">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

حلق الشعر وقص الأظافر للمُضحي: هل هو حرام فعلاً؟


يتساءل كثيرون مع دخول عشر ذي الحجة : عن حكم حلق الشعر وقص الأظافر لمن نوى الأضحية، وهل هو محرم أو فقط مكروه؟

 دعونا نوضح المسألة بناءً على أقوال العلماء والأدلة الشرعية حتى تكون الصورة مكتملة.

▣▣  هل حلق الشعر وقص الأظافر للمضحي حرام؟

✔ الجواب الصحيح  إن شاء الله – بحسب الأدلة الشرعية : أن حلق الشعر وقص الأظافر لمن رأى هلال ذو الحجة وأراد أن يضحي مكروهٌ وليس محرّمًا،

وذلك لعدم ثبوت حديث مرفوع صحيح عن النبي ﷺ يُحرم ذلك ، وهذا مذهب المالكية والشافعية وقول للحنابلة.

 يُستحب للمُضحي ترك ذلك تعظيمًا لهذه العبادة، ولكن إن فعله فلا شيء عليه.

▣▣ هل على من حلق شعره أو قص أظافره في العشر إثم أو كفارة؟

✔ الجواب: لا يأثم من فعل ذلك، ولا كفارة عليه، لأن الفعل ليس حراماً بل مكروهاً.

▣▣ الأدلة الشرعية حول قص الأظفار والشعر للمُضحي :

استند الفقهاء الذين قالوا بالكراهة على عدة أدلة صحيحة صريحة، منها:

▪️ حديث عائشة رضي الله عنها، أنها قالت : أنا فتلت قلائد هدي رسول الله  بيدي ثم قلدها رسول الله  بيده ثم بعث بها مع أبي،

فلم يحرم على رسول الله  شيء مما أحله الله حتى نحر الهدي. (رواه البخاري ومسلم ). وفي رواية : « ثم لا يجتنب شيئاً مما يجتنبه المُحْرِم ».

وجه الدلالة:

★ عدم التحريم : لم يحرم على النبي ﷺ شيء ببعثه بالهدي، والبعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية، ولم يكن النبي ﷺ ليفعل ما نهى عنه.

★ فعل النبي ﷺ: ثبت أن النبي ﷺ ضحى في السنة التي بعث فيها بالهدي، ولم يُنقل عنه أنه أمسك عن أخذ شيء من شعره أو أظفاره، مما يدل على عدم تحريم ذلك لمن أراد الأضحية.

★ القياس على الهدي: الهدي والأضحية كلاهما قُربة إلى الله، والهدي أشد ارتباطاً بالحرم، 

فلو كان الإمساك عن الشعر والأظفار واجباً لفعله النبي ﷺ حال تقربه بالهدي، مما يدل على عدم لزومه، وهو ما استدل به الشافعي.

▣▣ تفنيد حديث أم سلمة رضى الله عنها في النهي:

ورد عن أم سلمة رضي الله عنها حديث في النهي عن أخذ الشعر والأظافر، لكن:

1- الحديث موقوف عليها ولا يصح رفعه للنبي ﷺ، لذا يقدَّم الحديث الصحيح المرفوع (حديث عائشة) على الحديث الموقوف (حديث أم سلمة).

2- حديث عائشة بعمومه يدل على عدم صحة رفع حديث أم سلمة في النهي، خاصة مع قوة دلالة العموم فى الحديث وتأخر وقوعه،

◄ فقد وقع حديث عائشة في السنة التاسعة قبل حجة الوداع بسنة، ويستبعد أن النبي ﷺ لم يضحِّ فيها، إذ ثبت أنه لم يترك الأضحية قط، مما يقوي أن الأخذ من الشعر والأظفار لم يكن محرَّمًا.

3- نقل عائشة، وهي من أخص الناس برسول الله، أن شيئًا لم يُحرَّم عليه في تلك السنة، مما يدل على أن الأخذ من الشعر والأظفار جائز لمن أراد الأضحية.

▣▣ أقوال العلماء المعتبرين في المسألة :

** قال الإمام الشافعي رحمه الله :

 (( فإن قال قائل : ما دَلَّ على أنه اختيارٌ لا واجب؟ قيل له : روى مالك...))، ثم ساق حديث عائشة، ثم قال:

(( في هذا دلالةٌ على ما وصفتُ من أن المرء لا يحرم بالبعثة بِهَديه. يقول : البعثة بالهدي أكبر من إرادة الضحية )). انتهى من [اختلاف الحديث (10/ 158-ضمن الأم)].

✅ فقوله : "البعثة بالهدي أكبر من إرادة الضحية"، أي : إذا كان المقيم ببعثه للهدي إلى مكة لم يحرم عليه الأخذ من الشعر والظفر، فأولى منه من أراد أن يضحي.

** قال العلامة السيوطي رحمه الله :

وفي حديث عائشة -رضي الله عنها- أنه -عليه السلام- لم يجتنب شيئا مما يجتنبه المحرم حتى قلد هديه، وبعث به وهو يرد حديث أم سلمة ويدفعه، 

ومما يؤيد وهنه وضعفه : أن مالكا روى عن عمارة بن عبد الله، عن سعيد بن المسيب قال : " لا بأس بالإطلاء بالنورة في عشر ذي الحجة ".

 فترك سعيد لإستعماله هذا الحديث (حديث أم سلمة) وهو راويه دليل على أنه عنده غير ثابت أو منسوخ، 

وقد أجمع العلماء على أن الجماع مباح في أيام العشر لمن أراد أن يضحي، فما دونه أحرى أن يكون مباحا،

ومذهب سائر الفقهاء بالمدينة والكوفة أنه لا بأس بحلق الرأس وتقليم الأظفار وقص الشارب في عشر ذي الحجة، 

وقال الليث بن سعد وذكر له حديث أم سلمة، فقال : قد روي هذا الحديث والناس على خلافه. انتهى من (نخب الأفكار شرح معاني الآثار).

** وقال الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله :

وأما تقليم الأظفار في هذه الأيام وحلق شعر الرأس وغيره، فالرسول عليه الصلاة والسلام يعني:

نصح من يضحي أنه لا يحلق شعره ولا يقص أظفاره في عشر ذي الحجة، وهذا يستحب، يستحب استحبابا،

لأن هناك حديث آخر عن عائشة رضي الله عنها “ أن رسول الله كان يرسل هديه في ذي الحجة ولا يحرم عليه شيء كان حلالا “، يعني يقص أظفاره وكذا وكذا، 

فأخذنا من هذين النصين : أنه يستحب للمسلم متى ينوي الأضحية ألا يقص أظفاره ولا يقص شعره، فإذا فعل شيئا من هذا يعني فلا إثم عليه، لأنه سنة فقط . انتهى من [شريط بعنوان: إخلاص الدين لله ].

 ▣▣ الخلاصة الفقهية :

 لا يمكن إلزام الناس بأمر والتشديد عليهم وتأثيمهم إن أخذوا من شعورهم أو أظفارهم بحديث مختلف في ثبوته ودلالته (حديث أم سلمة)،

فالحديث أعله "الدارقطني" بالوقف في العلل، "وابن عبد البر" في التمهيد، وأشار "مسلم" لعلته، واستشكل متنه الأئمة "كالليث وابن مهدي" وغيرهما.

 وخاصة إذا علمنا أن الأضحية نفسها سنة مؤكدة عند جمهور أهل العلم،

▪️ لما ثبت عن الصَّحابيَّين الجليلَين -أبو بكر وعمر-رضيَ الله-تعالى-عنهُما-: أنهما كانا لا يُضحِّيان في بعض السِّنين؛ قال : ( حتى لا يظنها النَّاسُ واجبَةً ). انظر: ((إرواء الغليل)) (4/ 355) 

▪️ وعن أبى مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال : ( إني لأدع الأضحى وإني لموسر مخافة أن يرى جيراني أنه حتم علي ). صحح إسناده الألباني في ((إرواء الغليل)) (4/ 355).

✔ إذن هذا الإمساك سنة ليس بواجب، لأنه تابع لأمر مسنون وهو الأضحية، فيكون سنة كحكم المتبوع ،

ولأنه من باب التعظيم المسنون، بدليل أنه لم يؤمر بالإمساك عن غير الظفر والشعر.

✅ قال الخطابي رحمه الله : ( وأجمعوا أنه لا يحرم عليه اللباس والطيب كما يحرمان على المحرم فدلَّ ذلك أنه على سبيل الندب والاستحباب, دون الحتم والإيجاب ). انتهى من (عون المعبود).

اقرأ أيضا :



والله اعلم

🔹 هل كانت هذه المعلومة جديدة بالنسبة لك؟ اكتب لنا رأيك، ولا تتردد في مشاركة المنشور مع من تحب ليستفيد الجميع.

هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات