القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

حكم الذهاب إلى الكهان وتصديقهم أو عدمه


لا يجوز الذهاب إلى الكهنة والعرافين والسحرة والمنجمين ونحوهم ولا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم ويجب على من ابتلي بشيء من ذلك المبادرة بالتوبة منه . 

وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم تحذيراً شديداً من الذهاب إلى الكَهَنَة والعرَّافين وبين لنا أن مجرد الذهاب إليهم من كبائر الذنوب أما سؤالهم عن أمر وتصديقهم في علمهم بالغيب فكفر بالله لأن الغيب لا يعلمه إلا الله عز وجل .

 والعرَّاف يخبر عن الماضي والكاهن يخبر عن الماضي والمستقبل.

ويلتحق بالكاهن حكماً به الرمال والضرب بالحصى وقراءة الكف والفنجان وقراءة الحروف الأبجدية وقراءة البروج وقراءة الخطوط ونحو ذلك مما انتشر في هذا العصر من أنواع الكهانة .

والدليل :

1- فعن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله بالإسلام ، وإن منا رجالا يأتون الكهان ؛ قال : لا تأتهم ؛ قلت : ومنا رجال يتطيرون ؛ قال : ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا تصدقهم . رواه مسلم .

فالكاهن كافر بالله كفراً أكبر لادعائه علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله ومن أتاه مصدقاً أنه يعلم الغيب كافراً كفراً أكبر أما من لم يصدقه لكن حضر مكانه ليرى ما يفعله لا لقصد الشهادة عليه أو أمره بمعروف أو نهيه عن منكر أو حضر ليعمل بما أشار به لدعوى أنه لا ضرر فيه فإن أفاد حصل المطلوب وإن لم يحصل فلا ضرر فإنه كافر كفراً أصغر أكبر من كبائر الذنوب .

2- قال صلى الله عليه وسلم : « من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم »"صحيح الجامع" (5939) 

فمن سأل الكاهن معتقداً صدقه وأنه يعلم الغيب فإنه يكفر؛ لأنه خالف القرآن في قوله تعالى ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ). (النمل/(65)) .

3- قال صلى الله عليه وسلم : « مَن أتَى عَرَّافًا فَسَأَلَه عن شيءٍ لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ أرْبَعِين ليْلة »رواه مسلم

قال المناوي في فيض القدير :

( من أتى عرافا أو كاهنا ) وهو من يخبر عما يحدث أو عن شيء غائب أو عن طالع أحد بسعد أو نحس أو دولة أو محنة أو منحة ( فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل الله على محمد ) من الكتاب والسنة وصرح بالعلم تجريدا وأفاد بقوله فصدقه أن الغرض إن سأله معتقدا صدقه فلو فعله استهزاء معتقدا كذبه فلا يلحقه الوعيد ثم إنه لا تعارض بين ذا الخبر وما قبله لأن المراد إن مصدق الكاهن إن اعتقد أنه يعلم الغيب كفر وإن اعتقد أن الجن تلقي إليه ما سمعته من الملائكة وأنه بإلهام فصدقه من هذه الجهة لا يكفر .اه 

ولا يشترط لتحقيق قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ ) 

أن يأتي إليه حقيقة سواء في بيته أو دكانه أو مجلسه إذ المقصود النهي عن التوصل إليه بأي وسيلة لسؤاله .

فالمنهي عنه هو سؤاله وتصديقه والنهي عن إتيانه إنما هو لأنه وسيلة لسؤاله وتصديقه فكل وسيلة تؤدي إلى هذا المحرم فهي محرمة .

فإذا سأله في الهاتف أو البريد أو موقع تواصل أو نحو ذلك من وسائل التواصل مع العراف بغرض معرفة أمر غائب عن صاحبه : فهو كإتيانه والذهاب إليه .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

الكهان لهم أصحاب من شياطين الجن، ويسمى الرئي، يعني : الصاحب من الجن الذي يخبره عن بعض الغيبيات، وعن بعض ما يقع في البلدان وهذا معروف في الجاهلية وفي الإسلام، فيقول لصاحبه من السحرة والكهنة، وقع كذا في بلد كذا وليلة كذا؛ لأن الجن يتناقلون الأخبار فيما بينهم والشياطين منهم. كذلك بسرعة هائلة من سائر الدنيا؛ فلهذا قد يغتر بهم من يسمع صدقهم في بعض المسائل .

وقد يسترقون السمع، فيسمعون بعض ما يقع في السماء بين الملائكة مما تكلم الله عز وجل به من أمور أهل الأرض، وما يحدث فيها، فإذا سمعوا تلك الكلمة قروها في أذن أصحابهم من الكهنة والسحرة والمنجمين، فيقولون سوف يقع كذا وكذا... إلى آخره، ولا يكتفي بهذا، بل يكذب معها الكذب الكثير حتى يروج بضاعته، ويأخذ أموال الناس بالباطل بسبب هذه الحوادث، والناس بسبب هذا يصدقون الكهنة والمنجمين ويأتونهم، والمرضى يتعلقون بخيط العنكبوت، ويتشبثون بكل شيء بسبب ما قد سمعوا عنهم أنهم صدقوا في كذا وكذا .

فالواجب عدم إتيانهم، وعدم سؤالهم، وعدم تصديقهم، ولو قدر أنهم صدقوا في بعض الشيء؛ لأن الرسول ﷺ نهى عن إتيانهم وسؤالهم، ونهى عن تصديقهم، وهذا هو الواجب على الجميع، وأن يسلكوا في علاج المرضى ما شرع الله من القراءة والدواء المباح مما يعرفه الأطباء، هذه هي الأسباب والوسائل الشرعية، وفيها غنية إن شاء الله عما حرمه الله .اه (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 3/447).

وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :

س : المرأة المسماة بـ: الغائبة، كثير من الناس يأتونها يسألونها عن أشياء لم تكن قريبة منها مثل : أن يأتيها إنسان وهي في قريتها ويسألها عن ابنة له حامل في بلد (ما) ويقول : هل وضعت أم لا؟ وهذه المرأة لا تجيب بقول : الله أعلم، فهي لازم تحدد الإجابة بنعم أو لا، فهل يجوز سؤالها مثل هذا السؤال؟ أفيدونا.

فأجابت : 

يحرم إتيان الكهان وتصديقهم، وعليه فلا يجوز إتيان هذه المرأة التي تدعي علم الغيب؛ لأنها كاهنة كافرة، ولا يجوز إتيانها ولا سؤالها ولا تصديقها هي وأمثالها ممن يدعي علم الغيب سواء تعاطوا الطب أم لم يتعاطوه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : « من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل صلاته أربعين يوما ». رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم : « من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ». صلى الله عليه وسلم . وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء-الفتوى رقم (٨٠٧١)) 

وجاء فيها أيضا :

س : أحيانا نفقد بعض المال أو الذهب من المنزل ونعتقد أنه سرق ونذهب لأحد الأشخاص ويعرف بالمخبر نشرح له ذلك ويوعدنا خيرا وأحيانا تسترجع المفقود وأحيانا لا، فما حكم ذهابنا لهؤلاء الأشخاص؟

فأجابت :

لا يجوز ذهابكم إليه؛ لأنه كاهن، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن إتيان الكهان ونحوهم وسؤالهم وتصديقهم وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء- الفتوى رقم (٦٥٠٥)) 

وجاء فيها أيضا :

حكم الذهاب إلى من يدعي معرفة مكان المفقود بمجرد قراءة القرآن والأحاديث ؟

فأجابت :

مجرد قراءة القرآن والأحاديث لا يعرف به مكان المفقود ولا يسترجع به، ومن ذهب إلى من يدعي معرفة مكان المفقود بمجرد قراءة القرآن والأحاديث فهو ملتجئ إلى كاهن دجال ولو ادعى أنه صالح متمسك بالدين، 

وقد يتظاهرون بقراءة القرآن والحديث الشريف للتضليل والتلبيس وهم في الباطن من الكهنة والعرافين وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء- الفتوى رقم (٦٩١٤))

ولكن ليس كل من ذهب إلى كاهن أو عراف يكون كفر بل الذهاب إلى الكاهن أو العراف فيه تفصيل فقد يكون كفر ، وقد يكون معصية ، وقد يكون جائزاً

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

الكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل وإذا أتاه الإنسان فله ثلاث حالات :

الحالة الأولى : أن يأتيه يسأله ولا يصدقه فهذا ثبت في صحيح مسلم : أنه لا تقبل له صلاة أربعين يوماً .

الحالة الثانية : أن يأتيه يسأله ويصدقه فهذا كافر لقوله : ( من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ). ووجه كفره أن تصديقه إياه يتضمن تكذيب قول الله جلا وعلا ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ).

الحالة الثالثة : أن يسأل الكاهن ليكذبه وإنما يسأله اختباراً فهذا لا بأس به.

وقد سأل النبي ابن صياد عما أضمر له فقال : الدخ يعني الدخان فقال له النبي : ( اخسأ فلن تعدو قدرك ) . فإذا سأله ليفضحه ويكشف كذبه وحاله للناس فإن ذلك لا بأس به بل قد يكون محموداً مطلوباً لما في ذلك من إبطال الباطل . اه (شرح رياض الصالحين 84/4)

قال النووي رحمه الله :

 كانت الكهانة في العَرَبِ ثلاثةَ أضرُبٍ :

 أحَدُها : أن يكونَ للإنسانِ وَلِيٌّ من الجِنِّ يخبِرُه بما يستَرِقُه من السَّمعِ من السَّماءِ، وهذا القِسمُ باطِلٌ من حينِ بُعِثَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .

 الثَّاني : أنَّه يخبِرُه بما يطرَأُ أو يكونُ في أقطارِ الأرضِ وما خَفِيَ عنه ممَّا قَرُبَ أو بَعُد، وهذا لا يَبعُدُ وُجودُه .

 الثَّالثُ : المنَجِّمون، وهذا الضَّربُ يَخلُقُ اللهُ تعالى فيه لبعضِ النَّاسِ قُوَّةً ما، لكِنَّ الكَذِبَ فيه أغلَبُ، ومِن هذا الفَنِّ العِرافةُ، وصاحِبُها عَرَّافٌ، وهو الذي يستَدِلُّ على الأمورِ بأسبابٍ ومُقَدِّماتٍ يدَّعي مَعرِفَتَها بها، وقد يعتَضِدُ بعضُ هذا الفَنِّ ببَعضٍ في ذلك بالزَّجرِ والطَّرقِ والنُّجومِ، وأسبابٍ مُعتادةٍ، 

 وهذه الأضرُبُ كُلُّها تُسَمَّى كِهانةً، وقد أكذَبَهم الشَّرعُ، ونهى عن تصديقِهم وإتيانِهم. انتهى من ((شرح النووي على مسلم)) (14/223).


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات