">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الرياء هو أن يظهر الإنسان العمل الصالح للآخرين أو يحسنه عندهم أو يظهر عندهم بمظهر مندوب إليه ليمدحوه ويعظم في أنفسهم فمن أراد وجه الله والرياء معاً فقد أشرك مع الله غيره في هذه العبادة .

 أما لو عمل العبادة وليس له مقصد في فعلها أصلاً سوى مدح الناس فهذا صاحبه على خطر عظيم ولا شك أن الرياء منكر وشرك ومن أعمال المنافقين ويقول النبي ﷺ : يقول الله : أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه . صحيح مسلم

 وسمي الرياء شركا خفيا

 لأنه يكون غير ظاهر بل يكون في خفايا النفس البشرية ولا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ولا يظهره العبد للناس بل يضمره في قلبه ويفرح بنظر الناس إلى عمله دون مراعاة لنظر الله ودون قصد وجه الله بالأعمال .

ففي مسند أحمد، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : "يا أيها الناس، اتقوا هذا الشرك؛ فإنه أخفى من دبيب النمل".

ويقول أيضًا عليه الصلاة والسلام : ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قلنا : بلى يا رسول الله! قال : الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل إليه . صحيح ابن ماجه

وشوائب الرياء الخفي كثيرة لا تنحصر فمتى أدرك الإنسان من نفسه تفرقة بين أن يطلع على عبادته أو لا يطلع ففيه شعبة من الرياء ولكن ليس كل شائبة محبطة للأجر ومفسدة للعمل وليس كل سرور برؤية الناس للعمل محبطا للأجر لأن السرور ينقسم إلى محمود ومذموم .

 فالمحمود : أن يكون قصد الإنسان إخفاء الطاعة مع الإخلاص لله ولكن لما اطلع عليه الخلق علم أن الله أطلعهم وأظهر الجميل من أحواله، فيسر بحسن صنع الله ولطفه به؛ فيكون فرحه بذلك لا بحمد الناس وقيام المنزلة في قلوبهم وأما إن كان فرحه باطلاع الناس عليه لقيام منزلته عندهم حتى يمدحوه ويعظموه فهذا مذموم .

ففي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه : "قيل : يا رسول الله، أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟ فقال : تلك عاجل بشرى المؤمن". فأما إذا أعجبه ليعلم الناس فيه الخير ويكرموه عليه فهذا الرياء المنهي عنه .

والرياء له صور عديدة منها :

1- الرياء بالعمل : كمراءاة المصلي بطول الركوع والسجود.

2- المراءاة بالقول : كسرد الأدلة إظهاراً لغزارة العلم، ليقال: عالم.

3- المراءاة بالهيئة والزيِّ : كإبقاء أثر السجود على الجبهة رياء.

سئل فضيلة الشيخ العثيمين رحمه الله :

 عن حكم العبادة إذا اتصل بها الرياء‏؟‏

فأجاب قائلاً ‏:‏ 

حكم العبادة إذا اتصل بها الرياء أن يقال ‏اتصال الرياء على ثلاثة أوجه ‏:‏

الوجه الأول :

أن يكون الباعث على العبادة مراءاة الناس من الأصل كمن قام يصلي لله مراءاة الناس من أجل أن يمدحه الناس على صلاته فهذا مبطل للعبادة‏.‏

الوجه الثاني‏‏ :

أن يكون مشاركاً للعبادة في أثنائها ‏:‏ بمعنى أن يكون الحامل له في أول أمره الإخلاص لله ثم طرأ الرياء في أثناء العبادة فهذه العبادة لا تخلو من حالين ‏:‏

الحال الأولى‏ :

‏ أن لا يرتبط أول العبادة بآخرها فأولها صحيح بكل حال وآخرها باطل‏.‏ 

مثال ذلك : رجل عنده مائة ريال يريد أن يتصدق بها فتصدق بخمسين منها صدقة خالصة ثم طرأ عليه الرياء في الخمسين الباقية فالأولى صدقة صحيحة مقبولة والخمسون الباقية صدقة باطلة لاختلاط الرياء فيها بالإخلاص‏.‏

الحال الثانية‏ :

‏ أن يرتبط أول العبادة بآخرها فلا يخلو الإنسان حينئذ من أمرين‏ :‏

الأمر الأول‏ :‏ أن يدافع الرياء ولا يسكن إليه بل يعرض عنه ويكرهه فإنه لا يؤثر شيئاً لقوله، صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم‏)‏‏.‏

الأمر الثاني ‏: ‏أن يطمئن إلى هذا الرياء ولا يدافعه فحينئذ تبطل جميع العبادة لأن أولها مرتبط بآخرها ‏ .

مثال ذلك : أن يبتدئ الصلاة مخلصاً بها لله تعالى ثم يطرأ عليها الرياء في الركعة الثانية فتبطل الصلاة كلها لارتباط أولها بآخرها‏.‏

الوجه الثالث ‏:‏

 أن يطرأ الرياء بعد انتهاء العبادة فإنه لا يؤثر عليها ولا يبطلها لأنها تمت صحيحة فلا تفسد بحدوث الرياء بعد ذلك‏.‏

 وليس من الرياء أن يفرح الإنسان بعلم الناس بعبادته لأن هذا إنما طرأ بعد الفراغ من العبادة وليس من الرياء أن يسر الإنسان بفعل الطاعة لأن ذلك دليل إيمانه قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن‏)‏ ‏.‏ وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم ، عن ذلك فقال ‏:‏ ‏(‏تلك عاجل بشرى المؤمن‏)‏ ‏. انتهى من مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشَّيخ محمَّد بن صالح العثيمين [المُجلَّد الثَّاني/ الطَّاغوت والشِّرك: س258 (ص206-207)]

فعليك أخى المسلم أن تكثر من الالتجاء إلى الله تعالى ودعائه أن يعيذك من شر نفسك ومن شرور الشيطان ووساوسه وأن يرزقك الإخلاص فيما يأتي وما يذر وعليك أن تكثر من الأذكار الشرعية التي هي حصن من شرور النفس والشيطان .

وعليك أيضا الإكثار من هذا الدعاء العظيم الذى علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأبى بكر الصديق رضى الله عنه حتى لا تقع فى الرياء فقد روى البخاري في الأدب المفرد عن معقل بن يسار قال : انطلقت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا بكر ! للشرك فيكم أخفى من دبيب النمل. فقال أبو بكر: وهل الشرك إلا من جعل مع الله إلهاً آخر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، للشرك أخفى من دبيب النمل، ألا أدلك على شيء إذا قلته ذهب عنك قليله وكثيره؟ قال : قل : اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم وصححه الشيخ الألباني.


والله اعلم

هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات