">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع الجم

هل أخطأ القائلون بوجوب أحكام التجويد؟ لا يفوتك

 
تثار الكثير من النقاشات بين العلماء وطلاب العلم حول مسألة وجوب أحكام التجويد أثناء تلاوة القرآن الكريم.

 والرأي الصحيح أن أحكام التجويد مستحبة وليست واجبة، ولكن هناك فريق من العلماء يرون أنها واجبة ولا يصح تركها.

 فهل أصاب القائلون بوجوب أحكام التجويد؟ أم أنهم اخطأوا وموقفهم يفتقر إلى الأدلة القطعية؟

 في هذا المقال نعرض أدلة القائلين بالوجوب ونرد عليهم ردودًا مفصلة مدعومة بالتفاسير وأقوال العلماء.

 الدليل الأول :

 الاستدلال بالآية الكريمة : { وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا }.[المزمل:4].

* قالوا : بأن هذه الآية تدل على وجوب اتباع قواعد التجويد في قراءة القرآن.

▣ الرد على ذلك :

1- المعنى الصحيح للآية : الترتيل في الآية الكريمة يدل على التمهل في التلاوة والتدبر،

 وليس الالتزام بقواعد التجويد، يؤكد هذا قول الله تعالى: { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا }. [الفرقان:32]، الذي يبين أن المقصود هو الترسل في القراءة.

2- تفسير الأئمة القدوة : ذكروا أن المقصود بالترتيل هو الترسل في التلاوة وتحسين الصوت دون الإشارة إلى فرضية التجويد. ينظر: (تفسير الطبري وابن كثير والقرطبي).

 الدليل الثاني :

الاستدلال بالآية : { الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته}.

* ما قالوه : ادعوا أن "حق التلاوة" في هذه الآية يعني التجويد الكامل.

▣ الرد على ذلك :

هذا الإستدلال يدل على جهلهم بأقوال المفسرين القدوة، واعتمادهم على أنفسهم وفكرهم وهواهم، واتباع كل ناعق في القول على الله بغير علم.

1- المعنى الصحيح للآية : الآية تمدح المؤمنين من أهل الكتاب الذين يقرؤون كتابهم بتدبر وإيمان، وليس فيها دلالة على وجوب التجويد.

2- تفسير العلماء : نقل المفسرون أن "حق التلاوة" يعني تدبر المعاني والعمل بالآيات.

قال ابن كثير : "يتبعونه حق اتباعه". ولم يُذكر في التفاسير أن المقصود الالتزام بأحكام التجويد. ينظر: ( تفسير الطبري والقرطبي وابن كثير).

 الدليل الثالث :

الاستدلال بأثر عن ابن مسعود.

* ما قالوه : نقلوا أثرًا عن ابن مسعود أنه كان يقرئ رجلاً القرآن، فلما أخطأ الرجل في المدّ، قال له: "ما هكذا أقرأنيها رسول الله".

▣ الرد على ذلك :

1- ضعف الأثر :

الأولى : جهالة موسى بن يزيد الكندي ولهذا لم يذكره الحافظ المزي في شيوخ ابن خراش في " التهذيب ". 

وكذا قال محقق سنن سعيد بن منصور :" سنده ضعيف لجهالة أو جهالة حال موسى بن يزيد ".

الثانية : الإنقطاع لأن شهاب بن خراش لا يوجد في شيوخه من أدرك ابن مسعود. ينظر: تضعيف الأثر هنا :http://alkulify.blogspot.com/2013/11/blog-post_380.html

2 - غياب الدلالة الواضحة : حتى لو صح الأثر، فهو لا يدل على وجوب التجويد.

قد يكون تعليم ابن مسعود للتلاوة جزءًا من تحسين الأداء، وليس إلزامًا شرعيًا.

 الدليل الرابع :

استدلالهم بنقل القرآن عن النبي مجودًا.

ما قالوه : ادعوا أن القرآن نُقل عن النبي صلى الله عليه وسلم مجودًا، مما يلزم القارئ بالتجويد.

▣ الرد على ذلك :

أولاً : الأفعال المنقولة إلينا عن النبي ﷺ قد تدل على الوجوب أو الاستحباب أو مجرد الجواز، 

والآيات والأحاديث المذكورة سابقًا تؤكد أن مسألة أحكام التجويد تدل على الاستحباب أو الجواز.

 ليس كل ما ورد إلينا عن النبي ﷺ واجبًا في ذاته، بل قد يكون واجبًا في أصله وليس في كيفيته، كالصلاة والحج.

◄ فعلى سبيل المثال، نقلت إلينا كيفية صلاة النبي ﷺ، ومنها ما هو ركن لا تصح الصلاة إلا به كالسجود والركوع، 

ومنها ما هو سنة مستحبة كهيئة الركوع أو طريقة رفع اليدين في تكبيرة الإحرام.

 فهل نقول إن من خفض يديه قليلًا أو رفعهما أعلى من الحد المنقول يأثم وتصبح صلاته باطلة؟ بالطبع لا، 

وهذا ينطبق أيضًا على مسألة التجويد، كما قال ابن الجزري في تعليله لوجوب التجويد: "لأنه به الإله أنزل وهكذا منه إلينا وصل".

◄ ومع ذلك، كم من المسلمين يصلون وفق كل ما نقل عن النبي ﷺ؟ وما يقال في الصلاة ينطبق بشكل أكبر على التلاوة.

ثانيًا : حتى أحكام التجويد ذاتها فيها اختلاف بين العلماء

فمثلاً، هناك من يرى وجوب إدغام القاف في الكاف في كلمة "نخلقكم"، وآخرون يرون وجوب إظهار القاف.
 
◄ وبعض العلماء يفضلون تفخيم الراء في كلمة "فِرْق" في سورة الشعراء، بينما يرى آخرون ترقيقها.

ثالثًا : إذا كان الواجب قراءة القرآن على الهيئة الدقيقة التي نزل بها جبريل عليه السلام على النبي ﷺ، كما قال ابن الجزري: "لأنه به الإله أنزل".
 
◄ فإن ذلك يستلزم أنه لا تصح إلا قراءتان فقط، وهما الموافقتان للعرضة الأخيرة التي قرأ فيها النبي ﷺ القرآن على جبريل مرتين.

◄ ولو أخذنا بعين الاعتبار العرضات السابقة، 

فإن القرآن عرض على النبي ﷺ مرة في كل عام من أعوام البعثة (23 عامًا) ومرتين في العام الأخير، ليكون المجموع 24 مرة. 

فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنه : أن رسول الله ﷺ كان يُعرض عليه القرآن مرة كل رمضان، وفي العام الذي قبض فيه عُرض عليه مرتين. (رواه النسائي وأحمد- بإسناد صحيح).

 إذا اعتمدنا هذا القول، فإن القراءة لا تصح إلا بطريقتين إن كان المعتبر هو العرضة الأخيرة، أو بأربع وعشرين طريقة إن أخذنا بالعرضات السابقة.

◄ لكن الواقع يشير إلى وجود عشر قراءات متواترة، لكل قراءة روايتان، ولكل رواية طرق متعددة. 

على سبيل المثال، رواية حفص عن عاصم وحدها تضم أكثر من 50 طريقًا، ورواية قالون عن نافع تضم أكثر من 80 طريقًا.
 
◄ فهل قرأ جبريل على النبي ﷺ بكل هذه الطرق؟. 

هذه الطرق يصححها علماء القراءات، وهي اختلافات اجتهادية تراعي الحفاظ على النص القرآني وأصله. انتهى.

▣▣ الخلاصة :

▣ الأحكام الواردة في كتب علماء التجويد لا يوجد دليل شرعي صريح يُلزم بالالتزام بها جميعًا.

▣ الواجب على القارئ هو الالتزام بالحد الأدنى الذي يجعل القراءة صحيحة ويحافظ على نطق الحروف دون تغيير يخل بالمعنى.

▣ أما الأحكام التي تتجاوز هذا الحد، فهي مستحبة، ولا يُلزم الناس بها، ولا يجوز إنكار تركها إذا لم تؤثر على صحة القراءة أو معناها.

▣ لذلك، ينبغي لكل مسلم تعلم الحد الأدنى اللازم لتجنب اللحن الجلي عند قراءة سورة الفاتحة، لأنها الأساس الضروري لصحة الصلاة.


والله اعلم

 شارك الموضوع ليستفيد غيرك، أو قم بالتعليق إذا أعجبك



هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات