النَّذر مكروه فلا ينبغي للإنسان أن يلزم نفسه بشيء لم يلزمه الله به ولكن عليه أن يفعل الخير مهما استطاع بدون نذر فهذا هو سنة الرسول عليه الصلاة والسلام وخلفائه الراشدين إذا أرادوا من الله ما يرغبون توجهوا إليه بالرغبة والدعاء أن يعطيهم ذلك وإذا أرادوا من الله سبحانه وتعالى أن يصرف عنهم ما يكرهون دعوه سبحانه وتعالى ولجأوا إليه بأن يصرف عنهم ما يكرهون هذه سبيلهم وسبيل الأولين والآخرين آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم فكيف يخرج الإنسان عن طريقتهم؟! .
* أما إذا نذر وألزم نفسه بشيء وكان هذا الشيء طاعة لله سبحانه وتعالى من صيام أو صدقة أو حج أو عمرة أو غير ذلك من الأمور المشروعة فإنه حينئذ يجب عليه الوفاء به، لقوله صلى الله عليه وسلم : " من نذر أن يطيع الله فليطعه ". [رواه الإمام البخاري في صحيحه]. فالوفاء بالنذر إذا كان نذر طاعة واجب على المسلم لأنه التزم به وأوجبه على نفسه وقد أمره الله بالوفاء به وأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك.
* وأما إذا كان نذر نذر معصية كأن يقول : لله علي أن أقتل فلان أو لله علي أن أشرب الخمر أو أصوم يوم العيد أو أصلي بلا وضوء ونحو ذلك. فهذا النذر محرم ولا يصح ويحرم الوفاء به وعليه أن يكفِّر عنه كفارة يمين . فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «لاَ نَذرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ». صحيح النسائى.
* أما إذا كان مباحا، مثل : لله علي أن أزور فلان أو آكل طعام فلان، هذا مخير إن شاء زاره وإن شاء كفر عن نذره ولم يزره ولم يأكل طعامه، مخير؛ لأن هذا مباح، أو لله علي أن أعزم فلان وأصنع له طعام هو مخير إن شاء عزمه ودعاه وإن شاء تركه، لكن إذا لم يعزمه ولم يوف بنذره فعليه كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن عجز صام ثلاثة أيام.
تنبيه : لا يَصِحُّ النَّذرُ بواجِبٍ ( كالصلاة المكتوب وصوم رمضان وأداء ما عليه من دين ) وذلك لأنَّ النَّذرَ التِزامٌ، ولا يَصِحُّ الْتِزامُ ما هو لازِمٌ . ينظر : ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/274)
ليس للنذر صيغة معينة
وإنما ينعقد بكل قول يدل على الالتزام كأن يقول : لله عليَّ نذر.. أو لله عليَّ عهد.. أو لله عليَّ أن أفعل كذا.. أو لله عليَّ أن أترك كذا ونحو ذلك.
ويصح النذر منَجَّزاً ومعلَّقاً
فالمنجَّز أن يقول مثلاً : لله عليَّ أن أصوم ثلاثة أيام . والمعلَّق أن يقول مثلاً : إن شفى الله مريضي فلله عليَّ أن أتصدق بألف ريال .
وإليك الأدلة
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : لا تَنذِروا؛ فإنَّ النَّذْرَ لا يُغْني مِنَ القَدَرِ شَيئًا، وإنَّما يُستَخرَجُ به مِنَ البَخيلِ . صحيح مسلم
2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : أنَّه نَهى عن النَّذرِ، وقال : إنَّه لا يأتي بخَيرٍ، وإنَّما يُستَخرَجُ به مِنَ البَخيلِ . صحيح مسلم
فالحديثانِ فيهما دَلالةٌ على الكَراهةِ لأنَّه لو كان حرامًا لَما مدَحَ المُوفِينَ به ( كما في قوله تعالى : يُوفُونَ بِالنَّذْرِ. [الإنسان: 7])؛ لأنَّ ذَمَّهم بارتِكابِ المُحرَّمِ أشَدُّ مِن طاعتِهم في وفائِه، ولو كان مُستحَبًّا لفَعَلَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولَما نَهى عنه . ينظر :((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/273).
3- عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " النذر نذران : فما كان لله فكفارته الوفاء ، وما كان للشيطان فلا وفاء فيه ، وعليه كفارة يمين " . رواه ابن الجارود في " المنتقى " ( 935 ) والبيهقي ( 10 / 72 ) صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 479 )
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
وفي الحديث دليل على أمرين اثنين :
الأول : أن النذر إذا كان طاعة لله وجب الوفاء به ، وأن ذلك كفارته ، وقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " . متفق عليه .
والآخر : أنَّ من نذر نذراً فيه عصيان للرحمن وإطاعة للشيطان : فلا يجوز الوفاء به ، وعليه الكفارة كفارة اليمين ، وإذا كان النذر مكروهاً أو مباحاً : فعليه الكفارة من باب أولى ، ولعموم قوله - عليه الصلاة والسلام - " كفَّارة النَّذر كفَّارة اليمين " . أخرجه مسلم وغيره من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - وهو مخرَّج في " الإرواء " ( 8 / 210 ) . انتهى (" السلسلة الصحيحة " ( الحديث : 479 ))
4- عن أبي هريرة رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : "قال الله عز وجل : لا يأتي النذر على ابن آدم بشيء لم أُقدِّره عليه، ولكنه شيء أستخرج به من البخيل، يؤتيني عليه ما لا يؤتيني على البخل. وفي رواية: ما لم يكن آتاني من قبل". صحيح. "الصحيحة" برقم: (478).
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
(من فقه الحديث) :
دل الحديث بمجموع ألفاظه أن النذر لا يُشرع عقدُه بل هو مكروه، وظاهر النهي في بعض طرقه أنه حرام، وقد قال به قومٌ ؛ إلا أن قوله -تعالى : "أستخرج به من البخيل" يُشعر أن الكراهة أو الحُرمة خاصٌّ بنذر المجازاة أو المعاوضة دون نذر الابتداء والتبرر، فهو قربة محضة ؛ لأن للناذر فيه غرضًا صحيحًا، وهو أن يُثاب عليه ثواب الواجب، وهو فوق ثواب التطوع، وهذا النذر هو المراد -والله أعلم- بقوله -تعالى {يوفون بالنذرِ}. دون الأول.
قال الحافظ في "الفتح" (11/500) :
"وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن قتادة في قوله -تعالى-: {يوفون بالنذرِ} قال : كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة ومما افترض عليهم، فسماهم الله أبرارًا، وهذا صريح في أن الثناء وقع في غير نذر المجازاة".
وقال قبل ذلك :
"وجزم القرطبي في "المفهم" بحمل ما ورد في الأحاديث من النهي عن نذر المجازاة، فقال : هذا النهي محلُّه أن يقول -مثلًا-: إن شفى اللهُ مريضي فعليَّ صدقة كذا.
ووجه الكراهة : أنه لما وقف فِعل القُربة المذكورة على حصول الغرض المذكور؛ ظهر أنه لم يتمحض له نية التقرب إلى الله -تعالى- لما صدر منه؛ بل سلك فيها مسلك المعاوَضة، ويوضحه أنه لو لم يَشفِ مريضَه لم يتصدق بما علقه على شفاءه، وهذه حالة البخيل؛ فإنه لا يُخرج من ماله شيئًا إلا بِعوَض عاجل يزيد على ما أخرج غالبًا، وهذا المعنى هو المشار إليه في الحديث بقوله : "وإنما يُستخرج به من البخيل ما لم يكن البخيل يخرجه". وقد ينضم إلى هذا اعتقاد جاهل يظن أن النذر يوجبُ حصول ذلك الغرض، أو أن الله يفعل معه ذلك الغرض لأجل ذلك النذر، وإليهما الإشارة بقوله في الحديث -أيضًا-: "فإن النذر لا يردُّ مِن قدر الله شيئًا". والحالة الأولى تُقارب الكفر، والثانية خطأ صريح". قال الحافظ : "قلتُ : بل تقرب من الكفر -أيضًا-.
ثم نقل القرطبي عن العلماء حَمل النهي الوارد في الخبر على الكراهة، وقال : الذي يظهر لي أنه على التحريم في حق من يُخاف عليه ذلك الاعتقاد الفاسد، فيكون إقدامه على ذلك محرَّمًا، والكراهة في حق مَن لم يعتقد ذلك . وهو تفصيل حسن، ويؤيده قصة ابن عمر راوي الحديث في النهي عن النذر فإنها في نذر المجازاة".
قلتُ [أي: الألباني] :
يريد بالقصة ما أخرجه الحاكم (4/304) من طريق فُلَيح بن سليمان عن سعيد بن الحارث أنه سمع عبد الله بن عمر وسأله رجل من بني كعب يُقال له مسعود بن عمرو: يا أبا عبد الرحمن! إن ابني كان بأرض فارس فيمَن كان عند عمر بن عبيد الله، وإنه وقع بالبصرة طاعون شديد، فلما بلغ ذلك نذرتُ إنِ اللهُ جاء بابني أن أمشي إلى الكعبة، فجاء مريضًا، فمات، فما ترى؟ فقال ابن عمر : أولم تُنهَوا عن النذر؟ إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : "النذرُ لا يقدِّم شيئًا ولا يؤخِّره، فإنما يُستخرج به من البخيل" أوفِ بنذرك". وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي.
قلتُ : وهو عند البخاري دون القصة من هذا الوجه، وفُلَيح يقول الحافظ في "التقريب" عنه: "صدوق كثير الخطأ". قلتُ : فلا ضير على أصل حديثه ما دام أنه لم يتفرد به. والله أعلم.
وبالجملة :
ففي الحديث تحذير للمسلم أن يقدم على نذر المجازاة فعلى الناس أن يعرفوا ذلك حتى لا يقعوا في النهي وهم يحسبون أنهم يُحسنون صُنعًا! . انتهى ["نظم الفرائد" (2/84-86) -دون ما بين المعقوفتين-]
وقال ابنُ تيميَّةَ رحمه الله :
أصْلُ عَقدِ النَّذرِ مَكروهُ؛ فإنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد ثبَتَ عنه أنَّه نَهى عن النَّذرِ، وقال: إنَّه لا يأتي بخَيرٍ؛ وإنَّما يُستخرَجُ به مِنَ البَخيلِ . اه ((مجموع الفتاوى)) (35/354).
وإليك كلام أهل العلم
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
النذر لا ينبغي الرسول نهى عن النذر عليه الصلاة والسلام، وقال : لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل . فلا ينبغي النذر.
- لكن من نذر طاعة وجب عليه الوفاء، لقول النبي ﷺ : من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه، ولأن الله مدح الموفي بالنذر في صفة الأبرار فقال سبحانه : يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا .[الإنسان:7]، وهذه نذور الطاعة نذور الطاعة، يجب على الناذر أن يوفي بها ويمدح بالوفاء، مثل : أن ينذر أن يصوم يوم الإثنين والخميس أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، أو يصوم ستة أيام من شوال فهذا نذر طاعة يلزمه الوفاء، أو ينذر أن يتصدق بكذا وكذا من المال، أو ينذر أن يحج أو يعتمر كل هذه النذور طاعة فعليه أن يوفي بها.
- أما إذا كان الناذر نذر معصية مثل قال : لله عليه أن يشرب الخمر، أو لله عليه أن يقطع رحمه أو يعق والديه، هذا نذر منكر ليس له الوفاء به وعليه كفارة يمين.
- وهكذا لو نذر النذور الأخرى مكروهة أو مباحة إن وفى بها فلا بأس وإلا فعليه كفارة يمين، مثل نذر لله أنه ما يصلي سنة الظهر أو سنة الفجر يوماً معيناً هذا نذر مكروه يصليها ويكفر عن يمينه، وإن لم يصلها فلا كفارة عليه لأنها نافلة.
- أو نذر مباح مثل لله عليه أن يأكل طعام فلان أو لله عليه أن لا يأكل طعام فلان، هذا نذر مباح إن أكل طعامه الذي نذر أنه لا يأكله عليه كفارة يمين، وإن لم يأكل وهو نذر أن يأكل فعليه كفارة يمين؛ لأن هذه من النذور المباحة أو قال : لله عليه أن يزور فلان أو لله عليه أن -مثلاً- لا يزور فلان، فإذا خالف نذره عليه كفارة يمين. انتهى من (فتاوى نور على الدرب حكم النذر، وبيان بعض أحكامه)
وقال الشيخ الألبانى رحمه الله :
النذر في الأصل ينقسم إلى قسمين نذر طاعة ونذر معصية هذا يجب الوفاء به وهذا لا يجوز الوفاء به نذر المعصية .
النذر الأول : نذر التبرر نذر الطاعة لا ينذر مقرونا بالشرط كما جاء في السؤال وإنما يشعر المسلم بأنه مقصر ... يقول لله علي أن أصلي ركعتين قبل طلوع الفجر الصادق من كل ليلة لله علي أن أصلي ركعتين مش مهم بقى التوقيت بس هذا مثال لو قال بين الظهر والعصر لو قال قبل الظهر إلى آخره المهم يكون وقت غير مكروه لله علي أن أصلي ركعتين غير السنن المشروعة وغير النوافل المعروفة صار واجبا عليه أن يفي بهذا النذر وهذا اسمه نذر إيه تبرر أي تقرب إلى الله هذا النذر هو الذي يمدح عليه ناذره وهو المقصود بمثل قوله تعالى : (( يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا )).
النذر الثاني : نذر البدل أو نذر المقايضة هذا هو النذر الواحد منهم يقول : إن شفى الله مريضي فله علي أن أذبح ذبيحة لله له علي أن أتصدق بكذا هذا اسمه مبادلة مقايضة مثل واحد بيقول للثاني أعطيتني كذا بعطيك كذا هذا الناذر يعامل ربه كما يعامل عباده ربه اللي خلقه وكان عليم بكل نعمة كما قال : (( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )) بيجي بيقول له إن عافيتني عافيت لي مريضي أعدت إلي غائبي الى آخره إلك علي كذا وكذا وإلا ما لك علي شيء شايف هذا نذر مكروه هذا نذر مكروه ولكن لا تنسوا هذا يجب الوفاء به لأنه طاعة هذا النذر نهى عنه عليه السلام بقوله كما في صحيح البخاري : ( لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئا وإنما يستخرج به من البخيل ) هذا الرجل الذي نذر هذا النذر نذر البدل أو نذر المقايضة بلا شك أن هذا الرجل بخيل لأنه لو لم يكن كذلك قدم بين يدي حاجته صدقة الذي أراد أن ينذره فيما إذا شفاه ربه لا ينذر وإنما يقدم رأسا هذه الصدقة وكما قال عليه السلام في الحديث الثابت : ( داووا مرضاكم بالصدقة ) فإذا لم يفعل هكذا وهذا هو البر يعني والطاعة وإنما علق الوفاء بالنذر فيما إذا وفى الله له بما طلب منه هذا هو الرجل الشحيح البخيل ( لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئا وإنما يستخرج به من البخيل ) .
إذن نذر الطاعة قسمان نذر تبرر أي زيادة تقرب إلى الله هذا هو المرغوب فيه والمشكور النذر الثاني نذر بدل أو مقايضة هذا غير مشكور هذا يدل على أن الذي نذر هذا النوع من النذر بخيل لكنه إن نذره وجب الوفاء به لأنه نذر طاعة وليس نذر معصية لكنه مكروه لأنه يدل على شحه وعلى بخله .
نعود إلى نذر المعصية وبذلك ينتهي البحث في النذر إذا نذر الرجل نذر معصية عرفنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاه عن الوفاء بهذا النذر كثير من الطلبة يقولون مثلا إذا نجحنا في الامتحان والله لنحييها ليلة حمراء هكذا يفعلون مع الأسف الشديد هؤلاء لا يجوز لهم الوفاء لأن هذه معصية لكن هل تخلصت وتطهرت ذمتهم لمجرد أنهم لم يفوا بهذا النذر اللي هو معصية كبيرة لا بل هذا نوع من النذر نذر معصية عليه كفارة .
من نذر أن يعصي الله فعليه شيئان : أحدهما سلبي والآخر إيجابي السلبي أن ينتهي عن الوفاء بهذا النذر لأنه معصية الإيجابي كفارة عليه أن يطعم عشرة مساكين لأنه عاهد الله بشيء لكن هذا الشيء معصية لا يجوز أن يفي به بقي عليه أن يكفر عن هذا العهد الذي هو منزلته منزلة اليمين فعليه أن يطعم عشرة مساكين إن كان قادرا ومستطيعا ولا يجوز بهذه المناسبة إعطاء فلوس ودراهم كفارة يمين كما يفعل بعض الحالفين فهذا خطأ كفارة اليمين بنص القرآن الكريم إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة عتق الرقبة اليوم ما فيه إذن إما أن يكسي عشرة فقراء مساكين أو أن يطعمهم ولا يجوز أن يمد يده لجيبته وبخاصة إذا كان مليئا غنيا بيطالع عشر دنانير ولا بيحس فيهم ولا تتربى نفسه بشيء من ذلك أبدا بينما شوية هيكي أجهد نفسه حضر لهم طعام وبخاصة إذا دعاهم لبيته اللي يمكن ما دخله مسكين يوما ما إطلاقا هذا فيه تربية لهذه النفس التي أمرها الله عز وجل أن تكفر عن اليمين .
فهذا الذي نذر نذر المعصية عليه كما قلنا أمران أحدهما سلبي والآخر إيجابي السلبي ألا يتعاطى المعصية التي نذرها الإيجابي أن يكفر عن يمينه بأن يطعم عشر مساكين إطعاما أكلا وشربا كما يأكل هو وأهله فإن كان لا يستطيع فيصوم ثلاثة أيام .انتهى (فتاوى عبر الهاتف والسيارة-(106))
وقال الشيخ العُثيمينَ رحمه الله :
أوَّلًا : النَّذرُ مَكروهٌ، ويُكرَهُ للإنسانِ أنْ يَنذِرَ، سواءٌ على الشِّفاءِ، أو على النَّجاحِ، أو على حُصولِ شَيءٍ ضائعٍ له؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن النَّذرِ. اه ((لقاء الباب المفتوح)) رقْم اللقاء (33).
وقال أيضا رحمه الله :
إن أراد بالنذر النذر لله عز وجل فهذا فيه تفصيل كثير :
- إن كان النذر نذر طاعة وجب عليه الوفاء به سواء كان النذر مطلقاً أو معلقاً بشرط، فإذا قال قائل مثلاً : لله علي نذر أن أصوم غداً. وجب عليه أن يصوم. لله علي نذر أن أصلي ركعتين، وجب عليه أن يصلي ركعتين. لله علي نذر أن أحج، وجب عليه أن يحج. لله علي نذر أن أعتمر، وجب عليه أن يعتمر. لله علي نذر أن أصلي في المسجد النبوي، وجب عليه أن يصلي في المسجد النبوي. إلا أنه إذا نذر شيئاً فله أن ينتقل إلى ما هو خير منه، لو نذر أن يصلي في المسجد النبوي فله أن يصلي بدلاً من ذلك في المسجد الحرام؛ لأنه ثبت أن رجلاً قال يوم الفتح للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله، إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صل ها هنا». فأعاد عليه الرجل مرتين، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «شأنك إذن». فهذا دليل على أنه إذا نذر شيئاً وفعل ما هو خير منه من جنسه فإنه يكون جائزاً وموفياً بنذره. هذا في نذر الطاعة سواءً كان مطلقاً كما مثلنا، أو كان معلقاً بشرط كما في هذا الحديث : إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس .
ومثل النذور المعلقة أيضاً ما يفعله كثير من الناس؛ يكون عندهم المريض فيقول : إن شفى الله هذا المريض فلله علي نذر أن أفعل كذا وكذا من أمور الخير. فيجب عليه إذا شفي هذا المريض أن يوفي بما نذر من طاعة الله، ومثله أيضاً ما يفعله بعض الطلبة يقول : إن نجحت فلله علي كذا من أمور الطاعة؛ لله علي أن أصوم شهراً، ثلاثة أيام، أو عشرة أيام، أو يوم الاثنين والخميس من هذا الشهر، أو ما أشبه ذلك. فكل هذا يجب الوفاء به لعموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من نذر أن يطيع الله فليطعه».
ومع هذا فإني أنصح إخواننا المسلمين ألا ينذروا على أنفسهم؛ لأن النذر أقل أحواله الكراهة، بل إن بعض العلماء حرمه؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه وقال: «إن النذر لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل». ولأن الناذر ألزم نفسه بأمر هو في عافية منه؛ ولأن الناذر قد يتراخى ويتساهل في الوفاء بالنذر وهذا أمر خطير، واستمعوا إلى قول الله تعالى : ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ۞ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ۞ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ﴾. فإذا تساهل الإنسان فيما نذر لله على شرط فإنه يوشك أن يعاقب بهذه العقوبة العظيمة؛ يعقبه الله نفاقاً في قلبه إلى أن يموت. نسأل الله السلامة والعافية.
ثم إن النذر في هذه الحال كأن الناذر يقول : إن الله لا يعطيني ما أريد إلا إذا شرطت له. وهذا في الحقيقة سوء ظن بالله عز وجل، فالله تبارك وتعالى يتفضل على عبادة بدون أن يشترطوا له شرطاً أو شيئاً، فأنت إذا حصل لك مكروه أو أردت مرغوباً فاسأل الله وادعُه، هذه طريقة الرسل كما قال الله تعالى عن الذين أصيبوا ببلاء أنهم ينادون الله عز وجل ويدعونه فيستجيب لهم : ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ۞ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ﴾. وهل أيوب نذر لله نذراً إن عافاه الله، لا، بل دعا ربه، وهكذا أيضاً سنة الرسول عليه الصلاة والسلام وخلفائه الراشدين إذا أرادوا من الله ما يرغبون توجهوا إليه بالرغبة والدعاء أن يعطيهم ذلك، وإذا أرادوا من الله سبحانه وتعالى أن يصرف عنهم ما يكرهون دعوه سبحانه وتعالى ولجئوا إليه بأن يصرف عنهم ما يكرهون، هذه سبيلهم وسبيل الأولين والآخرين، آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، فكيف يخرج الإنسان عن طريقتهم؟!.
فالمهم أننا ننصح إخواننا عن هذا الأمر، وكثيراً ما يسأل الناس الذين نذروا على أنفسهم زوراً يريدون أن يجدوا من أهل العلم من يخلصهم منها فلا يجدون من يخلصهم .انتهى ((فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [77]))
وإليك بعض المسائل
1- الإشتراط في النذر
سئل الشيخ الألبانى رحمه الله :
هل يجوز الاشتراط في النذر كأن يقول : إن رجع فلان من سفره سأرسل إلى بيته شاة، وهل من النذر الطاعة ؟
فأجاب :
..... أما نذر المقايضة أو نذر البدل فهو الذي جاء حوله السؤال ، أن يقول القائل إن جاء فلان فلله عليّ كذا ، إن رزقني الله غلاما فلله عليّ كذا ، هذا نذر هو نذر البدل أو المقايضة كأنه يقول بلسان الحال يا رب إن أنت كنت عند رغبتي عافيت لي ولدي ذبحت لك كبشا ، وإن كنت لست عند رغبتي ما ذبحت لك شيئا ، هذا بلا شك لا يشرع إسلاميا بل جاء نص صريح ينهى عنه في قوله عليه الصلاة والسلام ( لا تنذروا ، فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً ، وإنما يستخرج به من البخيل ) . فهذا الذي قايض الله وبادله المصلحة إن عافيت ولدي لك عليّ كذا وإن لم تعافه فليس علي كذا فهذا هو الشحيح البخيل ، أما لو كان كريم النفس فهو يقدم بين يدي مريضه صدقة كما جاء في الحديث الحسن بمجموع الطرق ( داووا مرضاكم بالصدقة ) فإذا كان النذر نذر مقايضة فلا يشرع أن ينذره فإذا نذره وجب عليه الوفاء به لأنه نذر طاعة ونحن نتكلم الآن في القسم الأول قلنا النذر نذران طاعة ومعصية نذر المعصية لا يجوز الوفاء به ونذر الطاعة فهو قسمان قسم نذر تبرر وطاعة وزيادة تقرب إلى الله فهذا يوجب الوفاء به كما يشرع عقده نذره أما النذر الثاني وهو نذر البدل والمقايضة فلا يشرع عقده فإن عقده أحد فإنه يجب الوفاء به فإنه نذر طاعة .
أما إذا كان وهذا يسري في أي حال في أي أمر لا يوصف بأنه معصية فالسؤال الذي ورد هو بلا شك يدخل إما في نذر الطاعة وإما في نذر المعصية لكن هو يدخل في نذر الطاعة من القسم الثاني والذي هو نذر البدل أو المقايضة فيجب الوفاء به .اه
2- الأكل من النذر
سئل الشيخ الألبانى رحمه الله :
ما حكم الأكل من النذر ؟
فأجاب :
هذا بارك الله فيك يختلف باختلاف الناذر بمعنى ما خص نفسه ولا أهله , وإنما قال لله عليّ إذا مثلا شفى ربي فلانا أن أذبح ذبيحة فحينئذٍ هذي الذبيحة يوزعها على الفقراء والمساكين ولا يأكل هو منها , حالة ثانية إذا هو نوى أن يأكل منها هاي واضحة أنه يأكل منها.
السائل : نعم , المقدار كم
الشيخ :
على حسب النية , إذا كان هو نوى أن يأكلها هو وأهله فهو وأهله وإذا كان نوى هو والفقراء والمساكين فإنما الأعمال بالنيات , وفي صورة أخرى وهذي نادرة جدا إنو يقول إنو هو لا يأكل منها فهذه كالصورة الأولى تماما .اه (سلسلة الهدى والنور - شريط : (565))
3- نذر المعصية
سئل الشيخ الألبانى رحمه الله :
امرأة نذرت أن تضرب بالدف في غير العيد والعرس فهل يجب عليها الوفاء به ؟
فأجاب :
هذا نذر معصية لقد أكدنا آنفا بأن الضرب على الدف حرام أبد الدهر إلا بمناسبة العرس والعيد فهذه التي نذرت أن تضرب على الدف بمناسبة ما ، هذا نذر معصية وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ) ، نعم وقع في زمن الرسول عليه السلام أمر لن يتحقق أبدا بعد وفاته عليه السلام ذلك أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن جاء منتصرا على أعدائه في بعض المعارك ، قالت : " إني نذرت أنك إذا رجعت سالما أن أضرب بين يديك بالدف " قال ( فافعلي ) ، وهذا نص يجب أن يفهم بملاحظة أمرين اثنين ، الأمر الأول عظمة الرسول عليه السلام وأن رجوعه سالما من معركة من المعارك مع المشركين والكفار هذا فيه حفظ للدين وهذا لا يتحقق بالنسبة لغيره أبدا والشيء الثاني أن للنبي صلى الله عليه وسلم خصوصيات لا يشاركه فيها أحد من الناس أبدا ، فلا ينبغي أن يتوهم متوهم أنه يجوز لإنسان أن ينذر الضرب على الدف بمناسبة فرح له قياسا على ما فعلته المرأة مع النبي صلى الله عليه وسلم، لأن هذا قياس كما يقول الفقهاء قياس مع الفارق ، أو كما يقول بعضهم من باب قياس الحدادين على الملائكة فأين رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نذرت إذا عاد سالما وأين من بعده حتى قيل إن عاد سالما ، بينما هنا ما في عاد سالما إنما نجح في الامتحان ثم ما قيمة هذا الامتحان ممكن السقوط فيه خير له ، بعض الامتحانات تكون هكذا فإذا لا يجوز الوفاء بمثل هذا النذر إطلاقا . اه ( سلسلة الهدى والنور - شريط : 20 )
4- إلزام النفس بطاعة طول العمر
سئل الشيخ الألبانى رحمه الله :
نذر علي إذا ابني طاب مثلا أظل أصلي ركعتين من الليل؟
فأجاب :
.... إن كان هو يعني يستطيع الوفاء بهذا النذر فعليه أن يستمر إلى آخر رمق من حياته وإن كان عجز كما صدر من لفظك ثم عدّلت اللّفظ إلى معنى آخر فالحقيقة هناك فرق كبير فإذا عجز بمعنى أسن وكبر ومرض أو ما شابه ذلك فهنا يجوز له أن يمسك عن الوفاء بنذره ولكن عليه كفارة يمين أمّا إذا كان لا يزال مستطيعا لكن كونه ندم على هذا النذر لا يجوز له الندم خاصة في عبادة الله عز وجل إذًا باختصار يستطيع الإستمرار فهذا هو واجبه ولا يجوز له أن ينكل عن الوفاء بنذره, لا يستطيع فحينئذ عليه كفارة يمين .
السائل :
طيب إذا كان نذره غير مشروع هل تلزمه الكفارة؟
الشيخ :
عليه كفارة يمين ولا بد .اه
(سلسلة الهدى والنور - شريط : (1042) )
5- الأعمال بالنية
سئل الشيخ الألبانى رحمه الله :
من نذر أن يذبح ذبيحة ما ولم يشترط توزيع لحمها على الفقراء فهل الواجب عليه الذبح فقط أم الذبح والإنفاق أم أن الأمر تابع للنية ؟
فأجاب :
هو هذا الأخير كل من نذر نذرا فهو بلا شك تابع للنية فإن نذر نذرا ونوى أن يأكل منه صار فرضا عليه أن يأكل منه لأن ذلك من تمام النذر وإن نذر نذرا ونوى أن يؤكل منه وأن لا يأكل منه واجب أن يؤكل منه وأن لا يأكل منه وإن لم ينو لا هذا ولا هذا هنا المشكلة نذر أن يذبح ذبيحة ما استحضر لا أن يأكل ولا أن يؤكل فهل يجوز له الأكل نقول لا لأنّ الأصل في النذر هو إطعام الآخرين (( يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا )) أي يطعمون الطعام للمسكين وللفقير لا يبتغون من وراء ذلك جزاء ولا شكورا فإذا نذر ناذر ما ولم يتقصد في نيته أن يأكل من نذره فليس له أن يأكل منه وإنما كله للفقراء وليس إلى الأصدقاء من الأغنياء لا يجوز هذا هو الجواب .اه (سلسلة الهدى والنور - شريط : 797)
6- نذر أن يشتري لوالدته
سئل الشيخ العثيمين رحمه الله :
رجل نذر أن يشتري لوالدته -مثلاً- كذا وكذا من أي الأنواع؟
فأجاب :
هذا من أنواع نذر الطاعة إذا كان هذا مما يسر الأم أو تحتاجه الأم؛ لأنه حينئذ يدخل في البر، وبر الوالدين من الطاعة فيلزمه أن يشتري ذلك لها إلا إذا قالت : لا أريده، فإذا قالت : لا أريده فإنه لا يلزمه أن يشتريه لها، وفي هذه الحالة ينبغي أن يكفر كفارة يمين .انتهى من ( لقاء الباب المفتوح).
والله اعلم
اقرأ أيضا..
تعليقات
إرسال تعليق