القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

سورة الفاتحة هى أعظم ما يُرقى بها المرضى ويشفون بإذن الله عز وجل فلها نفع عجيب في الشفاء من كل الأمراض الحسية والمعنوية سواءً كان سحراً أو مساً أو حسداً أو مرضاً عضوياً وهي من الرقية الشرعية التي ثبت إقرارها في سُنة النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا من أسمائها ( الشافية ) والقرآن وإن كان كله مرجو البركة ففيه ما يختص بالرقية دون جميعه .

 قال الله تعالى : ونُنزّلُ من القرآنِ ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين (سورة الإسراء (82)) .
   
فالقرآن مشتمل على الشفاء والرحمة، وليس ذلك لكل أحد، وإنما ذلك للمؤمنين به، المصدقين بآياته، العاملين به، ...... فالشفاء الذي تضمنه القرآن عام لشفاء القلوب، من الشبه، والجهالة، والآراء الفاسدة، والانحراف السيئ، والقصود السيئة فإنه مشتمل على العلم اليقيني، الذي تزول به كل شبهة وجهالة، والوعظ والتذكير، الذي يزول به كل شهوة تخالف أمر الله، ولشفاء الأبدان من آلامها وأسقامها . انتهى من تفسير السعدي.

إليك ما جاء أن الرقية بفاتحة الكتاب مع النفث تنفع من السمّ :

1- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن ناسًا من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - كانوا في سفر فمروا بحيٍ من أحياء العرب، فاستضافوهم، فلم يضيفوهم، فقالوا لهم : هل فيكم من راق ؟ فإن سيد الحي لديغ أو مصاب ؟ فقال رجل منهم : نعم، فأتاهُ فرقاهُ بفاتحة الكتاب، فبرَأَ الرجل، فأعطِيَ قطيعًا من غنمٍ فأبى أن يقبلها، وقال : حتى أذكر لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فأتاه فقال : يا رسول الله ! والله ما رَقَيْتُ إلا بِفاتِحَةِ الكتاب، فتبسمَ وقال : (وما أدراك أنها رقية ؟)، ثم قال : (خذوا منهم، واضربوا لي بسهم معكم). [مختصر صحيح مسلم 1449].

قال النووي في شرح مسلم : قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أدراك أنها رقية؟))؛ فيه التصريح بأنها رقية، فيستحب أن يقرأ بها على اللديغ والمريض، وسائر أصحاب الأسقام والعاهات... انتهى من (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي)

2- وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن نفرًا من أصحاب النبي– صلى الله عليه وسلم - مروا بماءٍ فيهم لديغ أو سليم ، فعرض لهم رجل من أهل الماء فقال : هل فيكم من راق ؟ إن في الماء لديغا - أو سليما - فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرئ. فجاء بالشاءِ إلى أصحابه، فكرهوا ذلك وقالوا أخذتَ على كتابِ الله أجرا ؟ حتى قدموا المدينة، فقالوا يا رسول الله ! أخذ على كتاب اللهِ أجرا. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : (إن أحقّ ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) . (رواه البخاري). وفى رواية أخرى للبخاري : فَجَعَلَ يَقْرَأُ بأُمِّ القُرْآنِ، ويَجْمَعُ بُزَاقَهُ ويَتْفِلُ، فَبَرَأَ.  وفى رواية أخرى أيضا للبخاري : فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عليه، وَيَقْرَأُ : (الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ)، فَكَأنَّما نُشِطَ مِن عِقَالٍ. وفي رواية الترمذي : أن أبا سعيد هو الذي رقاه : وأنه قرأ سورة "الْحَمْدُ" سبع مرات .

قوله : فقرأ بفاتحة الكتاب على شياهٍ فبرئ : أي قرأ على المريض بفاتحة الكتاب على أن يكونَ الأجْرُ شِياهٍ إن تم الشفاء بإذن الله تعالى .

تنبيه : هذا يدل على جواز أخذ الأجر على الرقيا لمن شاء وأنه ليس كما يظن الكثيرون أن كل من أخذ أجرًا على الرقيا فهوَ عَرّافٌ أو كاهِنٌ أو مُشَعْوذ. فقد وافق رسول الله صلى الله عليه وسلم - على أخذ الأجرة وأقرهم عليه بل وشاركهم فيه وعلى ذلك أدلة كثيرة منها ما تقدم من قوله : (أحسنتم، اقتسموا واضربوا لي معكم بسهم ) ومن شاء أن يحتسب أجره على الله ولا يأخذ، فله ذلك وهو خير .

وإليك ما جاء أن الرقية بفاتحة الكتاب مع النفث تنفع للمعتوه بإذن الله تعالى :

1- فعن خارجة بن الصلت التميمي عن عمه قال : أقبلنا من عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فأتينا على حي من العرب فقالوا : إنا أنبئنا أنكم جئتم من عند هذا الرجل بخير، فهل عندكم من دواء أو رقية ؟ فإن عندنا معتوهًا في القيود، قال : فقلنا : نعم قال : فجاؤوا بمعتوه في القيود، قال : فقرأت عليه فاتحة الكتاب ثلاثة أيام غدوة وعشية، كلما ختمتها أجمع بزاقي ثم أتفل، فكأنما نشط من عقال. قال فأعطوني جُعلا، فقلت : لا حتى أسأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فقال : (كُلْ، فلعمري من أكل برقية باطل، لقد أكلت برقية حق). قال الشيخ الألباني : (صحيح). انظر : [سنن أبي داود 4/ 14 رقم 3901].

2- وفي رواية عن خارجة بن الصلت التميمي عن عمه أنه : أتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فأسلم، ثم أقبل راجعًا من عنده، فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد، فقال أهله : إنا حُدثنا أن صاحبكم هذا قد جاء بخير، فهل عندك شيء تداويه، فرقيته بفاتحة الكتاب، فبرَأ فأعطوني مائة شاة، فأتيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال : (هَلْ إلا هذا) .

وقال مسدد في موضع آخر : (هل قلت غير هذا ؟). قلت : لا، قال : (خذها فلعمري لمن أكل برقيه باطل، لقد أكلت برقية حق). قال الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى - : (صحيح). انظر : [سنن أبي داود 3/ 14 رقم 3896].

وأما كيفية الرقية

فيمكن التداوي بالفاتحة عن طريق قراءة الفاتحة مرة أو أكثر ثم النفث على اليد ومسح مكان الألم أو القراءة على ماء ونحوه وشربه أو الاغتسال به مما ثبت بالتجربة نفعه وهذا نافع بإذن الله تعالى إذا كان الراقي مخلصاً لله تعالى في الرقية لأنها نوع من الدعاء وأن يعتقد أن الشفاء بيد الله تعالى وحده وإنما الرقية سبب فقط .

تنبيه : لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام القراءة على الماء ونحوه وغاية ما جاء في هذا أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يبل إصبعه بريقه ويمسح به الأرض ثم يقول : ( تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى بها مريضنا بإذن ربنا ) ولكن ورد عن السلف والأئمة ما يقتضي جواز ذلك أن القارئ يقرأ في الماء ويشربه المريض هذا من جهة أصل هذه المسألة .

قال ابن القيم رحمه الله :

كان يعرض لي آلام مزعجة بحيث تكاد تقطع الحركة مني، وذلك في أثناء الطواف وغيره، فأبادر إلى قراءة الفاتحة وأمسح بها على محل الألم، فكأنه حصاة تسقط، جربت ذلك مراراً عديدة، وكنت آخذ قدحاً من ماء زمزم فأقرأ عليه الفاتحة مراراً فأشربه، فأجد به من النفع والقوة ما لم أعهد مثله في الدواء . انتهى من (مدارج السالكين (1/ 58)).

وقال أيضا رحمه الله :

فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني، والشفاء التام، والدواء النافع، والرقية التامة، ومفتاح الغنى والفلاح، وحافظة القوة، ودافعة الهم والغم والخوف والحزن لمن عَرَف مقدارها وأعطاها حقها، وأحسن تنزيلها على دائه، وعَرَف وجه الاستشفاء والتداوي بها، والسر الذي لأجله كانت كذلك، ولما وقع بعض الصحابة على ذلك، رقى بها اللديغ، فبرأ لوقته، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وما أدراك أنها رقية)) . انتهى من [الطب النبوي لابن قيم الجوزية، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان (ص/ 259).].

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :

 لا شك أن الله تعالى جعل هذا القرآن شفاء لما في الصدور وشفاء لما في الأجسام أيضاً ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ وقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام كما في حديث ابن سعيد أنهم قرءوا على لديغ سورة الفاتحة سبع مرات فقام كأنما نشط من عقال، فقال النبي عليه الصلاة والسلام لما رجعوا إليه وأخبروه : «ما يدريك أنها رقية». فأثبت النبي عليه الصلاة والسلام أن الفاتحة رقية؛ لأنه يرقى بها المريض؛ أي : يُقرأ عليه. 

فالقرآن كله خير وكله بركة، ولا شك أنه مؤثر، ولكن يجب أن نعرف أنه لا بد لتأثير القرآن من ثلاثة أمور :

 أولاً : إيمان القارئ بتأثيره،

 وثانياً : إيمان المقروء عليه بتأثيره، 

وثالثاً : أن يكون ما قرأ به مما تشهد الأدلة له بالتأثير.

 فإذا كان كذلك فإنه مؤثر بإذن الله، أما إذا نقص واحد من هذه الأمور الثلاثة مثل أن يقرأ على سبيل التجربة يقول : أجرب لأرى أينفع أم لا. فإن ذلك لا ينفع؛ لأن الواجب على المؤمن أن يؤمن بتأثيره.

 وكذلك أيضاً لو كان المريض عنده شك في ذلك وليس عنده إيمان بتأثير القرآن فإن ذلك لا ينفعه أيضاً؛ لأن المحل غير قابل حينئذ،

وكذلك أيضاً لو قرأ آيات لم تشهد الأدلة لها بالتأثير، فهذا أيضاً قد لا يؤثر. وليس معنى ذلك أنه نقص في القرآن الكريم، ولكنه خطأ في قراءة ما ينبغي قراءته من الآيات أو السور . انتهى من (فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [10])

فإن قرأت الفاتحة ورقيت بها على نفسك أو قرأتها على ماء وشربته انتفعت بذلك جدا وإن أضفت إليها ما سواها من آيات الرقية خاصة آية الكرسي والمعوذات زاد النفع وكل كلام الله شفاء .


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات