✅ الإيثار من أعظم أخلاق الإسلام التي تُجسّد روح الإيمان والتراحم بين المسلمين، فهو تقديم الغير على النفس في أمور الدنيا ابتغاء مرضاة الله.
✅ وقد مدح الله تعالى الأنصار في قوله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9]، لما أظهروا من عطاءٍ عظيم وإيثارٍ نادر، فخلّد الله ذكرهم في كتابه إلى يوم الدين.
معنى الإيثار في الإسلام:
● الإيثار في اللغة : يعني التقديم والاختيار، وفي الشرع : هو تقديم مصلحة الآخرين على النفس في المباحات وأمور الدنيا.
● أما في القربات والطاعات فلا يُشرع الإيثار، لأن المسلم مأمور بالمنافسة في الخيرات، كما قال تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}.
تفسير قوله تعالى {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}:
● تصوّر الآية الكريمة حال الأنصار الذين آووا المهاجرين، وشاركوا معهم أموالهم وديارهم، رغم ما فيهم من خصاصة أي فقر وحاجة.
فقد قدّموا رضا الله ورسوله على شهواتهم ومصالحهم الشخصية، فصاروا قدوة في التضحية والإخلاص.
✔ فالإيثار المذكور في الآية : هو في الطعام والشراب ونحو ذلك فى الأمور الدنياوية، وهو إيثار مستحب، وذلك أن تؤثر غيرك على نفسك في أمر غير تعبُّدي.
سبب نزول هذه الآية :
▣ عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه : أنَّ رَجُلًا أتى النَّبيَّ ﷺ، فبَعَث إلى نسائِه فقُلْنَ : ما مَعَنا إلَّا الماءُ! فقال رَسولُ اللهِ ﷺ : مَن يَضُمُّ أو يُضيفُ هذا؟
فقال رجُلٌ مِن الأنصارِ : أنا، فانطلَقَ به إلى امرأتِه، فقال : أكرِمي ضَيفَ رَسولِ اللهِ ﷺ، فقالت : ما عِندَنا إلَّا قوتُ صِبياني،
فقال : هَيِّئِي طعامَكِ، وأَصْبِحي (أوقِدِيه) سِراجَكِ، ونَوِّمي صِبيانَكِ إذا أرادوا عَشاءً، فهَيَّأَت طَعامَها، وأصبَحَت سِراجَها، ونوَّمَت صِبيانَها،
ثمَّ قامت كأنَّها تُصلِحُ سِراجَها فأطفَأَتْه! فجعَلَا يُرِيانِه أنَّهما يأكُلانِ، فباتا طاوِيَينِ (بغَيرِ عَشاءٍ) !فلمَّا أصبَحَ غَدَا إلى رَسولِ الله ﷺ،
فقال : ضَحِكَ اللهُ اللَّيلةَ، أو عَجِبَ مِن فِعالِكما! فأنزَلَ اللهُ : وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. (رواه البخاريُّ (3798) واللَّفظُ له، ومسلمٌ (2054)).
أقوال المفسرين في معنى الإيثار:
★ قال الإمام الطَّبري رحمه الله :
يقول تعالى ذكره : وهو يصفُ الأنصار : وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قبل المهاجرين، وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ.
يقول : ويعطون المهاجرين أموالهم إيثَارًا لهم بِها على أنفسهم وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ.
يقول : ولو كان بهم حاجة وفاقة إلى ما آثَرُوا به مِن أموالهم على أنفسهم . ينظر : [317] ((جامع البيان)) (22/527).
★ وقال العلامة السعدي رحمه الله :
الإيثار بمحاب النفس من الأموال وغيرها، وبذلها للغير مع الحاجة إليها، بل مع الضرورة والخصاصة،
وهذا لا يكون إلا من خلق زكي، ومحبة لله تعالى مقدمة على محبة شهوات النفس ولذاتها،
ومن ذلك قصة الأنصاري الذي نزلت الآية بسببه، حين آثر ضيفه بطعامه وطعام أهله وأولاده وباتوا جياعا. ينظر: ( تفسير السعدى).
الإيثار في أمور الدنيا والقربات:
✔ الإيثار محمود في الأمور الدنيوية كالطعام والمال والضيافة، لأنه يُظهر الإيمان والتكافل.
✔ أما في القربات والعبادات فالمطلوب المسارعة في الخيرات دون تأخير، لأن الله تعالى يحبّ المتنافسين في الطاعة كما قال تعالى : {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}. [البقرة: 148].
الدروس المستفادة من الآية :
1- الإيثار دليل على قوة الإيمان وصفاء القلب.
2- تقديم مصلحة الآخرين على النفس من أعظم صور الإحسان.
3- الإيثار يزرع المحبة والتكافل بين المسلمين.
4- الإيثار يكون في أمور الدنيا لا في العبادة والطاعة.
الأسئلة الشائعة:
ما معنى الإيثار في الإسلام؟
هو تقديم مصلحة الآخرين على النفس في أمور الدنيا، كالإطعام أو المساعدة رغم الحاجة.
هل الإيثار واجب أم مستحب؟
الإيثار خلق مستحب يدل على كمال الإيمان، وليس واجبًا إلا في حالات معينة كالضرورة لإنقاذ حياة مسلم.
هل الإيثار في العبادات مشروع؟
لا، لأن المسلم مأمور بالمنافسة في الطاعات والمسارعة إلى الخيرات.
** الخلاصة :
✅ خلق الإيثار من أعظم الأخلاق التي دعا إليها الإسلام، وهو تقديم الغير على النفس في أمور الدنيا حبًّا لله ورغبة في الأجر.
✅ الإيثار من أعظم الأخلاق التي يُقدم فيه الفرد مصلحة الجماعة على مصلحته الشخصية، ابتغاء وجه الله وطلبًا لرضاه.
اقرأ أيضا : هل يجوز الإيثار في القربات؟ الإجابة بالدليل
والله اعلم

تعليقات
إرسال تعليق