يجوز البيع بالتقسيط وهو بيع السلعة بثمن مؤجل أكثر من الثمن الحال يسدد على أوقات متفرقة فى أوقات معلومة فلا بد من بيان عدد الأقساط ووقت أداء كل قسط ومدة التقسيط كاملة يحدد هذا تحديداً منضبطاً لا يحصل معه نزاع بين الطرفين .
ويشترط فيه أن لا يعقد عقد البيع إلا إذا كانت السلعة المراد بيعها في ملك صاحبها حتى لا يدخل في بيع ما لا يملك .
كما يشترط أن يجزم الطرفان ويتفقا على طريقة الدفع - قبل إبرام العقد - هل هي بالتقسيط أو بالدفع حالاً - لأن عدم الجزم بأحدهما مع تخيير المشتري بين الطريقين هو من باب بيعين في بيعة واحدة، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صلى الله عليه وسلم : " من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما أو الربا ".
كما يجوز في البيع بالتقسيط إشتراط البائع حلول الأقساط قبل مواعيدها عند تأخر المدين عن أداء بعضها ما دام المدين قد رضي بهذا الشرط عند التعاقد لقوله صلى الله عليه وسلم : ( المسلمون على شروطهم ) .
فإذا قال البائع : هذه السيارة بخمسين ألف نقداً ، وستين ألف بالتقسيط وقد اتفق البائع والمشتري على ثمن منهما وطريقة السداد، فالبيع جائز، وإن تفرق البائع والمشتري من غير اتفاق على الثمن ، فهذا البيع محرم ولا يصح .
ودليل ذلك :
1- قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله.[البقرة: 282]
وجه الدلالة : أن الآية عامة في جميع المداينات، فيدخل فيها البيع بالأجل مع الزيادة في الثمن. ينظر: ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (13/148، 149).
2- عن عائشة رضي الله عنها قالت : " جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ فَقَالَتْ : كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، في كُلِّ عَامٍ وَقِيَّةٌ ". متفق عليه. وهذا هو بيع التقسيط وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا جرى عمل المسلمين في القديم والحديث .
قال الإمام النووي رحمه الله : " أما لو قال بعتك بألف نقداً وبألفين نسيئة... فيصح العقد ". انتهى "روضة الطالبين" (3/ 397).
إذن يشترط لصحة البيع بالتقسيط الشروط التالية :
1 - أن يمتلك البائع السلعة قبل بيعها للمشتري فلو قام البائع بقبض مقدم السلع من المشتري قبل شرائها وقع في مخالفة شرعية لما ورد عن حكيم بن حزام، قال : يا رسول اللهِ، يأتيني الرجلُ فيريد مني البيعَ ليس عندي، أفَأَبْتاعُه له مِن السوق؟ فقال : « لا تَبِعْ ما لَيسَ عندَك».
2 - تجوز الزيادة في الثمن المؤجل عن الثمن الحال كما يجوز ذكر ثمن المبيع نقداً وثمنه بالأقساط لمدد معلومة ولا يصح البيع إلا إذا جزم العاقدان بالنقد أو التأجيل فإن وقع البيع مع التردد بين النقد والتأجيل بأن لم يحصل الاتفاق الجازم على ثمن واحد محدد فهو غير جائز شرعاً.
3 - أن يتم الاتفاق على ثمن للسلعة ولا يكون الثمن مجهولًا أو مترددًا بين احتمالات متعددة فإن كان الاتفاق بين البائع والمشتري مترددًا بين احتمالات متعددة، فهذا منهيٌّ عنه لحديث عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ : « نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَلَفٍ وَبَيْعٍ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَعَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ، وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ ».
4 - أن تراعى جميع شروط البيع من كون المبيع معلومًا، طاهرًا مباحًا مقدورًا على تسليمه وألا تكون السلعة المراد شراؤها من السلع التي يشترط لصحة بيعها التقابض (الذهب – الفضة) .
5 - أن يكون الثمن في مقابل السلعة فلو اقترض المشتري من البائع مالًا نقدًا على أن يرده بأكثر منه على أقساط فلا يجوز.
6 - يجوز شرعاً أن يشترط البائع بالأجل حلول الأقساط قبل مواعيدها عند تأخر المدين عن أداء بعضها ما دام المدين قد رضي بهذا الشرط عند التعاقد .
7 - أن يخلوَ البيع من شرط غرامة التأخير للبائع فيحرم على المدين المليء أن يماطل في أداء ما حل من الأقساط ومع ذلك لا يجوز شرعاً اشتراط التعويض في حالة التأخر عن الأداء لأن ذلك ربا محرم لأنه ينطبق عليه ربا الجاهلية الذي نزل فيه القرآن، وهو قول أحدهم لمن عنده له دين عند حلول ذلك الدين: إما أن تقضي وإما أن تربي، أي: تزيد.ولا يغير من حقيقته أن يسمى خدمات فإن العبرة بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني .
8 - إذا اعتبر الدين حالاًّ لموت المدين أو إفلاسه أو مماطلته فيجوز في جميع هذه الحالات الحط منه للتعجيل بالتراضي .
9 - لا يجوز أن يتم العقد في بيع التقسيط على عدة آجال لكل أجل ثمنه كأن يتم التعاقد على بيع سيارة إلى سنة بمائة ألف وإلى سنتين بمائة وعشرين وإلى ثلاث بمائة وثلاثين . بل لا بد أن يكون الثمن والأجل واحداً باتاً من أول العقد .
10 - تنتقل ملكية المبيع للمشتري وملكية الثمن للبائع فور صدور عقد بيع التقسيط وبناء عليه فلا يجوز للبائع حبس السلعة لاستيفاء ثمنها المؤجل ولو اشترط البائع ذلك فإن العقد يكون فاسداً .
11 - يجوز للبائع اشتراط رهن المبيع على ثمنه – رهناً حيازياً أو رسمياً – ، لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة . ينظر : ( فتاوى اللجنة الدائمة - ومجمع الفقه الإسلامي ص (142) ).
هذا وقد نقل الإجماع على جواز البيع بالتقسيط غير واحد منهم شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام الأوزاعي والخطابي.
فقد نقل البغوي في شرح السنة عن الأوزاعي أنه قال :
" لا بأس به ولكن لا يفارقه حتى يباته بأحدهما فإن فارقه قبل ذلك، فهو بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين أما إذا باته على أحد الأمرين في المجلس، فهو صحيح به لا خلاف فيه ". اه
وقال الخطابي رحمه الله كما في معالم السنن :
" فاما إذا باته على أحد الأمرين في مجلس العقد فهو صحيح لا خلاف فيه ". اه
وقال ابن قدامة في المغني :
" وقد روي عن أحمد، أنه قال : العينة أن يكون عند الرجل المتاع، فلا يبيعه إلا بنسيئة، فإن باعه بنقد ونسيئة فلا بأس .. وقال ابن عقيل : إنما كره النسيئة لمضارعتها الربا، فإن الغالب أن البائع بنسيئة يقصد الزيادة بالأجل .. ، لكن البيع بنسيئة ليس بمحرم اتفاقاً، ولا يكره إلا أن لا يكون له تجارة غيره ". اه
وقد سئل ابن تيمية رحمه الله :
" عن رجل محتاج إلى تاجر عنده قماش، فقال : أعطني هذه القطعة، فقال التاجر : مشتراها بثلاثين، وما أبيعها إلا بخمسين إلى أجل، فهل يجوز ذلك؟ أم لا؟
فأجاب :
المشتري على ثلاثة أنواع :
أحدها : أن يكون مقصوده السلعة ينتفع بها للأكل والشرب واللبس والركوب، وغير ذلك.
والثاني : أن يكون مقصوده التجارة فيها، فهذان نوعان جائزان بالكتاب والسنة والإجماع، كما قال تعالى : { وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ }. [البقرة: 275]، وقال تعالى : { إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ }. [النساء: 29]؛ لكن لابد من مراعاة الشروط الشرعية، فإذا كان المشتري مضطرًا لم يجز أن يباع إلا بقيمة المثل، مثل أن يضطر الإنسان إلى مشتري طعام لا يجده إلا عند شخص، فعليه أن يبيعه إياه بالقيمة، قيمة المثل.
وإن لم يبعه إلا بأكثر فللمشتري أن يأخذه بغير اختياره بقيمة المثل، وإذا أعطاه إياه لم يجب عليه إلا قيمة المثل، وإذا باعه إياه بالقيمة إلى ذلك الأجل، فإن الأجل يأخذ قسطًا من الثمن.
النوع الثالث : أن يكون المشتري إنما يريد به دراهم مثلا ليوفي بها دينًا، واشتري بها شيئًا فيتفقان على أن يعطيه مثلا المائة بمائة وعشرين إلى أجل، فهذا كله منهي عنه، فإن اتفقا على أن يعيد السلعة اليه، فهو بيعتان في بيعة.
وإن أدخلا ثالثا يشتري منه السلعة، ثم تعاد اليه، فكذلك وإن باعه وأقرضه فكذلك، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
وإن كان المشتري يأخذ السلعة فيبيعها في موضع آخر، يشتريها بمائة، ويبيعها بسبعين لأجل الحاجة إلى دراهم. فهذه تسمي : [مسألة التورق]، وفيها نزاع بين العلماء، والأقوي أيضًا أنه منهي عنها، وأنها أصل الربا، كما قال ذلك عمر بن عبد العزيز، وغيره. واللّه أعلم ". انتهى من (المجلد التاسع والعشرون من مجموع الفتاوى / باب السلم).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
الصواب : أن بيع التقسيط ليس فيه خلاف، إذا باع سلعة بأقساط إلى آجال معلومة ليس في هذا خلاف، وقد باع أصحاب بريرة بريرة، باعوها بأقساط في عهد النبي ﷺ فأقرهم، باعوها بثمن مقسط على عشر سنين، كل سنة أربعين درهمًا، يعني أوقية، أوقية كل سنة، وهي أربعون درهمًا، وما أنكر النبي عليهم بيعها بالتقسيط، فالبيع بالتقسيط .. للتجارة عشرين ألفًا كل سنة، أو كل شهر ألفًا، أو كل شهر مائة؛ لا حرج في ذلك إذا كان أقساطًا معلومة.
لكن بعض أهل العلم قال : إذا قوَّمها، قال : تساوي كذا ألفًا نقدًا، وبألف ومائة إلى أجل، أن هذا يشبه الربا، ولكن الصحيح أن هذا ليس ربا، وليس فيه شيء؛ لأنه يقول له : إن كنت تشتريها الآن بالنقد؛ فالثمن كذا، وإن كنت تشتريها بالآجل؛ فالثمن كذا، فإذا قطعه على شيء معلوم، قطعه بالمعجل؛ فلا بأس، أو قطعه بالمؤجل؛ فلا بأس، لكن لا يتفرقان إلا وقد قطعا على شيء معلوم؛ فلا بأس في ذلك .انتهى من (فتاوى الجامع الكبير ).
وقال أيضا رحمه الله :
البيع إلى أجل معلوم جائز؛ لعموم قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ.. الآية [البقرة:282]. والزيادة في القيمة مقابل الأجل لا مانع منها، فقد ثبت عن النبي ﷺ ما يدل على جواز ذلك، وذلك أنه ﷺ أمر عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن يجهز جيشًا، فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل.
وينبغي معرفة ما يقتضيه الشرع في هذه المعاملة؛ حتى لا يقع المتبايعان في العقود المحرمة،
إذ إن بعضهم يبيع ما لا يملك، ثم يشتري السلعة بعد ذلك ويسلمها للمشتري، وبعضهم إذا اشتراها يبيعها وهي في محل البائع، قبل أن يقبضها القبض الشرعي وكلا الأمرين غير جائز؛ لما ثبت عن النبي ﷺ أنه قال لحكيم بن حزام :
لا تبع ما ليس عندك. [رواه الإمام أحمد في (مسند المكيين)]. وقال عليه الصلاة والسلام : لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك .[رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة)]. وقال عليه الصلاة والسلام : من اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه. [رواه البخاري في (البيوع)]. وقال ابن عمر رضي الله عنهما : كنا نشتري الطعام جزافًا، فيبعث إلينا رسول الله ﷺ من ينهانا أن نبيعه حتى ننقله إلى رحالنا. [رواه مسلم في (البيوع)].
وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أيضًا : أنه نهى أن تباع السلعة حيث تبتاع، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم. [رواه أبو داود في (البيوع)].
ومن هذه الأحاديث وما جاء في معناها، يتضح لطالب الحق أنه لا يجوز للمسلم أن يبيع سلعة ليست في ملكه، ثم يذهب فيشتريها، بل الواجب تأخير بيعها حتى يشتريها ويحوزها إلى ملكه،
ويتضح -أيضًا- أن ما يفعله كثير من الناس؛ من بيع السلع وهي في محل البائع قبل نقلها إلى حوزة المشتري أمر لا يجوز؛
لما فيه من مخالفة سنة الرسول ﷺ ولما فيه من التلاعب بالمعاملات، وعدم التقيد فيها بالشرع المطهر، وفي ذلك من الفساد والشرور، والعواقب الوخيمة ما لا يحصى . انتهى من [(مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 19/ 15).].
وسئل أيضا رحمه الله :
إذا أخذت من بائع ثوبًا مثلًا بخمسة دنانير نقدًا، مع أن هذا البائع يبيع الثوب نفسه بسبعة دنانير لمن يريده بالتقسيط، فهل هذا يعتبر من الربا؟وهل يحرم علي التعامل معه؟ أفيدونا، جزاكم الله خيرًا.
الجواب :
ليس هذا من الربا؛ لأن بيع التقسيط غير بيع النقد المعجل، فبيع النقد المعجل يكون أرخص، فإذا كانت السلعة ثوبًا، أو إناءً، أو سيارة تساوي مبلغًا معينًا بالنقد، ومبلغًا أكثر بالتقسيط؛ فلا حرج في ذلك،
فإذا اشتريت الثوب نقدًا بعشرة، وإلى آجال بخمسة عشر، أقساطًا، كل شهر خمسة، أو كل سنة خمسة؛ فلا حرج في ذلك، إذا كان المبيع مملوكًا للبائع، وعنده، وحاضرًا لديه في حوزته، فبيع التقسيط يكون أوسع، يكون أكثر ثمنًا من بيع المعجل، ولا حرج في ذلك، نعم . انتهى من (فتاوى نور على الدرب).
وسئل أيضا رحمه الله :
ما حُكْمُ بَيعِ السِّلعةِ بالتَّقسيطِ مَعَ رَفعِ ثَمَنِها عَنِ السِّعرِ الأصليِّ؟
فأجاب :
لا بَأسَ إذا باعَها بالتَّقسيطِ، وزادَ في الثَّمَنِ لا حَرَجَ؛ لِأنَّ بَيعَ الأجلِ غَيرُ بَيعِ النَّقدِ،
فإذا كانَتِ السَّيَّارةُ تُساوي خَمسِينَ ألفًا نَقدًا، وباعَها بسِتِّينَ ألفًا أو سَبعِينَ ألفًا، في كُلِّ سَنةٍ كذا وكَذا، أو في كُلِّ شَهرٍ كذا وكَذا، فلا حَرَجَ، ذلك داخِلٌ في قَولِه جَلَّ وعلا : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ. [البقرة: 282] ، لا بَأسَ به، هَذا بيعُ أجَلٍ، بَيعُ دَينٍ ولا حَرجَ،
وقَد ثَبَتَ عَنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه أقَرَّ أهْلَ بَريرةَ لَمَّا باعوها بتِسعِ أواقٍ، كُلَّ عامٍ أوقيَّةٌ، باعوها نَفسَها بتِسعِ أواقٍ، تِسع سِنينَ، كُلَّ سَنةٍ أوقيَّةٌ أربَعونَ دِرهمًا، هَذا نَوعٌ مِنَ التَّقسيطِ . انتهى من ((فتاوى نور على الدرب)) (19/15).
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :
وفيه جواز الزياده فى بيع التقسيط
وجهه : أن هذه الزياده فى الحديث فى مقابل الأجل وهذا لا يشتبه على احد.
وشيخ الأسلام نقل الإجماع على جواز بيع التقسيط اذا كان قصد المشترى السلعه بخلاف ما اذا قصد المال فهو من باب التورق وشيخ الأسلام يرى تحريم التورق " وذلك في شرحه لحديث عبد الله بن عمرو حين أمره النبي صلى الله عليه وسلم بتجهيز الجيش . انتهى من (شرح كتاب البيوع من بلوغ المرام).
وقال أيضا رحمه الله :
بيعُ التَّقسيطِ لَه أمثِلةٌ، كما قال السَّائِلُ، والمِثالُ الجائِزُ هوَ أن يَشتَريَ السِّلعةَ المَوجودةَ عِندَ البائِعِ - مِن قَبلُ تُساوي ألفًا- بألفٍ وخَمسِمِائةٍ إلَى سَنةٍ، وهوَ يُريدُ السِّلعةَ نَفسَها، وهَذا جائِزٌ بالإجماعِ،
أو يُريدُ أن يَتجِرَ بهذه السِّلعةِ بأن يَشتَريَها في هَذا البَلَدِ ويَذهَبَ بها إلَى بَلَدٍ آخَرَ ليَزيدَ ثَمنَها، هَذا أيضًا جائِزٌ بالإجماعِ، مِثالُ ذلك : أتَى رَجُلٌ إلَى شَخصٍ عِندَه فيلَّا تُساوي أربَعَمِائةِ ألفٍ نَقدًا، فقال : أريدُ أن أشتَريَها مِنكَ بخَمسِمِائةِ ألفٍ مُؤَجَّلةٍ إلَى سَنةٍ، فاتَّفَقا على ذلك، فلا بَأسَ في هَذا بالإجماعِ . انتهى من ((فتاوى نور على الدرب)) (9/54).
وقال أيضا رحمه الله :
رأينا في ذلك أن الإنسان إذا اشترى سلعة تساوي نقدا مئة واشتراها مقسطة بمئة وعشرين أن هذا لا بأس به لأنه داخل في عموم قوله تعالى : وأحل الله البيع.
ولا يشتمل هذا لا على ربا ولا على غش ولا على شيء من محظورات البيع.
والأصل في البيع الحل وهذه قاعدة يجب على طالب العلم أن يفهمها الأصل في جميع البيوع الحل بل في جميع المعاملات الأصل فيها الحل حتى يقوم دليل على المنع وقد أنشدنا بيتا فيما سبق حول هذا الموضوع وهو :
" والأصل في الأشياء حل *** وامنع عبادة إلا بإذن الشارع "
هذه قاعدة في العبادات وغيرها
" الأصل في الأشياء حل *** وامنع عبادة إلا بإذن الشارع "
إذا فالأصل في العبادات إيش ؟ المنع الأصل في العبادات المنع إلا بإذن الشارع والأصل في غير العبادات الحل إلا بدليل على المنع الشارع
" والأصل في الأشياء حل *** وامنع "
هذ الشرط الول " عبادة إلا بإذن الشارع " نعم.
طيب إذا البيوع الأصل فيها الحل حتى يقوم دليل على المنع ولكن يجب أن نعلم أن بيع التقسيط إنما يجوز إذا كانت السلعة عند البائع قد ملكها من قبل مثل : هذا صاحب معرض يأتيه الناس يشترون السيارات نقدا ومنهم من يشتري نسيئة أي مقسطا فهذا لا بأس به فيبيع على الذي يشتري نقدا بثلاثين والآخر بخمسة وثلاثين نعم . انتهى من (فتاوى الحرم النبوي-(06)).
وسئلت اللجنة الدائمة :
س : إذا كان عند إنسان سلعة، كعيش أو سكر أو دهان أو مواش، قيمتها حاضرة مائة ريال، ويريد أن يبيعها على المدين بمائة وثلاثين ريالا مثلا إلى أجل محدود، والمعتاد سنة كاملة، وقد تمضي سنة أو سنتان ولا يوفي، هل فيه محضور أو لا؟ وكذلك إذا اشتراها المدين من المخزن أو الدكان، وعدها عليه صاحبها بأعيانها، هل يبيعها في محلها بعد عدها واستلامها أو لا بد أن يحوزها إلى محل آخر؟
فأجابت :
يجوز للإنسان أن يبيع سلعة من الطعام أو غيره إلى أجل معلوم، ولو زاد ثمن بيعها إلى أجل عن قيمتها وقت بيعها،
وينبغي للمدين الوفاء بأداء الدين إلى صاحبه عند أجله؛ لعموم قوله تعالى : { فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ}. (سورة البقرة الآية ٢٨٣) ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : « من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله ». (البخاري)
وإذا اشترى إنسان سلعة من مخزن أو دكان مثلا وعدها عليه صاحبها بأعيانها، فلا يجوز للمشتري أن يبيعها في محلها بمجرد عد أعيانها، ولا يعتبر ذلك قبضا، بل لا بد لجواز بيع المشتري لها من حوزه إياها إلى محل آخر؛
لما رواه أحمد رحمه الله عن حكيم بن حزام أنه قال : « قلت : يا رسول الله : إني أشتري بيوعا فما يحل لي منها وما يحرم؟ قال: إذا اشريت شيئا فلا تبعه حتى تقبضه ». ولما رواه أحمد وأبو داود عن زيد بن ثابت « أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم ».
ولما رواه أحمد ومسلم عن جابر رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم « إذا ابتعت طعاما فلا تبعه حتى تستوفيه ». وفي رواية لمسلم أن البني صلى الله عليه وسلم قال : « من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يكتاله » . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء -الفتوى رقم (١٥٢٨)) .
وجاء فيها أيضا :
إذا كان من يبيع السيارة إلى أجل يبيعها بثمن معلوم إلى أجل أو آجال معلومة زمنا وقسطا، لا يزيد المؤجل من ثمنها بتجاوزه فلا شيء في ذلك لقوله سبحانه وتعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ } الآية، ولما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى إلى أجل .. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء- الفتوى رقم (٢٨٠٥))
وجاء فيها أيضا :
لقد أحل الله البيع وحرم الربا، فقال تعالى : { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا }. وكان مما أحله من البيع البيع إلى أجل، يدل على إباحة ذلك قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ }. الآية.
قال القرطبي في تفسيره : هي تتناول جميع المداينات إجماعا، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن بريرة باعها أهلها بتسع أواق، تسعة أقساط، في كل عام أوقية، فأقر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء- الفتوى رقم (١١٧٨)).
والله اعلم
اقرأ أيضا..
تعليقات
إرسال تعليق