">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الأصح فى نجاسة الكلب هى نجاسة الريق (اللعاب والسؤر) وأما الجسد فطاهر كالشعر والجلد إذا لم يكن رطبا رطوبة نجسة فهنا لا يجوز مس الكلب .

بمعنى إذا أصاب الثوب جسد الكلب وكان به بللا وغلب على الظن أن هذا البلل أنه نجاسة من لعابه وظهرت في الثوب وجب غسله كغسل الإناء سبع مرات إحداهن بالتراب أما مجرد ظهور بلل انتقل من الكلب إلى الثوب فهذا لا يعني أن هذا البلل هو ماء نجس لأنه ليس هو اللُّعاب الذي أمر الرسول - عليه الصلاة والسلام - بغسل الإناء الذي وجد فيه سبب ولوغ الكلب .

وبناء عليه فكل ما يلحسه الكلب أو يصيبه ببوله أو روثه سواء كان إناء أو ثوباً أو غيرهما يجب تطهيره إلا أن الغسل سبعاً خاص بالولوغ فقط وأما بوله ورجيعه فهما كسائر النجاسات التي لا يشترط فيها التسبيع ولا التتريب بل تغسل حتى تذهب نجاستها لأن ظاهر حديث الباب فيه الولوغ دون غيره .

قال النووي رحمه الله : 

وقيل : يكفي غسله في غير الولوغ -كالبول والروث- مرة كسائر النجاسات، حكاه المتولي والرافعي وغيرهما، وهذا الوجه متجه وقوي من حيث الدليل .اهـ (المجموع [2/604]).

كما أنه لا يجوز أن تُربى الكلاب إلا في ثلاث : للصيد، وللمزرعة -المزارع-، وللماشية -الغنم- لأجل وجوده فيها يحميها -بإذن الله- من الذئاب وينبه أهلها حتى يلاحظوها والرسول ﷺ قال كما فى الصحيحين : من اقتنى كلبًا إلا كلب صيد أو ماشية أو زرع فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان. فكيف يرضى مسلم لنفسه أن ينقص من أجره كل يوم قيراطان باقتنائه كلبًا لا حاجة إليه لا لماشية ولا صيد ولا زرع .

قال النووي رحمه الله فى شرح صحيح مسلم : 

رخص النبي صلى الله عليه وسلم في كلب الصيد وكلب الغنم، وفي الرواية الأخرى وكلب الزرع ونهى عن اقتناء غيرها، وقد اتفق أصحابنا وغيرهم على أنه يحرم اقتناء الكلب لغير حاجة، مثل أن يقتني كلباً إعجاباً بصورته أو للمفاخرة به، فهذا حرام بلا خلاف. انتهى.

وإليك الأدلة :

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إِذَا وَلَغَ الكَلْبُ في إِنَاءِ أحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ. رواه مسلم [3/182]

ولفظ البخاري : إِذَا شَرِبَ الكَلْبُ في إِنَاءِ أحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعاً. [1/364].

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : طُهُورُ إِنَاءِ أحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الكَلْبُ أنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ. رواه مسلم [3/183].

وفي رواية لمسلم [3/183] : إِذَا وَلَغَ الكُلْبُ في الإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ .

فرواية مسلم : " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه... ". تدل على وجوب إراقة ما في الإناء من ماء أو غيره مما ولغ فيه الكلب لأن الأواني في الغالب صغيرة فيكون ما فيها من ماء وغيرِه قليل لا يدفع النجاسة بنفسه فلو كان ما في الإناء كثير يدفع النجاسة بنفسه أو كان طاهراً لم يأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بإراقته لأن في ذلك إتلاف للمال وإضاعته وذلك منهي عنه .

قال ابن تيمية رحمه الله :

وأما الكلب فقد تنازع العلماء فيه على ثلاثة أقوال :

أحدها : أنَّه طاهرٌ حتى ريقه، وهذا هو مذهب مالك.

والثانـي : نجس حتى شعره، وهذا هو مذهب الشافعي، وإحدى الروايتين عن أحمد.

والثالث : شعره طاهـر، وريقه نجسٌ. وهذا هو مذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين عنه. وهذا أصحُّ الأقوال، فإذا أصاب الثوبَ أو البدنَ رطوبةُ شعره لم ينجس بذلك . اهـ (مجموع الفتاوى [21/530]).

وقال أيضا رحمه الله :

وذلك لأنَّ الأصل في الأعيان الطهارة، فلا يجوز تنجيس شيء ولا تحريمه إلا بدليلٍ كما قال تعالى : { وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُّرِرْتُم إِلَيْهِ }. [الأنعام/119]. وقال تعالى : { وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُم حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَا يَتَّقُونَ }. [التوبة/115].. وإذا كان كذلك : فالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قال : " طُهُورُ إِنَاءِ أحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الكَلْبُ أنْ يَغْسِلَهُ سَبْعاً، أولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ " ، وفي الحديث الآخر : " إذَا وَلَغَ الكَلْبُ…. ". فأحاديثُه كلُّها ليس فيها إلا ذكر الولوغ لم يذكر سائر الأجزاء، فتنجيسها إنما هو بالقياس..

وأيضاً فالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم رخَّص في اقتناء كلب الصيد والماشية والحرث ، ولا بد لمن اقتناه أنْ يصيبه رطوبةُ شعوره كما يصيبه رطوبةُ البغل والحمار وغير ذلك. فالقول بنجاسة شعورها والحال هذه من الحرج المرفوع عن الأمة. اهـ (مجموع الفتاوى [21/617 و 619]).

وقال الإمام ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام في شرح حديث الولوغ :

 " فيه مسائل. الأولى : الأمر بالغسل ظاهر في تنجيس الإناء. وأقوى من هذا الحديث في الدلالة على ذلك: الرواية الصحيحة. وهي قوله - صلى الله عليه وسلم - «طهور إناء أحدكم، إذا ولغ فيه الكلب: أن يغسل سبعا» فإن لفظة " طهور " تستعمل إما عن الحدث، أو عن الخبث. ولا حدث على الإناء بالضرورة. فتعين الخبث. وحمل مالك هذا الأمر على التعبد، لاعتقاده طهارة الماء والإناء. وربما رجحه أصحابه بذكر هذا العدد المخصوص، وهو السبع؛ لأنه لو كان للنجاسة : لاكتفى بما دون السبع فإنه لا يكون أغلظ من نجاسة العذرة. وقد اكتفى فيها بما دون السبع.

والحمل على التنجيس أولى لأنه متى دار الحكم بين كونه تعبدا، أو معقول المعنى، كان حمله على كونه معقول المعنى أولى. لندرة التعبد بالنسبة إلى الأحكام المعقولة المعنى. 

وأما كونه لا يكون أغلظ من نجاسة العذرة، فممنوع عند القائل بنجاسته، نعم ليس بأقذر من العذرة، ولكن لا يتوقف التغليظ على زيادة الاستقذار. وأيضا فإذا كان أصل المعنى معقولا قلنا به. وإذا وقع في التفاصيل ما لم يعقل معناه في التفصيل، لم ينقص لأجله التأصيل. ولذلك نظائر في الشريعة،

فلو لم تظهر زيادة التغليظ في النجاسة لكنا نقتصر في التعبد على العدد، ونمشي في أصل المعنى على معقولية المعنى". انتهى

وقال الشيخ محمد بازمول حفظه الله :

في نجاسة لعاب الكلب وسؤره

الوجه الأول : أن الحقيقة الشرعية مقدمة، خاصة إذا دلت القرينة عليها، فقوله "طهور" الحقيقة الشرعية فيها هي ما يقابل النجاسة. ويؤكده قرينتان:

الأولى : أنه ذكر الغسل سبعا واحداهن بالتراب. فلو كان لمجرد التقذر ما كان هذا التأكيد في الغسل.

والثانية : أمره بإراقة مافي الإناء، فلو كان للتقذر ما أمر بإراقته! فدل ذلك أن المراد بالطهور ما يقابل النجس، وعليه فسؤر الكلب نجس.

الوجه الثاني : أن الأصل أن الأوامر والنواهي معللة مفهومة المعنى، والتعبد خلاف الأصل ، لا يصار إليه لغير دليل ظاهر. فالتسبيع للنجاسة لا للتعبد.

الوجه الثالث : أن ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنه، ذكر أنه كان في أول الأمر، قبل الأمر بتكريم المساجد وصونها. سلمنا ؛ هو دليل على أن ظاهر الكلب طاهر، لا أن سؤره طاهر.

الوجه الرابع : قد ثبت عن ابن عباس التصـريح بأن الغسل من ولوغ الكلب بأنه رجس رواه محمد بن نصر المروزي بإسناد صحيح ولم يصح عن أحد من الصحابة خلافه (فتح الباري 1/276).

الوجه الخامس : أن الهرة لما شربت من الإناء أنه اصغى لها وقال : " إنها ليست بنجس "؛ فدل ذلك أنه لما أمر بإراقة ما في الإناء الذي يلغ فيه الكلب أنه نجس. وبالله التوفيق .انتهى

لعاب كلاب الصيد معفى عنه

فيقتصر هذا الحكم على الولوغ والشرب دون الصيد والأكل .

قال الحافظ ابن حجر :

واستُدلَّ به على طهارة سؤر كلب الصيد دون غيره مِن الكلاب ، للإذن في الأكل مِن الموضع الذي أكل منه ، ولم يذكر الغسل، ولو كان واجباً ؛ لبيَّنه ؛ لأنَّه وقت الحاجة إلى البيان. وقال بعض العلماء : يعفى عن مَعضِّ الكلب ، ولو كان نجساً ، لهذا الحديث.

وأجاب مَن قال بنجاسته : بأنَّ وجوب الغسل كان قد اشتُهر عندهم ، وعُلم، فاستُغني عن ذكره. وفيه نظرٌ؛ وقد يتقوَّى القول بالعفو ، لأنَّه بشدة الجري يجف ريقه، فيؤمن معه ما يخشى من إصابة لعابه موضع العضِّ . اهـ (الفتح [9/752]).

وقال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره :

{ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ } أي : أحل لكم ما علمتم من الجوارح إلى آخر الآية. دلت هذه الآية على أمور : ........ طهارة ما أصابه فم الكلب من الصيد لأن الله أباحه ولم يذكر له غسلا فدل على طهارته .اه

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :

الرسولُ صلى الله عليه وسلم قال : «إِذَا وَلَغَ» ، ولم يقل : «إذا عضّ »، فقد يخرج مِن معدته عند الشرب أشياء ، لا تخرج عند العضِّ. وظاهر حالِ الصحابةِ أنَّهم لا يغسلون اللحمَ سبعَ مرَّاتٍ ، إحداها بالتراب، وإذا كان معفوّاً عنه شرعاً ؛ زال ضرَرُه قَدَراً .

 فمثلاً : الميتةُ نجسةٌ، ومحرَّمةٌ، وإذا اضطر الإنسان إلى أكلها لم يتضرر، والحمار قبل أن يُحرَّم : طيب الأكل، ولما حُرِّم صار خبيثاً نجساً.

فالصحيح : أنَّه لا يجب غسل ما أصابه فم الكلب عند صيده ، لما تقدم، ولأنَّ صيد الكلب مبنيٌّ على التيسير. اهـ (الشرح الممتع [1/357]).

وأما معنى حديث ابن عمر :

 كَانَتِ الكِلاَبُ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ في المَسْجِدِ، فَلَمْ يَكُونُوا يَرشُّونَ شَيْئاً مِنْ ذلكَ . رواه البخاري [1/369 ].

مفهوم الحديث : أنها كانت تبول خارج المسجد في مواطنها، وتقبل وتدبر في المسجد عابرة؛ إذ لا يجوز أن تترك الكلاب تقتات في المسجد حتى تمتهنه وتبول فيه، وإنما كان إقبالها وإدبارها في أوقات ما، ولم يكن على المسجد أبواب تمنع من العبور فيه، 

وإذا دخلت الكلاب المسجد فإن إصابة أرضه بلعابها أمر وارد، ولكنه غير متيقن وغير معلوم مكان إصابتها منه؛ فلذلك لم يرش أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من ذلك؛ لأن اليقين لا يزول بالشك، وهم متيقنون من طهارة المسجد، ولكنهم شاكون في ولوغ الكلاب على الأرض، وفي مكان ذلك الولوغ لو وقع، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقة الماء على بول الإعرابي لما تيقن بوله وعرف مكانه، وبول الكلب ليس بأخف من بول ذلك الأعرابي . انتهى من (موقع الدرر السنية)

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

أشكل هذا على بعض العلماء وقال : كيف تبول في المسجد وتقبل وتدبر ؟.

 والجواب عن ذلك نقول :

تبول صفة لها غير متفقة مع الإقبال والإدبار ، بل قبل ذلك ، يعني كانت تبول ثم تقبل وتدبر ، وإلا من المعلوم أنها لو بالت في المسجد لوجب غسل المسجد كما وجب غسله من بول الآدمي.

وقوله : ( فلم يرشون شيئا من ذلك ) سبق لنا أن السبب أن هذه الكلاب تمر بالمسجد وأرجلها يابسة والمسجد كذلك يابس ، فلم يكونوا يتتبعون آثار الكلاب ثم يرشونها بالماء لأنها لم تنجس .انتهى من (شرح صحيح البخاري كتاب الوضوء والغسل والحيض والتيمم-(03))

لو وقع كلب في ماء بئر أو غيره

فإذا لم تُغيِّر النجاسةُ لوناً أو طعماً أو ريحاً فهذا الماء طاهر. وهو قول ابن عباس وابن المسيب وغيرهم وهو الذي رجّحه ابن المنذر.

قال ابن المنذر رحمه الله :

أجمع أهل العلم أنَّ الماء القليل أو الكثير إذا وقعت فيه نجاسةٌ فغيّرتْ النجاسةُ الماءَ طعماً أو لوناً أو ريحاً : أنه نجس مادام الماء كذلك ولا يجزئ الوضوء والاغتسال به. اهـ (الأوسط [1/260]).

هل يلحق الخنزير بالكلب في تغليظ النجاسة؟

الخنزير ليس كالكلب في وجوب التسبيع في إزالة نجاسته ويكفي فيه إزالة عين النجاسة الخنزير نجس بنص كتاب الله : ( أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ جْرِسٌ ) والرجس هو النجس والصحيح أن الخنزير ليس كالكلب في وجوب التسبيع في إزالة نجاسته ويكفي فيه إزالة عين النجاسة إذا أصابت الإنسان ولا يصح قياسه على الكلب في ذلك لأن تعدد الغسلات خاص بنجاسة الكلب دون غيره ويدل على ذلك :

1- ورود النص في نجاسة الكلب فقط دون غيره.

2- أن الخنزير مذكور في القرآن وموجود على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يرد إلحاقه بالكلب فنجاسته كغيره من النجاسات. قال النووي : وذهب أكثر العلماء إلى أن الخنزير لا يفتقر إلى غسله سبعاً، وهو قول الشافعي، وهو قوي في الدليل . (شرح مسلم 1/448)


والله اعلم


وللفائدة..



هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات