من طرق تأثير الشيطان على المسلم شغله بالعمل المفضول عن العمل الفاضل فيحسنه له ليحرمه كثرة الثواب،
حتى إنه ليوهمه أن انشغاله بهذا العمل ليس من الشيطان فإن الشيطان لا يأمر بخير.
ولا يتوصل إلى دفع الشيطان إلا بمعرفة مداخله التى يُضل بها المسلم .
فمثلاً : أن يقوم الرجل أو المرأة طوال الليل يتعبدون لله ويسهرون لأجل ذلك ويعانون المشقة والتعب،
وقبل الفجر ينامون عن صلاة الفريضة الواجبة، فاشغلهم بالمفضول عن الفاضل.
- قال الله تعالى : الذي يوسوس في صدور الناس. (سورة الناس-5).
وسوسة الشيطان في صدر الإنسان بأنواع كثيرة؛ منها :
إفساد الإيمان والتشكيك في العقائد، فإن لم يقدر على ذلك أمره بالمعاصي، فإن لم يقدر على ذلك ثبطه عن الطاعات،
فإن لم يقدر على ذلك أدخل عليه الرياء في الطاعات ليحبطها، فإن سلم من ذلك أدخل عليه العجب بنفسه، واستكثار عمله،
ومن ذلك أنه يوقد في القلب نار الحسد والحقد والغضب؛ حتى يقود الإنسان إلى شر الأعمال وأقبح الأحوال.
وعلاج وسوسته بثلاثة أشياء؛
واحدها : الإكثار من ذكر الله.
وثانيها : الإكثار من الاستعاذة بالله منه، ومن أنفع شيء في ذلك قراءة هذه السورة.
وثالثها : مخالفته والعزم على عصيانه. ينظر: ((تفسير ابن جزي)) (2/530).
قال ابن القيم رحمه الله :
..... بعد أن ذكر خمسة أجناس ومراتب لتدرج الشيطان في الإضلال
قال في الخامسة : فإن أعجزه العبد من هذه المرتبة ( وهي اشغاله بالمباحات ) وكان حافظا لوقته شحيحا به يعلم مقدار أنفاسه وانقطاعها وما يقابلها من النعيم والعذاب.
نقله إلى المرتبة السادسة : وهو أن يشغله بالعمل المفضول عما هو أفضل منه ليزيح عنه الفضيلة ويفوته ثواب العمل الفاضل،
فيأمره بفعل الخير المفضول ويحضه عليه ويحسنه له إذا تضمن ترك ما هو أفضل وأعلى منه، وقلَّ من يتنبه لهذا من الناس،
فإنه إذا رأى فيه داعياًً قوياً ومحركاً إلى نوع من الطاعة لا يشك أنه طاعة وقربة، فإنه لا يكاد يقول إن هذا الداعي من الشيطان فإن الشيطان لا يأمر بخير،
ويرى أن هذا خير فيقول هذا الداعي من الله وهو معذور،
ولم يصل علمه إلى أن الشيطان يأمر بسبعين بابا من أبواب الخير، إما ليتوصل بها إلى باب واحد من الشر،
وإما ليفوت بها خيرا أعظم من تلك السبعين بابا وأجل وأفضل،
وهذا لا يتوصل إلى معرفته إلا بنور من الله يقذفه في قلب العبد يكون سببه تجريد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم،
وشدة عنايته بمراتب الأعمال عند الله وأحبها إليه وأرضاها له وأنفعها للعبد .....،
وأكثر الخلق محجوبون عن ذلك، فلا يخطر بقلوبهم،والله يمن بفضله على من يشاء من عباده .انتهى من (بدائع الفوائد لابن القيم).
وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :
الطرق التي يدخل فيها الشيطان على الإنسان كثيرة :
منها: أن يأتيه من جهة شهوة فرجه، فيغريه بالزنا، ويسول له من الخلوة بالنساء الأجنبيات،
والنظر إليهن، ومخالطتهن، وسماع غنائهن، ونحو ذلك، ولا يزال يفتنه حتى يقع في الفاحشة .
ومنها: أن يأتيه من جهة شهوة بطنه، فيغريه بأكل الحرام، وشرب الخمر ولناول المخدرات ... ونحو ذلك .
ومنها: أن يأتيه من جهة غريزة حب التملك، والميل إلى الغنى والثراء، فيغريه بالتوسع في أسباب الكسب، حلاله وحرامه،
فلا يبالي بأكل أموال الناس بالباطل؛ من ربا وسرقة وغصب واختلاس وغش ونحو ذلك.
ومنها : أن يأتيه من جهة غريزة حب التسلط والتعالي والتعاظم؛ فيستكبر، ويتجبر على الناس،
ويحقرهم، ويسخر منهم ... إلى غير ذلك من المداخل الكثيرة .
وارجع في ذلك إلى كتاب (تلبيس إبليس) تأليف : أبي الفرج ابن الجوزي.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء- الفتوى رقم (٩٢٩٧)).
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق