لا ينبغي أن يكون هذا موجباً للشك في الفتاة وفي نزاهتها لأن عملية الجماع قد تكون برفق وسهولة فلا يرى فيها ما يرى في المرأة التي تكون بكراً .
كما أن زوال البكارة لا يعني أن الفتاة كانت فاسدة فإنَّ لزوال البكارة أسبابًا عديدة منها : الوثبة الشَّديدة غير الطبيعية، أو الرُّكوب على شيءٍ حادٍّ، أو نحو ذلك، وكذلك مُمارسة العادة السرية المحرَّمة بطرُق خاصَّة .
وقد تزول البكارة بغير الجماع وبخاصة بسبب الرضوض التي تصيب الفرج كما أن بعض البنات يولدنَ دون غشـاء بكارة مثلما يولد بعض الصبيان دون قلفة وفي بعض البنات تكون فتحة غشاء البكارة واسعة خِلْقَةً فيظن الأهل أن البنت غير عذراء ! وكثيراً ما أدَّى الجهل بهذه الحقائق إلى مآسٍ مفجعة ولهذا يحسن بالأهل الترويّ والالتزام بالقواعد الشرعية في هذا الأمر .
ومما يدل على ذلك :
1- فقد جاء فى مصنف ابن أبى شيبة حديث رقم 28313 : حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ : في الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ : لَمْ أَجِدْكِ عَذْرَاءَ. قَالُوا : إنَّ الْعُذْرَةَ تُذْهِبُهَا النَّيْطَةُ وَاللِّيطَةُ .
2- وفى سنن سعيد بن منصور حديث رقم 1959: باسناد صحيح عن الحسن والشعبي انهم قالوا : الْعُذْرَةُ تَذْهَبُ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ، تُذْهِبُهَا الْوَثْبَةُ، وَكَثْرَةُ الْحَيْضِ، وَالتَّعْنِيسُ، وَالْحِمْلُ الثَّقِيلُ .
3- وفى سنن سعيد بن منصور أيضا حديث رقم 1962 : باسناد حسن عن الزهري : أَنَّ رَجُلا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَجِدْهَا عَذْرَاءَ، كَانَتِ الْحَيْضَةُ أَحْرَقَتْ عُذْرَتَهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّ الْحَيْضَةَ تُذْهِبُ الْعُذْرَةَ يَقِينًا .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله
عن من تبين أنها ليست بكراً بعد الدخول بها ؟
فاجاب :
هذا له أسباب قد تكون البكارة ذهبت بأسباب غير الزنا، فيجب حسن الظن إذا كان ظاهرها الخير، وظاهرها الاستقامة يجب حسن الظن في ذلك، أو كانت قد فعلت فاحشة، ثم تابت، وندمت، وظهر منها الخير لا يضره ذلك، وقد تكون البكارة زالت بشدة الحيض، فإن الحيضة الشديدة تزيل البكارة كما قال العلماء .
وكذلك تزول البكارة ببعض الوثبات إذا وثبت من مكان إلى مكان، وطمرت من مكان إلى مكان، أو نزلت من محل مرتفع إلى محل سافل بقوة، قد تزول البكارة، فليس من لازم البكارة أن يكون زوالها بالزنى، لا،
فإذا ادعت أنها زالت البكارة بأمر غير الفاحشة؛ فلا حرج عليه، أو بأمر من فاحشة، ولكنها مغصوبة مكرهة، فإن هذا لا يضر أيضًا، إذا كان قد مضى عليها حيضة بعد الحادث، أو ذكرت أنها تابت، وندمت، وأن هذا الذي فعلته في حال سفهها، وجهلها، ثم تابت، وندمت؛ فإنه لا يضر، ولا ينبغي أن يشيع ذلك، بل ينبغي أن يستر عليها، فإن غلب على ظنه صدقه، واستقامتها؛ أبقاها، وإلا طلقها مع الستر، وعدم إظهار ما يسبب الفتنة، والشر.
السؤال : ..؟
الجواب :
لا، ما يلزم إلا إذا عرف أنها فاحشة؛ لأن البكارة قد تزول بالحيض، وقد تزول بأسباب أخرى، وقد تكون مكرهة، والمكرهة لها حكم من لم يفعل شيئًا، وقد تكون أيضًا... فعلته عن موافقة، ولكن الله تاب عليها، وتحسنت حالها.
السؤال :
بعض البلدان يحبوا أن يروا البكارة في الثوب، فإذا وجد رجل امرأته فيها غير بكارة، وأراد أن يستر ذلك، فكلمها بذلك، وفكها، هل لهم أن يردوا له فلوسه؟
الجواب :
هذا إذا كان ضروري يمكن أن يفعل هذا بشيء آخر، بدم آخر للستر عليها، وهو بعد ذلك مخير، إن شاء أبقاها، وإن شاء طلقها، يمكن أن يجعل دمًا من غير البكارة إذا كان ضروريًا؛ لأنه لا بدّ من إظهار شيء في عاداتهم، فإذا لم يفعل اتهموها بالزنى، بإمكانه أن يضع شيئًا من دماء من دم آخر من باب الستر على الناس، والنبي يقول : من ستر مسلمًا؛ ستره الله في الدنيا، والآخرة . انتهى من (" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 20 / 286 ، 287 )) .
وأما إذا اشترط الزوج عليها أو على وليها
- أن تكون بكراً ثم وجدها على خلاف ما اشترط فله الحق في استرداد المهر وفسخ العقد ولكن لا يجب ذلك عليه .
- وأما إذا لم تشترط ذلك فله أن يطلقها إن شاء ولكن لا حق له في المهر .
قال ابن تيمية رحمه الله :
لو شرط أحد الزوجين في الآخر صفةً مقصودة، كالمال، والجمال، والبكارة، ونحو ذلك : صح ذلك، وملك المشترِط الفسخ عند فواته في أصح الروايتين عن أحمد، وأصح وجهي الشافعي، وظاهر مذهب مالك، والرواية الأخرى: لا يملك الفسخ إلا في شرط الحرية والدِّين . انتهى (" مجموع الفتاوى " (29 / 175))
وقال ابن القيم رحمه الله :
إذا اشترط السلامة، أو شرط الجمال : فبانت شوهاء، أو شرطها شابة حديثة السن : فبانت عجوزاً شمطاء، أو شرطها بيضاء : فبانت سوداء، أو بكراً : فبانت ثيِّباً : فله الفسخ في ذلك كله .
فإن كان قبل الدخول :
فلا مهر لها .
وإن كان بعده :
فلها المهر، وهو غُرم على وليِّها إن كان غرَّه، وإن كانت هي الغارَّة سقط مهرها، أو رجع عليها به إن كانت قبضته، ونص على هذا أحمد في إحدى الروايتين عنه، وهو أقيسهما، وأولاهما بأصوله فيما إذا كان الزوج هو المشترِط . انتهى (" زاد المعاد " (5 / 184، 185) ).
وسئل الشيخ العثيمين رحمه الله :
إذا زالت بكارة المرأة بوطء مشروع أو غير مشروع، فما الحكم الشرعي إذا عَقَدَ رجلٌ عليها في حالتين : الحالة الأولى : إذا اشترط البكارة. والحالة الثانية : إذا لم يشترط البكارة، فهل له حق الفسخ أم لا؟ .
فأجاب :
المعروف عند الفقهاء : أن الإنسان إذا تزوج امرأة على أنها بكر، ولم يشترط أن تكون بكراً : فإنه لا خيار له؛ وذلك لأن البكارة قد تزول بعبث المرأة بنفسها، أو بقفزة قوية تُمَزِّق البكارة، أو بإكراه على زنا، فما دام هذا الاحتمال وارداً : فإنه لا فسخ للرجل إذا وجدها غير بكر .
أما إذا اشترط أن تكون بكراً : فإن وجدها غير بكر : فله الخيار . انتهى (" لقاءات الباب المفتوح " (67 / السؤال رقم 13) )
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق