخر: حجابه النور،

فهذا النور هو والله أعلم النور المذكور في حديث أبي ذر رضي الله عنه رأيت نورا . انتهى من (اجتماع الجيوش الإسلامية ج: 1 ص: (12))

وأما قوله تعالى : ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى.[النجم:8]، فهو غير الدنو والتدلي المذكورين في قصة الإسراء، فإن الذي في سورة النجم هو دنو جبرائيل وتدليه، 

كما قالت عائشة وابن مسعود رضي الله عنهما، فإنه قال : عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى.[النجم:5-8]

فالضمائر كلها راجعة إلى هذا المعلم الشديد القوى، وأما الدنو والتدلي الذي في حديث الإسراء، فذلك صريح في أنه دنو الرب تعالى : وتدليه.

وأما الذي في سورة النجم : أنه رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ، فهذا هو جبرائيل، رآه مرتين، مرة في الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى.

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

لم يأت هناك حديث صحيح ومرفوع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال رأيت ربي ليلة أسري بي لا يوجد مثل هذا الحديث،

 صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( رأيت ربي في المنام ) وهذا خارج عن موضوع الكلام.

 بل يوجد هناك حديث في صحيح مسلم وأثر صحيح عن السيدة عائشة ينفي ذلك روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله تعالى عنه أن رجلا قال : يارسول الله هل رأيت ربك قال ( نور أنى أراه )،

وفي حديث أبي موسى وقد سرده مسلم عقب ذاك الحديث قال ( حجابه النور ). أي: إذا ضممت هذا إلى هذا أخذت النتيجة أنه لم يره هذا الحديث المرفوع ،

أما الحديث الموقوف وفيه جزم من أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها الصديقة بنت الصديق وهي من أعرف الناس بشخصية الرسول وما يتعلق بإسراءه ومعراجه. 

حيث جاء في الصحيحين في البخاري ومسلم من طريق التابعي الجليل المسمى بمسروق أنه جاء إلى عائشة فقال : " يا أم المؤمنين هل رأى محمد ربه " ،

هذا سؤاله واسمع الجواب ليس مني إنما أنا ناقل هل رأى محمد ربه ؟ قالت " لقد قف شعري مما قلت " قال " يا أم المؤمنين ارحميني ولا تعجلي عليّ أليس قال الله عز وجل (( ولقد رآه نزلة أخرى )) ؟ " 

قالت " أنا أعلم الناس بذلك سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال ( فقال رأيت جبريل في صورته التي خلق فيها مرتين وله ستمائة جناح وقد سد الأفق ) ".

إذا هذا تفسير الآية ثم قالت متابعة تعليم الأمة جزاه الله عن الأمة خيرا " ثلاث من حدثكهن فقد أعظم على الله الفرية ثم تلت قول الله تبارك وتعالى (( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا )) ". 

إذا لا يمكن المكالمة مع الله إلا من وراء حجاب في هذه الحياة الدنيا ولذلك كانت رؤية الله في الآخرة تباين الرؤية هنا في الدنيا ،

هذه المسألة الأولى قالت " ومن حدثكم بأن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم كان يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية ثم تلت قوله تبارك وتعالى (( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله )) ،

" الثالثة والأخيرة " ومن حدثكم بأن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم كتم شيئا أمر بتبليغه فقد أعظم على الله الفرية ثم تلت قوله عز وجل (( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بغلت رسالتك والله يعصمك من الناس)) ".

 في رواية تفرد بها مسلم دون صاحبه البخاري قالت " لو أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم كان كتم شيئا أمر بتبليغه لكتم قول ربه :

وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه. لكنه ما كتم لأن هذا هو واجبه رسالة (( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ... )) إلى آخر الآية غيره . انتهى (سلسلة الهدى والنور-(641))

وقال أيضا رحمه الله :

الراجح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم ير ربه بعينه، وإنما رآه ببصيرته وقلبه، 

ومما يؤكد هذا أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد سُئل صراحًة: هل رأيت ربك؟ قال : « نور أنى أراه؟! » فهذا نفي لأن يكون رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قد رأى ربه وأكد نفيه لذلك بقوله : أن هناك نورًا يمنع الإنسان من أن يرى ربه، 

وهذا أيضًا جاء في حديث آخر أن حجابه النور ولولا هذا الحجاب لأحرقت سبحات وجهه تبارك وتعالى كل شيء مر به أو كما قال عليه السلام، وكل من الحديث الأول وهذا الآخر مخرج في صحيح الإمام مسلم.

فالراجح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم ير ربه، وهو ظاهر قوله تبارك وتعالى : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا }. (الشورى:٥١).

وبهذه الآية استدلت السيدة عائشة على رد من يقول بأن الرسول عليه الصلاة والسلام رأى ربه بعينيه، فقد جاء في الصحيحين من رواية مسروق رحمه الله :

أنه جاء إلى السيدة عائشة رضي الله عنها فقال لها : يا أم المؤمنين! هل رأى محمد ربه؟ قالت : لقد قَفَّ شعري مما قلت، 

قال : يا أم المؤمنين! ارحميني ولا تعجلي عليّ، أليس يقول الله تبارك وتعالى في كتابه : { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى }. (النجم: ١٣ - ١٤) ،

قالت رضي الله عنها : أنا أعلم الناس بذلك، لقد سألت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : « رأيت جبريل في صورته التي خُلِقَ فيها مرتين وله ستمائة جناح .. » 

رأيت إذًا { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى }. (النجم:١٣) قال : رأيت جبريل في صورته التي خلق فيها مرتين وله ستمائة جناح وقد سد الأفق - بعظمته -». فإذًا : الضمير في الآية التي سأل مسروق عائشة عنها إنما يعود إلى جبريل وليس إلى الله تبارك وتعالى.... انتهى باختصار من ("فتاوى الإمارات" (٤/ ٠٠:٠٥:٥٢)).

وقال أيضا رحمه الله :

وأما رؤيته تعالى في الدنيا فقد أخبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الصحيح : « أن أحداً منا لا يراه حتى يموت ». رواه مسلم.

وأما هو نفسه عليه الصلاة والسلام فلم يرد في إثباتها له ما تقوم به الحجة, 

بل قد صح عنه الإشارة إلى نفيها حين سئل عنها بقوله : « نور أنى أراه » ومع ذلك جزمت السيدة عائشة بنفيها كما في "الصحيحين" وهذا هو الأصل فينبغي التمسك به . انتهى من ("التعليق على متن الطحاوية" (ص٣٠)).

وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :

عقيدة أهل السنة والجماعة المستمدة من النصوص الشرعية أن محمدا صلى الله عليه وسلم لما أسري به وعرج به لم ير ربه بعينيه؛ 

لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن ذلك : « رأيت نورا » .(صحيح مسلم)، وفي رواية أخرى : « نور أنى أراه ». أخرجهما مسلم في صحيحه، ولقوله صلى الله عليه وسلم « واعلموا أنه لن يرى منكم أحد ربه حتى يموت ». خرجه مسلم أيضا. انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء- الفتوى رقم (٢٤٥٠)).


والله اعلم


اقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى. اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات