إذا كانت الزوجة على يقين من إرتكاب زوجها فاحشة الزنا والعياذ بالله فعليها أن تستر على زوجها ولا تفضحه وأن تستعين بالله تعالى وتجلس معه وتنصحه وتخوفه من عذاب الله وأن تبحث عن الأسباب التي أدَّت به إلى الوقوع في هذه المحرمات فتعالجها وعليها ان تجنهد فى الدعاء له بالهداية .
فإن تاب زوجها ورجع عما هو فيه فالحمد لله ولك الأجر ان شاء الله .
وإن لم يستجب لهذا ويترك الزنا فعليها أن تطلب الطلاق منه فإن لم يرض به فلتخلعه وتدفع ما يطلبه لتخليص نفسها من شرِّه ومن عواقب البقاء معه على حالته تلك عليها وعلى أولادها فلا خير في زوج يواقع الفواحش .
قال المرداوي رحمه الله- في الإنصاف :
إذا ترك الزوج حق الله، فالمرأة في ذلك كالزوج فتتخلص منه بالخلع ونحوه . انتهى.
تنبيه : لو أن المرأة أهملت زوجها ولم تعطه حقه ولم تتزين له، فذهب فوقع في الزنا، فإن وزره عليه، لا يتحمله غيره، وتأثم المرأة بعدم إعطاء الحق، لكن لا علاقة لها بإثم الزنى، بحال. قال تعالى : ( وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ). النساء/111، وقال تعالى : (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ). الأنعام/165.
ولتحذر الزوجة من عواقب البقاء مع هذا الزوج الزاني إن لم يتب توبة صادقة.
قال ابن تيمية رحمه الله :
" " فَإِنَّهُ إذَا كَانَ يَزْنِي بِنِسَاءِ النَّاسِ كَانَ هَذَا مِمَّا يَدْعُو الْمَرْأَةَ إلَى أَنْ تُمَكِّنَ مِنْهَا غَيْرَهُ، كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ كَثِيرًا،
فَلَمْ أَرَ مَنْ يَزْنِي بِنِسَاءِ النَّاسِ أَوْ ذَكَرَ أَنْ إلَّا فَيَحْمِلُ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ تَزْنِيَ بِغَيْرِهِ مُقَابَلَةً عَلَى ذَلِكَ وَمُغَايَظَةً .
" وَأَيْضًا " فَإِذَا كَانَ عَادَتُهُ الزِّنَا اسْتَغْنَى بِالْبَغَايَا، فَلَمْ يَكْفِ امْرَأَتُهُ فِي الْإِعْفَافِ، فَتَحْتَاجُ إلَى الزِّنَا .
" وَأَيْضًا " فَإِذَا زَنَى بِنِسَاءِ النَّاسِ طَلَبَ النَّاسُ أَنْ يَزْنُوا بِنِسَائِهِ، كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ، فَامْرَأَةُ الزَّانِي تَصِيرُ زَانِيَةً مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ،
وَإِنْ اسْتَحَلَّتْ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ كَانَتْ مُشْرِكَةً؛ وَإِنْ لَمْ تَزْنِ بِفَرْجِهَا زَنَتْ بِعَيْنِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ،
فَلَا يَكَادُ يُعْرَفُ فِي نِسَاءِ الرِّجَالِ الزُّنَاةِ الْمُصِرِّينَ عَلَى الزِّنَا الَّذِينَ لَمْ يَتُوبُوا مِنْهُ امْرَأَةٌ سَلِيمَةٌ سَلَامَةً تَامَّةً،
وَطَبْعُ الْمَرْأَةِ يَدْعُو إلَى الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ إذَا رَأَتْ زَوْجَهَا يَذْهَبُ إلَى النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ : { بَرُّوا آبَاءَكُمْ تَبَرَّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ، وَعِفُّوا تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ } ". اه (الفتاوى الكبرى - (ج 3 / ص 183))
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
ما يجب على من علم عن زوجته أنها تفعل الفاحشة؟
الجواب :
هذه من المصائب العظيمة، والواجب علاجها بالتأديب والنصيحة، وتوجيه اللوم إليها وبيان أن الواجب عليها العفة، والحذر مما حرم الله عليها فإن الزنا من أقبح الجرائم ومن أعظم الكبائر، وقد توعد الله الزاني بالعذاب الشديد، قال جل وعلا : وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا نعوذ بالله، ... توعد الزاني بأنه يضاعف له العذاب، ويخلد فيه مهاناً يوم القيامة في النار نسأل الله العافية .
والنبي عليه الصلاة والسلام قال : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن . هذا من علامة ضعف الإيمان، أو عدم الإيمان نعوذ بالله،
فعلى الزوج أن يلاحظها ويعتني بها ويؤدبها فيما إذا فعلت شيئاً من هذا، أو وجد علامات شيء من ذلك، فعليه أن يؤدبها الأدب الرادع مع الوعظ والتذكير بالله، وأن هذا منكر ومعصية لله، ومن أسباب الفراق، فإن استقامت فالحمد لله،
وإن لم تستقم فارقها طلقها؛ لئلا تحمل عليه أولاداً من غيره، ومتى استقامت وتابت ورجعت إلى الله فالحمد لله،
فالتوبة بابها مفتوح ومن تاب تاب الله عليه إذا كان صادقاً، فأما إن لم يحصل منها الرجوع والتوبة واستمرت على حالها السيئة،
فإن مثل هذه لا ينبغي بقاؤها، بل ينبغي فراقها وعدم بقائها؛ لأن هذا يجر عليه شراً كثيراً في نفسه وفي أولاده، وفي سمعته، ولا حول ولا قوة إلا بالله! نعم... انتهى باختصار من (فتاوى نور على الدرب ).
والله اعلم
اقرأ أيضا..
تعليقات
إرسال تعليق