لا شك أن الأحوط والأبرأ للذمة عدم فتح حساب مطلقاً في بنك ربوي إلا لحاجة تقتضي ذلك فإذا دعت الضرورة إلى ذلك ولم يجد سبيلا إلى حفظه إلا إيداعه في بنك ربوي فلا حرج في وضع المال فيها بدون فائدة لقول الله عز وجل : (وقد فصّل لكم ما حرّم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ). سورة الأنعام.
فيرخص له في ذلك بلا فائدة على هذه الوديعة ارتكاباً لأخف الضررين وتفاديا من أشدهما وعليك إخراج الزكاة عن هذا المال المودع كلما حال عليه الحول إذا كان نصاباً أو أكثر.
قال العلامة ابن باز رحمه الله :
لا حرج عليك في ذلك أن تودع أموالك في البنوك خوفًا عليها وهذه مسألة ضرورة فإذا احتجت إلى ذلك فلا حرج بدون فائدة .
أما إذا تيسر إيداعها في بنوك إسلامية تشجع البنوك الإسلامية وتعينها على مهمتها فإن ذلك أولى وأحق فالبنوك الإسلامية يجب أن تشجع ويجب أن تعان وإذا وقع منها زلة أو خطأ تنبه على خطئها وتصلح أخطاؤها؛ حتى تكون منافسة للبنوك الربوية،
وحتى يعتاض المسلمون بها عن البنوك الربوية، ففي إمكانك أن تودعها في البنوك الإسلامية وتأخذ فائدة شرعية في المعاملة في المضاربة،
أما الفائدة المعينة :
كعشرة في المائة أو خمسة في المائة هذه لا تجوز، لا في البنوك الإسلامية ولا في البنوك الربوية، ممنوعة في جميع الأحوال، فليس لأحد أن يأخذ فائدة معينة، لا في البنك الإسلامي، ولا من التاجر المعين، ولا في بنك ربوي، ولا في غير ذلك،
الفوائد المعينة :
كأن تدفع إلى البنك الإسلامي، أو البنك الربوي، أو إلى التاجر المعين: مائة ألف، على أن يعطيك كل شهر أو كل سنة فائدة معينة، عشرة في المائة، خمسة في المائة؛ هذا لا يجوز، هذا من الربا .
لكن البنوك الإسلامية تستطيع أن تتصرف في المال بالطرق الإسلامية، المضاربة، وشراء حاجات تبيعها بفائدة، وتجمع الأرباح، وتعطي صاحب المال نصيبه من الربح الذي اتفقا عليه، وهو مثلاً نصف الربح.. ثلث الربح.. خمس الربح، على ما اتفقت عليه البنوك الإسلامية مع صاحب المال.
فالحاصل :
أنه لا حرج في إيداع المال في البنوك الربوية بدون فائدة للضرورة والخوف عليه لكن إذا وجدت مندوحة عن ذلك بأن تودع مالك عند تاجر لا خطر عنده أو عند بنوك إسلامية بدون فائدة، أو على أن تعمل فيها البنوك الإسلامية بالعمل الشرعي والمرابحة الشرعية، هذا كله هو الواجب عليك؛ لئلا تشجع الربا وأهل الربا . اه
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :
فإن دعت الضرورة إلى ذلك بحيث يخشى الإنسان على ماله أن يسرق وينهب بل ربما يخشى على نفسه أن يقتل ليؤخذ ماله فلا بأس أن يضعها في هذه البنوك للضرورة.
ولكن إذا وضعها للضرورة فإنه لا يجوز أن يأخذ شيئا في مقابل هذا الوضع ويحرم عليه أن يأخذ شيئا كيف يحرم ؟ لأنه إذا أخذ شيئا فهذا الشيء ربا ولا كسب حلال، ربا لا شك وإذا كان ربا فقد قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم )) فقط (( لا تظلمون ولا تظلمون )) والآية صريحة وواضحة بأن لا نأخذ شيئا منها (( اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا )) اتركوه (( فإن لم تفعلوا )) بل أخذتم (( فأذنوا بحرب من الله ورسوله )) يعني أعلنوا الحرب بينكم وبين الله ورسوله (( فإن تبتم )) بعد أن أخذتم أو قبل أن تأخذوا وبعد الاتفاق (( فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون )) والآية صريحة وواضحة بأن لا نأخذ شيئا من هؤلاء.... الى اخر كلام الشيخ . (فتاوى الحرم المكي-1408-(14))
وقال أيضا رحمه الله :
" إذا احتجت إلى أن تفتح حساباً في بنك ربوي : فلا بأس وإن لم تحتج إلى ذلك : فلا تفتح " .اه (" لقاء الباب المفتوح" (180/ 22، بترقيم الشاملة آليا)) .
" فالضرورات تبيح المحظورات "
والضرورة التي تبيح فعل المحرم هي :
ما يلحق العبد ضرر بتركه - وهذا الضرر يلحق الضروريات الخمس : الدِّين ، والنفس ، والنسل ، والعقل ، والمال .
وأما حد الضرورة
هو مايغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة أو أن تلحقه بسببه مشقة لاتحتمل
فيجب أن تكون الضرورة قائمة بالفعل لا متوهمة ولا منتظرة ولا متوقعة لأن التوقع والتوهم لا يجوز أن تبنى عليهما أحكام التخفيف .
والضرورة تقدر بقدرها وحيث زالت الضرورة فلا يجوز التعامل بالربا ويرجع الأمر إلى أصله وهو التحريم القاطع .
فيجب على المضطر مراعاة قدر الضرورة لأن ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها ولذلك قرر الفقهاء أنه لا يجوز للمضطر أن يأكل من الميتة إلا بما يسد رمقه .
الخلاصة
يحرم على المسلم أن يضع أمواله في المصارف البنوك الربوية سواء كان ذلك في الحساب الجاري بدون فائدة إلا إذا دعت الضرورة القصوى كأن يخاف على أمواله السرقة أو التلف ونحو ذلك ولا يوجد بديل مباح أو أخف ضررا فحينئذ يجوز له حفظها في الحساب الجاري إذا لم يجد مصرفا بنكا إسلاميا يحفظها فيه .
والله أعلم
وللفائدة..
هل يجوز أكل طعام من يعمل بالربا كالبنوك
تعليقات
إرسال تعليق