✅ الرزق من أعظم ما يشغل الناس، وقد جعل الله لأرزاق العباد أسبابًا شرعية تزيدها وتبارك فيها، وهي ليست مادية فحسب بل مرتبطة بطاعة الله والالتزام بمنهجه.
✅ في هذا المقال نتناول أهم أسباب الرزق الشرعية مع الأدلة والتوضيح.
الأسباب الشرعية الخمسة لجلب الرزق.
1- الإستغفار والإكثار منه (السبب الشرعي الأكبر لجلب الرزق).
✅ قال الله تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾. (نوح: 10-12). فالإستغفار سبب مهم لتوسيع الرزق بالمال والولد، وإزالة الكربات.
● وفي هذه الآية دليل على أن الاستغفار من أعظم أسباب المطر، وحصول أنواع الأرزاق، ولهذا قال : ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنات : يعني بساتين. ويجعل لكم أنهارا جارية.
★ قال عطاء : المعنى يكثر أموالكم وأولادكم. أعلمهم نوح عليه السلام أن إيمانهم بالله يجمع لهم مع الحظ الوافر في الآخرة، الخصب والغنى في الدنيا. ينظر: (فتح القدير- للشوكاني).
★ وقد ذكر الإمام القرطبي في تفسيره- فقال : شكا رجل إلى الحسن الجدوبة فقال له : استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر فقال له : استغفر الله،
وقال له آخر : ادع الله أن يرزقني ولداً؛ فقال له : استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه؛ فقال له : استغفر الله، فقلنا له في ذلك؟.
فقال : ما قلتُ من عندي شيئاً؛ إن الله تعالى يقول في سورة نوح : {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}. ينظر: (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي(18/302)).
2- المحافظة على الصلاة من أقوى أسباب الرزق.
✅ قال تعالى : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصَّلاةِ وَاصْطَبرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى }. (132-سورة طه).
◄ يعني : إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب. ينظر: ((تفسير ابن كثير)) (5/327).
● وكان بكر بن عبد الله المزني إذا أصاب أهله خصاصة يقول : قوموا فصلوا، ثم يقول : بهذا أمر الله رسوله، ويتلو هذه الآية. ينظر: ((تفسير الثعلبي)) (6/267).
✅ وفي الحديث القدسي : إن الله تعالى يقول : يا ابن آدم، تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى، وأسد فقرك، وإلا تفعل ملأت يديك شغلا، ولم أسد فقرك. ((صحيح سنن ابن ماجه)) (4107).
3- تقوى الله عز وجل (أعظم مفاتيح الرزق).
✅ قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِب﴾ (الطلاق: 2-3).
● التقوى من أعظم الأسباب الشرعية لجلب الرزق، وقد ربط الله في القرآن الكريم بين التقوى وتيسير الرزق.
● فالتقوى تعني الالتزام بطاعة الله واجتناب معاصيه، ومن آثارها أن يفتح الله لعبده أبواب الرزق من حيث لا يدري، كما أن التقوى تجلب البركة وتيسر الأمور.
● جعل سبحانه للتقوى فائدتين : أن يجعل له مخرجا، وأن يرزقه من حيث لا يحتسب، والمخرج هو موضع الخروج، وهو الخروج،
وإنما يطلب الخروج من الضيق والشدة، وهذا هو الفرج والنصر والرزق؛
فبين أن فيها النصر والرزق، كما قال : أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. [قريش: 4] ؛
ولهذا قال النبي ﷺ: (( وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟! )) : بدعائهم وصلاتهم واستغفارهم. فهذا لجلب المنفعة، وهذا لدفع المضرة. ينظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (16/55).
4- صلة الرحم تزيد الرزق وتبارك في العمر.
✅ قال النبي ﷺ: «من سره أن يُبسط له في رزقه أو يُنسأ له في أثره فليصل رحمه». (البخاري). فصلة الرحم من الأعمال التي وعد الله صاحبها بالرزق المديد.
★ قال النووي رحمه الله : بسط الرزق : توسيعه وكثرته، وقيل : البركة فيه. ينظر: [شرح النووي (16/ 114)].
★ وقال الحافظ ابن حجر : قال العلماء : معنى البسط في الرزق البركة فيه؛ لأن صلة أقاربه صدقة، والصدقة تربي المال وتزيد فيه فينمو بها ويزكو. ينظر: [ فتح الباري لابن حجر (4/ 302)].
5- الشكر والرضا سبب لمزيد من الرزق.
✅ قال سبحانه : لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ.(إبراهيم: 7). الآية نص في أن الشكر سبب المزيد. ينظر: ((تفسير القرطبي)) (9/343).
✅ قال النبي ﷺ : وارْضَ بما قسم اللهُ لكَ تَكُن من أَغْنَى الناس. (صحيح الجامع-رقم: (7833)).
◄ أي : بما أعطاك الله من رزق، ولا تأسف على ما فاتك، من الدنيا، فالكون يسير بحكمته سبحانه، " تكن من أغنى الناس "، أي : يملأ الله قلبك، ويديك غنى.
● "فارض -يا عبد الله- بما قسم لك الله تكن أغنى الناس"، وتذكر قول النبي ﷺ: " مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً فِي سِرْبِهِ، مُعَافىً فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ". (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).
● ولعل أمرا يكرهه الإنسان ويحزن لحدوثه وهو في الحقيقة محض الخير له، قال الله سبحانه : وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ. {البقرة:216}.
الأسئلة الشائعة حول أسباب الرزق:
هل يمكن أن يرزقني الله دون أسباب؟
نعم، فالله يرزق من يشاء بغير حساب، لكن أخذ الأسباب الشرعية عبادة تزيد من البركة.
ما أفضل ذكر لجلب الرزق؟
الاستغفار، والصلاة على النبي ﷺ، وذكر الله عمومًا.
هل الصدقة تُعد من أسباب الرزق؟
نعم، فقد قال ﷺ: «ما نقص مال من صدقة».
هل الرزق يشمل غير المال؟
نعم، يشمل العلم، والولد، والراحة، والبركة، والصحة.
✅ خاتمة :
✔ باتباع الأسباب الشرعية الخمسة لجلب الرزق، يمكن للإنسان أن يغير حياته إلى الأفضل.
✔ فلنبدأ من الآن بتطبيق هذه الأسباب، مع يقيننا بأن الرزق بيد الله وحده، وأن الالتزام بشرعه هو طريق الخير كله.
اقرأ أيضا : الرزق بيد الله وحده وليس بيد البشر.
والله اعلم

تعليقات
إرسال تعليق