الكرامات :
أمر خارق للعادة غير مقرونٍ بدعوى النبوة يُجريه الله تعالى عليه يد عبدٍ مِن عباده الصالحين إكرامًا له، فيدفع به عنه ضرًّا أو يحقق له نفعًا أو ينصر به حقًّا.
* أولياء الله عزَّ وجلَّ هم : المؤمنون المتقون، فكل مؤمن تقي، هو لله ولي، بقدْر إيمانه وتقواه، فمن جمع بين الإيمان وفعل الأوامر وطاعة الرحمن والتقوى فهذا هو الولي،
قال الله تعالى : { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ }.(يونس:64:62)،
- قال ابن كثير : " يخبر تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون، كما فسَّر ربهم، فكل من كان تقيا كان لله وليا ". انتهى.
* عقيدة أهل السنة في الكرامات :
يعتقدون أن كرامات الأولياء ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح،
فمذهب أهل السنة والجماعة التوسط في إثبات كرامات الأولياء فلا مغالاة كالصوفية ولا نفي لإثبات الكرامات كالمعتزلة.
* عقيدة أهل السنة في الكرامات : يعتقدون أن كرامات الأولياء جارية على أيدي أولياء الله سبحانه وتعالى، وهي أمور خارقة للعادة والطبيعة والجبلة، وهي داخلة ضمن معجزات الأنبياء،
- ومعنى قولنا : داخلة ضمن معجزات الأنبياء يعني : أن هذه الكرامات تدل على صحة وصدق الأنبياء،
فلو لم يكن مصدقاً بالأنبياء ومؤمناً بحقيقة دينهم لما صح أن يكون ولياً، ثم لما صدق بصحة الأنبياء أجرى الله عز وجل على يديه هذه الكرامات،
إذاً فهذه الكرامات فرع من معجزات الأنبياء، ولهذا قال بعض العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم حصلت له جميع معجزات الأنبياء.
* عقيدة أهل السنة في الكرامات : يعتقدون أن الأنبياء أفضل من الأولياء وأن أولياءَ الله الصالحين غيرُ معصومين من المعاصي ،
بل يجوز عليهم ما يجوزُ على سائر عباد الله المؤمنين، فإذا وقع منهم بعض المعاصي فلا يخرجهم عن كونهم أولياء الله.
* فقول أهل السنة في كرامات الأولياء : إنها ثابتة واقعة ودليلهم في ذلك ما ذكره الله في القرآن عن أصحاب الكهف وغيرهم وما يشاهده الناس في كل زمان ومكان .
- فإننا نثبت الكرامات لأولياء الله الصالحين ونقول : ليس كل من أتانا بخارق عددناه ولياً ما لم يكن ملتزماً بهدى السابقين الأولين رضي الله عنهم.
وفي الوقت نفسه لا ننتقص أحداً من الصالحين لأنه لم تقع له كرامة ؛ فكم من ولي لم يحصل له خارق! وإن أعظم كرامة لزوم الاستقامة .
* وأهل السنة : لا ينكرون الكرامات كما ينكرها المبتدعة وهم يعلمون أن الله الذي وضع الأسباب ومسبباتها قادر على خرق هذه السنن لعبد من عباده.
* كما أنه ليس بشرط : أن يحصل لكل ولي كرامة، قد تحصل للأدنى ويستغني عنها الأعلى لعلو منزلته وكمال تصديقه لا لِنَقْص وِلَايَته ، ولِهذا كَانت هذه الْأمور فِي التَّابِعين أَكْثَر مِنْها فِي الصَّحابة.
فلا تلازم بين الولاية وبين ظهور الكرامات والأمور الخارقة للعادة، وأن يعلم كذلك أن أفضل كرامة هي الاستقامة على طريق وشرع الله، والتمسك بهدي وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والكرامات نوعان
1- في العلوم والمكاشفات : بأن يحصل على من العلم ما لا يحصل لغيره أو يكشف له من الأمور الغائبة عنه ما لا يكشف لغيره،
كما حصل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين كشف له وهو يخطب في المدينة عن إحدى السرايا المحصورة في العراق ،
فقال لقائدها واسمه سارية بن زنيم : الجبل يا سارية فسمعه القائد فاعتصم بالجبل.
2- في القدرة والتأثير : بأن يحصل على من القدرة والتأثيرات ما لا يحصل لغيره،
كما وقع للعلاء بن الحضرمي حين عبر البحر يمشي على متن الماء.
- قال ابن تيمية رحمه الله :
مِن أصول أهل السنَّة والجماعة : التصديق بكرامات الأولياء وما يُجري الله على أيديهم من خوارق العادات كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها،
وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، وسائر قرون الأمة، وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة. انتهى من (مجموع فتاوى ابن تيمية - ج 3 - ص (155)).
- قال الطحاوي رحمه الله في "عقيدته" (ص84) :
" ونؤمن بما جاء من كراماتهم ، وصح عن الثقات من رواياتهم ". انتهى .
- قال الشيخ الألباني في تعليقه على الطحاوية :
" لقد أحسن المؤلف صنعا بتقييد ذلك بما صح من الروايات ؛ ذلك لأن الناس وبخاصة المتأخرين منهم قد توسعوا في رواية الكرامات،
إلى درجة أنهم رووا باسمها الأباطيل التي لا يشك في بطلانها من له أدنى ذرة من عقل ، بل إن فيها أحيانا ما هو من الشرك الأكبر في الربوبية ". انتهى من " تخريج العقيدة الطحاوية " ( ص 84) .
- قال العلامة ابن باز رحمه الله :
من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بكرامات الأولياء وهي حق وهي خوارق العادات التي تخلقها الله لبعض أوليائه،
إما لحاجةٍ به أو لإقامة الحجة على العدو على أعداء الله لنصر الدين وإقامة أمر الله فتكون لأولياء الله المؤمنين ، تارةً لحاجتهم ،
كأن : يسهل الله له طعامًا عند جوعه ، أو شرابًا عند ظمأه لا يدرى من أين أتى ، أو في محلٍ بعيد عن الطعام والشراب ، أو نحو ذلك ، أو بركةٍ في طعام تكون واضحة ، أو غير ذلك من الخوارق للعادات .
أما إذا كان منحرفًا عن الشريعة فليست كرامة لكنها من خوارق الشياطين ومن فتنة الشياطين ،
وأنت تكون الكرامة لأولياء الله المؤمنين الذين عرفوا بالاستقرار على دين الله واتباع شريعته وما خرق الله لهم من العادات التي تعرف بها كرامة.
- ومن ذلك قصة ما جرى للصديق في الطعام الذي قدمه لأضيافه فكلما أخذوا لقمة ؛ ربا من تحتها ما هو أكثر منها حتى فرغوا من الأكل ، وبقي الطعام أكثر مما كان وهذا من آيات الله .
- ومن ذلك ما جرى لـعباد بن بشر وأسيد بن حضير في عهد النبي ﷺ، لما خرجا من عنده في ليلةٍ ظلماء أضاءت لهما أسواطهما في الظلمة،
فلما انصرف كل واحد إلى بيته أضاء له سوطه حتى وصل إلى بيته من كرامات الله،
فهذا لأوليائه وهكذا ما أشبه ذلك مما يقع لأولياء الله...انتهى باختصار من (فتاوى نور على الدرب).
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق