بداية لا يجوز الذهاب الى الكهنة والعرافين لما فيه من الضرر على عقيدة المسلم ودينه ما بين وقوعه فى الكفر أو المعصية،
إلا أنه قد يكون ذهابه جائزاً لو أراد من ذلك تكذيب الكاهن أو العراف وفضحه أمام الناس لما في ذلك من إبطال الباطل.
ومما يدل على ذلك :
- ما جاء فى حديث النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن صياد ومرور النبي صلى الله عليه وسلم عليه مع بعض الصحابة رضى الله عنهم، وفيه:....
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن صياد : ماذا ترى؟ قال : يأتيني صادق وكاذب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خلط عليك الأمر،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني خبأت لك خبيئا، قال : هو الدُّخُّ، قال : اخسأ، فلن تعدو قدرك...(صحيح البخاري).
- وفي رواية أخرى في مسند أحمد ذكر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خبأ في صدره قول الله عز وجل في سورة الدخان : {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين}.[الدخان: 10].
ومعنى قوله هو "الدخ" : أي : أراد أن يقول : الدخان فلم يستطع أن يتم الكلمة،
فقال : الدخ، ولم يهتد من الآية الكريمة إلا لهذين الحرفين، على عادة الكهان من اختطاف بعض الكلمات من أوليائهم من الجن، أو من هواجس النفس.
- قال الخطابي في معالم السنن : ...كان يبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره وما يدعيه من الكهانة ويتعاطاه من الغيب،
فامتحنه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ليروز أمره ويخبر شأنه ، فلما كلمه علم أنه مبطل وأنه من جملة السحرة أو الكهنة،
أو ممن تأتيه رؤى من الجن أو يتعاهده شيطان فيلقي على لسانه بعض ما يتكلم انتهى مختصرا. ينظر : (عون المعبود-صفحة 372 - جزء (11)).
قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
الكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل وإذا أتاه الإنسان فله ثلاث حالات :
الحالة الأولى: أن يأتيه يسأله ولا يصدقه فهذا ثبت في صحيح مسلم : أنه لا تقبل له صلاة أربعين يوماً .
الحالة الثانية: أن يأتيه يسأله ويصدقه فهذا كافر لقوله : ( من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ).
ووجه كفره أن تصديقه إياه يتضمن تكذيب قول الله جلا وعلا : ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ).
الحالة الثالثة: أن يسأل الكاهن ليكذبه وإنما يسأله اختباراً فهذا لا بأس به.
وقد سأل النبي ابن صياد عما أضمر له فقال : الدخ يعني الدخان فقال له النبي : ( اخسأ فلن تعدو قدرك ).
فإذا سأله ليفضحه ويكشف كذبه وحاله للناس فإن ذلك لا بأس به، بل قد يكون محموداً مطلوباً لما في ذلك من إبطال الباطل. انتهى من (شرح رياض الصالحين 84/4).
قال النووي رحمه الله :
كانت الكهانة في العَرَبِ ثلاثةَ أضرُبٍ:
أحَدُها: أن يكونَ للإنسانِ وَلِيٌّ من الجِنِّ يخبِرُه بما يستَرِقُه من السَّمعِ من السَّماءِ، وهذا القِسمُ باطِلٌ من حينِ بُعِثَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
الثَّاني: أنَّه يخبِرُه بما يطرَأُ أو يكونُ في أقطارِ الأرضِ وما خَفِيَ عنه ممَّا قَرُبَ أو بَعُد، وهذا لا يَبعُدُ وُجودُه .
الثَّالثُ: المنَجِّمون، وهذا الضَّربُ يَخلُقُ اللهُ تعالى فيه لبعضِ النَّاسِ قُوَّةً ما، لكِنَّ الكَذِبَ فيه أغلَبُ،
ومِن هذا الفَنِّ العِرافةُ، وصاحِبُها عَرَّافٌ، وهو الذي يستَدِلُّ على الأمورِ بأسبابٍ ومُقَدِّماتٍ يدَّعي مَعرِفَتَها بها،
وقد يعتَضِدُ بعضُ هذا الفَنِّ ببَعضٍ في ذلك بالزَّجرِ والطَّرقِ والنُّجومِ، وأسبابٍ مُعتادةٍ،
وهذه الأضرُبُ كُلُّها تُسَمَّى كِهانةً، وقد أكذَبَهم الشَّرعُ، ونهى عن تصديقِهم وإتيانِهم. انتهى من ((شرح النووي على مسلم)) (14/223).
والله اعلم
اقرأ أيضا..
تعليقات
إرسال تعليق