القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

لا يجوز سرقة الكهرباء التي توفرها الدولة والتي يستهلكها الشخص سواء كان ذلك بالتلاعب بعداد الكهرباء أو توصيل الكهرباء من خلف العداد أو بأي وسيلة أخرى لأن هذا من الغش والخداع وأكل المال العام بغير حق وأكل أموال الناس بالباطل وأن ذلك المال الذي لم يدفعه ثمنًا للكهرباء ما هو إلا سحت .

وكون الدولة لا تعطي المواطن حقه من وجهة نظره لا يبيح له سرقة المال العام فإن هذه الموارد من كهرباء وغيرها ملك لعامة المسلمين فالسرقة منها اعتداء على المال العام وليس اعتداء على الحكومة أو الشركة فقط .

فينبغي لكل إنسان أن يقتصد في استعمال الكهرباء والماء وأن يكتفي بالقدر الذي يحتاجه دون إسراف لعموم الأدلة الناهية عن الإسراف والتبذير وإضاعة المال .

ومع ذلك يجب على الحكومات أن يرفقوا بمواطنيهم وألا يحملوهم ما لا يستطيعون لأن أهم واجب للحكومات هو خدمة المواطنين والتيسير عليهم والرفق بهم بقدر الإمكان وليحذر كل مسئول فى مكانه من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ ). رواه مسلم  .

ومن الأدلة على تحريم ذلك الفعل :

1- قوله تعالى : { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }. [المائدة:38].

فالسرقة من الذنوب العظيمة التي حرَّمها الله ورسوله ورتب عليها الحد في الدنيا والعقوبة في الآخرة.

2- قوله تعالى: { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }. [البقرة:818].

3- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال : " بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا ولا تسرقوا ولا تزنوا ". (رواه البخاري ومسلم).

4- قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ : ( أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ )صحيح الترمذي.

فيجب الوفاء بالعقود حيث إن ربط البيوت وغيرها مع الشركة التي تزودها بالكهرباء هو عقدٌ شرعيٌ والوفاء به فرض ويحرم شرعًا مخالفة هذا الاتفاق لعموم قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ }. [المائدة:1]

5- قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ : ( إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة ). رواه البخاري.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : « يتخوضون أي يتصرفون في مال المسلمين بالباطل ... ». انتهى من [ فتح الباري (6 /219)، باختصار].

6- قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ : ( وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ). رواه مسلم

 فالذي يتعامل مع التيار الكهربائي بغير الطرق المشروعة لا يُحِبُّ أن يطَّلِعَ عليه الناس لأنه يشعر بالإثم في داخله .

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

حكم أخذ الكهرباء بغير إذن الشركة المسؤولة؟

فأجاب :

لا يجوز هذا أخذ بغير حق، لا بد أن تراجع الجهة المسئولة عن ذلك حتى تسمح، الله حرم على العباد دماءهم، وأموالهم، وأعراضهم، وهذا داخل في الأموال، خطب النبي ﷺ الناس في حجة الوداع وقال في يوم عرفة، وفي يوم النحر على رءوس الأشهاد يخاطب الناس : إن الله حرم عليكم، دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم؛ عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. هكذا قال النبي ﷺ للناس على رءوس الأشهاد يوم عرفة ويوم النحر، وقال عليه الصلاة والسلام : كل المسلم على المسلم حرام دمه، وماله، وعرضه. فليس لأحد أن يأخذ من مال غيره بغير حق لا شركة، ولا حكومة ولا غير ذلك . انتهى

وسئل الشيخ الألباني رحمه الله :

 سرقة الماء طبعاً في بلد فيها دولة حكومية، وهي توفر الماء للمواطنين بطريق سد المواسير وغيره من هذه المعدات؟

فأجاب :

لا يجوز، السرقة كلها حرام، ويجب أن يكون أفراد الشعب متجاوبين مع الحكومة ما دام أنها تحقق مصالحهم، وتخدمهم، ولا يجوز أن تكفر هذه النعمة، لأن الله يقول : { هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ }. [الرحمن: ٦٠] . فالسرقة كلها حرام، وهذا من هذا، ولا يجوز في الإسلام .

وسئل أيضا :

 حديث : « الناس شركاء في ثلاث »؟

فأجاب :

 حديث «الناس شركاء في ثلاث» هذا اللفظ لا يصح، وإنما : «المسلمون شركاء في ثلاث». 

ثانياً : المقصود بالماء هنا هو الماء الذي هو مشاع بمعنى : ماء البحار والأنهار ونحو ذلك، أما ماء نضح بالتعب وبالجهد، يعني : كرجل عنده بستان مثلاً، وركب عليه آنية موتور ينضح الماء وينفق عليه بنزين مازوت .. إلخ، هذا ما يقال في هذا الماء بأن الناس فيه شركاء، وإنما الماء الذي خلقه الله وأجراه في البحار والأنهار، هذا الذي لا يجوز أن يستملكه فرد من الأفراد، وأما الماء الذي استنبطه هو بجهده وتعبه وآلته فهذا ليس هو المقصود بالحديث المذكور .

وسئل أيضا :

 حتى لو كان فيه ظلم من هذه الحقوق على هذا الشعب من ناحية رفع الأسعار، حتى في أشياء أخرى غير الماء؟

فأجاب :

 الأفراد ليس هم الذين يقدرون الظلم، والقضية قضية نسبية، وهب أن هناك ظلماً وهذا لا تخلو منه طبعاً دولة أو حكومة لا تحكم بما أنزل الله، لكن هذا لا يعني أن يصبح الأمر فوضى وكل فرد ينظر بمنظاره الخاص، ويقول : هذا ظلم فأنا لا أدفعه، وحينئذٍ يكثر الفساد في الأرض بسبب ارتكاب الناس لمثل هذه الآراء الفجة التي ليس عليها دليل إلا اتباع الأهواء . انتهى من (الهدى والنور / ٥٧/ ٥٦: ٥١: .. )

وقد سئلت اللجنة الدائمة :

هل يجوز توقيف ساعة (عداد) الكهرباء أو الماء في دولة كافرة من أجل إضعاف تلك الدولة ؟ مع العلم بأن الدولة تأخذ مني ضرائب ظالمة رغماً عني .

فأجابت :

 " لا يجوز ؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل " .انتهى 
من "فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .

إذن لا يصح الاعتماد على قول النبي صلى الله عليه وسلم : " المسلمون شركاء في ثلاث : في الماء والكلأ والنار ".

 لأن المقصود بالحديث هو ما لم يُملك والماء والكهرباء يجري عليهما المِلك، كما هو متعارف عليه ولا يجوز الاحتجاج في هذا المقام بفعل بعض الناس الذين يسرقون فقد قال الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " لا تكونوا إمعة، تقولون إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا "(صحيح موقوف - مشكاة المصابيح)

الخلاصة

 سرقة الكهرباء من العداد أو من خلفه لا تجوز وعلى من فعل هذا أن يسارع إلى التوبة لله عز وجل وأن يقوم بدفع قيمة الكهرباء المسروقة إن علم قيمتها وإلا فيقدر تقديراً حيث يغلب على ظنه أن ذمته برئت بإذن الله تعالى ويكون الدفع لشركة الكهرباء فإن لم يكن هناك من سبيل لدفع المال لشركة الكهرباء عندها يصرف المال الذي هو قيمة الكهرباء المسروقة للفقراء والمساكين .


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات