">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل جلسة الإستراحة فى الصلاة من السنة؟


جلسة الإستراحة : هي جلسة خفيفة جداً ليس فيها ذكر ولا دعاء يجلسها المُصلي بعد الفراغ من السجدة الثانية من الركعة الأولى قبل النهوض إلى الركعة الثانية وبعد الفراغ من السجدة الثانية من الركعة الثالثة قبل النهوض إلى الركعة الرابعة .

حكمها : جلسةُ الإستراحة فى الصلاة سُنة للإمام والمأموم والمنفرد سواء إحتاج إليها المُصلي أو لم يحتج إليها لأن الأصل في أفعال النبي  -في الصلاة- أن تكون للتشريع لقوله  : " صلوا كما رأيتموني أصلي ". فمن قام للركعة الثانية أو قام للركعة الرابعة فإنه لا يقوم حتى يستوي جالسا فينبغي للرجال والنساء أن يواظبوا على هذه الجلسة لصحة الأحاديث فيها وعدم المعارض الصحيح لها .

 وجلوسه فيها : يكون مُفترشاً كصفة الجلوس بين السجدتين بأن يثني رجله اليسرى - أي يفرشها - وينصب الرِّجل اليمنى ثم يقعد على اليسرى وهي تماثل الجلسة للتَّشهد الأوسط .

ثم يقوم مُعتمداً على يديه لحديث مالك بن الحويرث وفيه : ( وإذا رفع رأسه من السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض ثم قام ). صحيح البخاري. وهو اختيار الإمام إسحاق بن راهويه؛ فقد قال في « مسائل المروزي» «١/ ١٤٧/٢» : « مضت السنة من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعتمد على يديه ويقوم؛ شيخاً كان أو شاباً »انظر: «الإرواء» «٢/ ٨٢ - ٨٣».

وهو قول جماعة من الصحابة كمالك بن الحويرث وأبو قتادة وأبو قلابة وغيره، وطائفة من التابعين كمسروق ومكحول وعطاء والحسن، وبه قال الثوري وإسحاق، وهو مذهب الشافعية ورواية عند الحنابلة وهي آخر ما رجع إليه أحمد وهو مذهب داود وابن حزم والشوكاني وابن باز والألباني واللجنة الدائمة.

ومما يدل على سنيتها :

1- عن مالك بن الحويرث رضى الله عنه : (( أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا )). رواه البخاري (823)

فقوله : ( في وترٍ من صلاته ) : يعني يَجلِسُ جِلسةَ الاستراحةِ هذه في الرَّكعاتِ الوتريَّةِ مِن صَلاتِه إذا انْتَهى مِن الأُولى قبْلَ القيامِ للثَّانيةِ وإذا انْتَهى مِن الثالثةِ قبْلَ القيامِ للرَّابعةِ .

2عن أبي قلابة قال : جاءنا مالك بن الحويرث في مسجدنا هذا فقال : إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة، أصلي كيف رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فقلت لأبي قلابة : كيف كان يصلي؟ قال : مثل شيخنا هذا، قال : وكان شيخا، يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض في الركعة الأولى . رواه البخاري (677)

3وفى رواية أخرى عن أبى قلابة قال : ( جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث إلى مسجدنا فقال : والله إنى لأصلى بكم وما أريد الصلاة ولكنى أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى؟ قال : قلت : لأبى قلابة كيف صلى؟ قال : مثل صلاة شيخنا هذا يعنى عمرو بن سلمة إمامهم وذكر أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الآخرة في الركعة الأولى قعد ثم قام )صحيح أبي داود (748).

4عن أبي حميد رضي الله عنه، أنه وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ((ثم هوى ساجدا، ثم ثنى رجله وقعد حتى رجع كل عظم موضعه، ثم نهض.... فقالوا : صدقت )). ((صحيح سنن ابن ماجه)) (1061).

 إذن هذه الجلسة سنة مستحبة لأن الأصل في أفعال النبي ﷺ - في الصلاة - أن تكون للتشريع لقوله ﷺ : " صلوا كما رأيتموني أصلي".

ومما يؤيد القول بسنيتها أن راويها مالك بن الحويرث هو راوي الحديث : " صلوا كما رأيتموني أصلي". فحكايته لصفة صلاة النبي ﷺ معتبرة فكأنه يفسر بها هذا الأمر الذي رواه .

وأما ما استدل به القائلون بعدم استحبابها 

من كونها لم تذكر في الأحاديث الأخرى فهذا غير كاف للرد على القائلين باستحبابها لأن الكثير من سنن الصلاة المتفق عليها لم تذكر في كل الأحاديث التي تحكي صفة صلاته صلى الله عليه وسلم وغاية ما يدل عليه ذلك نفي الوجوب لا نفي الاستحباب كما هو ظاهر.

كما أن القول بأن هذه الجلسة لم يرد ذكرها في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم للمسئ في صلاته ولو كانت مشروعة لذكرها له فهذا أيضا غير كاف للرد على القائلين باستحبابها لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما علمه الواجبات فقط دون المسنونات.

كما أن ترك بعض الصحابة لها لا يقدح في عدم سنيتها لأن ترك ما لا يجب جائز . ينظر : ( فتح الباري 2/302).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري شرح صحيح البخاري (جـ2 ص302) عند شرحه لحديث مالك بن الحُويرث :

 ( وفيه مشروعية جلسة الاستراحة وأخذ بها الشافعي وطائفة من أهل الحديث وعن أحمد روايتان وذكر الخلال أن أحمد رجع إلى القول بها.

 ولم يستحبها الأكثر واحتج الطحاوي بخلو حديث أبي حميد عنها فإنه ساقه بلفظ : " فقام ولم يتورك " وأخرجه أبوداود أيضاً كذلك قال : فلما تخالفا احتمل أن يكون ما فعله في حديث مالك بن الحويرث لعلة كانت به فقعد من أجلها لا أن ذلك من سنة الصلاة ثم قوى ذلك بأنها لو كانت مقصودة لشرع لها ذكر مخصوص وتعقب بأن الأصل عدم العلة وبأن مالك بن الحويرث هو راوي حديث " صلوا كما رأيتموني أصلي" فحكايته لصفات صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم داخلة تحت هذا الأمر ). أهـ.

قال النووي رحمه الله :

وبه قال مالك بن الحويرث وأبو حميد وأبو قتادة وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم وأبوقلابة وغيره من التابعين . أهـ ( المجموع شرح المهذب جـ3 ص443 ).

وقال أيضا رحمه الله فى المجموع :

 " واعلم أنه ينبغي لكل أحد أن يواظب على هذه الجلسة لصحة الأحاديث فيها وعدم المعارض الصحيح لها، ولا تغتر بكثرة المتساهلين بتركها فقد قال الله تعالى : ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾. [آل عمران: 31] وقال : ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ﴾. [الحشر: 7] ". انتهى

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

الأفضل للمصلي أن يجلس جلسة خفيفة بعد السجود الثاني، يسميها بعض الفقهاء جلسة الاستراحة يجلس على رجله اليسرى مفروشة، وينصب اليمنى مثل حاله بين السجدتين، ولكنها خفيفة ليس فيها ذكر ولا دعاء، هذا هو الأفضل، 

وإن قام ولم يجلس فلا حرج، لكن الأفضل أن يجلسها كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، 

وقال بعض أهل العلم : إن هذا يفعل عند كبر السن وعند المرض، ولكن الصحيح أنها سنة من سنن الصلاة مطلقة للإمام والمنفرد والمأموم؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، ولو كان المصلي شابا أو صحيحا فهي مستحبة على الصحيح، ولكنها غير واجبة؛ 

لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تركها في بعض الأحيان، ولأن بعض الصحابة لم يذكرها في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم؛ فدل ذلك على عدم الوجوب . انتهى من ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/38، 39).

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

أن ابن القيم في «الزاد» «١/ ٨٥ - ٨٦» وفي رسالة «الصلاة» «٢١٢»، نفى أنه عليه الصلاة والسلام كان يعتمد على يديه إذا نهض وأجاب - تبعاً للطحاوي وغيره - عن حديث مالك وأبي حُميد في جلسة الاستراحة : أنه عليه الصلاة والسلام إِنما كان يفعل ذلك للحاجة حينما أسن وأخذه اللحم، وأنه لم يفعلها تعبداً وتشريعاً!.

 وهذا ظن خاطئ، لا يجوز بمثله رد السنة الصحيحة؛ لاسيما إذا كان قد رواها جمع من الصحابة بلغوا بضعة عشر شخصاً؛ 

فكيف يجوز أن يخفى على هؤلاء الأجلة أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما فعل ذلك للحاجة لا للعبادة؛ لا سيما وفيهم مالك بن الحويرث رضي الله عنه - وهو الذي روى عنه - صلى الله عليه وسلم - قوله له : « صلوا كما رأيتموني أصلي » -؛ 

مع العلم بأن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فكيف يخفى ذلك على هؤلاء، ثم يعلمه مَنْ جاء مِنْ بعدهم بعدة قرون - مثل الطحاوي، وابن القيم -، ولا دليل لهم على ذلك ولا برهان سوى الظن { وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئًا}؟ !.

وليس عجبي أن يسلك هذا السبيل مثلُ الطحاوي الذي نصب نفسه لتأييد مذهب أبي حنيفة -إلا نادراً- ولكن عجبي الذي لا ينتهي سلوك ابن القيم هذا السبيل وهو ناصر السنة، وحامل لوائها، ورافع رايتها! ولكن لا بد لكل جواد من كبوة؛ بل كبوات! ورحم الله إلإمام مالكاً حيث قال : ما منا من أحد إلا رادّ ومردود عليه؛ إلا صاحب هذا القبر - صلى الله عليه وسلم -. ينظر : [أصل صفة الصلاة (٣/ ٨١٦)].

وقال أيضا رحمه الله :

وقد قال بمشروعيتها الإمام الشافعى, وعن أحمد نحوه كما في «تحقيق ابن الجوزى» «١١١/ ١» , 

وأما حمل هذه السنة على إنها كانت منه - صلى الله عليه وسلم - للحاجة لا للعبادة وأنها لذلك لا تشرع كما يقوله الحنفية وغيرهم فأمر باطل كما بينته في «التعليقات الجياد, على زاد المعاد» وغيرها

ويكفى في إبطال ذلك أن عشرة من الصحابة مجتمعين أقروا إنها من صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما تقدم في حديث أبى حميد, فلو علموا أنه عليه السلام إنما فعلها للحاجة لم يجز لهم أن يجعلوها من صفة صلاته - صلى الله عليه وسلم - وهذا بين لا يخفى والحمد لله تعالى . ينظر : [إرواء الغليل تحت حديث رقم (٣٦٢)].

وقال أيضا رحمه الله :

حديث أبي حميد فيه وصف صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيها الجلسة - بحضرة عشرة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي آخر : قالوا : صدقت هكذا كان يصلي - صلى الله عليه وسلم -.أخرجه أصحاب السنن وغيرهم وهو مخرج في «الإرواء» ٣٠٥ .

فليس الحديث من رواية أبي حميد وابن الحويرث فقط كما يوهمه الكلام المذكور عن ابن القيم وإنما معهما عشرة آخرون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين شاهدوا صلاته - صلى الله عليه وسلموقليل من السنن يتفق على روايتها مثل هذا الجمع الغفير من الصحابة رضي الله عنهم.

وإذ الأمر كذلك فيجب الاهتمام بهذه الجلسة والمواظبة عليها رجالا ونساء وعدم الالتفات إلى من يدعي أنه - صلى الله عليه وسلم - فعلها لمرض أوسن لأن ذلك يعني أن الصحابة ما كانوا يفرقون بين ما يفعله - صلى الله عليه وسلم - تعبدا وما يفعله لحاجة وهذا باطل بداهة.

قوله عن الإمام ابن القيم : « ولو كان هديه - صلى الله عليه وسلم - فعلها دائما لذكرها كل واصف لصلاته ».

قلت : هذا الكلام غريب جدا من مثل هذا الإمام فإن لازمه التهوين من شأن السنن كلها لأنه ليس فيها سنة يمكن أن يقال : « اتفق على ذكرها كل واصف لصلاته » يعلم ذلك من له عناية خاصة بتتبع السنن وطرقها.

 ولا أدري - والله - كيف ينقل المؤلف هذا الكلام ويمر عليه دون أن يعلق عليه بشيء يدل على ما فيه من الخطأ مما يدل على ارتضائه له وموافقته عليه فانظر ما يلزمه من توهين السنن التي ساقها المؤلف في كتابه.

 فإن وضع اليمين على الشمال مثلا ودعاء التوجه والاستعاذة والتأمين والقراءة والذكر في الركوع والذكر في السجود والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - كل هذه السنن التسع لم يذكرها أبو حميد ومن معه من الصحابة في صفة صلاته - صلى الله عليه وسلم - وكذلك لم يذكرها غيرهم أفيلزم من ذلك رد هذه السنن؟ اللهم لا.

ولذلك رد الحافظ قول ابن القيم هذا بقوله في «الفتح» : « فيه نظر فإن السنن المتفق عليها لم يستوعبها كل واحد ممن وصف وإنما أخذ مجموعها من مجموعهم». وذكر مثله الشوكاني ٢/ ٢٢٦ وهو الحق الذي لا ريب فيه.

قوله : « ومجرد فعله - صلى الله عليه وسلم - لها لا يدل على أنها من سنن الصلاة إلا إذا علم أنه فعلها سنة فيقتدى به فيها. .. ».

قلت : قد علمنا أنه فعلها سنة وتشريعا من وجوه :

الأول : أن الأصل عدم العلة فمن ادعاها فعليه إثباتها.

الثاني : أن أحد رواة هذه السنة مالك بن الحويرث وهو راوي حديث : « صلوا كما رأيتموني أصلي ». فحكايته لصفات صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - داخلة تحت الأمر. انظر «الفتح» و «نيل الأوطار».

الثالث : أنه رواها جماعة من الصحابة كما تقدم في حديث أبي حميد ويستحيل عادة أن يخفى عليهم أنه إنما فعلها للحاجة لو كان الأمر كذلك.

 ولو سلمنا بإمكان ذلك عادة فإنه لا يخفى على النبي - صلى الله عليه وسلم - خفاء ذلك عليهم وحينئذ كان ينبههم على ذلك فإذ لم يكن شيء مما ذكرنا فهو دليل واضح على أنه إنما فعلها للعبادة لا للحاجة. والله هو الموفق . ينظر : [تمام المنة ص (٢١٠)].

جاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :

.... والأظهر هو أنها مستحبة مطلقا وعدم ذكرها في الأحاديث الأخرى لا يدل على عدم وجودها، ويؤيد القول باستحبابها أمران :

أحدهما : أن الأصل في فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه يفعلها ليقتدى به.

والأمر الثاني : ثبوت هذه الجلسة في حديث أبي حميد الساعدي الذي رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد، وفيه أنه وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في عشرة من الصحابة رضي الله عنهم فصدقوه في ذلك وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء-الفتوى رقم (١٢٧٢)).


والله اعلم


اقرأ أيضا..

حكم متابعة المأموم لإمامه في جلسة الإستراحة؟

متى يُكبر للقيام من جلس للإستراحة فى الصلاة؟

هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات