">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

ما التفسير الصحيح لقوله تعالى (لا يمسه إلا المطهرون)؟


❓ يتساءل كثير من الناس عن المراد بقوله تعالى : (لا يمسه إلا المطهرون)، وهل المقصود بها أن المحدث لا يجوز له مس المصحف؟

❓ هذا المقال يبيّن التفسير الصحيح للآية كما ورد عن الصحابة والتابعين وأئمة التفسير، مع توضيح المعنى اللغوي والدلالة الشرعية.

ما التفسير الصحيح لقوله تعالى (لا يمسه إلا المطهرون)؟


● الصحيح أن المقصود بـ (الْمُطَهَّرُونَ) فى الآية هم الملائكة، وليس نحن البشر،

فنحن نتطهر ولسنا مطهرون ، كما قال جماهير السّلف مِن المفسّرينَ والمحدّثين والفُقهاء.

● لو كان المقصود بالكتاب المكنون المصحفَ الذي بين أيدينا، لما كان في وصفه بذلك فائدةٌ أو مدحٌ خاص، لأن كل كتاب محفوظ يُمكن أن يُقال فيه ذلك،

وإنما المراد بيان رفعة القرآن وأنه وحيٌ إلهيٌّ مصونٌ من أيدي الشياطين، لا يَمسُّ محلَّه إلا المطهَّرون، وهم الملائكةُ السَّفَرَةُ الكِرامُ البَرَرَةُ.

 هذا تفسير الصحابة رضى الله عنهم وتفسيرهم في حكم المرفوع ، ومن لم يجعله مرفوعًا فلا ريب أنَّه عنده أصحُّ من تفسير مَنْ بَعد الصحابة،

والصحابةُ أعلم الأمَّة بتفسير القرآن، ويجب الرجوع إلى تفسيرهم. ينظر: ("التبيان في أيمان القرآن" (1/ 330)).

سقوط الاستدلال بالآية على منع المحدث من مس المصحف.


✔ بناء على هذا التفسير، يسقط الاستدلال بالآية على منع المحدث حدثًا أصغر أو أكبر من مس المصحف، لأن المراد بالمطهرين هنا الملائكة، وليس البشر، والأصل براءة الذمة.

✔ لو كان المراد بالآية البشر لقال لا يمسه إلا المتطهّرين، وفرق بين المطهّر اسم مفعول وبين المتطهّر اسم فاعل، كما قال تعالى (( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ))،

وقال في أهل قباء : (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)، وقال في شأن النساء : (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ)، فالناس يتطهّرون ولا يُوصفون بأنهم (مُطهّرون ).

✔ إذن، الآية جملة خبرية وليست إنشائية (أي ليست أمرًا أو نهيًا) أي لا تفيد حكمًا شرعيًا يتعلق بالمسّ والطهار.

أقوال السلف والعلماء في تفسير الآية.


 جاء فى "تفسير الطبري" وغيره :


قال ابن عباس : (لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ). قال : الكتاب الذي في السماء. وقال مرة : يعني الملائكة.

وكذا ورد عن ابن مسعود حيث قال : هو الذكر الذي في السماء لا يمسه إلا الملائكة.

قال قتادة : (لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ). قال : لا يمسه عند الله إلا المطهرون، فأما في الدنيا فإنه يمسه المجوسي النجس ، والمنافق الرجس،

وقال : وهي في قراءة ابن مسعود ( ما يمسه إلا المطهرون )، وقال أبو العالية ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) قال : ليس أنتم أنتم أصحاب الذنوب .

قال الإمام مالك : أحسن ما سمعت في هذه الآية : ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) إنما هي بمنـزلة هذه الآية التي في عبس وتولى؛ قول الله تبارك وتعالى:

(كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُف مُكَرَّمَة * مَرْفُوعَة مُطَهَّرَة * بِأَيْدِي سَفَرَة * كِرَام بَرَرَة).

وذكر الطبري : أن هذا قول : ابن عباس، وسعيد بن جبير وأبي نهيك، وعكرمة، ومجاهد وغيرهم. انتهى.

★ قال حرب في "مسائله" :


سمعت إسحاق في قوله : لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ. قال : النُّسْخَةُ التي في السماء لا يمسُّها إلا المطهَّرون. قال : الملائكة. ينظر: ("التبيان في أيمان القرآن" (1/ 330)).

 قال الإمام ابن حزم رحمه الله :


 قوله تعالى : { لا يَمَسّه إِلاَّ المُطَهَّرونَ }.(سورة الواقعة)؛ بأنَّه خبر وليس أمراً، وأنَّنا رأينا المصحف يمسُّه الطَّاهر وغير الطَّاهر،

فنعلم أنَّ الله -عزّ وجلّ- لم يعْنِ المصحف، وإنما عنى كتاباً آخر، وأورد بعض أقوال السَّلف أنَّهم الملائكة الذين في السَّماء. ينظر: ("المحلَّى" (1/ 107)).

الأسئلة الشائعة:


س : هل تدل الآية على وجوب الطهارة لمس المصحف؟


ج : لا، لأن الآية خبر عن الملائكة، وليست أمرًا موجهًا للبشر، ولا يصح الاستدلال بها على هذا الحكم.

س : من هم المطهرون المذكورون في الآية؟


ج : هم الملائكة الذين طهرهم الله من الذنوب والنجاسات، كما فسر ذلك الصحابة كابن عباس وابن مسعود.

س : هل في القرآن مواضع أخرى تشبه هذا المعنى؟


ج : نعم، كقوله تعالى في سورة عبس: (فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ)، أي في أيدي الملائكة.

خلاصة التفسير الصحيح :


◄ إذن المعنى الصحيح لقوله تعالى : (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)، أن المقصود بها هم الملائكة، والآية إخبار من الله عز وجل عنهم،

وليس المقصود البشر أو المصحف المادي الذي بأيدينا، بل هو الكتاب الذي في اللوح المحفوظ، لا يمسه إلا المطهرون من الملائكة المقربين.


والله اعلم

اقرأ أيضا :


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات