الذهاب إلى الكاهن والعراف من المسائل الخطيرة التي تمس عقيدة المسلم، إذ يتعلق الأمر بادعاء علم الغيب الذي اختص الله تعالى به نفسه.
✅ فهل يجوز الذهاب إليهم في أي حال؟ وما حكم من يصدقهم؟
الأصل في حكم الذهاب إلى الكاهن والعراف.
● لا يجوز الذهاب إلى الكهنة والعرافين لما في ذلك من الخطر على عقيدة المسلم ودينه، إذ قد يؤدي إلى الكفر أو الوقوع في معصية عظيمة.
✅ قال النبي ﷺ: "من أتى عرافا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة". (رواه مسلم).
متى يكون الذهاب إلى الكاهن جائزًا؟
● قد يكون الذهاب إلى الكاهن جائزًا في حالٍ واحدة فقط، وهي إذا قصد المسلم تكذيب الكاهن أو فضحه أمام الناس وبيان كذبه، لما في ذلك من إبطال الباطل وكشف حيل المشعوذين.
✅ وقد ورد دليل ذلك في قصة النبي ﷺ مع ابن صياد، إذ مرّ عليه النبي ﷺ مع بعض الصحابة : قال النبي ﷺ لابن صياد : ماذا ترى؟ قال : يأتيني صادق وكاذب، قال رسول الله ﷺ : خلط عليك الأمر،
قال رسول الله ﷺ : إني خبأت لك خبيئا، قال : هو الدُّخُّ، قال : اخسأ، فلن تعدو قدرك...(صحيح البخاري).
✅ وفي رواية أخرى في مسند أحمد ذكر : أن رسول الله ﷺ قد خبأ في صدره قول الله عز وجل في سورة الدخان : {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين}.[الدخان: 10].
✔ ومعنى قوله : "الدخ" أنه أراد قول "الدخان" فلم يستطع إتمام الكلمة، مما يدل على عجزه، وأنه لا يعلم الغيب، بل يختطف بعض الكلمات دون فهم تام، كما يفعل الكهنة.
أقوال العلماء في المسألة :
★ قال الخطابي في "معالم السنن" :
...كان يبلغ رسول الله ﷺ خبره وما يدعيه من الكهانة ويتعاطاه من الغيب، فامتحنه النبي ﷺ بذلك ليروز أمره ويخبر شأنه ، فلما كلمه علم أنه مبطل وأنه من جملة السحرة أو الكهنة،
أو ممن تأتيه رؤى من الجن أو يتعاهده شيطان فيلقي على لسانه بعض ما يتكلم انتهى مختصرا. ينظر : (عون المعبود-صفحة 372 - جزء (11)).
★ قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
الكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، وإذا أتاه الإنسان فله ثلاث حالات :
الحالة الأولى : أن يأتيه يسأله ولا يصدقه، فهذا ثبت في صحيح مسلم : أنه لا تقبل له صلاة أربعين يوماً .
الحالة الثانية : أن يأتيه يسأله ويصدقه فهذا كافر، لقوله : ( من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ).
◄ ووجه كفره أن تصديقه إياه يتضمن تكذيب قول الله جلا وعلا : ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ).
الحالة الثالثة : أن يسأل الكاهن ليكذبه وإنما يسأله اختباراً، فهذا لا بأس به.
وقد سأل النبي ابن صياد عما أضمر له فقال : الدخ يعني الدخان فقال له النبي : ( اخسأ فلن تعدو قدرك ).
فإذا سأله ليفضحه ويكشف كذبه وحاله للناس فإن ذلك لا بأس به، بل قد يكون محموداً مطلوباً لما في ذلك من إبطال الباطل. انتهى من (شرح رياض الصالحين 84/4).
أنواع الكهانة كما ذكرها الإمام النووي.
★ قال النووي رحمه الله في شرحه على مسلم (14/223):
كانت الكهانة في العَرَبِ ثلاثةَ أضرُبٍ :
أحَدُها : أن يكونَ للإنسانِ وَلِيٌّ من الجِنِّ يخبِرُه بما يستَرِقُه من السَّمعِ من السَّماءِ، وهذا القِسمُ باطِلٌ من حينِ بُعِثَ النَّبيُّ ﷺ.
الثَّاني : أنَّه يخبِرُه بما يطرَأُ أو يكونُ في أقطارِ الأرضِ وما خَفِيَ عنه ممَّا قَرُبَ أو بَعُد، وهذا لا يَبعُدُ وُجودُه .
الثَّالثُ : المنَجِّمون، وهذا الضَّربُ يَخلُقُ اللهُ تعالى فيه لبعضِ النَّاسِ قُوَّةً ما، لكِنَّ الكَذِبَ فيه أغلَبُ،
ومِن هذا الفَنِّ العِرافةُ، وصاحِبُها عَرَّافٌ، وهو الذي يستَدِلُّ على الأمورِ بأسبابٍ ومُقَدِّماتٍ يدَّعي مَعرِفَتَها بها،
وقد يعتَضِدُ بعضُ هذا الفَنِّ ببَعضٍ في ذلك بالزَّجرِ والطَّرقِ والنُّجومِ، وأسبابٍ مُعتادةٍ، وهذه الأضرُبُ كُلُّها تُسَمَّى كِهانةً، وقد أكذَبَهم الشَّرعُ، ونهى عن تصديقِهم وإتيانِهم. انتهى من ((شرح النووي على مسلم)) (14/223).
الأسئلة الشائعة :
س : هل الذهاب إلى الكاهن للتسلية فقط حرام؟
ج : نعم، محرم، لأن مجرد الذهاب يُعدّ معصية عظيمة حتى لو لم يُصدق الكاهن.
س : ما الفرق بين الكاهن والعراف؟
ج : الكاهن يدّعي معرفة الغيب في المستقبل، أما العراف فيدّعي معرفة ما غاب من أمور الماضي والحاضر.
س : هل يجوز الاستماع إلى الكهان عبر وسائل الإعلام؟
ج : لا يجوز، لأن حكمه كحكم الذهاب إليهم في الواقع، وفيه خطر على العقيدة.
🔹 خلاصة الحكم :
● الذهاب إلى الكهان والعرافين حرام في الأصل، ويصل إلى الكفر إذا صدقهم الإنسان.
● أما من ذهب إليهم ليكذبهم أو يفضحهم أمام الناس فذلك جائز بل محمود لما فيه من نصرة الحق وكشف الباطل.
والله اعلم
اقرأ أيضا:

تعليقات
إرسال تعليق