">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

النذر : هو إلزام المرء على نفسه فعل طاعة لم تكن تجب عليه شرعا .

أنواعُ النَّذر

الأول

نذر الطاعة 

حكمهيجب الوفاء بنَذر الطاعة أو القربة.

سواء كان مطلقاً كقوله : لله علي أن أصوم ثلاثة أيام، أو لله علي أن أتصدق بمائة ريال، وهو أفضل أنواع النذر .

أو كان النذر معلقاً كقوله : إن شفى الله مرضي فلله علي أن أتصدق بكذا، أو أصوم شهراً، أو أعتمر ونحو ذلك فإذا وُجد الشرط لزمه الوفاء به .

والنذر المطلق عبادة وطاعة وقربة يجب الوفاء به، وقد مدح الله الموفين به، ومن عجز عنه فعليه كفارة يمين .

والدليل :

عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : مَن نَذَرَ أنْ يُطيعَ اللهَ فلْيُطِعْهُ.... أخرجه البخاري. فهذا دليل على أن كل من نذَر طاعة وجَب عليه الوفاءُ بها.

قال العَيْنيُّ رحمه الله : (قام الإجماعُ على وُجوبِ الوفاءِ إذا كان النَّذرُ بالطَّاعةِ). ((عمدة القاري)) (23/206).

الثانى

نذر المعصية 

وهو نذر فعل محرم، كأن يقول : لله علي أن أقتل فلان، أو لله علي أن أشرب الخمر، أو أصوم يوم العيد، أو أصلي بلا وضوء ونحو ذلك .

حكمه : فهذا النذر محرم ولا يصح، ويحرم الوفاء به، وعليه أن يكفِّر عنه كفارة يمين.

 والدليل :

فعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : ..... ومَن نَذَرَ أنْ يَعصيَهُ فلا يَعصِهِ . البخارى. فهذا دليل على حرمة فعل المعصية وعدم الوفاء بالنذر

 قال الحافظ ابنُ حجَرٍ رحمه الله : اتَّفَقوا على تحريمِ النَّذرِ في المعصيةِ . ((فتح الباري)) (11/587).

 قال الشَّوكانيُّ رحمه الله : النَّذرُ في معصيةٍ حرامٌ يأثَمُ الفاعلُ له، ويَحرُمُ عليه الوفاءُ، وتجبُ عليه الكفَّارةُ . ((السيل الجرار)) (ص: 697) .

الثالث

نذر المكروه 

كأن يقول : لله عليّ أن آكل هذا الثوم أو نذر لله أنه ما يصلي سنة الظهر أو سنة الفجر يوماً معيناً ونحو ذلك من المكروهات.

حكمه : فهذا يستحب له أن يكفر عن يمينه ولا يفعل ما نذر .

والدليل :

عَنْ عَدِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : «إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ عَلَى اليَمِينِ، فَرَأَى خَيْراً مِنْهَا، فَليُكَفّرْهَا، وَليَأْتِ الّذِي هُوَ خَيْرٌ». أخرجه مسلم.

  قال الشيخ العُثيمين رحمه الله : لو قال : «للهِ علَيَّ نذْرٌ أنْ آكُلَ بصلًا»، وأكْلُ البصلِ مَكروهٌ؛ فنقولُ : الأفضلُ ألَّا تأكُلَ، وتُكفِّر. ولو قال : «للهِ علَيَّ نذْرٌ أنْ آكُلَ ثُومًا»؛ فمِثلُه. ((الشرح الممتع)) (15/214).

الرابع :

نذر المُباح 

كأن يقول : لله عليّ أن ألبس هذا الثوب، أو أركب هذه السيارة، أو أصعد هذا الجبل. فهذا فِعْل مباح، يستوي فِعله وتركه .

حكمه : فيخير بين فعله وبين كفارة يمين .

والدليل :

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله؟ قَالَ : «كَفّارَةُ النّذْرِ كَفّارَةُ اليَمِينِ». أخرحه مسلم.

 قال الشيخ العُثيمين رحمه الله : قولُه : « الثالثُ : نذْرُ المُباحِ؛ كلُبسِ ثَوبِه، ورُكوبِ دابَّتِه؛ فحُكمُه كالثَّاني ». أي : يُخَيَّرُ بيْن فِعلِه وكفَّارةِ اليمينِ. مِثالُه : قال رجُلٌ : للهِ علَيَّ نذْرٌ أنْ أَلبَسَ هذا الثَّوبَ، نقولُ له : أنت بالخيارِ؛ إنْ شِئتَ الْبَسِ الثَّوبَ، وإنْ شِئتَ فكفِّرْ كفَّارةَ يمينٍ . اه ((الشرح الممتع)) (15/213).

الخامس :

نذر اللجاج والغضب 

وهو أن يعلق نذره بشرط بقصد المنع منه أو الحمل عليه أو التصديق، أو التكذيب، كأن يقول : إن كلمت فلاناً فلله علي صيام شهر، أو يقول : إن لم أفعل كذا فما لي كله هبة، أو عبيدي أحرار، أو يقول مؤكداً لِصِدقه : لله علي إن كان كلامي كذباً أن أصوم شهراً، أو يكذِّب أحداً ويقول : إن كان ما تقوله صدقاً فعبيدي أحرار.

حكمه : فهذا النذر بمعنى اليمين إن شاء فَعَل ما نذر وإن شاء كفَّر عنه كفارة يمين.

والدليل :

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله؟ قَالَ : «كَفّارَةُ النّذْرِ كَفّارَةُ اليَمِينِ»أخرجه مسلم.

قال الشيخ العثيمين رحمه الله : نَذْرُ اللَّجاجِ والغضبِ، وسُمِّيَ بهذا الاسمِ؛ لأنَّ اللَّجاجَ والغضبَ يَحمِلانِ عليه غالبًا، وليس بلازِمٍ أنْ يَكونَ هناك لَجاجٌ وغضَبٌ، وهو الَّذي يُقصَدُ به معنَى اليَمينِ : الحَثُّ، أو المنعُ، أو التَّصديقُ، أو التَّكذيبُ؛ مِثلُ لو قال : حصَلَ اليَومَ كذا وكذا، فقال الآخَرُ : لم يَحصُلْ، فقال : إنْ كان حاصلًا فعلَيَّ للهِ نَذْرٌ أنْ أَصومَ سَنةً . 

فالغرَضُ مِن هذا النَّذرِ التَّكذيبُ، فإذا تَبيَّنَ أنَّه حاصِلٌ فالنَّاذِرُ مُخَيَّرٌ بيْن أنْ يَصومَ سَنةً، وبيْن أنْ يُكَفِّرَ كفَّارةَ يمينٍ؛ لأنَّه إنْ صامَ فقد وَفَّى بنَذرِه، وإنْ لم يَصُمْ حَنِثَ، والحانثُ في اليَمينِ يُكفِّرُ كفَّارةَ يَمينٍ . ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (9/232).

* النذر لغير الله

لا يجوز النذر لغير الله تعالى ولا يجوز الوفاء به .

قال ابنُ تيميَّةَ رحمه الله : اتَّفَقَ العلماءُ على أنَّه لا يَجوزُ لأحدٍ أنْ يَنذِرَ لغيرِ اللهِ، لا لنَبيٍّ ولا لغيرِ نَبيٍّ، وأنَّ هذا نَذْرُ شِركٍ لا يُوفى به . ((قاعدة جليلة)) (ص: 230).

قال ابنُ نُجَيمٍ رحمه الله : لم يَثبُتْ في الشَّرعِ جَوازُ الصَّرفِ للأغنياءِ؛ للإجماعِ على حُرمةِ النَّذرِ للمخلوقِ، ولا يَنعقِدُ، ولا تشتغِلُ الذِّمَّةُ به . ((البحر الرائق)) (2/321).

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

 النذر فيه تفصيل :

فإذا كان النذر طاعة لله كأن يقول : لله علي إن شفى الله مريضي فلان أن أصلي كذا وكذا، أو أصوم أيام كذا وكذا، أو شهراً أو ما أشبه ذلك، أو أتصدق بكذا هذا نذر طاعة، يقول النبي ﷺ : من نذر أن يطيع الله فليطعه، فإذا قال : إن شفى الله مريضي، أو رد غائبي، أو شفيت من كذا صمت لله خمسة أيام أو عشرة أيام، تصدقت بألف درهم، صليت كذا وكذا كل هذا نذر طاعة، متى حصل المطلوب وجب عليه الوفاء.

أما إذا كان النذر معصية لله فإنه لا يوفي به؛ لقوله ﷺ : من نذر أن يعصي الله فلا يعصه، فلو قال : لله علي إن شفى الله مريضي أن أذبح للشيخ فلان ذبيحة، للبدوي ، أو للحسين ، أو للشيخ عبد القادر أو لغيرهم، هذا شرك أكبر هذا ما يجوز، هذا لا يحل الوفاء به، وعليه التوبة إلى الله من ذلك؛ لأن هذا شرك أكبر، الذبح للأموات التقرب إليهم بالذبائح أو النذور هذا شرك أكبر، العبادة حق الله وحده، ... يقول سبحانه : وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ. [الإسراء:23] ويقول سبحانه : قُلْ إِنَّ صَلاتِي. [الأنعام:162] يعني : قل يا محمد للناس إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي [الأنعام:162] يعني : ذبحي . وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ. [الأنعام:162-163] ويقول سبحانه لنبيه ﷺ : إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ۝ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ.[الكوثر:1-2]، ويقول النبي ﷺ : لعن الله من ذبح لغير الله، فلا يجوز الذبح للجن ولا للمشايخ أصحاب القبور، ولا لغيرهم من أصنام أو أشجار أو أحجار أو ملائكة أو أنبياء لا .

 الذبح يكون لله وحده، التقرب يكون لله بالذبح كالضحايا والهدايا لله وحده سبحانه وتعالى، فيقول : لله علي إن شفى الله مريضي أن أذبح كذا وكذا لله وحده، ناقة أو بقرة أو ذبيحة من الغنم لله وحده، هذا قربة طاعة عليه أن يوفي بذلك.

فالواجب إخلاص العبادة لله وحده، ومن ذلك الدعاء والخوف والرجاء والذبح والنذر كله عبادة، يجب أن تكون لله وحده ولا يصرف منها شيء لا لأصنام ولا للشيوخ ولا للأنبياء ولا للجن ولا للأشجار ولا للملائكة ولا غيرهم، العبادة حق الله وحده .

وهكذا لو قال : لله عليّ إن شفى الله مريضي أو رد غائبي أن أشرب الخمر أو أزني، هذه معصية لله لا يوفي بها، هذا منكر عظيم يتقرب لله بالمعاصي هذا منكر عظيم، لا يجوز له الوفاء بذلك، وعليه كفارة يمين عن هذا النذر الباطل، عن نذر المعصية.

والخلاصة أن النذر أقسام :

- فما كان لله وحده إذا كان طاعة لله وجب الوفاء به .

- وما كان معصية أو شركاً لا يوفى به، المعصية يجب التوبة منها، والشرك يجب التوبة منه.. تجب التوبة منه .

- أما إذا كان لا ليس شركاً ولا معصية ولا طاعة، مثل : لله علي أن أزور فلان أو آكل طعام فلان، هذا مخير إن شاء زاره وإن شاء كفر عن نذره ولم يزره ولم يأكل طعامه، مخير؛ لأن هذا مباح، أو لله علي أن أعزم فلان وأصنع له طعام هو مخير إن شاء عزمه ودعاه وإن شاء تركه، لكن إذا لم يعزمه ولم يوف بنذره فعليه كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن عجز صام ثلاثة أيام، هذه كفارة اليمين كما نص على ذلك ربنا في سورة المائدة .اه

إليك بعض المسائل

1- من نذر التَّصدُّق بماله كلِّه

إذا نذر الرجُل التصدُّق بماله كلِّه أخرج الثُّلُث ولا شيء عليه .

فعن سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال : كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَعودُني وأنا مريضٌ بمكَّةَ، فقلتُ : لي مالٌ، أُوصي بمالي كلِّه؟ قال : لا. قلتُ : فالشَّطرُ؟ قال : لا. قلتُ : فالثُّلُثُ؟ قال : الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كثيرٌ، أنْ تَدَعَ وَرَثتَكَ أغنياءَ خَيرٌ مِن أنْ تَدَعَهُم عالَةً يَتكَفَّفونَ النَّاسَ في أيديِهم أخرجه البخاري

فقولِه : (الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كَثيرٌ) دليلٌ على أنَّ مَن أَوْصى بمالِه فإنَّه يُخرَجُ الثُّلُثُ، والنَّذرُ يُقاسُ عليه . ينظر: ((السيل الجرار)) للشوكاني (ص: 698)
  
قال ابنُ تيميَّةَ رحمه الله : إنَّ السُّنَّةَ قد جاءت فيمَن نذَرَ الصَّدقةَ بجميعِ مالِه أنَّه يَجزيه الثُّلُثُ، أقامَ في النَّذرِ الثُّلُثَ مُقامَ الجميعِ، كما أُقيم مُقامَه في الوصيَّةِ وغَيرِها؛ لِما في إخراجِ الجميعِ مِنَ الضَّررِ . ((الفتاوى الكبرى)) (6/188).

وقال ابنُ القَيِّمِ رحمه الله : ألَا ترى أنَّ السُّنَّةَ قد جاءت فيمَن نذَرَ الصَّدقةَ بجميعِ مالِه أنَّه يَجزيه الثُّلُثُ، فأقامَ الثُّلُثَ في النَّذرِ مُقامَ الجميعِ؛ رحمةً بالناذِرِ، وتخفيفًا عنه، كما أُقيم مُقامَه في الوصيَّةِ؛ رحمةً بالوارثِ، ونظرًا له. ((إعلام الموقعين)) (3/165).

2- تحديد أماكن النَّذر

لا يَلزَمُ الناذِر الوفاءُ بنَذرِه في الأماكنِ التي حدَّدَها لأنَّ العبادةَ لا تَختَصُّ بمكانٍ دُونَ مكانٍ كأنْ يَنذِر أنْ يُصلِّيَ ركعتَين في مسجدٍ بعَيْنِه فصَلَّاهُما في غيره. ويُستثنى في هذه المسألةِ المساجدُ الثلاثةُ .

قال الشيخ العثيمين رحمه الله : إذا قال قائل مثلاً : لله علي نذر أن أصلي في المسجد النبوي، وجب عليه أن يصلي في المسجد النبوي. إلا أنه إذا نذر شيئاً فله أن ينتقل إلى ما هو خير منه، لو نذر أن يصلي في المسجد النبوي فله أن يصلي بدلاً من ذلك في المسجد الحرام؛ لأنه ثبت أن رجلاً قال يوم الفتح للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله، إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «صل ها هنا». فأعاد عليه الرجل مرتين، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام : «شأنك إذن». فهذا دليل على أنه إذا نذر شيئاً وفعل ما هو خير منه من جنسه فإنه يكون جائزاً وموفياً بنذره . انتهى باختصار من ((فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [77]))

3- استِبدال المَنذور المُعَيَّن بأفضَل منه

كأنْ يَنذِر التضحية بشاة مُعَيَّنة فيجوز له أنْ يَذبح بدلَها بَدَنة أمَّا استبداله بأقل منه فلا يجوز .

فعن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما : أنَّ رجُلًا قال يَومَ الفتحِ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي نذَرْتُ إنْ فتَحَ اللهُ عليك مكَّةَ أنْ أُصلِّيَ في بَيتِ المَقدِسِ، فقال: صَلِّ هاهُنا، فسأله، فقال : صَلِّ هاهُنا، فسأله، فقال : شأنَك إذَنْ((صحيح سنن أبي داود)) (3305)

قال الشيخ العثيمين رحمه الله : قولُه : « وإنْ عَيَّنَ الأفضلَ لم يَجْزِ فيما دُونَه، وعكسُه بعكسِه » يعني : إنْ عَيَّنَ الأفضلَ مِن هذه المساجِدِ لم يَجزِه فيما دُونَه... فدَلَّ ذلك على أنَّه إذا نذَرَ الأدنى جازَ الأعلى؛ لأنَّه أفضَلُ، وأمَّا إذا نذَرَ الأعلى فإنَّه لا يجوزُ الأدنى؛ لأنَّه نقص عن الوصفِ الذي نذَرَه . ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (6/519، 520).

4- تَلَفُ المَنذور 

من نذر نذرا معينا وتلف المنذور قبل وفائه بغير تفريط منه فلا شيء عليه كأن ينذر التضحية بشاة معينة فإذا سرقت أو ماتت قبل وقت التضحية بغير تفريط منه فلا يلزمه شيء . وهو مذهب الجمهور .

5- الشَّكُّ في النَّذر

لو شك : هل نذر أم لا فليس عليه شيء وذلك لأن الأصل براءة الذمة ولا وجوب مع الشك .

قال الشيخ العثيمين رحمه الله : إذا شَكَّ الإنسانُ : هلْ نذَرَ أمْ لا، فليس عليه شَيءٌ؛ لأنَّ الأصلَ بَراءةُ الذِّمَّةِ، ولا وُجوبَ مع الشَّكِّ . ((فتاوى نور على الدرب)) لابن عثيمين (11/593).

6- الإستِثناءُ بالمَشيئة في صيغة النَّذر

كأنْ يقول : إنْ شفى الله مريضي فللَّه علَيَّ كذا إنْ شاء الله فلو ترَكه لا شَيء عليه وهذا مَذهَب الجُمهور .

 لأنَّ الأشياءَ كُلَّها بمَشيئةِ اللهِ تعالى، فمَن قال : لا أفعَلُ إنْ شاء اللهُ، وفَعَل؛ عُلِمَ أنَّه تعالى لم يشَأْ تَرْكَه، وإذا قال لأَفعَلَنَّه إن شاء اللهُ، ولم يَفعَلْ؛ عُلِمَ أنَّه تعالى لم يشَأْ فِعلَه. ينظر: ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيْباني (6/370).

7- نَذْر الزَّوجة ما يَضُرّ زوجها

إذا نَذَرت الزَّوجة ما يَضُرّ زوجها فللزَّوجِ مَنْعُها مِنَ الوفاء به، كالصَّوم، والاعتكاف، وذلك باتِّفاق المذاهِب الفِقهيَّة الأربَعة .

لأنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : لا تَصومُ المرأةُ وزَوجُها شاهِدٌ يَومًا مِن غَيرِ شَهْر رَمضانَ إلَّا بإذنِه ((صحيح سنن الترمذي)) (782)،

فقوله : ( يَومًا مِن غَيرِ شَهْر رَمَضانَ ) دخَلَ في النَّهيِ صَومُ النَّذرِ، فلا تَصومُه إلَّا بإذنِ الزَّوجِ . ينظر: ((الفروع)) لابن مفلح (5/134)

8- النذر فيما يشق على الإنسان

يكره النذر في كل ما يشق على الإنسان من الأعمال والطاعات فمن نذر نذراً لا يطيقه ويلحقه به مشقة كبيرة كمن نذر أن يقوم الليل كله أو يصوم الدهر كله أو يتصدق بماله كله، أو يحج ماشياً ونحو ذلك . فهذا لا يجب عليه الوفاء بهذا النذر وعليه كفارة يمين .

ودليل ذلك :

1- قال الله تعالى : {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. [التغابن: 16].

2- وعَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « لَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فِيمَا لا يَمْلِكُ ». متفق عليه.

3- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَدْرَكَ شَيْخاً يَمْشِي بَيْنَ ابْنَيْهِ، يَتَوَكّأُ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم : «مَا شَأْنُ هَذَا؟» قَالَ ابْنَاهُ : يَا رَسُولَ الله كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ، فَقَالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم : «ارْكَبْ أَيّهَا الشّيْخُ فَإنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكَ وَعَنْ نَذْرِكَ». أخرجه مسلم.

9- حكم من عجز عن الوفاء بالنذر

من نذر فعل طاعة من صلاة أو صدقة أو صيام ونحو ذلك ثم عجز عن الوفاء بما نذر لكبر أو مرض فإن كان يرجى زوال عجزه انتظر زواله وإن كان لا يرجى زواله فلا يلزمه الوفاء به لعجزه وعليه كفارة يمين .

فعنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله؟ قَالَ : «كَفّارَةُ النّذْرِ كَفّارَةُ اليَمِينِ»أخرجه مسلم.

10- حكم من نذر أن يصوم أياماً فوافق يوم عيد

من نذر أن يصوم أياماً فوافق ذلك يوم عيد الفطر أو الأضحى فلا يجوز له صوم يوم العيد ولا كفارة عليه .

عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَألَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : نَذَرْتُ أنْ أصُومَ كُلَّ يَوْمِ ثَلاثَاءَ أوْ أرْبِعَاءَ مَا عِشْتُ، فَوَافَقْتُ هَذَا اليَوْمَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ : أمَرَ اللهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنُهِينَا أنْ نَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَأعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ مِثْلَهُ، لا يَزِيدُ عَلَيْهِ. متفق عليه.

11- حكم النذر لغير الله

 كمن قال : لله علي إن شفى الله مريضي أن أذبح للشيخ فلان ذبيحة، للبدوي ، أو للحسين ، أو للشيخ عبد القادر أو لغيرهم، هذا شرك أكبر هذا ما يجوز، هذا لا يحل الوفاء به، وعليه التوبة إلى الله من ذلك؛ لأن هذا شرك أكبر، الذبح للأموات التقرب إليهم بالذبائح أو النذور هذا شرك أكبر .

فالنذر عبادة من العبادات فلا يجوز صرفه لغير الله لأنه يتضمن تعظيم المنذور له، والتقرب إليه بالمنذور، فمن نذر لغير الله من قبر، أو صنم، أو مَلَك، أو نبي، أو ولي، فقد أشرك بالله الشرك الأكبر، وارتكب محرماً عظيماً، ووَضَع العبادة في غير موضعها، وصرفها لغير مستحقها، وهو الله عز وجل المستحق للعبادة وحده. وهذا النذر باطل يحرم الوفاء به، ولا ينعقد .

قال الله تعالى : {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }. [الأنعام: 162- 163].

12- حكم من نذر ثم مات

من نذر نذراً ثم مات قبل أن يقضيه : فإن تمكن من القضاء ولم يقضه قضاه عنه وليه إن كان مما تدخله النيابة كالصوم، والصدقة ونحوهما كالحج، والعمرة . وإن لم يتمكن من القضاء حتى مات فلا قضاء عليه ولا كفارة .

عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّهُ قَالَ : اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَسُولَ الله فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمّهِ، تُوُفّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : « فَاقْضِهِ عَنْهَا ». متفق عليه.

(ينظر كتاب : موسوعة الفقه الإسلامي وموقع الدرر السنية)


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات