القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

أسآرُ (هو ما بقي في الإناء بعد شرب الشارب منه) سِباع البهائم كالذئاب والنمور والأسود وجوارِح الطَّير كالصُّقور طاهرةٌ كلها وكذلك سؤر البَغل والحِمار الأهليِّ طاهِر لعموم قوله تعالى : وما جعل عليكم في الدين من حرج. [الحج: 78].

ففي تنجيس سُؤر هذه الحيوانات كالسباع والذئاب والنمور حرجٌ فإنَّه يعسُر الاحترازُ عن بعضها لا سيَّما أهل البادية وقياسًا على طهارة سُؤر الهرِّ فهو في معناه فالهرُّ سَبُعٌ يأكل النَّجاسة وحَكم الشَّارع بطهارة سُؤرِه .

ولكن إن كان الماء كثيرا لا يتغير بالشرب فلا بأس به ويكون طهورا. وأما إن كان يسيرا وتغير بسبب شربها منه فإنه نجس فيُسكب على الأرض . 

وعن عمرو بن الحارث بن المصطلق رضي الله عنه قال : ( ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم دينارا، ولا درهما، ولا عبدا، ولا أمة إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها، وسلاحه، وأرضا جعلها لابن السبيل صدقة ). رواه البخاري

فالنبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يركَبُ الحُمُر والبِغال كما أنَّها كانت تُركَبُ في زمنه, وفي عصر الصحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم، ولا يخلو راكبُها من ملامسةِ لُعابِها وعَرَقِها، وغير ذلك، ولو كانتْ نجسةً لتحرَّزَ منها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولأمَرَ بالتحرُّزِ منها . وأيضا قياسًا على الهرَّةِ فالبِغالُ والحُمُرُ الأهليَّةُ في حُكمِ الطوَّافينَ لكثرةِ الملابسةِ فيشقُّ التحرُّز منها .

قال ابن المنذر :

 ثابت عن نبي الله صلى الله عليه وسلم الله أنه قال في الهرة : ( ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات). فحكم أسآر الدواب التي لا تؤكل لحومها، حكم سؤر الهر على أن كل ماء على الطهارة إلا ما أجمع أهل العلم عليه أنه نجس أو يدل عليه كتاب أو سنة. انتهى من (الإشراف) (1/160).

وقالت اللجنة الدائمة :

 الراجح طهارة سؤر البغل والحمار الأهلي وسباع البهائم، كالذئب والنمر والأسد، وجوارح الطير كالصقر والحدأة . انتهى من ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (5/380 رقم 8052).

وقالت اللجنة أيضا :

 الراجح طهارة سؤر البغل والحمار الأهلي وسباع البهائم، كالذئب والنمر والأسد، وجوارح الطير كالصقر والحدأة وهذا هو الذي صححه أبو محمد بن قدامة رحمه الله في المغني . انتهى ((فتاوى اللجنة الدائمة- 1)) (5/416)

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

 لا حرج في الشرب من الماء الذي تشرب منه الدواب من الإبل أو البقر أو الغنم لأنها طيبة ومباحة وهكذا الحمر والبغال؛ لو شربت فإنها لا تضر الماء، فالماء طهور، ولو شرب منه البغل والحمار كانت تشرب من مياه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة . والصواب : أن سؤر البغل والحمار لا حرج فيه . انتهى ((فتاوى نور على الدرب)) لابن باز بعناية الشويعر (5/390).

وسئل أيضا رحمه الله :

عن سؤر البغل والحمار؟

فأجاب :

طاهر على الصحيح مثل الهرة، بل من باب أولى، الهرة قد يكون أكلها النَّجاسة أكثر، أما الحمار والبغل يُعلفان علفًا طاهرًا، فإذا كانت الهرة وهي قد تصيد الفأر وغير الفأر ومع هذا النبيُّ ﷺ أذن في استعمال فضلتها، فالبغل والحمار من باب أولى . انتهى من (فتاوى الدروس)

وسئل أيضا رحمه الله :

عن حكم الوضوء من ماء شربت منه دواب؟

الجواب :

 لا حرج في الشرب من الماء الذي شربت منه الدواب من الإبل أو البقر أو الغنم لأنها طيبة، لأنها مباحة، وهكذا الحمر والبغال على الصحيح، لو شربت فإنها لا تضر الماء.. الماء طهور ولو شرب منه البغل والحمار، كانت تشرب من المياه عند النبي ﷺ والصحابة، فالصواب أن سؤر البغل والحمار لا حرج فيه يستعمل.

أما إذا كانت الدواب غير المعتادة، كالكلب فلا يستعمل سؤره بل يراق، وهكذا الأسود والنمور وأشباهها من السباع سؤرها يراق، إلا إذا كان ماء كثير مثل ورودها على الحياض والغدران لا يضر ولا يلتفت إليها، ولو وردتها لا يضر ذلك. أما إذا شربت في إناء.. إذا شربت في إناء يراق . انتهى من (فتاوى نور على الدرب)

إذن 

كلُّ ما يكثر التطواف على الناس مما يشقُّ التَّحرُّز منه فحكمه كالهَّرة. لكن يُستثنى من ذلك ما استثناه الشَّارع، وهو الكلب، فهو كثير الطَّواف على النَّاس، ومع ذلك قال النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : “إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فليغسله سبعاً إحداهن بالتُّراب”.

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

ذهب كثيرٌ من أهل العلم إلى أن آسار هذه البهائم طاهرةٌ إذا كانت كثيرةَ الطَّواف علينا وعلَّلوا :

 بأن هذا يشقُّ التَّحرُّز منه غالباً، فإنَّ النَّاس في البادية تكون أوانيهم ظاهرةً مكشوفةً، فتأتي هذه السِّباعُ فتردُ عليها، وتشرب. فلو ألزمنا النَّاس بوجوب إراقة الماء، ووجوب غسل الإناء بعدها لكان في ذلك مشقَّة. والأحاديثُ في ذلك فيها شيء من التَّعارض. فبعضها يدلُّ على النَّجاسة، وبعضها يدلُّ على الطَّهارة. 

فممَّا وَرَدَ يدلُّ على الطَّهارة، حديث القُلَّتين الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سُئِلَ عن الماء، وما ينوبُه من السِّباع؟ فقال : “إذا بلغ الماء قُلَّتين لم يحمل الخَبَث” ولم يقل بأن هذه طاهرة، بل جعل الحكم منوطاً بالماء، وأنه إذا بلغ قُلَّتين لم يحمل الخبث، فدلَّ ذلك على أن ورود هذه السِّباع على الماء يجعله خبيثاً لولا أن الماء بلغ قلتين. 

وفيه أحاديث أخرى، وإن كان فيها ضعف، لكن لها عِدَّة طرق تدلُّ على أن آسار البهائم طاهرة، حيث سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عن ذلك فقال : “لها ما حملت في بطونها، ولنا ما غَبَرَ طَهور” وهذا يدلُّ على الطهارة. 

ويمكن الجمع بين الحديثين، فيُقالُ : إن كان الماء كثيراً لا يتغيَّر بالشُّرب فلا بأس به، ويكون طَهوراً. وإن كان يسيراً ، وتغيَّر بسبب شربها منه؛ فإنه نجس.

 وقال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ : إنَّ الحمار والبغل طاهران؛ لأنَّ الأمة تركبهما، ولا يخلو ركوبهما من عَرَقٍ، ومن مطر ينزل، وقد تكون الثياب رطبة، أو البدن رطباً، ولم يأمر النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أمَّته بالتحرُّز من ذلك. 

وهذا هو الصَّحيح وعلى هذا : فسؤرهما، وعرقهما، وريقهما، وما يخرج من أنفهما طاهر، وهذا يؤيِّد ما سبق أنْ ذكرناه في حديث أبي قتادة في الهِرَّة ، فإن الحمار بلا شكٍّ من الطَّوَّافين علينا، ولا سيَّما أهل الحُمُر الذين اعتادوا ركوبها، فالتحرُّز منها شاقٌّ جدّاً.

 فإن قيل :

الكلاب أيضاً لمن له اقتناؤها كصاحب الزَّرع، والماشية والصَّيد، يكثر تطوافها عليهم؟.

فالجواب :

أن َّالكلاب فيها نصٌّ أخرجها وهو قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : “إذا ولغ الكلب…” الحديث. وهذا يدلُّ على نجاسة سؤر الكلب، حتى وإن كان من الطَّوَّافين . انتهى من (شرح كتاب (زاد المستقنع للحجاوى) باب الطهارة)

وأما سُؤرُ ما يُؤكَل لحمه

سُؤر الحيوان مأكول اللحم طاهر والدليل على ذلك : (البراءة الأصلية)؛ إذ الأصل الطهارة .

قال ابن حزم رحمه الله :

 " وكل مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ طَاهِرٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ )، فَكُلُّ حَلاَلٍ هُوَ طَيِّبٌ، وَالطَّيِّبُ لاَ يَكُونُ نَجِسًا، بَلْ هُوَ طَاهِرٌ . انتهى من (المحلي)

وقال ابن المنذر :

 أجمعوا على أن سؤر ما أكل لحمه طاهر ويجوز شربه والوضوء به وكل من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن أسآر الدواب التي تؤكل لحومها طاهر،

 وممن حفظنا ذلك عنه الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وهو قول أهل المدينة، وأصحاب الرأي من أهل الكوفة . انتهى ((الإشراف)) (1/160-161).((الإجماع)) (ص: 35)

وأما الآدمي فسؤره طاهر سواء كان مسلما أم كافرا عند عامة أهل العلم قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم : ( إنَّ المؤمِنَ لا يَنجُسُ ). رواه البخاري. وثبت : ( أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم توضَّأ مِن مَزَادة  مشرِكة ). رواه البخاري

أما سؤر الكلب والخنزير 

فهو نجس عند جمهور الفقهاء .

1- سُؤر الكلب

لقوله صلى الله عليه وسلم : «طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ [  أدخل لسانه في الإناء وحرّكه، سواء شرب أو لم يشرب ]ٍ الْكَلْبُ فِيهِ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ». (متفق عليه).

2- سُؤر الخنزير

سؤر الخنزير: نجس؛ لقوله تعالى : ( أَوۡ لَحۡمَ خِنزِيرٖ فَإِنَّهُۥ رِجۡسٌ ). [الأنعام: 145] أي : نجس فما تولد منه يكون نجسًا .


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات