">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

عدم مشروعية دفن أكثر من ميت في قبر واحد


 لا يُشرع أن يدفن شخصان أو أكثر في قبر واحد إلا لضرورة وذلك بأن يكثر القتلى أو يكون وباء أو حريق أو غرق ويعسر دفن كل واحد في قبر فيجوز حينئذ دفن الاثنين والثلاثة في قبر واحد ولا يدفن رجل مع امرأة إلا عند اشتداد الضرورة ويجعل بينهما حاجز من تراب .

 فالمشروع أن يدفن كل إنسانٍ في قبرٍ وحده كما جرت به سنة المسلمين قديماً وحديثاً ولكن إذا دعت الحاجة أو الضرورة إلى جمع اثنين فأكثر في قبرٍ واحد فلا بأس به فقد جاء الشرع بدفن كل ميت في قبر واحد ولا يدفن اثنان معاً في نفس الوقت أو يدفن أحدهما بعد الآخر بأيام أو شهور أو سنين إلا إذا بلي الأول تماما ولم يبق منه شيء .

ودليل ذلك :

عن هشام بن عامر، قال : شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فقلنا : يا رسول الله، الحفر علينا لكل إنسان؛ شديد! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احفروا وأعمقوا وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد . ((صحيح سنن النسائي)) (2009).

 قال ابن عبد البر :

وفي الحديث من الفقه أن دفن الرجلين والثلاثة في قبر لا يكون إلا من ضرورة؛ كما قال مالك، وإلا فالسنة المنقولة بنقل الكافة أن يدفن كل واحد في قبر، فإن كانت ضرورة كانت في أهل أحد أسوة حسنة؛ فإن قدم في القبر إلى القبلة الأكبر، فلا حرج . انتهى من ((الاستذكار)) (5/156).

قال النووي رحمه الله 

لا يجوز أن يدفن رجلان ولا امرأتان في قبر واحد من غير ضرورة، وهكذا صرح السرخسي بأنه لا يجوز. وعبارة الأكثر لا يدفن اثنان في قبر كعبارة المصنف الشيرازي . وصرح جماعة بأنه يستحب أن لا يدفن اثنان في قبر. 

أما إذا حصلت ضرورة بأن كثر القتلى أو الموتى في وباء أو هدم وغرق أو غير ذلك وعسر دفن كل واحد في قبر فيجوز دفن الاثنين والثلاثة وأكثر في قبر بحسب الضرورة . انتهى من (المجموع (5/247)) 

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

إذا دعت الحاجة إلى هذا، وإلا فالسنة كل واحد في قبر، لكن لو كان الموتى كثيرين، والمشقة كبيرة جاز جمع الاثنين والثلاثة في قبر واحد، كما فعل النبي يوم أحد عليه الصلاة والسلام، 

أما إذا كانت الحاجة غير ماسة والأرض موجودة، والدافنون موجودون بدون مشقة كل واحد في قبر، السنة كل ميت في قبر لوحده، هذا السنة، إلا إذا دعت الحاجة الشديدة أو الضرورة إلى دفن الاثنين والثلاثة فلا بأس .اه

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :

يحرم في القبر دفن اثنين فأكثر، سواءٌ كانا رجلين ، أم امرأتين ، أم رجلاً وامرأة . والدليل على ذلك : عمل المسلمين من عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى يومنا هذا : أن الإنسان يدفن في قبره وحده ، ولا فرق بين أن يكون الدفن في زمن واحد ، بأن يؤتى بجنازتين وتدفنا في القبر، أو أن تدفن إحدى الجنازتين اليوم والثانية غداً. 

قوله : إلا لضرورة  ، وذلك بأن يكثر الموتى ، ويقل من يدفنهم ، ففي هذه الحال لا بأس أن يدفن الرجلان والثلاثة في قبر واحد ". انتهى من (" الشرح الممتع " (5/368))

وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :

 الواجب أن يدفن كل ميت في قبر على حده، يلحد له في قبلته ويسد اللحد بلبن ونحوه، ولا يدفن الجماعة في قبر إلا إذا كان هناك مشقة كبيرة في دفن كل واحد على حدة لكثرة الأموات بسبب وباء أو قتل ونحوهما، فلا بأس بدفن الاثنين والثلاثة في قبر واحد، ويقدم أفضلهم دينا إلى القبلة، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - الفتوى رقم (٦٤٥٥))

وأما نقل الميت ليدفن في غير البلد الذي مات فيه

فيجوز نقل الميت من بلد إلى آخر إذا كان لغرض صحيح مثل أن يُخشى من دفنه حيث مات من الاعتداء على قبره أو انتهاك حرمته لخصومة أو استهتار وعدم مبالاة فيجب نقله إلى حيث يؤمن عليه .

عن مالك أنه سمع غير واحد يقول : إن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد ماتا بالعقيق فحملا إلى المدينة، ودفنا بها (صححه ابن عبد البر في ((الاستذكار)) (3/57)).

ففي فتح العلي المالك للشيخ محمد عليش وهو مالكي : 

وفي شرحي المجموع ، وجاز نقل الميت من موضع لآخر قبل الدفن أو بعده إن لم يهتكه أي لم يخل النقل بحرمة الميت ، ويؤذه، فإن هتكه  وأخل بحرمته وآذاه حرم النقل قبل الدفن ، ابن حبيب لا بأس أن يحمل الميت من البادية إلى الحاضرة ، ومن موضع لآخر مات سعيد بن زيد ، وسعد بن أبي وقاص بالعقيق فحملا للمدينة ، ورواه ابن وهب ، وروى لا بأس به للمصر إن قرب . انتهى

قال الشيخ الموفق ابن قدامة :

فلا يُنقل الميت من بلده إلى بلد آخر إلا لغرض صحيح ، وهذا مذهب الأوزاعي وابن المنذر ….. ولأن ذلك أخف لمؤنته وأسلم له من التغيير ، فأما إن كان فيه غرض صحيح : جاز . اه

قال ابن المنذر :

يستحب أن يدفن الميت في البلد الذي توفي فيه، على هذا كان الأمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه عوام أهل العلم، وكذلك تفعل العامة في عامة البلدان . انتهى من ((الأوسط)) (5/516).


والله اعلم


وللفائدة..



هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات