">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

لا يجب على المرأة ستر وجهها وكفيها على الصحيح ولكن سترهما أفضل من كشفهما لأنه سنة مستحبة ويجب على الرجال غض البصر عن وجوه النساء إلا لحاجة .

فجمهور أهل العلم على أن الوجه والكفين ليسا بعورة وذهب البعض إلى أنهما عورة والقول بأن الوجه والكفين ليسا بعورة هو قول عائشة وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم والسنة لا يوجد بها حديث واحد مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا صحيح ولا ضعيف ولا حتى موضوع يأمر المرأة بتغطية وجهها .

 تنبيه : إذا كانت المرأة ممن تتبنى أن الوجه ليس بعورة وأنه يجوز لها أن تخرج كاشفة عن وجهها فقط فإذا خرجت متزينة حرم عليها ذلك إذا تزينت في وجهها لم يجز لها أن تكشف عن وجهها فيجب أن يكون الوجه على سجيته وعلى الفطرة التي خلقها الله عز وجل عليه فإذا تزينت كما يفعلن اليوم بالحمرة والبودرة هذا لا يجوز نحن نتكلم عن الوجه الذي خلقه الله عز وجل فقطوهذا هو موضوع البحث فانتبه لذلك .

وإليك الأدلة من القرآن الكريم

1-  قوله سبحانه : وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا. [النــور: 31]

قال الطبري في تفسيره :

 وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : عُني بذلك الوجه والكفان، يدخل في ذلك إذا كان كذلك : الكحل والخاتم والسوار والخضاب،

وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل : لإجماع الجميع على أن على كل مصلّ أن يستر عورته في صلاته، وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها إلا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح لها أن تُبْديه من ذراعها إلى قدر النصف، فإذا كان من جميعهم إجماعاً كان معلوماً بذلك أن لها أن تبدي من بدنها ما لم يكن عورة، كذلك للرجال، لأن ما لم يكن عورة فغير حرام إظهاره، وإذا كان لها إظهار ذلك كان معلوماً أنه مما استثناه الله تعالى، ذكره بقوله : إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا، لأن كل ذلك ظاهر منها، وقوله : وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ. [النــور: 31]، يقول تعالى ذكْره : وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ، ليسترن بذلك شعورهن وأعناقهن وقرطهن. انتهى. 

فهنا يستثنى الحق سبحانه وتعالى زينه المرأة الظاهرة وهى وجهها وكفيها وذلك بإجماع جمهور المفسرين .

فالزينه الظاهرة هى الوجه والكفين لأن المستثنى لابد أن يكون من جنس المستثنى منه فالحق استثنى الزينة الظاهرة من زينة المرأه فلابد أن تكون الزينة من ذات المرأة وهى الوجه والكفين .

أما من قال أن الزينة الظاهرة يقصد بها الثياب فيجاب بأن الإستثناء فى الآيه قصده التيسير والرخصة وظهور الثياب الخارجية كالعبائة ونحوها أمر اضطرارى لا رخصه فيه ولا تيسير فالثياب تظهر شاءت المرآه أم أبت .

قال العلامة الألباني في كتابه "جلباب المرأة المسلمة" : 

« مناط الحكم إذن في الآية ليس هو ما ظهر دون قصد من المرأة ـ فهذا مما لا مؤاخذة عليه في غير موضع الخلاف أيضاً اتفاقاًـ وإنما هو فيما ظهر دون إذن من الشارع الحكيم . 

فإذا ثبت أن الشرع سمح للمرأة بإظهار شيء من زينتها – سواء كان كفا أو وجها أو غيرهما– فلا يعترض عليه بما كنا ذكرناه من القصد، لأنه مأذون فيه كإظهار الجلباب، تماما كما بينت آنفا ».اه

وقال أيضا في نفس الكتاب : 

«قلت : فابن عباس ومن معه من الأصحاب والتابعين والمفسرين إنما يشيرون بتفسيرهم لآية { إلا ما ظهر منها } إلى هذه العادة التي كانت معروفة عند نزولها وأقروا عليها. فلا يجوز معارضة تفسيرهم بتفسير ابن مسعود –الذي لم يتابعه عليه أحد من الصحابة– لأمرين اثنين :

الأول : أنه أطلق الثياب. ولا قائل بهذا الإطلاق، لأنه يشمل الثياب الداخلية التي هي في نفسها زينة، كما تفعله بعض السعوديات كما تقدم. فإذن هو يريد منها الجلباب فقط الذي تظهره المرأة من ثيابها إذا خرجت من دارها.

الثاني : أن هذا التفسير –وإن تحمس له بعض المتشددين– لا ينسجم مع بقية الآية وهي : {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن...}. فالزينة الأولى هي عين الزينة الثانية، كما هو معروف في الأسلوب العربي : أنهم إذا ذكروا اسما معرفاً ثم كرروه، فهو هو. 

فإذا كان الأمر كذلك، فهل الآباء ومن ذكروا معهم في الآية لا يجوز لهم أن ينظروا إلا إلى ثيابهن الباطنة؟!. 

ولذلك قال أبو بكر الجصاص رحمه الله في أحكام القرآن (3|316) : " وقول ابن مسعود في أن {ما ظهر منها} هو الثياب، لا معنى له. لأنه معلوم أنه ذكر الزينة، والمراد العضو الذي عليه الزينة. ألا ترى أن سائر ما تتزين به من الحلي والقلب والخلخال والقلادة يجوز أن تظهرها للرجال إذا لم تكن هي لابستها؟ فعلمنا أن المراد مواضع الزينة، كما قال في نسق الآية بعد هذا : {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن}، والمراد موضع الزينة. فتأويلها على الثياب لا معنى له، إذ كان مما يرى الثياب عليها دون شيء من بدنها، كما يراها إذا لم تكن لابستها "» .اه

2- قوله تعالى فى شأن المؤمنات : ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ). النور آيه (31)

فالخمر جمع خمار ( وهو غطاء الرأس و الجيب والصدر و يظهر الوجه والكفين وليس له شكل معين فأى ثوب يؤدى هذا الغرض فهو خمار ).

وفي "المعجم الوسيط" – تأليف لجنة من العلماء تحت إشراف" مجمع اللغة العربية" – ما نصه : الخمار : كل ما ستر ومنه خمار المرأة، وهو ثوب تغطي به رأسها، ومنه العمامة، لان الرجل يغطي بها رأسه، ويديرها تحت الحنك".

ومن اللغويين : الراغب الأصبهاني(ت502) قال في كتابه الفريد" المفردات في غريب القرآن" (ص159) الخمر، أصل الخمر: ستر الشيء ويقال لما يستتر به: (خمار) لكن (الخمار) صار في التعارف اسما ًلما تغطي به المرأة رأسها،وجمعه (خُمُر) قال تعالى : { وليضربن بخمرهن على جيوبهن}. وابن منظور (ت711) والفيروزأبادي (816) وجماعة من العلماء المؤلفين ل" المعجم الوسيط"- كما تقدم- مع نص قولهم الصريح في أنه غطاء الرأس .

والجيوب : جمع جيب وهو فتحه الصدر من القميص ونحوه.

فأمر النساء المؤمنات أن يسدلن ويلقين بخمرهن وأغطية رؤوسهن بحيث تغطى النحور والصدور ولايدعنها مكشوفة كما كان نساء الجاهلية يفعلن.

فلو كان ستر الوجه واجبا لصرحت به الآيه فأمرت بضرب الخمر على الوجوه كما صرحت بضربها على الجيوب فأمرهن الله تعالى بالضرب بالخمار على الجيوب وهذا نص على ستر العوره والعنق و الصدر وفيه نص على اباحه كشف الوجه .

فلم ياتي الأمر منه تعالى بضرب الخمر على الوجوه بل على الجيوب , والخمار في اللغة العربية هو غطاء الرأس وليس غطاء الرأس والوجه والأدلة على ذلك هي :

- الحديث الذي رواه الخمسة الا النسائي : لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار. صححه احمد شاكر والالباني.  يفهم منه أن الخمار هو غطاء الرأس وليس غطاء الرأس والوجه معا لان المراة متطلب منها ان تظهر وجهها في الصلاة .

- ومثل ذلك الحديث الذي رواه أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها : أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار، قال : " إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها ". رواه أبو داود والحاكم وصححه وأقره الذهبي .

- ثم إنه ثبت في صحيح البخاري : أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى أو أطلق على عمامة الرجل خمار مع أن العمامة لا تغطي الوجه .

إذن عندما يقول الله تعالى : " وليضربن بخمرهن على جيوبهن "فهم منه كثير من الفقهاء أن وجه المرأة ليس عورة لوجود أمرين :
 
الأول : أن الأمر في هذه الآية الكريمة جاء بضرب الخمر على الجيوب لا على الوجوه .

وثانيا : أن الخمار هو غطاء الرأس بناء على الفهم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم . 

3- قوله تعالى : قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . النور آيه (30) 

يتبين هنا من أمر الله للمؤمنين بغض أبصارهم أن وجوه النساء مكشوفه فلو كانت الوجوه كلها مستوره وكان كل النساء منقبات فما وجه الحث على غض الأبصار . وماذا يخشى أن تراه الأبصار إذا لم تكن الوجوه سافره يمكن أن تجذب الأبصار ؟.

4- قوله تعالى : ( لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا ). الاحزاب آيه ( 52)

فمن أين يعجبه حسنهن إذا لم يكن هناك مجال لرِؤيه الوجه الذى هو مجمع المحاسن للمرأه باتفاق؟ .

5- سورة الأحزاب نزلت قبل سورة النور فآية سورة النور " ولايبدين زينتهن إلا ماظهر منها "نزلت بعد آية " يدنين عليهن من جلابيبهن ّ". في سورة الأحزاب وبعد كذلك حادثة الإفك.. وتفسير ابن عباس وأم المؤمنين عائشة رضى الله عنهم لآية " ولايبدين زينتهن إلا ماظهر منها ". فى أصح الروايات هى الوجه والكفين.

فالأمر بالحجاب الكامل الذي جاء في قوله عز وجل : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } الآية [الأحزاب: 33] وقوله سبحانه وتعالى : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } [الأحزاب: 53]. وقوله جل وعلا : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الأحزاب: 59]، كل هذه الأوامر بالحجاب، إنما نزلت في سورة الأحزاب في السنة الخامسة من الهجرة النبوية، وشاع الحجاب بعدها في المجتمع المسلم بعد نزولها، بدليل أن الآية نزلت عند زواج الرسول بأمنا زينب . 

فقد أخرج البخاري و مسلم في صحيحهما أن أنس بن مالك قال : « أصبح رسول الله  عروسا بزينب بنت جحش، وكان تزوجها بالمدينة. فدعا الناس للطعام بعد ارتفاع النهار. فجلس رسول الله، وجلس معه رجال بعد ما قام القوم. حتى قام رسول الله، فمشى فمشيت معه، حتى بلغ باب حجرة عائشة. ثم ظن أنهم قد خرجوا، فرجع ورجعت معه، فإذا هم جلوس مكانهم. فرجع، فرجعت الثانية، حتى بلغ حجرة عائشة. فرجع، فرجعت، فإذا هم قد قاموا. فضرب بيني وبينه بالستر، وأنزل الله آية الحجاب ». وقبل الأمر بغض البصر، الذي نزل في سورة النور، التي نزلت في السنة السادسة من الهجرة. 

قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) :

 في شرح قول السيدة عائشة -رضي الله عنها- في حديث الإفك : وكان يراني -تعني صفوان بن أمية- قبل الحجاب.

قال : أي قبل نزول آية الحجاب، وهذا يدل على قدم إسلام صفوان؛ فإن الحجاب كان في قول أبي عبيدة، وطائفة : في ذي القعدة، سنة ثلاث. وعند آخرين : فيها سنة أربع، وصححه الدمياطي. وقيل : بل كان فيها سنة خمس. 

وهذا مما تناقض فيه الواقدي؛ فإنه ذكر أن المريسيع كان في شعبان سنة خمس، وأن الخندق كانت في شوال منها، وأن الحجاب كان في ذي القعدة منها، مع روايته حديث عائشة هذا، وتصريحها فيه بأن قصة الإفك التي وقعت في المريسيع كانت بعد الحجاب، وسلم من هذا ابن إسحاق، فإن المريسيع عنده في شعبان، لكن سنة ست ... 

ومما يؤيد صحة ما وقع في هذا الحديث أن الحجاب كان قبل قصة الإفك، قول عائشة أيضا في هذا الحديث : إن النبي صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عنها، وفيه : "وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم"، وفيه : وطفقت أختها حمنة تحارب لها .
 
فكل ذلك دال على أن زينب كانت حينئذ زوجته، ولا خلاف أن آية الحجاب نزلت حين دخوله صلى الله عليه وسلم بها، فثبت أن الحجاب كان قبل قصة الإفك، وقد كنت أمليت في أوائل كتاب الوضوء، أن قصة الإفك وقعت قبل نزول الحجاب، وهو سهو، والصواب بعد نزول الحجاب، فليصلح هناك . انتهى.

إذن نزول آيات الحجاب في سورة الأحزاب { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ...} كان قبل نزول آيات سورة النور { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ...}. حيث ابتدأ الله تشريع الحجاب بسورة الأحزاب، وانتهى بسورة النور. ولا خلاف في أن سورة الأحزاب نزلت عند غزوة الأحزاب في سنة خمس للهجرة

فإن كانت غزوة الأحزاب قبل غزوة بني المصطلق، فمعناه أن أحكام الحجاب في الإسلام بدأت بالتعليمات التي وردت في سورة الأحزاب ثم تممت بالأحكام التي وردت في سورة النور .

 يقول إمام السِّيَر ابن إسحاق :

 إن غزوة الأحزاب وقعت في شوال من سنة خمس، و غزوة بني المصطلق في شعبان من سنة ست . كذا نقله عنه ابن هشام في السيرة النبوية (3|165)، وفي طبعة دار الجيل (4|252)، وفي طبعة مؤسسة علوم القرآن (3|289).

و يؤيد ابن إسحاق في هذا البيان ما ورد عن عائشة وغيرها من الروايات المعتمد بها وهي أكثر قوة وكثرة. وتدل هذه الروايات على أن أحكام الحجاب كانت قد نزلت قبل قصة الإفك، أي في سورة الأحزاب. 

وتوضح الروايات أن النبي  كان قد تزوج بأمنا زينب بنت جحش  قبل ذلك في ذي القعدة من سنة خمس، وجاء ذكره في سورة الأحزاب. كما تفيد هذه الروايات أن حمنة أخت زينب بنت جحش قد شاركت في رمي أمنا عائشة، لأنها ضرة أختها. والظاهر أنه لابد من أن تمضي مدة من الزمن ولو يسيرة على صلة الضرارة بين امرأتين حتى تنشأ في القلوب مثل هذه النزاعات. فهذه الأمور كلها مما يؤيد رواية ابن إسحاق و يقويها.

وما هناك شيء يمنعنا قبول رواية ابن إسحاق إلا مجيء ذكر سعد بن معاذ في زمن الإفك. وكان سعد بن معاذ – كما تفيد جميع الروايات المعتمدّ بها – ممن قتل في غزوة بني قريظة التي تلت غزوة الأحزاب. فمن المستحيل أن يكون سعد بن معاذ حياً سنة ست. 

إلا أن هذه المشكلة تزول بأن الروايات المروية عن أمنا عائشة جاء في بعضها ذكر سعد بن معاذ، و في بعضها الآخر ذكر أسيد بن حضير مكان سعد. والرواية الأخيرة تتفق تمام الاتفاق مع الحوادث المروية عن عائشة في شأن قصة الإفك. 

وإلا فلو سلمنا أن تكون غزوة بني المصطلق وقصة الإفك وقعتا قبل غزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة، لمجرد أن نجعلهما تتفقان مع حياة سعد بن معاذ في زمن الإفك، لاستحال علينا أن نجد حلاً لمشكلة عظيمة أخرى : وهي أنه من اللازم إذن أن تكون آية الحجاب ونكاح زينب قد وقعتا قبل غزوة بني المصطلق وقصة الإفك، مع أن القرآن والروايات الصحيحة تشهد بأن نكاح زينب والآية التي فيها حكم الحجاب من الحوادث الواقعة بعد غزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة.

فبناءً على ذلك قطع ابن حزم في جوامع السيرة (ص147) و ابن القيم في زاد المعاد (3|265)، و غيرهما من العلماء المحققين بصحة رواية ابن إسحاق، ورجّحوها على رواية ابن سعد. وما ذهب إليه هؤلاء الأعلام من أن نزول آيات الحجاب في سورة الأحزاب كان قبل قصة الإفك و قبل آيات الحجاب في سورة النور. وهذا هو الأظهر .

الأدلة من السنة الصحيحة :

الدليل الأول : - ما رواه أبو داود فى سننه : أن أسماء بنت أبى بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وعليها ثياب رقاق فاعرض عنها وقال ( يا أسماء ان المرآه اذا بلغت المحيض لم يصح أن يرى منها الا هذا وهذا ) واشار الى وجهه و كفيه. والحديث حسنه الالبانى فى أكثرمن كتاب من كتبه نذكر منها ( حجاب المرأه المسلمه – الارواء – صحيح الجامع الصغير - تخريج الحلال والحرام ). وأيضا الحديث قواه الامام الذهبى والحافظ البيهقى واحتج به الامام أحمد .

قال البيهقي رحمه الله : مع هذا المرسل قول من مضى من الصحابة رضي الله تعالى عنهم في بيان ما أباح الله من الزينة الظاهرة فصار القول بذلك قوياً وبالله التوفيق .انتهى.

فإن قالوا :

 كيف تدخل أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما على النبي صلي الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق!.

الجواب عن هذا :

قال الألبانى : ليس في حديث أسماء أنها لبست الثياب الرقاق تبرجاً ومخالفة للشرع , فيحمل على أنه كان منها عن غفلة أو لغير علم ، فقد وقع نحوه لحفصة ابنة أخيها عبد الرحمن ، فقالت أم علقمة بن أبي علقمة: " دَخَلَتْ حفصة بنت عبد الرحمن على عائشة زوج النبي صلي الله عليه وسلم وعلى حفصة خمار رقيق ، فشقته عائشة وكستها خماراً كثيفاً ". اه

فثبت أن ما استبعدوا غير مستبعد شرعاً ولا عقلاً .

- وقد جاء في تفسير آية سورة النور فى قوله تعالى : ( وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ). [النور/31]. أنه ثبت عن الصحابة منهم ابن عباس رضي الله عنهما وابن عمر وعائشة رضي الله عنهم جميعا أن المقصود بما ظهر منها هو (الكف ورقعة الوجه ) .

وقد صحح الشيخ الألباني رحمه الله هذه الأخبار وهذا نص كلامه : روى ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 4 / 283 ): عن ابن عباس في تفسير الآية المذكورة : " قال : الكف ورقعة الوجه "وسنده صحيح وروى نحوه عن ابن عمر )). انتهى من (تمام المنة - (ج 1 / ص 160))

- وعن عائشة أنها قالت في المحرمة : " تسدل الثوب على وجهها إن شاءت". رواه البيهقي بسند صحيح.

فتخيير عائشة المحرمة في السدل دليل واضح علي أن الوجه عندها ليس بعورة  وهذا الأثر الصحيح عنها مما يقوي حديثها المرفوع.

- فجواز كشف الوجه والكفين ثابت عن عدد من السلف في تفسير قوله تعالى : { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } : فقد صح عن عبد الله بن عمر (أخرجه ابن أبي شيبه وأبو بكر المروزي في جزء يحيى بن معين بإسناد صحيح)، وصح عن ابن عباس (ومحاولة رده برواية العين الواحدة محاولة في غاية الضعف) ، 

وأكبر دليل على ثبوته عن ابن عباس أنه هو الثابت عن كبار تلامذته : كسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء بن أبي رباح وعكرمة ، فهل هؤلاء المعاصرون أعلم بابن عباس وبمقالاته في التفسير من هؤلاء الأئمة من تلامذته ؟! بل هو القول الثابت عن عموم التابعين وتابعيهم : كالشعبي وإبراهيم النخعي وقتادة ومكحول الشامي والسدي والأوزاعي ، وصح عن الحسن البصري جواز كشف الوجه خاصة .وهو ما رجحه إمام المفسرين ابن جرير الطبري 

الدليل الثاني : - حديث الخثعمية الذى رواه البخارى ومسلم عن عبد الله بن عباس قال : ( أردف النبى صلى الله عليه وآله الفضل بن العباس يوم النحر خلفه على عجز راحلته وكان الفضل رجلا وضيئا فوقف النبى صلى الله عليه و آله للناس يفتيهم وأقبلت إمراة من خثعم وضيئه تستفتى النبى صلى الله عليه وآله   فطفق الفضل ينظر اليها وأعجبه حسنها فالتفت النبى صلى الله عليه وآله والفضل ينظر إليها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها ).

قال الإمام ابن بطال : 

«في الحديث الأمر بغض البصر خشية الفتنة، ومقتضاه أنه إذا أمنت الفتنة لم يمتنع. ويؤيده أنه  لم يحول وجه الفضل، حتى أدمن النظر إليها لإعجابه بها، فخشي الفتنة عليه. وفيه مغالبة طباع البشر لابن آدم، وضعفه عما ركب فيه من الميل إلى النساء والإعجاب بهن. 

وفيه دليل على أن نساء المؤمنين ليس عليهن من الحجاب ما يلزم أزواج النبي، إذ لو لزم ذلك جميع النساء لأمر النبي  الخثعمية بالاستتار، ولما صرف وجه الفضل. وفيه دليل على أن ستر المرأة وجهها ليس فرضاً، لإجماعهم على أن للمرأة أن تبدي وجهها في الصلاة ولو رآه الغرباء، وأن قوله ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) على الوجوب في غير الوجه» .

- وفي رواية علي رضى الله عنه : " واستفتته جارية شابة من خثعم ". ما يدل على أنه عرف أنها شابة من وجهها .

فلو كان الوجه عوره يلزم ستره لما أقرها النبى صلى الله عليه و آله على كشفه بحضره الناس ولأمرها أن تغطى وجهها .

ولو كان وجهها مغطى لما عرف الفضل ابن عباس أحسناء هى أم شوهاء .

وروى الترمذى هذه القصه من حديث الامام على كرم الله وجهه جاء فيها : ( ولوى النبى صلى الله عليه و آله عنق الفضل . فقال العباس : يا رسول الله لم لويت عنق بن عمك ؟ قال : رأيت شاب وشابه فلم آمن الشيطان عليهما ). رواه الترمذى حديث رقم (885) باب الحج. وقال  حديث حسن صحيح .

وهذا هو الشاهد منه فلو كان الوجه عورة لعلل النبى صلى الله عليه وسلم في رده على العباس الأمر بالعورة بأن يقول رأيته ‏ينظر لعورتها فصرفت وجهه عن النظر إليها.

وقد استنبط بن القطان من هذا الحديث : جواز النظر عند أمن الفتنه حيث لم يأمرها النبى بتغطيه وجهها . فلو لم يفهم العباس أن النظر جائز ما سأل سؤاله ولو لم يكن ما فهمه جائزا ما أقره عليه النبى صلى الله عليه وآله ولأنكر عليه السؤال أصلا .

- ولا حجه فى الحديث أن المرأه كانت محرمة فى الحج لأن الواقعه كانت بعد النحر أى بعد التحلل من الإحرام 

عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتي الناس وهذه الرواية يتجلى منها أن العباس كان حاضرا أيضا ورجح الشيخ الألباني بأنها لم تكن محرمة بل متحللة .

 ففي حديث علي رضى الله عنه : ((...ثم أردف الفضل وسار حتى أتى الجمرة فرماها, ثم أتى المنحر فقال: ((هذا المنحر ومنى كلها منحر)). قال واستفتته جارية شابة من خثعم..)). ففي الحديث التصريح الواضح أن السؤال كان عند المنحر.. وكانت قصة الخثعمية في حجة الوداع أي في السنة الثامنة للهجرة .

واعترض بعض العلماء على الحديث بوجوه :

1– قال ابن حجر : « وفي استدلاله بقصة الخثعمية لما ادعاه نظر لأنها كانت محرمة ».

 والرد : 

أولا : كيف يكون الوجه عورة في الحل ويصبح غير عورة في الإحرام؟! فالإحرام يحرم فيه بعض الحلال ولا يحل فيه بعض الحرام .

المرأة المحرمة منهية عن لبس النقاب لكنها ليست منهية عن أن تسدل على وجهها من ثوبها , فلو كان كشف الوجه لا يجوز لأمر رسول الله الخثعمية بتغطية وجهها إذا كانت غير محرمة , وبالإسدال على وجهها من طرف ثوبها إذا كانت محرمة لكن رسول الله لم يأمرها بهذا ولا بذاك فدل موقفه على أن كشف المرأة وجهها ليس حراما وأن ستره ليس واجبا .

 قال الشيخ الألباني رحمه الله :

 « ولا يخفى على أهل العلم أن هذا الجواب إنما يستقيم لو كان لا يجوز للمحرمة أن تغطي وجهها بالسدل عليه. وهذا مما لا يقول به الحافظ أو غيره من العلماء. فرده مردود ». 

والحق ما قاله الشيخ الألباني، فلو كان ستر الوجه فرضاً لكان أمرها رسول الله بأن تسدل على وجهها، وهو جائز للمحرمة –عند الحاجة– باتفاق العلماء. 

قال ابن حزم  بعد أن ذكر هذا الحديث :

 «فلو كان الوجه عورة يلزم ستره لما أقرها عليه السلام على كشفه بحضرة الناس، ولأمرها أن تسبل عليه من فوق. ولو كان وجهها مغطى ما عرف ابن عباس أحسناء هي أم شوهاء. فصح كل ما قلناه يقينًا ».اه المحلى (3|218)

2– قال بعضهم : « وإن كان الفضل قد رأى وجهها فرؤيته لا تدل على أنها كانت مستديمة لكشفه »

والرد :

 هذه مكابرة أمام النص الصريحففي لفظ مالك والبخاري : « فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه »فجملة " ينظر يلتفت " تفيد استمرار الفعل كما هو معلومٌ في لغة العرب. وفي لفظ آخر للبخاري : « فطفق الفضل ينظر إليها، وأعجبه حسنها. فالتفت النبي –والفضل ينظر إليها »

وفي لفظ مسلم : أن ابن عباس حاول النظر إليها –ومن معها من النساء– عدة مرات. وكلمة " طفق " معناها : استمر ينظر، كقوله تعالى : ( فطفق مسحاً بالسوق والأعناق )، وقوله : ( وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ). (الأعراف:22). ومثله في البخاري في قصة اغتسال موسى عليه السلام وحده : « فطفق بالحجر ضرباً ».

3– قال أحد المتأخرين عن الحديث : أنه قد قبل نزول الأمر بإدناء الجلابيب .!!

 والرد : 

هذا تقولٌ بغير علمٍ لا يجوز في الدين وإنما آية الحجاب في سورة الأحزاب نزلت في السنة الخامسة، ونزلت سورة النور في السادسة. أما هذه الحادثة فقد حدثت في حجة الوداع كما في حديث البخاري ومالك. فلا ينسخها إذا شيء.

قال الحافظ ابن القطان رحمه الله في كتابه (2|53) :

 « وقد قدمنا في مواضع أن إجازة الإظهار، دليلٌ على إجازة النظر. فإذا نحن قلنا : يجوز للمرأة أن تبدي وجهها وكفيها لكل أحدٍ على غير وجه التبرُّج من غير ضرورة لكون ذلك مما ظهر من زينتها، ومما يشق تعاهده بالستر في حال المهنة، فقد جاز للناس النظر إلى ذلك منها. لأنه لو كان النظر ممنوعاً مع أنه يجوز لها الإبداء، كان ذلك معاونةً على الإثم، و تعريضاً للمعصية، وإيقاعاً في الفتنة، بمثابة تناول الميتة للآكل غير مضطر! 

فمن قال من الفقهاء بجواز الإبداء، فهو غير محتاج إلى إقامة دليلٍ على جواز النظر. وكذلك ينبغي أن يكون من لم يجز للمرأة الإبداء والإظهار، غير محتاجٍ إلى إقامة الدليل على تحريم النظر. وقد قدمنا أنه جائز للمرأة إبداء وجهها وكفيها، فإذاً النظر إلى ذلك جائز، لكن بشرط أن لا يخاف الفتنة وأن لا يقصد اللذة. وأما قصد اللذة، فلا نزاع في التحريم ». اه

هذا وقد نقل الفقيه المالكي ابن محرز اتفاق العلماء على جواز النظر لوجه المرأة بدون شهوة وخالفه بعضهم .

فهذا الحديث كما هو صحيح فهو صريح أيضا. فدلالته على جواز كشف المرأة عن وجهها ليس دلالة ضمنية ، وإنما دلالة صريحة. ومجريات الحدث كما وردت في نص الحديث ، لا تدع مجالا للتأويل ، أو حتى للتحوير. ولم يبق للمعارض لصراحة هذا النص غير الشغب الاستدلالي .

الدليل الثالث :حديث المرأة السفعاء الخدين وفيه : فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين، فقالت: لم؟ يا رسول الله، قال: لأنكن تكثرن الشكاة، وتكفرن العشير..إلى اخر الحديث .صحيح مسلم

 فلم يأتي في ‏الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أمرها بتغطية الوجه حيث أن ظاهر الواقعة أنها كاشفة للوجه وإلا من ‏أين علم راوي القصة أنها سفعاء الخدين. 

ردود على شبهات المعارضين حول هذا الدليل

قالوا إنه لا يصلح دليل لإحتمال أن تكون المرأة أمة ‏أو عجوز وهما غيرملزمتين بتغطية الوجه أو أن ذلك يحتمل أن يكون قبل فرض الحجاب أو تفرد جابر بوصف وجهها . 

الجواب عن هذا :

1- الإنصراف عما يدل عليه ظاهر اللفظ أو سياق القصة لا يكون جائزاً إلا بدليل عاضد. ووصف المرأة بهذا الوصف يقطع بأنها كانت سافرة. والرسول مضي حتي أتي النساء فوعظهن فقامت المرأة وكلمت النبي صلي الله عليه وسلم وكلمها ولم ينكر عليها كشف وجهها .

2- وأما قولهم : (وكم من امرأة يسقط خمارها عن وجهها من غير قصد...) فهذا إحالة على جهالة ، وإذا تطرق الشك بطل الاستدلال ، ولو صح هذا الأمر لأمرها النبي صلي الله عليه وسلم بإصلاح شأنها، وستر وجهها ، فإنه صلي الله عليه وسلم لم يكن ليقع منكر أمامه ولا يغيره ، أو يأمر بتغييره .

3- إذا كان سيدنا جابر حريصًا على نقل القصة بتفاصيلها لدرجة أنه وصف المرأة التي سألت بأنها سفعاء الخدين ، فلو سقط خمارها فبان وجهها لذكر ذلك وبيَّنه.

4- وأما القول : أن جابر انفرد بحكاية رؤية المرأة ، أليس هو صحابي عدل حجة ، ومن رواه عنه من العدول الثقات ، فهل إذا تفرد برواية ما لم يروه غيره توقف في خبره ، أم رُدَّ خبره؟! وهذه روايات أخري لنفس القصة فيها وصف المرأة بنفس ما وصفها به جابر :

عن أبى هريرة قال : ألا هل عست امرأة تخبر القوم بما يكون من زوجها إذا خلا بها؟! ألا هل عسى رجل أن يخبر القوم بما يكون منه إذا خلا بأهله؟! فقامت منهن امرأة سفعاء الخدين فقالت : والله إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن , قال : فلا تفعلوا ذلك , أفلا أنبئكم ما مثل ذلك؟ مثل شيطان أتى شيطانة بالطريق فوقع بها والناس ينظرون(السلسلة الصحيحة للألبانى)

عن أبي هريرة قال : دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم المسجد ، وفيه نسوة من الأنصار ،فوعظهن ، وذكرهن ، وأمرهن أن يتصدقن ، ولو من حليهن ، ثم قال :ألا هل عست امرأة أن تخبر القوم بما يكون من زوجها إذا خلا بها ؟ ألا هل عسى رجل أن يخبر القوم بما يكون منه إذا خلا بأهله ؟ فقامت منهن امرأة سفعاء الخدين فقالت : والله إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن قال : فلا تفعلوا ذلك أفلا أنبئكم ما مثل ذلك ؟ مثل شيطان أتى شيطانة بالطريق فوقع بها والناس ينظرون(كتاب " مساوئ الاخلاق" للإمام ابي بكرالخرائطي وصححه للألباني)

عن أبى سعيد الخدرى قال : ألا عسى أحدكم أن يخلو بأهله يغلق بابا ثم يرخى سترا ثم يقضى حاجته ثم إذا خرج حدث أصحابه بذلك ألا عسى إحداكن أن تغلق بابها وترخى سترها فإذا قضت حاجتها حدثت صواحبها فقالت امرأة سفعاء الحدين والله يا رسول الله إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلون قال فلا تفعلوا فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقى شيطانة على قارعة الطريق فقضى حاجته منها ثم انصرف وتركها. (رواه المنذرى فى الترغيب والترهيب وحكمه: له شواهد قوية)

وقد ذهب بعضهم مذهبًا آخر في الجواب عن هذا الحديث فقال بأن هناك حرفًا مغيَّرًا في الحديث ورجَّح ما نقله القاضي عياض عن حذاق شيوخه من أن : لفظ (سطة النساء) غلط في صحيح مسلم، وأن الصواب : (امرأة من سفلة النساء) وكذا رواه ابن أبي شيبة في مسنده والنسائي في سننه, وفي رواية لابن أبي شيبة : (امرأة ليست من علية النساء). ثم قال : "قوله , أي في الحديث : (سفعاء الخدين) فمعناه : فيها تغير وسواد، فعلى هذا فقوله : (امرأة من سفلة النساء سفعاء الخدين) أي : ليست من علية النساء , بل هي من سفلتهم , وهي سوداء وهذا القول يُشعر ويشير إشارة قوية إلى أن المرأة كانت من الإماء وليست من الحرائر، وعليه فلا دليل في هذا لمن استدل به على جواز كشف وجه المرأة؛ إذ أنه يغتفر في حق الإماء ما لا يغتفر في حق الحرائر".

وقد أجاب عن هذا الإمام النووي في شرحه على مسلم فقال : " وهذا الذي ادعوه من تغيير الكلمة غير مقبول بل هي صحيحة، وليس المراد بها من خيار النساء بل المراد امرأة من وسط النساء جالسة في وسطهن، قال الجوهري وغيره من أهل اللغة : يُقال وسطت القوم أسِطُهم وسَطًا وسِطة أي : توسطتهم. قوله (سفعاء الخدين) بفتح السين المهملة أي فيها تغير وسواد ".

ثم أن هذه المرأة معروفة وهي أسماء بنت يزيد من بني الأشهل من الأوس أحد القبيلتين العريقتين في المدينة وهما الأوس والخزرج وهي شابة في عصر الرسالة ولم يرد ذكر في كتب التراجم أنها كانت من الإماء وقد روت أصل هذه القصة فى حديث أخرجه البيهقى والطبرانى :

عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد : أن رسول الله خرج إلى النساء وأنا معهن فقال يا معشر النساء إنكن أكثر حطب جهنم فناديت رسول الله وكنت عليه جريئة لم يا رسول الله قال لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير.

وشهر بن حوشب مولى الصحابية أسماء بنت يزيد الأنصارية . كان من كبار علماء التابعين. قال الحافظ الذهبى مختلف فيه وحديثه حسن.

ومن كتاب (المرأة العالمة في عهد النبوة تأصيل وتميُّز) د.أميرة بنت علي الصاعدي/أستاذ مساعد بجامعة أم القرى :

(( أسماء بنت يزيد العالمة المحدثة الفقيهة , ثالث امرأة راوية للحديث بعد أم المؤمنين عائشة وأم سلمة رضى الله عنهما ... من ذوات العقل الراجح والدين السليم , عُرفت بحسن المنطق وقوة البيان , كانت حريصة على تعلم أموردينها والسؤال عنها.
وكانت تسمي بخطيبة النساء لانها كانت تبادر وتسأل النبي صلي الله عليه وسلم في أكثر من موضع ومن أهم تلك المواضع ما جاء في قصة العيد عندما قال النبي للنساء أنتن أكثر حطب جهنم فقالت امرأة كما في رواية مسلم من سطة النساء سفعاء الخدين لم يا رسول الله ؟ قال لأنكن تكفرن العشر وتكثرن الشكاة الخ.

وقال ابن حجر في أحد المواضع في الفتح هي أسماء بنت يزيد ,اعتمد في ذلك على بعض الروايات لها، وهي المرأة التي جاءت تسأل النبي صلي الله عليه وسلم عن غسل الحيض كما في صحيح مسلم.وهي المرأة التي جاءت تطلب أن يخصص النبي للنساء لتعليمهن كما في الصحيحين ولم يذكر اسمها , قال ابن حجر في الفتح :لم أقف على اسمها لكن يحتمل أنها أسماء بنت يزيد )).انتهى

وأما قولهم : ربما تكون هذه المرأة من القواعد , فيناقش هذا بأن أسماء قد ماتت في خلافة يزيد بن معاوية في حدود السبعين هجرية. أي بعد ستين عاما من وفاة النبي صلي الله عليه وسلم , مما يعني أنه يستبعد ان تكون من القواعد في عصر الرسالة .

وأما قولهم : أن ذلك محتمل أن يكون قبل فرض ‏الحجاب , غير صحيح , بل الواقعة حدثت بعد فرض الحجاب لأن آية الحجاب إنما نزلت سنة خمس، حين بنى صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش , وزمن ورود هذة الواقعة كان بعد صلح الحديبية, في يوم عيد من الأعياد .

عن بن عباس قال : شهدت الفطر مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، يصلونها قبل الخُطبة ، ثم يخطب بعد ، خرج النبي صلى الله عليه وسلم ، كأني أنظر إليه حين يجلس بِيده ، ثم أقبل يشقهم ، حتى جاء النساء معه بلال، فقال : { يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ } الآية ، ثم قال حين فرغ منها : أنتن على ذلك. قالت امرأة واحدة منهن لم يجِبه غيرها : نعم. لا يدري حسن (من الرواة) من هي ، قال : فتصدقن. فبسط بلال ثوبه، ثم قال : هلم لكن فداء أبي وأمي. فيلقين الفتخ والخواتيم في ثوب بلالٍ . (رواه البخارى)

أولا : انتقل ابن عباس مع أبويه إلى دار الهجرة سنة الفتح وذلك فى العام الثامن من الهجرة وهذا لا يكون إلا بعد فرض الحجاب.

ثانيا : النبى صلى الله عليه وسلم قرأ على النساء آية المبايعة وهي في آخر سورة الممتحنة, وفي صحيح البخاري عن المسور أن آية الامتحان نزلت في يوم الحديبية, وكان ذلك سنة ست فى شهر ذى القعدة, فيكون النبي صلى الله عليه وسلم أعاد قراءتها على النساء في عيد الفطر, كما في الحديث, وهو عيد الفطر الذي بعد صلح الحديبية, وهو إمّا في فطر السنة السابعة أو التاسعة أو العاشرة.

أمّا فطر السنة الثامنة فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة , بل كان بمكّة في غزوة الفتح فقد فتحها الله عليه في شهر رمضان وبقي بها حتى قدم عيد الفطر ودخل شوال. إذن القصة وقعت إما فى فى فطر السنة التاسعة أو العاشرة .

3- ما روى عن عبد الله بن عمر أن النبى صلى الله عليه وآله قال : ( لا تنتقب المحرمه ولا تلبس القفازين ). رواه البخارىوفى رواية : ( لا تلثم المرأه ولا تتبرقع ولا تلبس ثوبا بورس ولا زعفران ).

يقولون :

قال رسول الله ( لا تنتقب المحرمة ) وحظر الإنتقاب في الإحرام يفيد أنه الأصل في غير الإحرام وأنه واجب.

الجواب عن هذا :

1- هذا قول غير صحيح في الاستدلال يخالف الأصول وهل إذا أمر الله الحجاج بكشف رؤوسهم في الإحرام كان ذلك يفيد أن الرؤوس تغطى وجوبا في غير الإحرام ؟!!.

الصواب هو أن حظر أمر في الإحرام مثل النقاب يفيد أولا أنه كان معروفا - أي مستعملا - عند بعض النساء, ويفيد ثانيا أنه مباح في غير الإحرام شأن بقية محظورات الإحرام كلبس العمائم والبرانس والخفاف والقمص .

وقد استدل كثير من الفقهاء بهذا الحديث أن الوجه والكفين ليسا بعوره وإلا لما أوجب كشفهما فى الإحرام . وقد يقول بعض الناس أن الأمر بكشف الوجه فى الحج أو فى الصلاة يفيد أن الوجه يجب ستره فيما وراء ذلك وأن على المرأه إرتداء النقاب و القفازين .

قال ابن قدامة رحمه الله في المغني : لو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما. انتهى.

2- النهي عن نوع من اللباس في الإحرام لا يعني ضرورة أنه من عادة جميع الناس في غير الإحرام , ومثال ذلك لبس البرانس والقمص, فإنه كان من عادة بعض الرجال لا جميعهم , فقد كان غالب لبس العرب الإزار والرداء .

3- وشبيه بهذا الحديث قول عائشة : ( لا تلثم المحرمة ) فهل حظر التلثم في الإحرام يفيد أنه الأصل في غير الإحرام وأنه واجب؟ وإن كان كذلك فالتلثم يكون معه معظم الوجه مكشوفاً ولايستر غير الشفتين والذقن، فهل يقبل المعارضون هذه الدرجة من الستر؟

4- قال ابن عمر : (إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها). ولا يوجد أثراً صريحاً يخالف أثره. فإذا كان (إحرام المرأة فى وجهها) مقصود منه حظر ستر وجهها بالنقاب فحسب ، ولا حرج عليها أن تستر وجهها بأى ساتر غير النقاب ، فالإحرام إذن يعنى حظر وسيلة محددة لستر العضو ولا يعنى ستره مطلقا. 

ولو كان الأمر كذلك لكان الأولى أن يقال إحرام الرجل فى بدنه وإحرام المرأة فى وجهها وكفيها ، فالمرأة إحرامها في وجهها ، فإذا غطت وجهها من غير حاجة فإنها تكون فاعلة محظوراً من محظورات الإحرام .

قال الحافظ ابن حجر في الفتح

 في قوله : لا تنتقب المحرمة : أي لا تستر وجهها, واختلف العلماء في ذلك فمنعه الجمهور وأجازه الحنفية وهو رواية عند الشافعية والمالكية. 

فعلى هذا فالأصل في المرأة المحرمة : أنها لا تغطي وجهها إلا إذا احتاجت - عند مرور الرجال مثلاً أن تغطيه فتغطية بشيء غير النقاب كأن تسدل عليه شيئًا, وليست تلك التغطية بالسدل واجبة عليها, والله أعلم .انتهى

• ورد في شرح فتح القدير للكمال بن همام : المرأة المحرمة لا تغطي وجهها مع أن في الكشف فتنة... وإحرامها في وجهها فتكشفه .

• روى عبد الرحمن بن القاسم المصري (صاحب مالك) في "المدونة" : في المحرمة إذا أرادت أن تسدل على وجهها فقال: فإن كانت لا تريد ستراً فلا تسدل .

• ورد في الأم للشافعي : وتفارق المرأة الرجل ... فيكون للرجل تغطية وجهه من غير ضرورة ولا يكون ذلك للمرأة .

• ورد في المجموع للنووي : أما المرأة فالوجه في حقها كرأس الرجل يحرم ستره بكل ساتر كما سبق في رأس الرجل .

الدليل الرابع :- ما رواه البخارى ومسلم فى صحيحيهما عن سهل بن سعد : ان امرأه جائت الى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله جئت لاهب لك نفسى فنظر اليها رسول الله صلى الله عليه و آله فصعد فيها النظر وصوبه ثم طأطأ رأسه فلما رأت انه لم يقض فيها شيئا جلست . فقام رجل من الصحابه فقال : يا رسول الله الم يكن لك بها حاجه فزوجنيها فقال : ( اذهب فقد انكحتها بما معك من القرآن ) .

- فالمرأة ظهرت أمام رسول الله وأمام أصحابه ، فنظر إليها رسول الله كما نظر إليها غيره ، ومنهم الرجل الذي استأذن النبي صلي الله عليه وسلم في نكاحها .

ولو لم تكن المرأة سافرة الوجه ما استطاع النبي صلي الله عليه وسلم أن ينظر إليها ويطيل فيها النظر تصعيداً وتصويباً , ولم يرد أنه فعل ذلك للخطبة فإن الرواية ليس فيها ما يومئ إلى أنها غير كاشفة لوجهها ثم قامت بكشفه , ثم غطت وجهها بعد ذلك , بل ورد أنها جلست كما جاءت ورآها الحضور من الصحابة فطلب من الرسول الكريم أن يزوجها إياه , أي أنها قد أعجبته , وهذا دليل على بطلان قول بعضهم:" ليس في الحديث أنها كانت سافرة الوجه". 

- إذا كان المقام مقام تزويج وخطبة وأنه يجوز كشف المرأة وجهها للخاطب , فهل يجوز أمام الأجانب؟!.

الدليل الخامس :- ما رواه البخارى ومسلم فى صحيحهما : أن سبيعه بنت الحارث كانت تحت سعد بن خوله وهو ممن شهد بدرا وقد توفى عنها فى حجه الوداع وهى حامل فلم تنشب ( أى لم تلبث ) أن وضعت حملها بعد وفاته فلما تعلت ( أى خرجت من نفاسها ) تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعك وقال لها : مالى أراك متجمله ؟ لعلك تريدين النكاح !إنك والله ما أنت بناكحة حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر . قالت سبيعه : فلما قال لى ذلك جمعت ثيابى حين أمسيت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسألته عن ذلك فأفتانى أنى قد حللت حيث وضعت حملى وأمرنى بالتزويج أن بدا لى .

- دل هذا الحديث على أن سبيعه ظهرت متجملة أمام أبى السنابل الذى جاء زائرا ولم يأت خاطبا وهو ليس بمحرم لها بل هو ممن تقدم لخطبتها بعد .

- ولولا أنها سافرة الوجه ما عرف إن كانت متجمله أم لا .

الدليل السادس :- ما رواه ابو داود فى سننه حديث رقم (2082 ) عن سيدنا جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ( اذا خطب احدكم امرأه فان استطاع ان ينظر منها الى ما يدعوه الى نكاحها فليفعل ). قال جابر فخطبت امرأه من بنى سلمه فكنت أختبىء لها حتى رأيت منها بعض ما دعانى إليها . 

- فأحاديث النظر إلي المخطوبة ليس فيها ما يدل على تغطية الوجه بل فيها ما يدل على جواز نظر الخاطب إلى من يريد خطبتها، ثم إنه ليس فيها نص على رؤيته وجه المخطوبة بخصوصه فقط لأن النظر في الحديث مطلق غير محدد .

• قال الشيرازي ( ت سنة 476هـ ) : ( وإذا أراد نكاح امرأة فله أن ينظر وجهها وكفيها ولا ينظر إلي ما سوي وجهها وكفيها لأنه عورة).

• قال الشافعي : ( وإذا أراد أن يتزوج المرأة فليس له أن ينظر إليها حاسرة ، وينظر إلى وجهها وكفيها وهي متغطية بإذنها وبغير إذنها ، قال تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } قال : الوجه والكفين).

قول الشافعى وبغير إذنها لحديث أبي حميد الساعدي : (...ينظر إليها لخطبة وإن كانت لا تعلم). والنظر إليها من غير علمها مثل أن يَرقُبهَا أثناء سيرها في الطريق دليل علي جواز النظر إلي جميع ما يظهر عادة كالوجه والكفان .

فيحتمل أن جابر كان يختبئ لها في النخل ليدقق النظر فيها ويطاردها ببصره ويتأمل محاسنها ويكرر ذلك بلا إذن فربما تستحي من الإذن .

قال الحنابلة : 

يكرر الخاطب النظر ويتأمل المحاسن ولو بلا إذن. وقال الإمام النووي : ويجوز تكرير هذا النظر بإذنها وبغير إذنها.

قال ابن قدامة في " المغني " :

 ووجه جواز النظر إلى ما يظهر غالبا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن في النظر إليها من غير علمها , علم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر عادة , إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور , و لأنه يظهر غالبا فأبيح النظر إليه كالوجه , و لأنها امرأة أبيح له النظر إليها بأمر الشارع , فأبيح النظر منها إلى ذلك كذوات المحارم .

وفي هذا المعني يقول الشيخ الألباني :

 والرواية الثانية عن أحمد أقرب إلي ظاهر الحديث... فإن كل ذي فقه يعلم أنه ليس المراد منه الوجه والكفان فقط ، ومثله في الدلالة قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : ( وإن كانت لا تعلم ) , وتأيد ذلك بعمل الصحابة رضي الله عنهم، وهم أعلم بسنته صلى الله عليه وسلم، ومنهم محمد بن مسلمة وجابر بن عبد الله، فإن كلا منهما تخبأ لخطيبته ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها ، أفيظن بهما عاقل أنهما تخبآ للنظر إلى الوجه والكفين فقط! . انتهى

وقال الشيخ ابن باز وهو من المعارضين لكشف الوجه :

 إذا كشفت له وجهها ويديها ورأسها فلا بأس على الصحيح ، وقال بعض أهل العلم : يكفي الوجه والكفان ، ولكن الصحيح أنه لا بأس أن يرى منها رأسها ووجهها وكفيها وقدميها(موقع الشيخ)

الدليل السابع :- أخرج البخاري :  من طريق مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال : «كان الرجال والنساء يتوضئون في زمان رسول الله جميعاً». ورواه أبو داود من طريق حماد عن أيوب عن نافع، بزيادة : «من الإناء الواحد جميعا». ومن طريق عبيد الله عن نافع، بلفظ : «كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله  من إناء واحد ندلي فيه أيدينا».

 قال ابن حجر : 

« ظاهره أنهم كانوا يتناولون الماء في حالة واحدة. وحكى ابن التين عن قوم أن معناه أن الرجال والنساء كانوا يتوضئون جميعا في موضع واحد، هؤلاء على حدة وهؤلاء على حدة. والزيادة المتقدمة في قوله " من إناء واحد " ترد عليه. وكأن هذا القائل استبعد اجتماع الرجال والنساء الأجانب. 

وقد أجاب ابن التين عنه بما حكاه عن سحنون أن معناه كان الرجال يتوضئون ويذهبون ثم تأتي النساء فيتوضئن، وهو خلاف الظاهر من قوله " جميعاً ". قال أهل اللغة : " الجميع ضد المفترق ". 

وقد وقع مصرحا بوحدة الإناء في صحيح ابن خزيمة في هذا الحديث، من طريق معتمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أنه أبصر النبي وأصحابه يتطهرون والنساء معهم من إناء واحد كلهم يتطهر منه » .اه

وأما من قال بأن هذا قبل الحجاب (أي قبل السنة الخامسة للهجرة) فهو قول ضعيف، لأن الفقيه ابن عمر لم يذكر ذلك (مع ضرورة التنبيه عليه لو كان صحيحاً). بل صيغة الحديث ( كانوا يتوضئون في زمان الرسول...) يدل على استمرارية ذلك الفعل في ذلك الزمان دون توقف .

الدليل الثامن :عن أم صبية الجهنية قالت : « اختلفت يدي ويد رسول الله في الوضوء من إناء واحد ». صحيح ابن ماجه

 قال العراقي في طرح التثريب : « وليست أم صبية هذه زوجة ولا محرما ».اه

الدليل التاسع :- ما رواه الجماعة عن بن مسعود : أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ).

فلو كانت الوجوه كلها مستورة وكان النساء منقبات فما معنى أن الزواج أغض للبصر إذا كان البصر لا يرى شيئا من النساء ؟ .

الدليل العاشر :- قوله صلى الله عليه وآله : ( يا علي : لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة ). صحيح أبي داود

واتباع النظرة هنا معناه أن الرجل إذا نظر إلى المرأه بداهة فرأى ما يستحسنه منها فعليه ألا يكرر النظرة إليها. ولكن كيف يرى ما يستحسنه منها لو كانت منتقبة ؟ .

الدليل الحادي عشر :- ما رواه الامام مسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ( إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه، فليعمد إلى امرأته فليواقعها؛ فإن ذلك يرد ما في نفسه) . 

فوقعت في قلبه أي فانشغل بها قلبه وهواه وعاطفته وشهوته وهذا مما لاشك فيه أنها كاشفة للوجه فأعجبه جمالها وإلا ان كانت ساترها لوجهها فلن تقع فى قلبه .

الدليل الثاني عشر :- ما جاء فى البخارى ومسلم عن السيدة عائشة قالت : ( كن نساء مؤمنات يشهدن مع النبى صلى الله عليه واله صلاة الفجر متلحفات بمروطهن ( أى مستورات الأجساد بما يشبه الملاءه ) ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفن من الغلس ) .

 والحديث يدل بمفهومه أن هؤلاء النساء كدن أن يعرفن لولا الغلس أى الظلمة التى بعد الفجر ولا يعرفن إلا إذا كن سافرات الوجوه وهذا يقتضي أنهن سافرات عن وجوههن ولو كن غير سافرات لمنع النقاب وتغطية الوجه من معرفتهن لا الغلس . 

ويدل على ذلك هذه الرواية الصحيحة عن أم المؤمنين عائشة بلفظ : ( وما يعرف بعضنا وجوه بعض ) رواه أبو يعلي في مسنده بسند صحيح , وصححها الألباني .

الدليل الثالث عشر :- ما رواه البخارى عن ابن عباس : أنه شهد العيد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وأنه عليه السلام خطب بعد أن صلى ثم أتى النساء ومعه بلال فوعظهن وذكرهن وأمرهن أن يتصدقن . قال بن عباس : ( فرأيتهن يهوين بأيدهن يقذفنه فى ثوب بلال ).

ودلالة هذا الحديث أن ابن عباس بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله يرى أيدهن فصح بذلك أن اليد من المرأة والوجه ليستا بعورة . 

الدليل الرابع عشر :- ما رواه بكر بن عبد الله المزنى عن المغيرة بن شعبة : أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكماصحيح الترمذي

وفى الأمر بالنظر إليها دليل على سفور وجهها وكونها غير منتقبة .

الدليل الخامس عشر :- عن عطاء بن رباح قال : قال لي ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت : بلي, قال : هذه المرأة السوداء أتت النبي صلي الله عليه وسلم قالت : إني أصرع, وإني أتكشف فادع الله لي قال : إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك فقالت: أصبر, فقالت : إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف فدعا لها. (وفي رواية للبخاري : عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء : أنه رأي أم زفر تلك المرأة الطويلة السوداء علي ستر الكعبة ). (رواه البخاري ومسلم)

هنا امرأة مؤمنة بشرها رسول الله بالجنة يراها ابن عباس فيعرفها ثم يدعو عطاء بعد سنين لينظر إليها ويتضح من سياق الحديث أن المرأة كانت سافرة الوجه يوم خاطبت رسول الله فعرفها ابن عباس ولابد أنها كانت سافرة أيضا يوم أراها ابن عباس لعطاء .

الدليل الخامس عشر :- أخرج الطبراني بسند صحيح عن قيس بن أبي حازم، قال : « دخلت مع أبي على أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، فرأيت يد أسماء موشومة ». انظر (فتح الباري، 10/ (376 )) و (وصححه العلامة الألباني في الرد المفحم).

ففى هذا الأثر دليل على أن اليد ليس بعورة وإلا فكيف عرفوا الوشم فى يد زوجة الصحابي الكبير أبا بكر ؟!.

 وإليك رأى بعض أئمة التفسير

1- تفسيرالبيضاوى المسمى (أنوار التنزيل واسرارالتأويل) فقال عندما تعرض للآيه (31) من سورة النور " الاما ظهر منها " ( عند مزاولة الاشياء كالثياب والخاتم فإن فى سترها حرجا وقيل المراد بالزينه مواضعها على حذف المضاف او مايعم المحاسن الخلقيه والتزيينيه والمستثنى هو الوجه والكفان لانها ليست بعوره ) .

2- تفسير الطبرى المسمى (جامع البيان عن تفسير القرآن) بعد ان ذكر اكثر من راى فى تفسير ( الا ما ظهر منها ) قال : ( وأولى الاقوال فى ذلك بالصواب قول من قال : الوجه والكفين ). 

3- تفسيرالقرطبى المسمى (الجامع لاحكام القرآن) فيقول الامام القرطبى : ( لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعباده .وذلك فى الصلاة والحج فيصلح ان يكون الاستثناء راجع اليهما ).

4- تفسير البغوى المسمى ( معالم التنزيل ) فقال ما نصه : ( وإنما رخص فى هذا القدر- الوجه والكفان - أن تبديه لانهما ليسا بعورة وتؤمر بكشفه فى الصلاة .وسائر بدنها عوره يلزمها ستره ).

5- تفسير أبو الحسن الخازن المسمى ( لباب التأويل فى معانى التنزيل ) فقال فيه ما نصه : ( وإنما رخص فى هذا القدر للمرأه أن تبديه من بدنها لانه ليس بعوره وتؤمربكشفه فى الصلاة ).

6- تفسير ابن كثير المسمى ( تفسير القرآن العظيم ) فقال بعد ماعرض لاقوال بعض الصحابة المؤيدة أن المستثنى فى الآيه هما الوجه والكفان قال : ( والمشهورعند الجمهور أن ابن عباس ومن تابعه أرادوا تفسير ما ظهر منها بالوجه والكفين ).

7- تفسير الجلالين : وجاء فيه ما نصه : ( ولايبدين زينتهن ) الخفية وهى ما عدا الوجه والكفين ( الا ما ظهر منها ) هو الوجه والكفان .

8- تفسيرالواحدى المسمى ( الوجيز ) قال ما نصه : (الا ما ظهر منها ) وهى الثياب والكحل والخاتم والخضاب والسوار. فلا يجوز للمرأه ان تظهر الا وجهها وكفيها . 

9- تفسير أبو بكر الرازى ( الجصاص ) المسمى ( أحكام القرآن ) يقول ما نصه : ( ويدل على أن الوجه والكفين ليس بعورة ايضا أنها تصلى مكشوفة الوجه واليدين ) .

فمن تتبع أقوال المفسرين تبين أن ثلاثة عشر مفسرا رجح اعتبار ما يظهر من الزينة ويشرع إبداؤه للرجال الأجانب هو زينة الوجه والكفين ، وهؤلاء هم :

1- الطبري ...ت سنة 310هـ

2- الجصاص ...ت سنة 370هـ

3- الواحدي...ت سنة 468هـ

4- البغوي ...ت سنة 516هـ

5- الزمخشري...ت سنة 528هـ

6- ابن العربي ...ت سنة 543هـ

7- الفخر الرازي ...ت سنة 606هـ

8- القرطبي ...ت سنة 671هـ

9- الخازن ...ت سنة 725هـ

10- أبو حيان ...ت سنة 754هـ

11- أبو السعود...ت سنة 528هـ

12- النيسابوري...ت سنة 728هـ

13- ابن باديس ...ت سنة 1359هـ

أما الذين رجحوا اعتبار الثياب هي الزينة الظاهرة فهم :

1- ابن الجوزي ت سنة 596هـ

2- البيضاوي ..ت سنة 685هـ

3- الشوكاني ..ت سنة 1250هـ 

أضاف القدمين والكفين إلي الثياب.

4- ابن كثير..ت سنة 774هـ

وقد ذكر ابن كثير أن المشهور عند الجمهور تفسير { مَا ظَهَرَ مِنْهَا } بالوجه والكفين.

فهنا ثلاثة عشر مفسرا قد رجح اعتبار الوجه والكفين هما الزينة الظاهرة لا نقصد بذلك أن الكثرة مؤشر دال علي الحق والصواب ولكن لنبين لمعارضي مشروعية سفور الوجه أن القول بالمشروعية ليس بدعة جديدة ابتدعها المبهورون بحضارة الغرب الذين يرون في ستر الوجه تقليدا قديما باليا .

 وإليك رأى أئمة المذاهب والفقهاء بدون توسع

 مذهب الحنفية

- الإمام محمد بن الحسن الشيباني (ت:189 هـ) : هو صاحب الإمام أبي حنيفة النعمان وناشر مذهبه وفقيه العراق ولد سنه 131 هـ، وهو يعد صاحب الفضل الأكبر في تدوين مذهب الحنفية .

قال في المبسوط (ج3/ص56 – 58) :

وأما المرأة الحرة التي لا نكاح بينه وبينها ولا حرمة ممن يحل له نكاحها فليس ينبغي له أن ينظر إلى شيء منها مكشوفا إلا الوجه والكف ولا بأس بأن ينظر إلى وجهها وإلى كفها ولا ينظر إلى شيء غير ذلك منها وهذا قول أبي حنيفة ). انتهى

وجاء فى بدائع الصنائع للكسائى ( ج4 ص266 )

( لا يحل النظر للاجنبى من الاجنبيه الحره الا مواقع الزينه الظاهره وهى الوجه والكفان رخص بقوله تعالى" ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها ".و المراد من الزينه الظاهره الوجه والكفان فالكحل زينة الوجه والخاتم زينة الكف ) .انتهى

- الإمام أبو جعفر الطحاوي (ت:322 هـ) :

قال في " شرح معاني الآثار" (2/392- 393) : أبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرَّم عليهم من النساء إلى وجوههن وأكفهن وحرم ذلك عليهم من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت آية الحجاب... وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى ". انتهى

 مذهب المالكية

- الإمام أبو سعيد التنوخي الشهير ب"سحنون" (ت:240هـ) في كتابه الشهير "المدونة الكبرى" (6/83) وهي مسائله لعبد الرحمن بن قاسم وبعض تلاميذ الإمام مالك في حكم المظاهر : (( (قال) ولا يصلح له أن ينظر إلى شعرها ولا إلى صدرها (قال) فقلت لمالك أفينظر إلى وجهها (فقال) نعم وقد ينظر غيره أيضا إلى وجهها )). وفي مختصر المدونة للبرذعي (من علماء القرن الرابع) : (( وجائز أن ينظر إلى وجهها وقد ينظر غيره إليها)). انتهى

جاء فى الشرح الصغير لسيدى أحمد الدردير المسمى أقرب المسالك لمذهب مالك ما نصه : ( وعورة الحره مع الرجل الاجنبى منها اى ليس بمحرم لها جميع البدن غير الوجه والكفين واما هما فليسا بعوره .)

- الإمام القرافي (ت:682هـ) في الذخيرة في الفقه المالكي (2/104) : (( قوله تعالى : وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها. يقتضي العفو عن الوجه واليدين من الحرة لأنه الذي يظهر عند الحركات للضرورة)). انتهى

 مذهب الشافعية

قال الإمام الشافعى فى كتابه الام ج1ص89 : ( وكل المرأه عوره إلا كفيها ووجهها ).انتهى

نقل الإمام المزني (ت:264هـ) في مختصره المشهور عن الإمام الشافعي (ت:204هـ) صاحب المذهب : ( قال ) وإذا أراد أن يتزوج المرأة فليس له أن ينظر إليها حاسرة وينظر إلى وجهها وكفيها وهي متغطية بإذنها وبغير إذنها قال الله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } قال الوجه والكفان )). انتهى

وهذا نقل مهم جدا عن الشافعي وهو نص بما عليه تفسير الآية بما عليه الجمهور وعليه فلا يجب عنده أن تستر وجهها عن الأجانب ولا يقال هذا في الخاطب لأن الشافعي يذكر حجته من الآية وتفسيرها وليست الآية خاصة بالخاطب فالشافعي يقول : إنه ليس للخاطب إلا ما للأجنبي من الزينة الظاهرة .

قال الشرازى صاحب " المهذب " ما نصه : ( وأما الحره فجميع بدنها عورة إلا الوجه والكفين) . انتهى

مذهب الحنابلة

قال المرداوي قوله : " والحرة كلها عورة حتي ظفرها وشعرها إلا الوجه ".

 الصحيح من المذهب أن الوجه ليس من العورة. وحكاه القاضي إجماعا. وعنه الوجه عورة أيضا. 

قال الزركشي (شارح مختصر الخرقي) (ت:772هـ) : وأطلق الإمام أحمد القول بأن جميعها عورة، وهو محمول علي ما عدا الوجه أو في غير الصلاة .انتهى من (كتاب "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد ابن حنبل"

قال ابن قدامة فى المغنى ج1ص522 فيما يتعلق بالستر فى الصلاة : 

لا يختلف المذهب في أنه يجوز للمرأة كشف وجهها في الصلاة، ولا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم، وأنه ليس لها كشف ماعدا وجهها وكفيها وفي الكفين روايتان. 

واختلف أهل العلم، فأجمع أكثرهم علي أن لها أن تصلي مكشوفة الوجه وأجمع أهل العلم على أن للمرأة الحرة أن تخمر رأسها إذا صلت... وقال مالك، والأوزاعي، والشافعي : جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة ; لأن ابن عباس قال في قوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } قال : الوجه والكفين. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب ولو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما، ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء، والكفين للأخذ والإعطاء.... انتهى

وإليك بعض كلام أهل العلم

1- قال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد (6|364) في المرأة : «كلها عورة إلا الوجه والكفين. على هذا أكثر أهل العلم. وقد أجمعوا على أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة والإحرام. وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم –وهو قول الأوزاعي وأبي ثور–: " على المرأة أن تغطي منها ما سوى وجهها وكفيها ". 

ثم قال ابن عبد البر : « اختلف العلماء في تأويل قول الله عز وجل { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها }. فروي عن ابن عباس وابن عمر : " إلا ما ظهر منها : الوجه والكفان". وروي عن ابن مسعود : " ما ظهر منها الثياب "، قال : " لا يبدين قرطا ولا قلادة ولا سوارا ولا خلخالا إلا ما ظهر من الثياب "». ثم روى عن أبي هريرة وعن أمنا عائشة مثل ما روى عن ابن عباس . 

ثم قال : « واختلف التابعون فيها أيضا على هذين القولين. وعلى قول ابن عباس وابن عمر الفقهاء في هذا الباب. فهذا ما جاء في المرأة وحكمها في الاستتار في صلاتها وغير صلاتها ». انتهى . وقد ذكر  قريباً من هذا في الاستذكار (2|201) فليراجع. 

ومعنى الكلام أن جماهير الصحابة والفقهاء يقولون بأن وجه المرأة وكفيها ليسا عورة ويجوز للمرأة إبدائهما في صلاتها وغير صلاتها. وأن قول من يزعم بأن المرأة عورة كلها هو قول خارج عن أقاويل أهل العلم.

2- قال الشوكاني في نيل الأوطار (6|245) (بعد ذكر حديث أسماء) :  وهذا فيه دليل لمن قال إنه يجوز نظر الأجنبية . اه

3- قال ابن حزم في كتابه"مراتب الإجماع" : ( واتفقوا على أن شعر الحرة وجسمها حاشا وجهها ويدها عورة واختلفوا في الوجه واليدين حتى أظفارهما عورة هي أم لا؟).اه

4- قال ابن هبيرة الحنبلي في " الإفصاح" :  ( واختلفوا في عورة المرأة الحرة وحدِّها فقال أبو حنيفة : كلها عورة إلا الوجه والكفين والقدمين. وقد روي عنه أن قدميها عورة. 

وقال مالك والشافعي : كلها عورة إلا وجهها وكفيها وهو قول أحمد في إحدى روايتيه والرواية الأخرى : كلها عورة إلا وجهها وخاصة. وهي المشهورة واختارها الخرقي).اه

5- قال العلامة الألباني رحمه الله :

قوله تبارك وتعالى : (( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلاببهن )). 

أن ذلك لا يعني أن تستر وجهها بجلبابها ، هذا الأمر لو أن الإنسان تجرد عن التقاليد والعادات وبصورة أولى عن الهوى لوجد الأمر كالشمس في رابعة النهار ، ذلك لأن من شروط الجلباب أن يكون صفيقا لا يشف هذا أمر بينته أنا هناك وأظن أمر لا خلاف فيه بين علماء المسلمين والحمد لله فإذا كان الجلباب يشترط فيه أن يستر الوجه فكيف تمشي المرأة حينذاك وقد سترت وجهها بالجلباب الصفيق ، 

لذلك قال بعضهم ، بعض المفسرين القدامى يجوز لها أن تكشف عن عين واحدة هكذا ، إذا هذا التجويز خرق لدعوى عموم ستر وجه المرأة ، لأن هذا العموم يتضمن ستر الوجه بالعينين فالآن استثنينا اتباعا لهذا القول أو هذه الرواية عينا واحدة ، وجد من قال يستثني العين الأخرى أيضا ، وذلك لكي ترى الطريق وهي تمشي ، ثم وجد من قال بأنه يجوز لها أن تكشف عن وجهها ، لأن في ذلك مصلحة لها من حيث انطلاقها في عملها في طريقها إلى مسجدها وأن تشم الهواء الذي خلقه الله عز وجل لها وللرجال جميعا ، ثم ينبغي على المرأة أن تعرف أحيانا في مثل قضايا الشهادة ونحو ذلك .

 والمسألة ليست مسألة عقل إنما هي مسألة نقل وليس هناك في الكتاب ولا في السنة ما يوجب على المرأة أن تستر وجهها 

هذه الآية التي يمكن أن يقال بأنها توجب على المرأة أن تستر وجهها وقد عرفتم أن الجلباب لا يمكن أن تستر المرأة بهوجهها لأن الجلباب يعمي عليها الطريق ، 

ولذلك أضيق الناس قولا في مسألة الحجاب لم يسعه إلا أن يقول تكشف عن عين واحدة لترى الطريق قال بعضهم عن عينين . 

لكننا نرى كبار الصحابة وترجمان القرآن بصورة خاصة ألا وهو عبد الله بن عباس يستثني وجه المرأة من الأمر بالستر كما روى ذلك الحافظ ابن أبي شيبة في كتابه المصنف بالسند الصحيح كذلك في رواية عن ابن مسعود لا يحضرني الآن سندها ، ولا يوجد من يقول من الصحابة ولا من الأئمة المشهورين بأن وجه المرأة عورة ،وقد أثبت بالنقول الصحيحة عن مصادر عديدة من كتب المذاهب أن أبا حنيفة ومالكا والشافعي يقولون بأن وجه المرأة ليس بعورة لكن ذلك لا يعني أن ذلك لا يستحب لها أن تستر وجهها .

 نحن نسمع من كثير من يرون وجوب ستر وجه المرأة يعالجون القضية معالجة عقلية منطقية وهذا ليس سنة العلماء الذين تلقينا عنهم العلم ، 

العلم كما يقول ابن القيم رحمه الله : " قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بالتمويه " إلى آخر الكلام ، فالناس يقولون أجمل ما في المرأة وجهها بالنسبة لمن للرجل فكذلك أجمل ما في الرجل بالنسبة للمرأة هو وجهه فإذا نقول بوجوب ستر الرجل وجهه أمام المرأة لا هذا ما يقول به أحد والحمد لله ، لكن هذا المنطق إذا سلكناه يؤدي بنا أن نحرم مالم يحرمه الله ولا رسوله ، 

فنحن يجب أن نأتي بالدليل من كتاب الله أو من حديث رسول الله ، في تحريم شيء إذا جزمنا بتحريمه لا نناقش المسألة بالمنطق فنقول أجمل ما في المرأة وجهها أنا أقول أجمل ما في المرأة وجهها ولكن هل هذا يكفي لتحريم كشف وإيجاب الستر ؟ لا والله هذا لا يكفي عند أحد من العلماء إطلاقا ،

ثم أنا أقول شيئا آخر أجمل ما في الرجل وجهه ترى لو أن رجلا كشف عن عضديه وكشف عن بدنه وصدره الجميل ، ترى يكون هذا عورة لا يكون عورة لكن هذا أمر مباح ولذلك أجمع العلماء في قولهم على أن عورة الرجل ما بين السرة إلى الركبة.

 إذن القضية تحتاج الاعتماد ليس على مجرد العقل لأنه ما من عقل إلا ويعارض بعقل ولذلك جاء عن الإمام مالك انتقاده لهؤلاء الأرائيين الذين يأتون بأقوال اليوم يرون رأيا وغدا يرون رأيا وهذا طبيعة الإنسان أما حينما يستند الإنسان إلى نص من كتاب الله أو من حديث رسول الله فهناك يأتي قول ربنا تبارك وتعالى (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ))  فمن كان غيورا على أهله وعلى بناته فالأمر واسع أمامه فليستر الوجه .

وليس ستر الوجه ببدعة كما يقول بعض الناس الذي رددنا عليهم في نفس الكتاب ، في فصل خاص عقدناه بأن ستر الوجه وستر الكفين هو من الفضائل التي كان عليها الكثير من الصحابيات في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ففي الأمر سعة فمن أراد أن يغطي فله ذلك ولا حرج ومن أراد أن يكشف فله رخصة في ذلك ولكن الستر هو الأفضل أما أن نقول ان الكشف حرام أين الدليل على ذلك من القرآن .

السائل : الحديث والآية شيخنا؟

الشيخ : 

إذا سمعت الآية عرفنا أنها ليست نصا ، الآية الأخرى آية الخمار : (( وليضربن بخمورهن على جيوبهن )). لم يقل على وجوههن والخمار في العرب هو غطاء الرأس وهو صالح للنساء والرجال ولذلك جاءت الأحاديث في المسح على الخفين وعلى الخمار لأن الرجل يغطي به رأسه ، فلا يوجد في القرآن نص على تحريم كشف المرأة لوجهها وإذا لابد حينها للانتقال للسنة .

السائل : ( اسألوهن من وراء حجاب )

الشيخ :

(( اسألوهن من وراء حجاب )) ، ما معنى الآية فاسألوهن من وراء حجاب في الطريق الحجاب هو الباب هو الستار هذا المقصود فيه لأن المرأة في بيتها تكون إيش العبارة العربية ؟ متبذلة ، تكون آخذة حريتها ، فلا يجوز لها أن تفتح الباب كما تفعل النساء في بعض البلاد العربية ، يأتي الخباز يريد أن يسلمها الخبز أو اللحام أو إلى آخره تفتح الباب على مصراعيه كأنه أخاها أو زوجها أو نحو ذلك ، هذا معنى الآية (( فاسألوهن من وراء حجاب ))، لأن السؤال الذي يكون عادة هو هذا ، 

ثم هب أن هذا هو الحجاب فأين الدليل أن هذا الحجاب يستر الوجه كما قلنا آنفا لابد من دليل خاص بأن الحجاب يجب أن يكون ساترا للوجه ، فقد قلنا إن الحجاب يجب أن يكون صفيقا ، أن يكون ثخينا ، بحيث لو أن المرأة غطت وجهها لا ترى طريقها فأنت الآن تنزع بهذه الآية فالجواب نفس الجواب .

السائل : حديث عائشة رضي الله عنها عندما قالت : ( إذا جاوزنا الركبان جعلت الجلباب على وجهها ... ) وإذا ، وتحديد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما رأى سودة بنت زمعة أم المؤمنين ... .

الشيخ : وهذا قبل نزول الحجاب .

السائل : فأمرهن بلبس الحجاب فلو تفضلت بتبيان ذلك؟

الشيخ :

يا أخوانا لا تدندنوا حول القضية بألفاظ عامة هل هذا ذكر فيه الوجه هل ذكر فيه ستر الوجه أي نص تذكرونه الآن هذا حديث عائشة صريح في ذلك ، حديث عائشة نحن نقول به ،نحن اوردناه من ضمن ما اوردناه من الاحاديث في كتاب الحجاب لذا فنحن نؤيده لكن من أين نأخذ أن هذا الفعل واجب على كل امرأة ، ثم نحن نقول هذا الفعل بالنسبة لنساء الرسول، فيه هناك أقوال لبعض العلماء أن ستر الوجه بالنسبة لنساء الرسول واجب كستر سائر البدن مع ذلك فهذا فعل ونحن نقول به لعموم نساء المسلمين ونحن والحمد لله نساؤنا هكذا ونحن ما قلنا ذلك كما يقولون عندنا في الشام تشليطا

وكما يقول بعض الخصوم مع الأسف أننا ندعوا إلى السفور ، لا يوجد مؤلف وهذا من فضل الله عليّ كتب بالحجاب وجاء بالشروط التي نحن ذكرناها وإذا جاء بها فقد نقلوها عنا ، ومع ذلك ينسبوننا إلى أننا دعاة سفور نحن نقول ندعوا إلى الحجاب الذي أمر الله به ورسوله ونقول بأن ستر الوجه أفضل . 

لكننا نقول لا دليل يوجب على المرأة أن تستر وجهها ، ومن الادلة القاطعة في ذلك : حديث الخثعمية ، حديث الخثعمية في الصحيحين لا مجال لإنسان أن يشكك فيه ، ودلالته قاطعة لا مجال للشك في دلالته أيضا ، لأن الفضل ابن عباس حينما كان ردفا للنبي صلى الله عليه وسلم كان ينظر إليها ويقول بإنها كانت وضيئة وكانت جميلة فلولا أنها كانت كاشفة عن وجهها لما أفتتن الرجل بها ، ولما كان من الرسول من حاجة إلى أن يلفت رأس الفضل إلى الجانب الآخر ، ويقول كما في بعض الروايات خارج الصحيح ( هذا يوم من ملك فيه بصره ولسانه غفر له ) ، أو كما قال عليه السلام حديث الخثعمية في حياته عليه السلام فلا يأمرها أن تغطي وجهها ولكن يأمر الفضل بأن يصرف وجهه إلى الطرف الآخر ، وهذا تطبيق من الرسول عليه السلام للآية الكريمة (( وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ))، وتطبيق منه لحديث جرير بن عبد الله البجلي الذي سأل الرسول هو أو غيره أن الرجل يقع بصره على امرأة فيقول ( اصرف بصرك ) ، هذا هو الواجب ، 

فصرف البصر وخاصة في قصة الفضل لا يكون إلا أن يكون الرجل في أمامه شيء يراه ليس بالواجب ستره فهذا النص الصريح دليل على ان الوجه ليس بالواجب ستره حتى في هذه الحالة لكن الواجب أن نصرف البصر عن وجوه النساء فإذا كانت وجوه النساء هي أجمل ما فيهن ، فواجبنا نحن أن نصرف بصرنا عن أجمل ما فيهن .

فكما لا يجوز للرجل أن ينظر إلى وجه المرأة إلا لحاجة طبابة شهادة ونحو ذلك ، كذلك المرأة لا يجوز لها أن تنظر إلى وجه الرجل ولو كان وجه الرجل ليس بعورة هكذا نفهم الموضوع فإذا حديث عائشة فيه ستر الوجه ونحن نقول به ، لكن هذا الفعل لا يدل على وجوب هذا المفعول ألا وهو ستر الوجه ، إنما يدل على شرعيته ونحن أول القائلين به .

السائل : في نفس الموضوع. 

الشيخ : 

أنت خرجت عن الموضوع بارك الله فيك نحن أول من يمنع أن تعمل المرأة خارج بيتها لكن أنت بارك الله فيك رجعت إلى حيث بدأ الرجل نحن قلنا دعوا المنطق ودعوا العقل لأن العقل لا يحكم الشرع فإذا كان عندك نص يوجب على المرأة أن تغطي وجهها نحن الآن متفقون على أن تغطية وجهها هذا الأفضل مختلفون في أنه هل هو يجب ذلك عليها أم لا ، فيه عندك نص حتى نبحث فيه وننظر فيه أما والله الفتن نحن أتينا بحديث الفضل ألم يكن هناك فتنة ماذا تقول في حديث الفضل ؟

السائل : ...

الشيخ :

 إذا سمحت ماذا تقول يا أستاذ في حديث الفضل ألم يكن هناك فتنة؟

السائل : ..المجتمع .

الشيخ : 

ما أجبتني طيب لماذا الرسول لم يأمر المرأة الخثعمية أن تستر وجهها وقد تحققت الفتنة.

السائل : ..

الشيخ :

 يا أخي بارك الله فيك العصر أجزاء فقد تتحقق الفتن في مكان وقد لا تتحقق الفتنة في مكان ففي ساعة تحقق الفتنة هو ساعة الإيجاب لستر الوجه ، الذي هو مثار الفتنة فلماذا الرسول ... كيف تفهمون هذا الحديث ، أنا بحاجة أن تفهموني ما عندكم .

السائل :...

الشيخ : 

اسمح لي كيف تعرضون عن حديث الرسول بالمنطق ، هذا يترتب منه فتنة ، والزمن فاسد إلى آخره كيف توجهون هذا الحديث تعترفون بأن الفتنة ذرت قرنها ، بين الرجل وبين المرأة وإن الحديث يروي بأن كلا منهم كان جميلا وضيئا إلى آخره ، كيف موقفكم تجاه هذا الحديث ؟

السائل : فيه نص بارك الله فيك ( المرأة عورة ) والسند صحيح وإذا خرجت .

الشيخ : 

سامحك الله ماذا تجيب عن هذا الحديث ؟

السائل : هذا نص عام .

الشيخ : 

سامحك الله، الذي قال حديث ( المرأة عورة ) هو الذي عالج هذه القضية في حجة الوداع لماذا الرسول لم يقل للمرأة استري وجهك ستفتني الفضل بن عباس الذي خلفي ، لماذا سكت الرسول عن هذا المنكر ، ليتصور أحدكم الحقيقة أنا أعتقد أنتم الآن مبتلون بسبب هذا التعصب ألا يكفيكم أن تقولوا حسب المرأة أن تستر وجهها وهذا أفضل لها، إلا أن تقول هذا فرض عليها والرسول لم يفرض عليها ، 

هبوا أنتم في موقف الرسول عليه السلام ، اليوم في الحج خذوا أي عالم فاضل صالح شو بقول فيه، إذا وقعت هذه الحادثة منه رأى جاءت امرأة تسأله وهي كاشفة عن وجهها وهو راكب على ناقته ، وخلفه شاب وضئ فلاحظ أن الفتاة تنظر إليه وهو ينظر إليها وهي كاشفة عن وجهها ، ماذا يفعل هذا الشيخ الذي يعتقد بأن المرأة يجب عليها أن تستر وجهها ماذا يفعل ؟ أنبئوني بعلم إن كنتم صادقين ماذا يفعل ؟ أليس يأمرها أن تستر الوجه ؟

السائل : نعم .

الشيخ : 

طيب لماذا لم يفعل الرسول هذا يا جماعة ؟ إنما فعل خلاف ذلك ، خلاف ما تتصورون أنتم إنكم تفعلونه يصرف وجه الفضل للجانب الآخر لأنه لا يجب على هذه المرأة أن تستر وجهها ، يجب على هذا الرجل أن يغض البصر عنها أن يصرف بصره عنها، فلو كان كما تتوهمون وكم تظنون لقال استري وجهك.

 كثير من العلماء الأفاضل ، يقولون هذه كانت محرمة ، سبحان الله هب أنها كانت محرمة ولا دليل على أنها كانت محرمة ، بل أنا ذكرت هناك رواية أن هذا كان بعد رمي الجمرة حيث يحل للحاج الحل الأصغر ، لكن تفترض أنها كانت محرمة ، آنفا ذكر الشيخ هنا حديث إيش ؟ حديث السدل حديث عائشة فلماذا لا يأمرها بأن تسدل على وجهها ؟ ألا مخرج إلا بأن ترتكب المخالفة والتنقب ؟ لا 

المخرج موجود آنيا نحن نقول إن الحجاب المأمور به في القرآن لا يمكن أن يغطي به الوجه ، لأنه يعمي على المرأة طريقها ولذلك اضطر من قال إلى أنه يجوز لها أن تكشف عن عين واحدة ، 

لكن هي واقفة وتسأل الرسول عن أبيها إنه رجل شيخ كبير أدركته فريضة الله الحج إلى آخر الحديث ، فباستطاعته عليه السلام أن يقول لها اسدلي على وجهك فتنتي ابني هذا ، ما فعل شيء من ذلك ، وإنما قال للرجل اصرف وجهك ، فإذا نحن يجب أن نعالج مشاكلنا على ضوء سنة نبينا صلى الله عليه وسلم لا نتشدد ولا نتساهل لا نقول ستر الوجه بدعة كما قال بعض المفرطين المضيعين .

ولا نقول بأن ستر الوجه فرض عين كستر ذراعها وساعدها ونحو ذلك لأنه لا دليل على ذلك والدليل موجود في آخر حياة الرسول عليه السلام في حجة الوداع ما أسمع جوابا ، ها أنتم الآن متحمسون وأخونا هذا منهم .

السائل : لا ، لحظة لحظة، لحظة لا أستاذ لو سمحت يا شيخ ، لو سمحتم يا إخوان ، ما نفحم شيخنا ، هذا قول في أنفسه خليه يحقق الموضوع هذا ، هذا قول في أنفسهم كل الدعاة ، كل واحد يقول ... يا شيخ ستر الله عليك ، موضوع حديثك الخثعمية أنا قارئ عنه أظن في زاد المعاد لابن القيم وجهه حجة على من قال بكشف الوجه ، لكن ما أذكر الآن النص ، ونحن لما نقول الفضل نظر إليها هل متحقق أن وجهها كان مكشوفا أو كان لباسها زين ومنطقها زين وتعجب منها الفضل ونظر إليها ؟

الشيخ : 

هو هذا الكلام .

السائل : لا أقول يعني هكذا يقول كثير من أهل العلم .

الشيخ : 

ينظر إلى سواد ثوبها؟ أم ماذا ؟

السائل : ينظر إلى ملايتها وإلى وكلامها الطيب يعني أقول أنا لعله ...

الشيخ : 

بارك الله فيك ، اجعل لعل عند ذاك الكوكب ، لعل وعسى أنا أسألكم هل ثوب المرأة إذا كان زينة يجوز أن تخرج به إلى الطريق ؟

السائل : لا .

الشيخ :

 طيب إذا لم يكن زينة لا يجوز النظر إلى هذا الثوب.

السائل : ..

الشيخ : 

أي بحث تدخله الحرارة ينهار ولا يستفاد منه شيء أنت الآن تقول حديث ( المرأة عورة )، كان قبل هذا أو بعد هذا ؟ أنا قول لك بصراحة لا أدري لكن أهل العلم علمونا أن نفترض أن هذا كان قبل أو بعد أنت وأمثالك يتمنون ويشتهون أن يكون حديث ( وجه المرأة عورة ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان ) يشتهون أن يكون بعد حديث الخثعمية ، أليس كذلك .

السائل : نعم .

الشيخ :

 آه، افترض كذلك ودون إثبات هذا خرط قتاد شايف لكن أنا أفترض معك آه كان قبل ذلك ، فماذا يكون ؟

السائل : إذا كان كذلك فبها ونعمت ولكن نثبت هذا الشيء .

الشيخ :

 اسمع ماذا تكون النتيجة ؟ إذا فرضنا الفرضية هذه التي هي من صالحك ، من حيث الفكرة التي تحملها ماذا يكون هل يتعطل حديث الخثعمية أم يكون حديث الخثعمية بيان لهذا ، في هذا القول المطلق أو العام .

السائل : لا بد أن نثبت هذا الشيء .

الشيخ : 

لكن أنت ما أثبت الذي أعطيتك إياه .

السائل : أنا أسألك أنت عالم وأنا طالب .

الشيخ :

 سبحان الله أنا قلت لك لا أدري فهل أنت تدري ؟

السائل : لا أدري .

الشيخ : 

إذا استوينا .

السائل : أقول بارك الله فيك الإخوان يريدون التوضيح من هذه الآية ومن حديث عائشة ومن حديث الخثعمية ومن قولهم إنها محرمة ولكن لا أريد الجدل كما ذكرت أنت والتحمس نريد التوضيح لكي تطمئن نفوسنا ونحن الآن يتحمس أبناؤك يتحمسون من أشياء يرونها في عينيك وحتى نقول وبالله التوفيق ، حتى ولو تغطت ولو كانت ليست جميلة أصبحت جميلة وأصبحت لكن تغطية الوجه تحصر من حدة الناس وتكون شهوته لما يرى المرأة كاشفة تكون شهوته قوية ؟

الشيخ : 

صحيح لكن هذه القبيحة التي تتجمل كما أنت تقول هذا لا يجوز بإجماع المسلمين ، المرأة إذا كانت ممن تتبنى أن الوجه ليس بعورة وأنه يجوز لها أن تخرج كاشفة عن وجهها فقط إذا خرجت متزينة حرم عليها ذلك ، المرأة الشوهاء العجوز ... إذا تزينت في وجهها لم يجز لها أن تكشف عن وجهها فيجب أن يكون الوجه على سجيته ، وعلى الفطرة التي خلقها الله عز وجل عليه فإذا تزينت كما يفعلن اليوم بالحمرة والبودرة هذا لا يجوز نحن نتكلم عن الوجه الذي خلقه الله عز وجل فقط ولذلك أنا أقول لا نخرج عن الموضوع كما أخونا هناك آنفا أدخل موضوع الوجه إلى قضية اختلاطها بالرجال والعمل بالرجال إلى آخره ، لسنا في هذا الصدد .

 هذا الوجه الذي خلقه الله هل فرض على المرأة أن تستره إذا خرجت من بيتها هذا هو الوضع هذا هو البحث من كان عنده دليل فليأتنا به ونحن له من الشاكرين ومن لا فلا يتحمس ولا يتكلف لأن من قال عن الحلال حرام بدون دليل كمن قال عن الحرام حلال بدون دليل فهذا حكمان في الشرع سواء كما لا يجوز التحليل إلا بدليل كذلك لا يجوز التحريم إلا بدليل ، نحن نشترك بأن ستر الوجه أفضل لكننا نختلف ما هو الواجب هل هذا واجب أم لا إلى الآن ما سمعنا بتكليف الشارع .

السائل : هو معروف عند الشيخ يقول استحباب تغطية الوجه لكن ليس قادرا يقول واجب .

الشيخ : 

أحسنت ليس قادرا فإني عندي دليل ولا عند غيري دليل .

السائل : أنت قلت أنه لو كانت محرمة كذلك المفروض عليها أن تسدل على وجهها كما فعلت عائشة .

الشيخ :

 أنا ما قلت هذا ، افهم عليّ جيدا ، قلت لو كان ستر الوجه على المرأة واجب عند حصول الفتنة ، لكان الرسول عليه السلام أمر تلك الخثعمية ، بأن تسدل على وجهها .

السائل : ليس واجبا عليها أن تسدل يعني لا يريد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يوجب عليها في ذلك الوقت السدل وكذلك ما أوجبه عليها.

الشيخ 

هذا قولي أنا لكن قولكم أنتم أنت تعيد كلامي .

السائل : لا أنا قولي يا شيخ لو سمحت لي أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنت تقول أخر البيان عن وقت الحاجة يعني ما أمرها بستر الوجه .

الشيخ : 

أنا أقول هكذا .

السائل : يعني الرسول سكت ما بين الرسول صلى الله عليه وسلم ما بيّن في ذلك إجابة التي تحتاج يجب أن تسدل على وجهها ما بين هذا الوجوب فنحن نقول إذا كانت محرمة والرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الانتقاب فما أراد في ذلك الوقت وفي تلك الحادثة أن يقول لها اسدلي وجهك لأنها محرمة .

الشيخ : 

يا حبيبي الإسدال غير الانتقاب المرأة المحرمة تسدل ولا تتنقب يجوز لها أن تسدل سواء جاء الرجال أو ما جاء الرجال ، أنت لا تفرق بين السدل وبين النقاب ، هكذا قررت في الكتاب أنه لا يجوز للمرأة المحرمة لقوله عليه السلام ( لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين ) ، 

لكن المرأة التي لا يجوز لها أن تلبس القفازين يجوز لها أن تعمل هكذا ، عرفت كيف ، والمرأة التي لا يجوز لها أن تنتقب يجوز لها أن تفعل هكذا فالذين يقولون بأن وجه المرأة عورة وحرام عليها الكشف يجيبون عن حديث الخثعمية بأنها كانت محرمة ، والمحرمة لا يجوز لها أن تنتقب أنت تعيد كلامهم ، وهذا الكلام مردود ، نحن ما نقول أنه كان من الواجب لو كان ستر الوجه على المرأة أثناء الفتنة بصورة خاصة واجبا ، لا نقول بأن الرسول كان عليه أن يأمرها بأن تنتقب لا حسبة أن يأمرها بأن تسدل لأن السدل جائز على المرأة المحرمة ، 

ففرق بين السدل وبين الانتقاب فإذا لم يفعل الرسول عليه السلام هذا أي لم يأمرها بأن تسدل على وجهها هذا دليل على إباحة كشف المرأة لوجهها ولو كان هناك رجل ينظر إليها ، هنا يقال ما يقوله علماء الأصول ، تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز هذا أمر متفق عليه .

ولذلك تمنى ، وكلما بحثنا هذه المسألة ما جوابكم على هذه المشكلة ؟ لا نسمع جوابا تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، هذا ما فيه خلاف بين علماء الأصول لماذا الرسول لم يأمر هذه المرأة ، النساء وهن منطلقات إلى الحج ، إذا مر بهن ركب ، أسدلنا على وجوههن ناس راكبون ماشون في جمالهم ، هذا ورع منهم لكن هنا دخل الشيطان بين الرجل والمرأة مع ذلك ما قال الرسول عليه السلام ، اسدلي على وجهك ، هل قصر الرسول عليه السلام ، اسدلي على وجهك هل قصر الرسول عليه السلام ؟.

 وضربت لكم مثلا آنفا ، لو وقعت هذه الحارثة ، اليوم مع أحدكم ممن يرى كان ستر الوجه واجبا ، وأنه عورة ماذا يفعل ؟ سيقول للمرأة استري أم سيقول للرجل اصرف وجهك ؟ سيقول للمرأة استري اسدلي فلماذا الرسول ما فعل هذا إذا أنتم مخطئون والرسول هو المصيب وهذا هو الحق الذي ندين الله به .

السائل : ذكرتم كثيرا من الأدلة ... .

سائل آخر : أنتم مرهق الآن وجزاك الله خيرا .

الشيخ :

 هذا صاحب حبيب يخشى طيب نحن نتجاوب مع صاحبنا ، نعطيهم نصف ساعة أخرى إلى الساعة الحادية عشر إن شاء الله .

السائل : جزاك الله خيرا يعني عمل الصحابة .

الشيخ :

 أحسنت على الوجهين نساء الصحابيات منهن من كانت تستر وجهها ومنهن من كانت تكشف عن وجهها وأنا ذكرت هناك آثارا كثيرة تؤيد الوجهين وتؤيد ما تقول نحن تماما يجوز الستر وهو الأفضل ويجوز الكشف وهو المفضول .

• وهناك في طبقات ابن سعد أتى بالسند الصحيح : أن زوجة أبي بكر الصديق رضي الله عنها لما زاروا أبا بكر في بيته رأوا يدها موشومة هل هذا يدل على أن يد المرأة عورة ؟ كيف عرفوا الوشم. 

 وهناك آثارا : أن ناسا مروا بأبي ذر وهو بالربذة حينما ترك في زمن عثمان فمروا بداره فرأوا زوجة أبي ذر رضي الله عنه ، فإذا هي سوداء كيف عرفوها؟ .

 والمرأة التي كانت تقم المسجد تذكرون هذا الحديث والتي ماتت ودفنت دون إذن الرسول وجون إخباره فلما تفقدها ولم يجدها سأل عنها ، قال لهم ( أفلا آذنتموني بها ) فاعتذروا بعذر فقال ( دلوني على قبرها ) فذهب وصلى عليها هذه المرأة السوداء كيف عرفوا أنها سوداء إذا كان كل شيء منها مستورا كما قال صاحبنا هذا الذي نبغاه كيف عرفوا أنها سوداء لا يمكن معرفة أنها سوداء أو سمراء أو بيضاء على الوجه الذي صورتهم المرأة أنتم ، لابد أن يكون هناك شيء ، شيء يظهر من المرأة حينما كانت تقم المسجد لعلكم تتخيلون أنها كانت تلبس القفازين ثم أتساءل كيف كانت تلتقط بالقفازين القمامة في المسجد كل هذا تكلف لا داعي له ،

 لما الرسول عليه السلام وعظ النساء يوم العيد رأى عبد الله بن عباس النساء يلوين بأيديهن إلى آذانهن ويتصدقن بالحلي رأى كفهن ما ينبغي للإنسان أن يتعصب إلا للحق .

ويقولوا عنا في الشام عبارة مأخوذة من حديث صحيح " كثرة الشد يرخي " كثرة الشد يرخي بمعنى انظر يا شيخ ناصر أنا لما اعمل هكذا وبعدين فلت زمام الأمر وهكذا مشاهد بارك الله فيك هذا كثرة الشد يرخي مأخوذ من حديث ألا وهو قوله عليه السلام ( إن لكل عمل شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى بدعة فقد ضل )، 

فنحن وقفنا عند السنة تريد تستر وجه ابنتك وامرأتك ذلك خير تريد ابنتك تكشف عن وجهها لا تشدد عليها قد تكشف عن شعرها وهذا هو الذي نصاب به في هذا الزمان كثرة الشد يرخي ونتمنى أن تظل النساء في هذا البلاد متحسمات ساترات لوجوههن لكن احذروا كثرة الشد يرخي والعلامات واضحة جدا فأنتم احرصوا أن تمشوا مع النساء على الأمر الجائز الآن فلت الزمام . انتهى

وقال أيضا رحمه الله :

" ولو أنهم قالوا : يجب على المرأة المتسترة بالجلباب الواجب عليه إذا خشيت أن تصاب بأذى من الفساق لإسفارها عن وجهها : أنه يجب عليها في هذه الحالة أن تستره دفعا للأذى والفتنة، لكان له وجه في فقه الكتاب والسنة.. 

بل قد يقال : إنه يجب عليها أن لا تخرج من دارها إذا خشيت أن يخلع من الجلباب من رأسها من قبل بعض المتسلطين الأشرار المدعمين، من رئيس لا يحكم بما أنزل الله، كما وقع في بعض البلاد العربية منذ بضع سنين مع الأسف الشديد ..

أما أن يجعل هذا الواجب شرعا لازما على النساء في كل زمان ومكان، وإن لم يكن هناك من يؤذي المتجلببات فكلا ثم كلا ". انتهى من (جلباب المرأة المسلمة ص17)

فالأصل فى الأشياء الإباحة

 ما لم يوجد نص صحيح الثبوت صريح الدلاله على التحريم يبقى الأمرعلى أصل الإباحة ولا يطالب المبيح بدليل لأن ما جاء على الأصل لا يسأل عن علته . إنما المطالب بالدليل هو المحرم . 

وفى موضوع كشف الوجه والكفين لا نرى نصا صحيحا صريحا يدل على تحريم ذلك ولو اراد الله ان يحرمه لحرمه بنص بين يقطع كل ريب فقد قال سبحانه ( وقد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم اليه ). الانعام آيه 119 . ولم نجد هذا فى ما فصله لنا جل شأنه فليس لنا ان نشدد فيما يسر الله فيه  .

وإليك الرد على أدلة القائلين بوجوب النقاب 

ليس للقائلين بوجوب إرتداء النقاب ووجوب تغطية الوجه واليدين دليلا شرعيا صحيح الثبوت قطعى الدلالة سالما من المعارض وكل ما معهم متشابهات من النصوص نذكر منها :
 
أ - إستدلالهم بما رواه الإمام أحمد عن السيدة عائشة قالت : ( كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول صلى الله عليه وسلّم، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها. فإذا جاوزونا كشفناه ).

والرد على ذلك :

1- أن الحديث ضعيف لأن فى إسناده يزيد ابن أبى زياد وفيه مقال. ولايحتج فى الأحكام بضعيف .

2- أن هذا الفعل من السيدة عائشة لايدل على الوجوب فإن فعل النبى صلى الله عليه و آله نفسه لايدل على الوجوب بل يدل على الجواز فقط فما بالنا بفعل غيره .

3- ما عرف فى الأصول أن وقائع الأحوال إذا تطرق إليها الإحتمال سقط بها الإستدلال. والاحتمال يتطرق هنا بأن يكون ذلك حكما خاصا بأمهات المؤمنين من جملة أحكام خاصة بهن كحرمة نكاحهن بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وتضعيف أجرهن وما إلى ذلك فغاية ما في الحديث مشروعية الإسدال في الإحرام .

ب - إستدلالهم بقوله تعالى فى نساء النبى صلى الله عليه وآله ( واذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ) . 

والرد على ذلك :

فالحجاب هو الساتر الذى يستر المرأه كلية حتى لا يراها الرجال وقد يكون ستارا أو جدارا أو بابا مغلقا وليس زيا معينا كما يعتقد البعض وينتشر بين عامة الناس وهو خاص بنساء النبى صلى الله عليه وآله باتفاق أهل العلم . والدليل على ذلك ما رواه البخارى من قول سيدنا عمر : يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو امرت امهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله تعالى آية الحجاب

ومن هنا فلا وجه للإستدلال بالآيه لأنها خاصة بنساء النبى صلى الله عليه وآله كما هو واضح .

وقول بعضهم العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لا يرد هنا إذ اللفظ فى الآيه ليس عاما وقياس بعضهم سائر النساء على نساء النبى مردود لأنه قياس مع الفارق فإن عليهن من التغليظ ما ليس على غيرهن كما قال تعالى : ( يا نساء النبى لستن كأحد من النساء ).

 قال بن قتيبة : {وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب} وهذه خاصة لأزواج رسول الله كما خصصن بتحريم النكاح علي جميع المسلمين.

• قال القاضي عياض : فرض الحجاب مما اختص به أزواج النبي صلي الله عليه وسلم.

• قال المهلب : ...الحجاب إنما هو في حق أزواج النبي صلي الله عليه وسلم خاصة.


ج - ومما استدلوا به أيضا قول بعض المفسرين فى قوله تعالى : ( يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ). فقالوا إن إدناء الجلابيب عليهن يعنى أنهن يسترن بها جميع وجوههن بحيث لا يظهر منهن شىء إلا عين واحدة يبصرون بها . 

والرد على ذلك :

 لابد أن نتعرف على معنى الجلباب ومعنى الإدناء فقد ذكر الامام النووى فى شرح مسلم حديث أم عطيه : أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر النساء بلبس الجلباب لشهود صلاة العيد فقالت امرأه : احدانا ليس لها جلباب فقال صلى الله عليه وآله : لتلبسها صاحبتها من جلبابها .

وهذا يدل على أن الجلباب لم يكن لباسا أساسيا لستر العورة وإلا لوجب على كل امرأة أن يكون عندها جلباب يخصها . 

فالروايات في تفسير الإدناء كثيرة،ففي بعضها : لا يبدين إلا عينا واحدة. وهى رواية ضعيفة، 

وفي بعضها : الثياب، وفي بعضها : الوجه والكفان، وفي بعضها : يشددن جلابيبهن على جباهن.

بل أصح الروايات عن ابن عباس في ذلك قوله : تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به. فمع هذا ليس قول بعض الصحابة بأولى من بعض، مع ان اللغة تدعم قول من قال بالجواز،لأن الإدناء في اللغة التقريب .

قال الشيخ ابن باديس رحمه الله :

 وأجود ما نقل عن أئمة العربية فى تفسير الآية قول الكسائى : ( يتقنعن بملاحفهن منضمة عليهن ). قال الزمخشرى : ( أراد بالانضمام معنى الإدناء ). والتقنع لا يقتضى ستر الوجه كله .انتهى

 ولو فرضنا جدلا أن الروايات نقلت لنا فعل بعض النساء علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم أي أوردت سنة تقريرية فلا تزيد دلالة ذاك الفعل علي جواز الأمر ولا دلالة فيه إطلاقا علي الوجوب . 

وأيا كان الأمر فقد اختلفت الأقوال ولا يمكن أن يتقرر واجب شرعي بمثل تلك الأقوال منفردة .

د - يقولون أن ستر الوجه واجب بالاجماع مستدلين ببعض أقوال العلماء المتأخرين .....وفيما يلي مناقشتها :

1- يقولون : قال ابن رسلان : اتفق المسلمون على منع النِّساء أن يخرجن سافرات الوجوه . نقله الشوكاني عنه في (نيل الأوطار).

الجواب عن هذا :

أولا : مقصود ابن رسلان من اتفاق المسلمين على منع النساء من السفور هو منع الحكام وولاة الأمر , كما شرح الشراح هذا القول , للمصلحة اجتهادا فى درء المفاسد لا لموجب شرعي أصيل .

ثانيا : نقل كلام ابن رسلان بهذه الصورة أنكره الألباني لأنه مبتور وساقه بنصه فقال : نص ما في " نيل الأوطار" (6/98- البابي الحلبي) تحت حديث عائشة : " يا أسماء! إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذا. وأشار إلى وجهه وكفيه " : " وفيه دليل لمن قال : إنه يجوز نظر الأجنبية.

قال ابن رسلان (ت سنة 844هـ) : وهذا عند أمن الفتنة مما تدعو الشهوة إليه من جماع أو دونه أما عند خوف الفتنة فظاهر إطلاق الآية والحديث عدم اشتراط الحاجة ويدل على تقييده بالحاجة اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ، لا سيما عند كثرة الفساق.

وحكى القاضي عياض عن العلماء : أنه لا يلزم ستر وجهها في طريقها ، وعلى الرجال غض البصر للآية وقد تقدم الخلاف في أصل المسألة ".

يشير إلى بحث له في الباب الذي قبل حديث عائشة المذكور آنفاً شرح فيه آية : { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } ونقل تحتها تفسير الزمخشري للزينة فيها ومنه قوله : " فما كان ظاهراً منها كالخاتم والكحل والخضاب فلا بأس بإبدائه للأجانب… ".

ثم قال الشوكاني عقبه : " والحاصل : أن المرأة تبدي من مواضع الزينة ما تدعو الحاجة إليه عند مزاولة الأشياء والبيع والشراء والشهادة ، فيكون ذلك مستثنى من عموم النهي عن إبداء مواضع الزينة وهذا على ما يدل على أن الوجه والكفين مما يستثنى

هل المسألة مجمع عليها أم لا؟! وهل هذا رأي ابن رسلان كاملا أم أن هذا رأيه في الخوف من الفتنة فقط ؟. انتهي

2- يقولون : قال ابن عابدين : وتستر وجهها عن الأجانب بإسدال شيءٍ متجافٍ لا يمسُّ الوجه، وحكى الإجماع عليه. (حاشية ابن عابدين 2/488).

الجواب :

 انما هو هنا يتكلم عن جواز ذلك بالاجماع وليس عن وجوبه .

3- يقولون : قال السهارنفوريُّ الحنفيُّ رحمه اللهويدلُّ على تقييد كشف الوجه بالحاجة: اتفاق المسلمين على منع النِّساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لاسيما عند كثرة الفساد وظهوره . (بذل المجهود شرح سنن أبي داود 16/431).

الجواب :

 السهارنفوري متأخر جدا ( ت 1346 ) ويبدو أنه نقله عن غيره.

4- يقولون : قال ابن حجر رحمه الله :

 استمر العمل على جواز خروج النِّساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات؛ لئلا يراهنَّ الرِّجال .

الجواب :

 الشيخ يتكلم عن جواز ذلك كما هو واضح.

5- يقولون : ذكر الإمام الغزالي :

" لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن منتقبات ". (إحياء علوم الدين (1/ 729)) .

الجواب عن هذا :

أولا : كلام الغزالي يعني أن التنقب على مر الزمان من عادة النساء وليس الرجال . مثل أن لبس الخلخال من عادة النساء وليس الرجال. 

كما أن كلامه : " لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه ، والنساء يخرجن متنقبات " لا يدل على وجوب ستر النساء وجوههن كما لا يدل علي وجوب كشف الرجال وجوههم.

ثانيا : مثل هذه الأقوال , (عادة النساء) (عادة بلاد الأندلس) (جواز) , لا تدل على وجوب تغطية النساء وجوههن , بل هو مجرد وصف لحالهن وأن من عادتهن في زمانهن أن يسترن وجوههن .

ثالثا : أن هذا العرف مخالف للعرف الذي ساد في عصر النبوة ، وعصر الصحابة وخير القرون ، وهم الذين يقتدي بهم فيهتدي.

فكما تقدم من معالم ستر بدن المرأة في القرآن الكريم أنه صح عن ابن عباس وابن عمر تفسير : { ما ظهر منها } بالوجه والكفين. فهل هؤلاء الصحابة فسروا الآية بخلاف ما هو واقع في زمانهم؟!!.

وورد عن التابعين في أن المستثنى في آية الزينة : هو الوجه وزينته والكف وزينتها فعن عطاء قال : الكفان والوجه , وقتادة قال : الكحل والسواران والخاتم , والأوزاعي قال : الكفين والوجه, والحسن البصري قال : ما ظهر منها الوجه والثياب , ومكحول قال : الزينة الظاهرة الوجه والكفان , وعكرمة قال : ثيابها وكحلها وخضابها . فهل هؤلاء التابعين يتكلمون عن شيء لم يحدث؟!!.

وهذا شاهد قوي من القرن الهجري الثاني يدل على جريان العمل عليه :

روى ابن جرير في تفسيره بإسناد صحيح عن التابعي العابد عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت 182هـ) قال : « {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} من الزينة : الكحل والخضاب والخاتم. هكذا كانوا يقولون، وهذا يراه الناس ».

تأمل قوله "وهذا يراه الناس"، فهذا يدل على جريان العمل من الناس على ذلك.

فهل من بتر الكلام الغزالي فهم أن الغزالي لم يتكلم على اجماع ...... بل على أن التنقب من عادة النساء كما أن لبس الخلاخيل من عادتهم ولا أعلم رجلا لبس خلخالا .... فهل كل النساء يلبسن الخلاخيل ؟!؟!؟!! اذ أن ما هو من عادة النساء لا يصلح للرجال ....أفهمتم؟!!؟!!.

6- يقولون : قال إمام الحرمين الجوينيُّ رحمه الله :

 اتفق المسلمون على منع النِّساء من الخروج سافرات الوجوه؛ لأنَّ النَّظر مظنَّة الفتنة، وهو محرك للشهوة، فاللائق بمحاسن الشرع سدُّ الباب فيه، والإعراض عن تفاصيل الأحوال، كالخلوة بالأجنبية . (روضة الطالبين 7/24)، و بجيرمي على الخطيب (3/315).

الجواب : 

هذا أقوى مستند للاجماع لديهم لأنه منقول عن امام الحرمين وقد عاش في القرن الخامس الهجري .........وأجيب عليه بفضل الله بما يلي :

ومقصود الجويني من اتفاق المسلمين على منع النساء من التبرج والسفور وترك التنقب : منع الحكام وولاة الأمر, وهذا ظاهر, لأنه هو نفسه قد حكى الاختلاف , ولأن غيره من العلماء حكى ضد قوله كالقاضي عياض والنووي ومن وافقهما ، مما يدل على أنه ليس هناك اتفاق لا من المسلمين ولا من ولاة الأمر على ذلك. 

وأن كلام الجويني قاله استرواحا بما أدركه ورآه ، دون استقراء لأحوال المرأة وأحكامها في بلاد المسلمين واختلاف أزمانهم .

أولا : هذا الإجماع المزعوم يسقطه سندا سؤال وجه لابن حجر الهيثمي( ت 973 ه ) في الفتاوى الفقهية الكبرى أنه : (( قد كثر في هذه الأزمنة خروج النساء إلى الأسواق والمساجد لسماع الوعظ وللطواف ونحوه في مسجد مكة على هيئات غريبة تجلب إلى الافتتان بهن قطعا , وذلك أنهن يتزين في خروجهن لشيء من ذلك بأقصى ما يمكنهن من أنواع الزينة والحلي والحلل كالخلاخيل والأسورة والذهب التي ترى في أيديهن ومزيد البخور والطيب ومع ذلك يكشفن كثيرا من بدنهن كوجوههن وأيديهن وغير ذلك)). 

انظروا في السؤال ( يكشفن كثيرا من بدنهن كوجوههن وأيديهن وغير ذلك ) وفي السؤال في ( كثر في هذه الأزمنة ) والسؤال بشأن مسلمات ،وليس كافرات ومعنى كثر أي أنه كان موجودا فافهم فبعض من نقل الإجماع قد أخطأ وليس كل من قال بالإجماع في مسألة قوله صحيح .

ثانيا : قال أيضا في حاشية شرح الايضاح على مناسك الحج : إنه يجوز لها كشف وجهها إجماعًا وعلى الرجال غضُّ البصر، ولا ينافيه الإجماع على أنها تؤمر بستره لأنه لا يلزم من أمرها بذلك للمصلحة العامة وجوبه.

وقال في موضع ءاخر فيه : قوله –أي النووي- أو احتاجت المرأة إلى ستر وجهها، ينبغي أن يكون من حاجتها لذلك ما إذا خافت من نَظَرٍ إليها يجرّ لفتنة، وإن قلنا لا يجب عليها ستر وجهها في الطرقات كما هو مقرر في محله.

 وقال زكريا الأنصاري في شرح الروض ما نصه : وما نقله الإمام من الاتفاق على منع النساء أي منع الولاة لهن مما ذكر –أي من الخروج سافرات- لا ينافي ما نقله القاضي عياض عن العلماء أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة وعلى الرجال غضّ البصر عنهن لقوله تعالى : { قُلْ للمؤمنينَ يَغُضُّوا مِنْ أبصارِهِمْ } [سورة النور/30] الآية، لأن منعهن من ذلك لا لأن الستر واجب عليهن في ذاته بل لأنه سنّة وفيه مصلحة عامة وفي تركه إخلال بالمروءة كالإصغاء من الرجل لصوتها فإنه جائز عند أمن الفتنة، وصوتها ليس بعورة على الأصح في الأصل .

ثالثا : قال النووي في شرحه لحديث الكاسيات العاريات : وقد وقع هذان الصنفان .

 وقال أبو نعيم الأصبهاني في المستخرج على الصحيحين في شرحه لهذا الحديث : وكذا قال بعض أهل العلم يعني النساء المغنيات.

فتأمل : وجود الكاسيات العاريات والمغنيات في عصرهم ينسف هذا الإجماع العملي مع أن الأصبهاني عاش في القرن الخامس الهجري . إذن بطل الإجماع المزعوم . انتهى

ولمزيد الإيضاح يُمكن مراجعةُ كتابِ « الرَّدُّ المُفْحِمُ على مَنْ خالَفَ العلماءَ وتشدَّدَ وتعصَّبَ وألزمَ المرأةَ أن تَسْتُرَ وجهَهَا وكفَّيْهَا وأوجَبَ ولم يَقْنَعْ بقولهم : إنه سُـنَّةٌ ومستحبٌّ » للعلاّمة المحدّثِ محمّدِ ناصرِ الدِّينِ الألبانيِّ - رحمهُ اللهُ تعالى- ففيه البيانُ الشافي الكافي المفصّل على هذه المسألة .

وأيضا هذا الرابط اضغط هنا


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات