القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل لله عينين حقيقيتين أم لا وما الأدلة على ذلك؟


لله سبحانه وتعالى عينين حقيقيتين يبصر بهما على الوجه اللائق به فاثبت لله ما أثبته لنفسه وأبعد عن عقلك كل تشبيه أو تمثيل واعلم أن ربك أعظم مما يدور في خيالك لأنه سبحانه : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}. [الشورى:١١].

فواجب على كل مؤمن أن يثبت لخالقه وبارئه ما ثبت الخالق البارئ لنفسه من العين وكل ما جاء من هذا القبيل في الكتاب أو السنة -كاليد، والإصبع، والمجيء، والإتيان- فالإيمان بها فرض والامتناع عن الخوض فيها واجب فالمهتدي من سلك فيها طريق التسليم والخائض فيها زائغ والمنكر معطل والمكيف مشبه تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }  .

والعينين صفة ذاتية خبرية ثابتة لله عز وجل بالكتاب والسنة وأهل السنة والجماعة يعتقدون أن الله يبصر بعينين كما يعتقدون أن الله عز وجل له عينان تليقان به { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }

فالله تعالى له يدان ووجه وعينان ولم يحدث له شيءٌ من ذلك بعد أن لم يكن ولن ينفك عن شيء منه كما أن الله لم يزل حياً ولا يزال حيّاً لم يزل عالماً ولا يزال عالماً. وقد اصطلح العلماء على أن تسميتها الصفات الذاتية لأنها ملازمة للذاتً لا تنفك عنها .

ودليل ذلك : 

1- قولـه تعالى : واصنع الفلك بأعيننا ووحينا. [هود: 37]. أي : أن صنع نوح عليه الصلاة والسلام السفينة كان بعين الله تعالى أي مصحوباً بعينه يراه الله تعالى بعينه فيسدده ويصلح صنيعه، كما تقول : صنعت هذا بعيني، أي صنعته وأنا أرعاه بعيني .

قال ابن جرير الطبري رحمه الله : " وقوله : ( بأعيننا ) أي : بعين الله ووحيه كما يأمرك ".انتهى

وهناك من السلف من يفسر قوله (تجري بأعيننا)  بمرأىً منا. فلا إشكال أيضا فهذا تفسير باللازم مع إثبات الأصل وهى العين فلم ينفوها، وأما أهل التحريف يقولون هو بمرأى منا بدون عين يقولون تجري بأعيننا يعني تجري بمرأى منا لكن بدون عين .
 
2- قولـه تعالى : وألقيـت عليك محبة مني ولتصنع على عيني. [طه:39].

أي أن تربية موسى على عين الله تعالى ينظر إليه بعينه، فهذا كما تقول : جرى هذا الشيء على عيني، أي حصل وأنا أشاهده وأراه بعيني.

3- حديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية إن الله كان سميعا بصيرا فوضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينيه. (صحيح سنن أبي داود)أشار عليه السلام إلى العين لكن لا يعني العين هذه كعين رب العالمين لكنها صفة من صفاته تليق بعظمته وجلاله.

4- حديث أنس رضي الله عنه : ( إن الله لا يخفى عليكم إن الله ليس بأعور (وأشار إلى عينيه) وإن المسيح الدجال أعور عين اليمنى كأن عينه عنبة طافية ). رواه البخاري (7407)

  وجه الإستدلال بحديث الدجال فى إثبات العينين لله ظاهر جدا : فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أراد أن يبين لأمته شيئا مما ينتفي به الاشتباه عليهم في شأن الدجال في أمر محسوس يتبين لذوي التفكير العالمين بالطرق العقلية وغيرهم بذكر أن الدجال أعور العين والرب سبحانه ليس بأعور ولو كان لله تعالى أكثر من عينين لكان البيان به أولى لظهوره وزيادة الثناء به على الله تعالى فإن العين صفة كمال فلو كان لله أكثر من اثنتين كان الثناء بذلك على الله أبلغ . 

وتقرير ذلك أن يقال : ما زاد على العينين فإما أن يكون كمالا في حق الله تعالى أو نقصا فإن كان نقصا فهو ممتنع على الله تعالى لامتناع صفات النقص في حقه وإن كان كمالا فكيف يهمله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع كونه أبلغ في الثناء على الله تعالى!! فلما لم يذكره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم أنه ليس بثابت لله عز وجل، وهذا هو المطلوب .

قال الإمام الشافعي رحمه الله :

لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته... وأنه ليس بأعور؛ بقول النبي صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الدجال، فقال : ((إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور  ))))).  ينظر:((طبقات الحنابلة)) لأبي يعلى (1/ 283).

قـال ابن خزيمة بعد أن ذكر جملة من الآيـات تثبت صفة العين :

فواجب على كل مؤمن أن يثبت لخالقه وبارئه ما ثبت الخالق البارئ لنفسه من العين، وغير مؤمن من ينفي عن الله تبارك وتعالى ما قد ثبته الله في محكم تنزيله ببيان النبي صلى الله عليه وسلم الذي جعله الله مبينا عنه عز وجل في قولـه : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن لله عينين فكان بيانه موافقا لبيان محكم التنزيل، الذي هو مسطور بين الدفتين، مقروء في المحاريب والكتاتيب . اه ((كتاب التوحيد)) (1/97).

قال العلامة ابن باز رحمه الله :

الله سبحانه موصوف بأن له عينين وأنه ليس بأعور خلافًا للدجال فإنه أعور العين اليمنى. 

والمثنى قد يطلق عليه الجمع باللغة العربية كما قال سبحانه في سورة التحريم : إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا. [التحريم:4] والمراد : قلبكمافعبر عن المثنى بالجمع

 وهكذا قوله سبحانه : وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا. [المائدة:38] والمراد : يداهما

 وبذلك يزول الإشكال في قول الله سبحانه : وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا. [الطور:48]وفي قوله : تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا. [القمر:14] والله ولي التوفيق . اه (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 28/ 397). 

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

" مذهب أهل السنة والجماعة : أن لله عينين اثنتين ينظر بهما حقيقة على الوجه اللائق به وهما من الصفات الذاتية ". انتهى ("مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/58)) .

وقال أيضا رحمه الله :

 " والعين لله سبحانه وتعالى هي عينٌ حقيقيةٌ ودليل ذلك أن الله أثبتها لنفسه في غير موضع وأثبت الرؤية في غير موضع وإثبات هذا تارة وهذا تارةً يدل على التغاير بينهما فالرؤية شيءٌ، والعين شيءٌ آخر فقوله تعالى : وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ. التوبة/105 

وقوله : أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى. العلق/14 فهاتان في الرؤية .

ولكن : ( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ) القمر/14 وقوله : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي). طـه/39 فهاتان الآيتان ليستا في الرؤية بل أثبتتا عيناً مخالفةً للرؤية. 

ولهذا نقول : إن العين صفةٌ حقيقيةٌ ".انتهى .("شرح العقيدة السفارينية") .

وقال أيضا رحمه الله :

أن لله تعالى عينين، فهذا هو المعروف عن أهل السنة والجماعة، ولم يصرّح أحد منهم بخلافه فيما أعلم، وقد نقل ذلك عنهم أبو الحسن الأشعري في كتابه : " اختلاف المصلين ومقالات الإسلاميين "، قال : مقالة أهل السنة وأصحاب الحديث فذكر أشياء ثم قال : " وأن له عينين بلا كيف كما قال : { تجري بأعيننا }، نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية ص 90/5 من مجموع الفتاوى لابن قاسم

ثم قال الشيخ : قال البخاري رحمه الله تعالى : باب قول الله تعالى : { ولتصنع على عيني }، وقوله جل ذكره : { تجري بأعيننا } ثم ساق بسنده حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال ذكر الدجال عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " إنه لا يخفى عليكم أن الله ليس بأعور، وأشار بيده إلى عينه، وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية ".

* وقد استدل بحديث الدجال على أن لله تعالى عينين عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه : "الرد على بشر المريس" الذي أثنى عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال : " إن فيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما " يعني هذا الكتاب، وكتابه الثاني : " الرد على الجهمية " قال الدارمي في الكتاب المذكور(ص 43 ط أنصار السنة المحمدية ) بعد أن ساق آيتي صفة العينين :

 ثم ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال فقال : " إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور " قال : والعور عند الناس ضد البصر والأعورعندهم ضد البصير بالعينين .

( وقال في ( ص :)48 ففي تأويل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليس بأعور. بيان أنه بصير ذو عينين خلاف الأعور.
 
واستدل به أيضاً الحافظ ابن خزيمة في كتاب التوحيد كما في ص 31 وما بعدها.

وقد ذكر ابن خزيمة رحمه الله في "كتاب التوحيد" ص :31 حديثاً ساقه في ضمن الأدلة على أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن لله تعالى عينين فساقه بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أنه يقرأ قوله تعالى : { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها }،إلى قوله : { سميعاً بصيراً }، فيضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه ويقول : هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع أصبعيه. وقد سبقت رواية الدارمي له بلفظ التثنية،

* وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح ( ص 373/13 ط خطيب) : أن البيهقي ذكر له شاهداً من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر : " إن ربنا سميع بصير وأشار إلى عينيه ". وسنده حسن أ.هـ. 

 وبهذا تبين وجوب اعتقاد أن لله تعالى عينين لأنه مقتضى النص وهو المنقول عن أهل السنة والحديث.

ثم قال الشيخ : فإن قيل : فما تصنعون بقوله تعالى يخاطب موسى : { ولتصنع على عيني } حيث جاءت بالإفراد؟

 قلنا :

 لا مصادمة بينها وبين التثنية، لأن المفرد المضاف لا يمنع التعدد فيما كان متعدداً، ألا ترى إلى قوله تعالى: { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها }، وقوله تعالى : { واذكروا نعمة الله عليكم }، فإن النعمة اسم مفرد، ومع ذلك فأفرادها لا تحصى. 

وبهذا تبين ائتلاف النصوص واتفاقها وتلاؤمها، وأنها ولله الحمد كلها حق، وجاءت بالحق، لكنها تحتاج في بعض الأحيان إلى تأمل وتفكير، بقصد حسن، وأداة تامة، بحيث يكون عند العبد صدق نية بطلب الحق واستعداد تام لقبوله، وعلم بمدلولات الألفاظ، ومصادر الشرع وموارده، قال الله تعالى : { أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً }

 فحث على تدبر القرآن الكريم وأشار إلى أنه بتدبره يزول عن العبد ما يجد في قلبه من الشبهات، حتى يتبين له أن القرآن حقٌ يصدق بعضه بعضاً، والله المستعان .انتهى من (مجموع فتاوى العثيمين المجلد الأول - باب الأسماء والصفات).

وسئل الشيخ الألباني رحمه الله :

س : في صفة العين لله عز وجل ما ورد فيه النص ظاهر النصوص وصريح القرآن والسنة أن لله عين أو أعين؟

فأجاب :

..... فليس عندنا نص صريح بأن له أكثر من عينين والمتوارث عن عقيدة السلف هو إثبات العينين على ظاهر حديث الدجال على كثرة طرقه الذي يتبادر من هذا الحديث، ولا يخطر في البال سواه أن الدجال إحدى عينيه طافية وهو أعور وإن ربكم ليس بأعور، معنى ذلك أن الله عز وجل موصوف بالعينين وليس بالثلاثة ولا بأكثر لأن ما عندنا نص بالأكثر،

 وكما نقول دائما وأبداً الأمور الغيبية وبخاصة ما يتعلق بغيب الغيوب وهو رب العالمين تبارك وتعالى لا ينبغي أن نصفه بالأقيسه ... أو ما شابه ذلك إنما بالشيء الذي جاءنا عن سلفنا الصالح وجاءت به الأحاديث.

وأنا ظننت لما ذكرتَ القرآن والسنة أن هناك ذكر بعضهم حديث فيه التصريح بأن له أكثر من عينين وهذا ما لا نعرفه ولذلك سارعت بالتعرف عليه لكن ما وجدنا شيء... انتهى باختصار من (سلسلة الهدى والنور-(183)).

قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله حول هذا حديث الدجال :

" قال أهل اللغة ( إن الأعور هو من فقد أحد عينيه ) وذلك لأن مخلوقات الله المعروفة لدى العرب من الإنسان كذلك الحيوان كلها لها عينان فوضعت العرب هذا الاسم ( العَوَر ) لمن فقد أحد عينيه فهو خاص بذلك وليس العور هو ذهاب البصر ، 

لهذا دل هذا الحديث " إن ربكم ليس بأعور ". (رواه البخاري) على إثبات صفة ( العينين ) لله جل وعلا بدلالة الوضع اللغوي من أن ( العَوَر) في اللغة عند العرب هو فقد أحد العينين ". انتهى من ( شرح الواسطية للشيخ صالح آل الشيخ .).

وقال أيضا حفظه الله فى شرح الواسطية :
 
لا يجوز تفسير العينين بالعلم ولا بالرؤية مع نفي الصفة وذلك لأمور منها :

1- مخالفته لظاهر النصوص.

2- ثم إن تأويلها وردها هو من جملة التحريف الذي هو كفر بالصفات كما قال جل وعلا ﴿ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي ﴾ لما أنكروا اسم الرحمن لله جل وعلا وقالوا لا نعرفإلا رحمان اليمامة فكل من أنكر صفة من صفات الله جل وعلا فهو كافر بها.

3- وفيه مخالفته لإجماع السلف على إثبات العين.

4- لا دليل عليه.

5- أما تفسير بعض السلف لقوله تعالى ﴿ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾، أي بمرأى منا فجوابه :

أ – أنهم لم يريدوا بذلك نفي حقيقة معنى صفة العين.

ب- أنه تفسير باللازم مع إثبات الصفة. انتهى


والله اعلم


واقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات