القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

إزالة التعارض بين قوله (ولتصنع على عيني) بالإفراد و(تجري بأعيننا) بالجمع


اعلم أخي المسلم  قبل الإجابة على هذا أنه لا يوجد تناقض ولا تعارض بين الكتاب والسنة لا بين الكتاب بعضه من بعض ولا بين السنة بعضها مع بعض ولا بين القرآن والسنة لأن الكل من عند الله سبحانه وتعالى ولا يمكن أن يوجد تناقض فإن رأيت شيئا ظاهره التعارض والتناقض وجب عليك أن تعيد النظر مرة بعد أخرى حتى يتبين لك وجه الجمع والتوفيق فلا يوجد شيء من القرآن والسنة ظاهره التعارض إلا وجد له وجه جمع أو وجد له مخرج من هذا التعارض لكن الناس يختلفون في تخريج هذا الذي ظاهره التعارض .

فصيغة الإفراد وصيغة الجمع فى صفة العين لا تتعارضان مع بعضهما ولا تتعارض كل منها أيضا مع صيغة التثنية .

لأن ما جاء في النصوص من صيغة إفراد صفة العين فى قوله : { وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي }. [طه:٣٩] لا يعارض صيغة الجمع لأنه لم يرد إلا مضافاً ومن قواعد الأصول : أن المفرد المضاف يفيد العموم فتشمل كل ما ثبت لله من عين مهما كثرت وذكر العين مفردة لا يدل على أنها عين واحدة ليس إلا ، كما يقول القائل : أفعل هذا على عيني ، وأجيئك على عيني ، وأحمله على عيني ، ولا يريد به أن له عينا واحدة فلا يفهم منها عدد محدد ولكن يراد به إثبات الجنس أي جنس العين لكن دون بيان وتحديد لعدد إذن فلا معارضة لا للتثنية ولا للجمع.

 وأما صيغة الجمع فى صفة العين فى قوله( تجري بأعيننا )فهى من أجل التعظيم وأقل الجمع اثنتان فصيغة الجمع متكررة في كلام الله عز وجل فالجمع يفيد التعظيم ولهذا يذكر الله نفسه أحيانا بصيغة الجمع تعظيما لا تعددا يقول قلنا ويقول نحن  ويقول نزلنا وهي تستعمل للتعظيم والإجلال ولذلك يسمي أهل اللغة هذا الضمير ضمير العظمة فالمقصود بالجمع هنا التعظيم لا التعدد وبهذا نعلم أن ما ورد في وصف العين بصيغة الجمع لا يعارض التثنية والإفراد لأن المقصود به التعظيم.

وأما صيغة التثنية فى صفة العين فقد وردت فى السنة الصحيحة ويراد بهما العدد وأنهما عينان اثنتان كما فى حديث الدجال فإن الأعور في لسان العرب الذي ليس له إلا عين واحدة ففهم من نفي العور عن الله جل وعلا : ( وإن ربكم ليس بأعور )،أي : أن له عينين جل وعلا ولذلك يثبت أهل السنة والجماعة لله عز وجل عينين فإن قلنا أن أقل الجمع اثنان فليس هناك تعارض بين صيغة التثنية وصيغة الجمع وإن قلنا أن أقل الجمع ثلاثة فالجمع هنا إنما هو للتعظيم لا للتعدد.

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

 ....قوله تعالى : ولتصنع على عيني. ولقوله : تجري بأعيننا. كيف الجمع بينهما ؟ هذه مفرد وأعين جمع ؟

الجواب بسيط جدا القاعدة في اللغة العربية : 

أن المفرد إذا أضيف يفيد العموم، أن المفرد إذا أضيف يفيد العموم له مفرد اقرأ قول الله تعالى : إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها. النعمة مفرد ولا جماعة ؟ لفظه مفرد لكن معناه جماعة ويش الدليل ؟ لا تحصوها لأن الواحد يحصى لو كان نعمة واحدة أحصيناها .

إذا المفرد المضاف يفيد العموم طيب عيني ولتصنع على عيني مفرد مضاف فيعم كل ما ثبت لله من عين كل ما ثبت ولا يناقض التعدد إطلاقا المفرد هنا لا يناقض التعدد يبقى الجمع لماذا جمعت أعين ؟

لأن الجمع يفيد التعظيم، الجمع يفيد التعظيم ولهذا يذكر الله نفسه أحيانا بصيغة الجمع تعظيما لا تعددا يقول  قلنا  ويقول  نحن  ويقول  نزلنا  جماعة الضمير للجمع للتعدد ولا للتعظيم ؟ للتعظيم لا شك.

لأن الله واحد عز وجل إذا أعيننا جمعت لأجل التعظيم لاسيما وأنها أضيفت لما يفيد التعظيم وهو نا فصار بذلك تناسب بين المضاف وإيش ؟ والمضاف إليه فصار الجمع إذا روعي فيه المعنى وهو التعظيم والمناسبة اللفظية وهو أنه أضيف إلى ما يفيد التعظيم فكان المناسب أن يأتي بصيغة الجمع فتبين الآن أنه لا تناقض بين الإفراد وبين التثنينة

طيب فيه رجل قال : زوجتي طالق وله أربعة نساء مين يطلق ؟ يا إخوان أنا أعطيناكم قاعدة الآن قلنا " المفرد المضاف يفيد العموم " طيب قال زوجتي طالق وله أربعة كل الأربع تطلق إلا إذا كان يريد تعيينا بنيته أو بالسبب إذا كان هناك سبب واحد من الزوجات أغضبته والباقي ما أغضبه وقال زوجتي طالق يعني التي أغضبتني هذا هو السبب أو هو بنفسه نوى أنها معينة فلا يطلق إلا ما نوى لكن دلالة اللفظ تفيد العموم .

طيب رجل قال : عبدي حر وله أربعة أعبد كلهم يعتقون ؟ كلهم يعتقون ما لم يكن هناك نية أو سبب، 

انتبهوا إلى هذه القاعدة بارك الله فيكم القاعدة : " المفرد المضاف يفيد العموم ". الدليل : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها . إي نعم .انتهى من (فتاوى الحرم النبوي-(01)).

وقال أيضا رحمه الله :

وأنا أدلكم على شيء يعينكم على هذا ألا تنظروا إلى الآيات أو النصوص التي ظاهرها التعارض لا تنظروا إليها على سبيل أنها متعارضة انظروا إليها على سبيل أنها متآلفة ثم حاولوا أن تصلوا إلى كيفية هذا التآلف. 

أما أن تنظروا إليها إلى أنها متعارضة فإنك قد تحرم الوصول إلى التأليف بينها لأنك ستورد بعضها على بعض على وجه متناقض وحينئذٍ تحرم الوصول إلى المراد لكن انظر إليها أنها متآلفة ولكن حاول أن تعرف كيف تتآلف هذا هو الذي يجب أن تعتقده في النصوص التي ظاهرها التعارض حتى تهتدي.

أما إذا نظرت إليها بنظرة التعارض فاعلم أنه سوف ينغلق عليك الباب ولا تعرف كيف توفق بينها لأنك إنما نظرت على أنها متعارضة متنافرة لكن اذا نظرت إليها أنها متآلف لكن كيف التآلف سهل عليك؟.

 فنحن ننظر الى هاتين الآيتين : (ولتضع على عيني) و(تجري بأعيننا) لا نقول أن فيها تعارض اصلاً نقول بينها تآلف لأن العين مفردة مضافة فتشمل كل ما ثبت لله من عين مهما كثرت أنظر إلى قول الله تعالى : (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) نعمة مفرد مضاف المراد بها نعمة واحدة؟ لا، ما لا يحصى من النعم  واذكروا نعمة الله عليكم و ميثاقه الذي واثقكم به  أيضاً نعمة الله عليكم لا تحصى كذلك عيني نقول : يشمل كل ما ثبت لله من عين، 

طيب بقينا في الجمع هل نقول بظاهر الجمع أو لا؟ 

ذهب بعض العلماء إلى أننا نقول بظاهر الجمع ونقول لله أعين كثيرة لكنها غير محصورة لأن أعين جمع وعين مفرد مضاف فيشمل كلما يثبت لو كان آلاف الآلاف وحينئذٍ نقول لله أعين كثيرة غير محصورة ولا معلومة العدد، أفهمتم ؟ 

طيب، حجة هؤلاء أنهم يقولون : لم يأت في القرآن ولا في السنة تقييد العين بالتثنية كما جاءت اليد، اليد جاءت  (لما خلقت بيدي) (بل يداه مبسوطتان) لكن العين ما جاءت، وإن كان فها حديث فيه مقال (إذا قام أحدكم يصلي فإنه بين عيني الرحمن)  لكن هذا الحديث فيه مقال فهو ضعيف فظنوا أن لله أعين كثيرة.

 ولكن البخاري رحمه الله لدقة فهمه ساق حديثي الدجال ليبين أن المراد بالأعين عينان اثنتان فقط لا تزيد وهو ما قال عن الدجال،  ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله لا يخفى عليكم إن الله ليس بأعور وأشار بيده إلى عينه وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافئة أو طافية.

طيب، يقول إن الله ليس بأعور وأشار بيده إلى عينه من المشير؟ الرسول صلى الله عليه وسلم ليس بأعور العين وبهذا يسقط ويبطل قول من قال أن المراد بالعور هنا العيب، لأن بعض المحرفين الذين أصروا على أن تكون أعين الله كثيرة قال المراد بالعور العيب والمعنى أن الدجال أعور أي معيب وليس المراد عور العين.

 ولكننا ندمغهم دمغاً يزهق به الباطل حين أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى عينه والرسول أعلم منا بالله قال : أشار بيده إلى عينه وإن المسيح الدجال أعور العين. وهذا أيضاً يمنع منعاً باتاً أن يكون المراد بالعور العيب أعور العين وخص اليمنى ومثلها  كأن عنبة طافية أو طافئة روايتان إذا كان كذلك علم أن الله ليس له إلا عينان اثتنان.

 وجه الدلالة أنه لو زادت على اثنتين لكان الزائد كمالاً أليس كذلك ولكان هذا الكمال يحصل به الفرق بين عيني الدجال لأن ليس له إلا اثنتان وبين الأعين الزائدة على الاثنتين إذا أثبتنا ذلك لله عز وجل ومن المستحيل أن يدع النبي صلى الله عليه وسلم العلامة التي فيها الكمال إلى علامة انتفاء العين هذا مستحيل.

لأنه يكون في ذلك اخفاء كمال الله عز وجل بذكر ما زاد على اثنتين يكون فيه عدم ذكر كمال الله تعالى بما زاد على الثنتين فلو كانت الأعين أكثر من ثنتين لكان الزائد كمالاً يحصل به الفرق بين الدجال والرب عز وجل.

 فلما لم يذكر ذلك الذي هو الكمال وإنما ذكر نفي العين وهو أن الله ليس بأعور علم أن الله سبحانه وتعالى ليس له إلا عينان اثتنان فقط وهذا هو ما ذكره الأشعري وغيره ممن يذكرون عقيدة أهل السنة والجماعة يقولون : " وأن لله عينين اثنتين" وهذا هو المتعين على المؤمن ان يعتقده في ربه عز وجل أن له سبحانه و تعالى عينين اثنتين . انتهى من (شرح كتاب التوحيد-(09)).

وقال أيضا رحمه الله :

 " وردت صفتا اليدين ، والعينين في النصوص مضافة إلى الله تعالى : على ثلاثة أوجه : الإفراد ، والتثنية ، والجمع .

فمن أمثلة الإفراد : قوله تعالى : (تبارك الذي بيده الملك) ، وقوله : (ولتصنع على عيني) .

ومن أمثلة الجمع : قوله تعالى : (أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً) ، وقوله : (تجري بأعيننا) .

ومن أمثلة التثنية : قوله تعالى : ( بل يداه مبسوطتان) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا قام العبد في الصلاة قام بين عيني الرحمن ) ، هكذا هو في مختصر الصواعق عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعزه ، ولم ترد صفة العينين في القرآن بصورة التثنية .

هذه هي الوجوه الثلاثة التي وردت عليها صفتا اليدين ، والعينينوالجمع بين هذه الوجوه أن يقال :

إن الإفراد لا ينافي التثنية ، ولا الجمع ؛ لأن المفرد المضاف يعم ، فيتناول كل ما ثبت لله من يد ، أو عين ، واحدة كانت أو أكثر .

وأما الجمع بين ما جاء بلفظ التثنية ، وبلفظ الجمع : 

فإن قلنا : أقل الجمع اثنان ، فلا منافاة أصلاً بين صيغتي التثنية والجمع لاتحاد مدلوليهما ، 

وإن قلنا : أقل الجمع ثلاثة ، وهو المشهور ، فالجمع بينهما أن يقال : إنه لا يراد من صيغة الجمع مدلولها الذي هو ثلاثة ، فأكثر ، وإنما أريد بها ، والله أعلم : التعظيم والمناسبة ، أعني مناسبة المضاف للمضاف إليه ، فإن المضاف إليه ، وهو " نا " يراد به هنا التعظيم قطعاً ، فناسب أن يؤتى بالمضاف بصيغة الجمع ؛ ليناسب المضاف إليه ، فإن الجمع أدل على التعظيم من الإفراد والتثنية ، 

وإذا كان كل من المضاف والمضاف إليه دالاً على التعظيم حصل من بينهما تعظيم أبلغ ". انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/59-60) .

وسئل أيضا رحمه الله :

كيف الجمع بين صيغتي الجمع والتثنية في صفة العين؟

الجواب على ذلك 

  أن يقال إن قلنا أن أقل الجمع اثنان فليس هناك تعارض وإن قلنا أن أقل الجمع ثلاثة فالجمع هنا إنما هو للتعظيم والتناسب بين المضاف و المضاف إليه لأن الجمع يراد به التعظيم مثل قوله تعالى : ( إنا نحن نزلنا الذكر)  (إنا نحن نحيي الموتى)  وما أشبه ذلك والتناسب هنا هو التناسب بين المضاف والمضاف إليه لأن المضاف إليه ضمير جمع فكان التناسب بين المضاف والمضاف إليه أو مراعاة التناسب بين المضاف والمضاف إليه أولى وأظن أن هذا سبق لنا في الذكر اليد. انتهى من (شرح كتاب التوحيد-(09)).

وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

 ولغة العرب جاءت بإفراد المضاف وتثنيته وجمعه بحسب أحوال المضاف إليه‏.‏ 

فإن أضافوا الواحد المتصل إلى مفرد أفردوه، وإن أضافوا إلى جمع ظاهرًا أو مضمرًا فالأحسن جمعه مشاكلة للفظ كقوله سبحانه‏ : ‏﴿ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ﴾، وكقوله ‏:‏ ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا ﴾.

وإن أضافوه إلى اسم مثنى فالأفصح في لغتهم جمعه كقوله ‏: ‏﴿ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾ وإنما هما قلبان فلا يلتبس على السامع قول المتكلم نراك بأعيننا ونأخذك بأيدينا ولا يفهم منه بشر على وجه الأرض عيونًا كثيرة على وجه الأرض عيونًا كثيرة على وجه واحد، والله أعلم . ‏اهـ (شرح الواسطية للفوزان ( ص : 68 )).


والله اعلم


اقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى. اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات