لا يجوز سرقة الكهرباء التي توفرها الدولة والتي يستهلكها الشخص،
سواء كان ذلك بالتلاعب بعداد الكهرباء أو توصيل الكهرباء من خلف العداد أو بأي وسيلة أخرى،
لأن هذا من الغش والخداع وأكل المال العام بغير حق وأكل، أموال الناس بالباطل، وأن ذلك المال الذي لم يدفعه ثمنًا للكهرباء ما هو إلا سحت وحرام .
** وعلى سارق الكهرباء التوبة النصوح إلى الله، ويجب رد المال المسروق لشركة الكهرباء ،
سواءً بدفع المال بدقة إن علمه أو يقدره، وأما إذا تعذر عليه رد المال للشركة بأي وسيلة ممكنة، فليتصدق به على الفقراء والمساكين.
** وأما كون الدولة لا تعطي المواطن حقه من وجهة نظره، لا يبيح له سرقة المال العام، لأن هذه الموارد من كهرباء وغيرها ملك لعامة المسلمين،
فالسرقة منها اعتداء على المال العام، وليس اعتداء على الحكومة أو الشركة فقط .
** ومع ذلك يجب على الحكومات أن يرفقوا بمواطنيهم وألا يحملوهم ما لا يستطيعون، لأن أهم واجب للحكومات هو خدمة المواطنين والتيسير عليهم والرفق بهم بقدر الإمكان،
وليحذر كل مسئول فى مكانه من دعاء النبي ﷺ- حيث قال : ( اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ ). رواه مسلم .
ومن الأدلة على تحريم ذلك الفعل :
1 - قوله تعالى : { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }. [البقرة:818].
* فيدخل فى أكل المال بالباطل : (السرقة) التي هى من الذنوب العظيمة التي حرَّمها الله ورسوله ورتب عليها الحد في الدنيا والعقوبة في الآخرة.
- قال القرطبي رحمه الله - فى تفسيره : والمعنى : لا يأكل بعضكم مال بعض بغير حق ، فيدخل في هذا : القمار والخداع والغصوب وجحد الحقوق ، وما لا تطيب به نفس مالكه...انتهى.
2 - قال النبي ﷺ : ( أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ ). صحيح الترمذي.
* فيجب الوفاء بالعقود حيث إن ربط البيوت وغيرها مع الشركة التي تزودها بالكهرباء ،
هو عقدٌ شرعيٌ والوفاء به فرض ويحرم شرعًا مخالفة هذا الاتفاق، لعموم قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ }. [المائدة:1].
3 - قال النبي ﷺ : ( إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة ). رواه البخاري.
* قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : « يتخوضون أي يتصرفون في مال المسلمين بالباطل ... ». انتهى من [ فتح الباري (6 /219)، باختصار].
4 - وقال النبي ﷺ : ( وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ). رواه مسلم.
* فالذي يتعامل مع التيار الكهربائي بغير الطرق المشروعة لا يُحِبُّ أن يطَّلِعَ عليه الناس، لأنه يشعر بالإثم في داخله.
- سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
حكم أخذ الكهرباء بغير إذن الشركة المسؤولة؟
فأجاب :
لا يجوز هذا أخذ بغير حق، لا بد أن تراجع الجهة المسئولة عن ذلك حتى تسمح، الله حرم على العباد دماءهم، وأموالهم، وأعراضهم، وهذا داخل في الأموال،
خطب النبي ﷺ الناس في حجة الوداع وقال في يوم عرفة، وفي يوم النحر على رءوس الأشهاد يخاطب الناس : إن الله حرم عليكم، دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم؛ عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا.
هكذا قال النبي ﷺ للناس على رءوس الأشهاد يوم عرفة ويوم النحر، وقال عليه الصلاة والسلام : كل المسلم على المسلم حرام دمه، وماله، وعرضه.
فليس لأحد أن يأخذ من مال غيره بغير حق لا شركة، ولا حكومة ولا غير ذلك. انتهى من (فتاوى نور على الدرب).
- وسئل الشيخ الألباني رحمه الله :
سرقة الماء طبعاً في بلد فيها دولة حكومية، وهي توفر الماء للمواطنين بطريق سد المواسير وغيره من هذه المعدات؟
فأجاب :
لا يجوز، السرقة كلها حرام، ويجب أن يكون أفراد الشعب متجاوبين مع الحكومة ما دام أنها تحقق مصالحهم، وتخدمهم، ولا يجوز أن تكفر هذه النعمة،
لأن الله يقول : { هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ }. [الرحمن: ٦٠]. فالسرقة كلها حرام، وهذا من هذا، ولا يجوز في الإسلام. انتهى من (الهدى والنور- 057 ).
- وسئل أيضا رحمه الله :
حتى لو كان فيه ظلم من هذه الحقوق على هذا الشعب من ناحية رفع الأسعار، حتى في أشياء أخرى غير الماء؟
فأجاب :
الأفراد ليس هم الذين يقدرون الظلم، والقضية قضية نسبية، وهب أن هناك ظلماً وهذا لا تخلو منه طبعاً دولة أو حكومة لا تحكم بما أنزل الله،
لكن هذا لا يعني أن يصبح الأمر فوضى وكل فرد ينظر بمنظاره الخاص، ويقول : هذا ظلم فأنا لا أدفعه،
وحينئذٍ يكثر الفساد في الأرض بسبب ارتكاب الناس لمثل هذه الآراء الفجة التي ليس عليها دليل إلا اتباع الأهواء. انتهى من (الهدى والنور / ٥٧/ ٥٦: ٥١: .. ).
- وقد سئلت اللجنة الدائمة :
هل يجوز التحايل للامتناع عن دفع فاتورة الكهرباء أو الماء أو التليفون أو الغاز أو أمثالهما ؟ علما بأن معظم هذه الأمور تتولاها شركات مساهمة يمتلكها عامة الناس .
فأجابت :
لا يجوز ؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل ، وعدم أداء الأمانة ، قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ).
وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا). انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .
** تنبيه: حديث : " المسلمون شركاء في ثلاث : في الماء والكلأ والنار ".
لا يصح الإعتماد عليه ، لأن المقصود بالحديث هو ما لم يُملك ، والماء والكهرباء يجري عليهما المِلك، كما هو متعارف عليه،
لذلك هذه الأشياء إذا حيزت وجُمعت ، جاز بيعها ، كأن يباع الماء في قوارير مثلا .
اقرأ أيضا : هل يجوز دفع الرشوة لأخذ الحق ورفع الظلم؟
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق