القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل يجوز أن يضحي الإبن عن أبيه المتوفى


يجوز أن يضحي الإبن عن أبيه المتوفى أو أمه المتوفيه وإن لم يوصيا بذلك بأن يذبح لأبيه أضحية مستقلة أو لأمه أضحية مستقلة لأنه من سعيهما وليس له ذلك عن غيرهما لان أي شيء يفعله الابن بالنسبة لأبيه وأمه المتوفيان من الخير والعبادة فهو يصلهم أجرها إن شاء الله ويقول عند ذبحها : اللهم هذا منك ولك، اللهم هذه عن ويسمي أبيه أو أمه

فبالنسبة للوالدين كل ما يفعله الولد يستفيد منه الوالدان على اعتبار إنهما السبب في هذا الخير كما قال تعالى (( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ))، والولد من سعي أبيه وقد جاء في الحديث الصحيح ( أفضل الكسب كسب الرجل من عمل يده، وأن أولادكم من كسبكم ) فمن النص النبوي نخرج بالنتيجة السابقة الذكر وهي أن كل الأعمال الصالحة التي تصدر من الولد فهي يصل ثوابها للوالد أما سائر الناس فلا يصل إليه.

وأما إذا أوصى الميت بأضحية فهنا لا بد أن يضحى عنه إتباعاً لوصيته.

كما أن للرجل أن يضحى من ماله عن نفسه وأهله وينوي بهم الأحياء والأموات ويشركهما فى الثواب فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي ويقول: ((اللهم هذا عن محمد وآل محمد)) وفيهم من مات سابقاً.

فالنصوص الصحيحة دلت على انتفاع الأباء الأموات من أبناءهم الأحياء بالصدقة عنهم، والحج، والصيام، والدعاء، والأضحية من جنسها فلا فرق فهي نوع من الصدقة عنهم وليس ذلك لغيرهم فما ورد من أدلة في انتفاع الميت بعمل الحي تدل على انتفاعه بغيرها من الأعمال لأن ما ورد من نصوص لا تجعلنا نحصر الأعمال بها وإنما هي كالأمثلة للأعمال الأخرى فلا فرق بين انتفاعه بالصدقة أو الطواف ونحوه، ومن ذلك :

1- قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ : إنَّهُ لَو كانَ مسلِمًا فأعتقتُم عنهُ أو تصدَّقتُم عنهُ أو حجَجتُم عنهُ بلغَهُ ذلِكَ . (صحيح أبي داود-رقم: (2883)).

دل الحديث على : أن المسلم يصله بعد موته ثواب أعمال الخير التي توهب له.

2- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أطيب ما أكل الرجل من كسبه وولده من كسبه. (صحيح أبي داود - رقم: (3528)).

دل الحديث على : أن الابن أوْلى بأبيه بعد موته في أن يدعُو له ويعمل له أعمالاً صالحة وما شابه؛ وقد ثبت في صحيح مسلم، عن أبي هُرَيْرة - رضِي الله عنْه - عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أنَّه قال : « إذا مات ابنُ آدم انقطع عملُه إلاَّ من ثلاثٍ : صدقة جارية، أو علْم ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدْعو له ». 

قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" : " فذكر الولدَ، ودعاؤه له خاصَّين؛ لأنَّ الولد من كسبِه كما قال : {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}. [المسد: 2]، قالوا : إنَّه ولده، وكما قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: «إنَّ أطْيَبَ ما أَكَلَ الرَّجُل من كسْبِه، وإنَّ ولدَه من كسْبِه»، فلمَّا كان هو السَّاعي في وجود الولَد، كان عملُه من كسبه، بخلاف الأخ والعمِّ والأبِ ونحْوهم، فإنَّه ينتفِع أيضًا بدُعائهم، بل بدعاء الأجانب، لكن ليس ذلك من عمله. انتهى

3- وفي وصول ثواب الأعمال من الأبناء إلى الأباء جاء أيضا فى صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها : ( أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله إني أمي افتلتت نفسها ولم توصِ، وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال : نعم).

4- وفي وصول ثواب الأعمال من الأبناء إلى الأباء جاء أيضا فى صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : ( أن سعد بن عبادة توفيت أمه وهو غائب عنها، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله إن أمي توفيت وأنا غائب عنها فهل ينفعها إن تصدقت عنها؟ قال : نعم. قال : فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عنها ). وأمثال ذلك كثيرة في السنة.

قال الكاساني رحمه الله :

 " وجه الاستحسان أن الموت لا يمنع التقرب عن الميت، بدليل أنه يجوز أن يتصدق عنه ويحج عنه، وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أحدهما عن نفسه والآخر عمن لا يذبح من أمته، وإن كان منهم من قد مات قبل أن يذبح، فدل أن الميت يجوز أن يتقرب عنه ". انتهى من "بدائع الصنائع" (5/ 72).

ويقول ابن عابدين رحمه الله :

 " من ضحى عن الميت يصنع كما يصنع في أضحية نفسه من التصدق والأكل والأجر للميت والملك للذابح ". انتهى من "حاشية ابن عابدين" (6/ 326).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وتجوز الأضحية عن الميت كما يجوز الحج والصدقة ". انتهى من (مجموع الفتاوى "(26/226"))

وقال العلامة ابن القيم رحمه الله :

هذه النصوص متظاهرة على وصول ثواب الأعمال إلى الميت، إذا فعلها الحي عنه، وهذا محض القياس، فإن الثواب حق للعامل فإذا وهبه لأخيه المسلم لم يمنع من ذلك، كما لم يمنع من ذلك من هبة ماله في حياته وإبرائه له من بعد موته . انتهى من  (الروح ص١٢٢.)

قال الشيخ الألبانى رحمه الله :

 أي صدقة تتقدم بها إلى الله عز وجل قاصداً بها أن يصل أجرها إلى أبيك، فهو يصل. ممكن مثلاً أضحية تُذْبح، أضحية العيد وتجعلها لروح أبيك.

مداخلة :

 أنا وهو، ما يصير يتجزأ، ما يجوز أنه لوحده، لكن أفعله لي أنا وثم له هو.

الشيخ : الأضحية؟

مداخلة : نعم.

الشيخ :

 نعم، لأنك واجب عليك أن تُضَحِّي عن نفسك، وليس واجباً عليك أن تضحي عن أبيك.

مداخلة : نعم.

الشيخ :

 لكن يستحب أن تضحي عن أبيك، فإذا شئت أن تجمع بين الواجب والمستحب فعليك أضحيتان، الأولى واجبة عنك والأخرى مستحبة عن أبيك . انتهى من (الهدى والنور/٤٠٦/ ٢١: ٥٨: ٠٠)

وقال أيضا رحمه الله :

 بالنسبة للوالدين كل ما يفعله الولد ، يستفيد منه الوالدان على اعتبار إنهما السبب في هذا الخير ، وكما قال تعالى (( أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى ، أن لا تزر وازرة وزرى أخرى ، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى )) ، 

وقد جاء في الحديث الصحيح ( أفضل الكسب كسب الرجل من عمل يده، وأن أولادكم من كسبكم ) فمن النص النبوي نخرج بالنتيجة السابقة الذكر، وهي أن كل الأعمال الصالحة التي تصدر من الولد فهي يصل ثوابها للوالد ، أما سائر الناس فلا يصل إليه، ... 

(( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ربنا اغفر لي ولولدي ، وللمؤمنين يوم يقوم الحساب))، فهذا الدعاء يشمل جميع المؤمنين ، أما الأعمال الصالحة فليس ينتفع بها إلا صاحبها مع شرط القبول وإلا من كان سببا لهذا العمل الصالح ، بمعنى ما ذكره الرسول عليه السلام في الحديث الصحيح ، ( إذا مات الإنسان ) وفي رواية أخرى ( ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ، صدقة جارية أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له )، الشاهد من الحديث هي الفقرة الوسطى ،( أو علم ينتفع به )، رجل مثلا توفي وخلف من بعده تلاميذ ينشرون العلم ، فما دام هؤلاء التلاميذ ينشرون العلم فأجر هذا النشر يصل إلى هذا العالم المتوفى بقبره ، لأنه كان سببا لهذا العلم ، أو مثل ألف كتابا والناس ينتفعون منه بعد وفاته ، لأن هذا من آثاره ، وقد قال تعالى (( ونكتب ما قدموا وآثارهم )) ، هذه هي القاعدة الأبوان يصل إليهما أجر عمل الولد .

السائل :

 هل يشترط في هذا أن يقول هذا لوالدي ؟

الشيخ :

 لا يشترط ولكن هنا شيء من التفصيل ، فيه شيء يصل أوتوماتكيا ، لكن الأفضل إن أراد الولد أن ينفع والديه أو والده وهما في قبريهما أن يخصهما بالنية أن يقول مثلا هذه الصدقة عن أبي ، هذه الحجة هذه العمرة عن والدي ، لكن لو لم يفعل ذلك وصلهما ، لكن ما يصلهما بالطريقة الأولى بالقصد يكون أفضل .

السائل :

 الحج عن الوالدين .

الشيخ :

 في أي وقت كما لو اعتمر عن نفسه .

السائل :

 ما أعرف مثلا أن الصحابة اعتمروا عن آبائهم مثل ابن عمر مثلا ، ما عرفنا أنه فعل عمرة عن أبيه أو شيئا من هذا القبيل هل عندك شيء من هذا ؟

الشيخ :

 لا ما عندي علم بهذا ، لكن هذا ... ؟

السائل :

 الصحابة كثيرون لابد أن يصل منهم .

الشيخ :

 الصحابة بارك الله فيك. هذا يقال فيما لو لم يقم الدليل الشرعي على جواز هذا العمل، أما إذا قام الدليل الشرعي فلسنا بحاجة أن ينقل إلينا هل فعل الصحابة ذلك ، يعني مثلا ، ( إذا سمعتم المؤذن ، فقولوا مثلما يقول ثم صلوا عليّ ، ثم سلوا الله إلي الوسيلة )، هل علمت أن ابن عمر سأل الله الوسيلة أنا أقول لا أعلم ، لكن ... .

السائل :

 أقول لا أعلم لكن أقول قياس مع الفارق ؟

الشيخ :

 ليس قياسا بارك الله فيك ، هذا مثال لقولي السابق، ماذا قلت ، قلت إذا قام الدليل الشرعي على شرعية شيء ما لا نطلب مثالا من عمل السلف ، وهذا هو ... .

السائل :

 كما تفضلت بالآية (( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ))، والولد من سعي أبيه ، فبدون ما يتكلم يصل السعي ، وأما مسألة الصدقة يخصها ، كما في حديث سعد ( هذا عين أم سعد ... )، فأنا قلت الصدقة خص وذكر والدعاء يخص ويذكر ، أما الحج والعمرة ، فأنا ما أعرف إلا إذا كان ما حج ، بحج عنه ، ما اعتمر يعتمر عنه ، أما الحج والعمرة ، ما نعرف أنه حج إنسان عن والده وقد حج في حياته .

الشيخ :

 معليش لكن شو المانع إيش الفرق أولا ما المانع وثانيا ما الفرق بين الصدقة وبين الحج ؟

السائل :

 الصدقة نص عليها والعمل ما فيه تخصيص لكن في الصدقة خصص ....

الشيخ :

 لكن ذكر الشيء لا ينفي ما عداه ، يعني هذا ليس نصا من الشارع، حتى نقف عنده ، هذه حادثة وقعت ، أن الرجل سئل أتصدق عن أمي ؟ وقد ... فقال تصدق عنها ، هذا ما فيه منع ما سوى ذلك من الحج أو العمرة أو أي شيء من العبادات .انتهى من (سلسلة الهدى والنور-(083)).

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

أما الأضحية عن الميت، فإن كان أوصى بها في ثلث ماله مثلًا، أو جعلها في وقف له، وجب على القائم على الوقف أو الوصية تنفيذها، 

وإن لم يكن أوصى بها، ولا جعل لها وقفا، وأحب إنسان أن يضحي عن أبيه أو أمه أو غيرهما، فهو حسن، ويعتبر هذا من أنواع الصدقة عن الميت، والصدقة عنه مشروعة في قول أهل السنة والجماعة. انتهى من (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 18/ 40).


والله اعلم


اقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى. اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات