القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

السقط إذا لم يتم أربعة أشهر هل يصلى عليه؟


إذا كان الحمل لم يتم له أربعة أشهر وسقط الجنين سواء ظهر فيه خلق إنسان من إصبع أو يد أو غير ذلك فإنه لا حكم له من حيث الصلاة والتغسيل والتكفين والدفن.

لأنه لم تنفخ فيه الروح بعد فيدفن في أي مكان لأن ليس له حكم الموتى وليس له حكم الأجنة بل يدفن في أي مكان ويلف فى أي خرقة ولا يغسل ولا يصلى عليه لأنه لا يكون آدمياً ولا يكون له حكم الأموات إلا إذا كان قد نفخت فيه الروح في الشهر الخامس وما بعده. 

وإن كان الجنين تم له أربعة أشهر ( ليس المعنى إذا دخل الرابع بل إذا أتمه إذا أكمل أربعة أشهر ودخل فى الخامس ) فإنه يُسمى يغسل ويصلي عليه من ابتداء الحمل والمراد بالأشهر هنا الأشهر الهلالية لأن الأشهر الهلالية هي التي جعلها الله عز وجل مواقيت للناس .

ودليل ذلك :

1- عن عبدالله بن مسعود : حَدَّثَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -وهو الصَّادِقُ المَصْدُوقُ قالَ : إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فيُؤْمَرُ بأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، ويُقَالُ له: اكْتُبْ عَمَلَهُ، ورِزْقَهُ، وأَجَلَهُ، وشَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فيه الرُّوحُ..... (صحيح البخاري)

الشاهد من الحديث : 

- لو سقط الجنين قبل تمام مائة وعشرين يومًا فليس له حكم من جهة الصلاة عليه بل يؤخذ ويدفَن في أي حفرة من الأرض ولا يُصلى عليه لأنه يكون جمادا . 

أما إذا تم مائة وعشرين يومًا، يعني أربعة أشهر، صار حينئذٍ إنسانًا ((يرسَل إليه الملَك))، والمرسِل هو الله تعالى، كما صرح به مسلم في رواية. وهذا هو الملك الموكل بالرحم بأن ((ينفخ فيه الروح))، فإذا سقط بعد ذلك فإنه يُغسَّل ويكفَّن ويصلَّى عليه لو كان قدر اليد فإنه يصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين إن كان مسلمًا . ينظر: «شرح رياض الصالحين - للعثيمين» (3/ 288- 295)

2- عن مُعاذِ بنِ جبلٍ رضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلم قالَ : ( وَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ إِنَّ السِّقْطَ لَيَجُرُّ أُمَّهُ بِسَرَرِهِ إِلَىْ الجَنَّةِ إِذَا احْتَسَبَتْهُ ). صحيح ابن ماجه.

إذن هنا حالاتان :

الحالة الاولى : السقط الذى لا يظهر فيه خَلْقُ إنسان من إصبع أو رأس أو يد أو غير ذلك وهذا يتأتى بأن يكون ولد لشهر أو شهرين أو ما بينهما فإنه يلف في خرقة ثم يدفن كرامة لبني آدم ولا يغسل ولا يصلى عليه ولا يلقى في دورات المياه كما تفعل بعض النساء عن جهل منهن.

وأما أمُّ هذا السقط، فإن الدم الخارج منها ليس دم نفاس بل هو دم استحاضة فيكون حكمها حكم الطاهر فتتحفظ منه المرأة بخرقة ونحوها وتتوضأ وتصلي وتصوم كغيرها من النساء الطاهرات ويحل لزوجها معاشرتها إن أطاقت ذلك فإن تركت الصلاة ظنًّا أنها نفساء فعليها أن تقضيها.

الحالة الثانية : أن يسقط وقد ظهر عليه بعض خلق إنسان وهذا يحصل إذا كان قد مضى على الجنين واحد وثمانون يومًا فصاعدًا وأما نفخ الروح فلا يكون إلا بعد تمام أربعة أشهر فليس له حكم الموتى وليس له حكم الأجنة بل يدفن في أي مكان ويكفي ولا يغسل ولا يصلى عليه لأنه لا يكون آدمياً ولا يكون له حكم الأموات إلا إذا كان قد نفخت فيه الروح في الخامس وما بعده.

 وأما أمُّ هذا السقط، تكون نفساء فلا تصلي ولا تصوم ولا يعاشرها زوجها حتى تطهر من دمها، ثم عليها بعد أن تطهر قضاء الصيام .

وقد أجمعَ أهلُ العلمِ على أنَّ الطفلَ إذا عُرِفت حياتُه واستهلَّ – بصوتٍ – أنّه يُغَسَّلُ ويكفَّن ويُصَلى عليه . نقل الإجماع ابن المنذر وابن قدامة في "المغني" (2/328) 

قال النووي رحمه الله :

 « اتَّفق العلماءُ على أنَّ نفخَ الرُّوح لا يكونُ إلَّا بعدَ أربعةِ أشهر ».انتهى .
(" شرح مسلم " (16/ 191))

وقال ابنُ قُدامة رحمه الله : 

فأمَّا مَن لم يأتِ له أربعةُ أشهرٍ، فإنه لا يُغسَّل، ولا يُصلَّى عليه، ويُلفُّ في خِرقة، ويُدفَن، ولا نعلم فيه خلافًا، إلَّا عن ابن سيرينَ، فإنه قال : يُصلَّى عليه إذا عُلِم أنه نُفِخَ فيه الرُّوحُ، وحديث الصَّادق المصدوق يدلُّ على أنَّه لا يُنفَخُ فيه الرُّوحُ إلَّا بعد أربعةِ أشهرٍ، وقبل ذلك فلا يكون نسَمَةً؛ فلا يُصلَّى عليه، كالجماداتِ والدَّمِ . انتهى من ((المغني)) (2/389).

 إذن العبرة في ذلك بنفخ الروح في الجنين ويكون ذلك بعد تمام أربعة أشهر من الحمل فإن نفخت فيه الروح غسِّل وكفّن وصلى عليه وإن لم تكن نفخت فيه الروح فلا يغسل ولا يصلى عليه .

قال العلامة ابن باز رحمه الله :

إذا كان الجنين سقط قبل أربعة أشهر، فلا يسمى وليس له عقيقة، إنما العقيقة والتسمية لمن سقط في الخامس أو بعده ممن نفخ فيه الروح؛ لأنه يكون آدمياً له حكم الأفراط، فيذبح عنه ويسمى ويغسل ويصلى عليه إذا سقط في الخامس فما بعده بعد نفخ الروح فيه .

أما ما يسقط في الرابع أو في الثالث هذا ليس له حكم الأفراط، لكن إذا كانت الخلقة بينة فيه، يعني : قد تبين فيه صفات آدمي من رأس أو يد أو رجل أو نحو ذلك، يكون لأمه حكم النفاس لا تصلي ولا تصوم، وأما هو فليس له حكم الموتى وليس له حكم الأجنة بل يدفن في أي مكان ويكفي ولا يغسل ولا يصلى عليه؛ لأنه لا يكون آدمياً ولا يكون له حكم الأموات إلا إذا كان قد نفخت فيه الروح في الخامس وما بعده، 

أما إذا مات في الرابع أو في الثالث، إذا سقط في الرابع أو في الثالث إنما هو لحمة قد بان فيها خلق الإنسان من رأس أو رجل أو نحو ذلك فإنها لا تصلي ولا تصوم، مدة النفاس أربعين يوم فأقل، ومتى طهرت في الأربعين صلت وصامت، وإذا تمت الأربعين اغتسلت وصلت ولو معها دم، دمها يكون دم فساد، بعد الأربعين دم فساد، تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة كالمستحاضة. أما إن طهرت في الأربعين فإنها تغتسل وتصلي وتصوم وتحل لزوجها .

أما إن كان دماً لم يتبين فيه شيء يعني قطعة لحم أو دم ما بان فيها شيء فهذا دم فاسد لا تدع الصلاة ولا الصوم ولا تحرم على زوجها، إذا كانت اللحمة التي سقطت ليس فيها خلق الإنسان، لا رأس ولا رجل ولا يد ما بان شيء ولا اتضح شيء، فإن هذا الدم لا يعتبر وعليها أن تصلي وتصوم وتحل لزوجها، وتتوضأ لكل صلاة إن كان معها دم، تتوضأ لكل صلاة كسائر الدماء الفاسدة كالمستحاضة .اه

وقال العلامة العثيمين رحمه الله :

" والسقط إذا بلغ أربعة أشهر غسل وصلي عليه " هذا مبتدأ الدرس السقط بكسر السين ويجوز الفتح ويجوز الضم فتقول السِقط والسَقط والسُقط ومعناه الساقط والمراد به الحمل إذا سقط من بطن أمه فهل حكمه كحكم من مات بعد خروجه أم ماذا؟ 

قال : " إذا بلغ أربعة أشهر غسل وصلي عليه " يعني إذا تم له أربعة أشهر ليس المعنى إذا دخل الرابع بل إذا أتمه إذا بلغ أربعة أشهر غسل وصلي عليه من ابتداء الحمل والمراد بالأشهر هنا الأشهر الهلالية لأن الأشهر الهلالية هي التي جعلها الله عز وجل مواقيت للناس (( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج )) وهي التي وضعها الله تعالى للناس جميعا منذ خلق السماوات والأرض قال الله تعالى (( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم )) وهي هذه الأشهر الهلالية المعروفة .

 وأما الأشهر الإصطلاحية التي هي أشهر النصارى ومن تابعهم فهذه لا أصل لها شرعا ولا أصل لها قدرا، لا أصل لها شرعا ولا قدرا أما الأصل القدري فلأن الله تعالى جعل هذه الأهلة هي المواقيت (( قل هي مواقيت للناس والحج )) وأما شرعا فإنه لم يرتب عليه لا صيام ولا حج ولا أشهر حرم كل الأحكام أحكام الأشهر منفية عن هذه الأشهر الاصطلاحية التي جاءت من النصارى .

 إذا المعتبر بقوله أربعة أشهر الأشهر الهلالية التي جعلها الله لعباده شرعا وقدرا يقول إذا بلغت أربعة أشهر غسل وصلي عليه غسل يعني وكفن يعني الكفن لابد منه وصلي عليه يعني ودفن فالمؤلف طوى ذكر الكفن والدفن لأنه معلوم. 

وإنما قيده ببلوغ أربعة أشهر لأنه قبل ذلك ليس بإنسان إذ لا يكون إنسانا حتى يمضي عليه أربعة أشهر ودليل ذلك حديث عبدالله بن مسعود : حيث بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكون يعني الجنين في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك فهذه كم؟ أربعة أشهر ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات إلى آخره. 

وعلى هذا فهو قبل هذه المدة يكون جمادا قطعة لحم يدفن في أي مكان بدون تغسيل وبدون تكفين وبدون صلاة .

لكن بعد أربعة أشهر يكون إنسانا كما قال تعالى (( ثم أنشأناه خلقا آخر )) فيعامل معاملة من مات بعد خروجه قال العلماء ويسمى يسمى بالاسم لأن هذا السقط يبعث يوم القيامة يبعث يوم القيامة فلا بد أن يسمى لأن الناس يدعون يوم القيامة بأسمائهم وأسماء آبائهم فيسمى حتى يدعى باسمه يوم القيامة. 

قال العلماء فإن شك فيه هل هو ذكر أو أنثى وهو بعيد لكن ربما يقع فإنه يسمى باسم صالح للذكر والأنثى مثل هبة الله عطية الله نحلة الله وما أشبه ذلك لأن هذا صالح للذكر والأنثى أما إذا كان ذكرا فيسمى باسم الذكور كعبدالله إن كان أنثى فيسمى بأسماء إناث كزينب وفاطمة طيب غسل وصلي عليه.

" ومن تعذر غسله يمم " يعني من امتنع غسله أي تغسيله فإنه ييمم وكيفية التيمم أن يضرب الحي يديه على الأرض ثم يمسح بهما وجه الميت وكفيه .

ولكن بماذا يكون التعذر يكون التعذر إما بعدم الماء وإما بتعذر استعماله في هذا الميت بأن يكون الميت قد تمزق أو يكون محترقا لا يمكن مسه إلا بتمزيق جلده فهنا ييمم لماذا ييمم قالوا لأن تغسيل الميت طهارة مأمور بها فإذا تعذر تطهيره بالماء عدلنا إلى بدله وهو التراب. 

وأظن فيه قولا بأنه لا ييمم إذا تعذر غسله لأن هذه ليست طهارة حدث إنما هي طهارة تنظيف ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتي يغسلن ابنته ( اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أكثر من ذلك ) وطهارة الحدث لا تزيد على ثلاث فإذا كان المقصود تنظيف الميت وتعذر الماء فإن استعمال التراب لا يزيده إلا تلويثا فتجنبه أولى فإذا كان هذا قد قيل فهو أقرب إلى الصواب من القول بتيميمه 

وإن كانت المسألة إجماعا يعني ييمم من تعذر غسله فالإجماع لا تجوز مخالفته لأن هذه الأمة لا تجمع على ضلالة من تعذر غسله يمم . انتهى من (الشرح الممتع على زاد المستقنع -كتاب الجنائز-(04))

وقال أيضا رحمه الله :

قال أهل العلم : إن خرج وقد تبيَّن فيه خلق إنسان : فإن دمها بعد خروجه يُعدُّ نفاساً ، تترك فيه الصلاة والصوم ويتجنبها زوجها حتى تطهر ، 

وإن خرج وهو غير مخلَّق : فإنه لا يعتبر دم نفاس بل هو دم فساد لا يمنعها من الصلاة ولا من الصيام ولا من غيرهما .

قال أهل العلم : وأقل زمن يتبين فيه التخطيط واحد وثمانون يوماً ... انتهى من (" فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 304 ، 305 )) . 


والله اعلم


وللفائدة..

هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات