القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

ثُبوت كروية الأرض عند السلف قبل وكالة ناسا


الله سبحانه وتعالى بسط الأرض ووسعها ليحصل بها الإنتفاع لمن حلّها ولا يلزم من ذلك نفي كرويتها لما أن الكرة العظيمة لعظمتها ترى كالسطح المستوي فالأرض جسم عظيم والكرة إذا كانت في غاية الكبر كان كل قطعة منها تشاهد كالسطح .

وكروية الأرض ليست فقط حقيقة علمية مقطوعا بها بل هي محل إجماع نقله بعض أهل العلم من مئات السنين قبل ظهور وكالة ناسا .

ومما يدل على ذلك :

قوله تعالى : ( وكل في فلك يسبحون ). سورة يس -1   

قال الحافظ ابن كثير فى تفسيره : يعني : الليل والنهار ، والشمس والقمر ، كلهم يسبحون ، أي : يدورون في فلك السماء . قاله ابن عباس ، وعكرمة ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، وعطاء الخراساني . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : في فلك بين السماء والأرض . رواه ابن أبي حاتم ، وهو غريب جدا ، بل منكر . قال ابن عباس وغير واحد من السلف : في فلكة كفلكة المغزل .انتهى

2- عَنِ ابْنُ جُرَيْج، عَنْ عَطَاء بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : الشَّمْسُ بِمَنْزِلَةِ السَّاقِيَةِ، تَجْرِي بِالنَّهَارِ فِي السَّمَاءِ فِي فَلَكِهَا، فَإِذَا غَرَبَتْ جَرَتْ بِاللَّيْلِ فِي فَلَكِهَا تَحْتَ الْأَرْضِ حَتَّى تَطْلُعَ مِنْ مَشْرِقِهَا، قَالَ : وَكَذَلِكَ الْقَمَرُ

الراوي : عطاء بن أبي رباح | المحدث : ابن كثير | المصدر : تفسير القرآن العظيم
الصفحة أو الرقم : 6/353 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

3- قال ابنُ عباسٍ [ في قولِه تعالَى : وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ كُلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ] : يدورون في فلكةٍ كفلكةِ المِغزلِ.

الراوي : - | المحدث : ابن عثيمين | المصدر : مجموع فتاوى ابن عثيمين
الصفحة أو الرقم : 74/1 | خلاصة حكم المحدث : [مشهور عن ابن عباس].

- وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في " العظمة " ، عن ابن عباس في قوله : كل في فلك قال : فلك كفلكة المغزل.

 قال الإمام " أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي- المتوفي عام 336هـ" من أعيان العلماء المشهورين بمعرفة الآثار والتصانيف الكبار في فنون العلوم الدينية من الطبقة الثانية من أصحاب الإمام أحمد : 

لا خلاف بين العلماء أن السماء على مثال الكرة... قال : وكذلك أجمعوا على أن الأرض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل الكرة. قال : ويدل عليه أن الشمس والقمر والكواكب لا يوجد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الأرض في وقت واحد بل على المشرق قبل المغرب انتهى من (مجموع فتاوى ابن تيمية، جمع عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي (25/195-196)).

وقال الإمام ابن حزم رحمه الله -المتوفي عام 456 هـ :

 نَقَلَةُ الكتاب والسُّنة المستحقين لاسم العلم من الأئمة الصالحين رضي الله عنهم أجمعين لم يُنكروا تكوير الأرض، ولا يُحفَظ لأحدٍ منهم في ذلك كلمةٌ، بل الدلائل من الكتاب والسُّنة يدلُّ على تكويرها.

 قال تعالى : { يكوِّر الليل على النهار ويكور النهار على الليل } فهذا مأخوذٌ من كَور العمامة، وهو إدارتها، وهذا بعض التنزيل في تكوير الأرض انتهى (الأصول والفروع | لابن حزم صـ(١٧٧))

وقال أيضا رحمه الله :

 قال اللهُ عزَّ وجَلَّ : يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ.[الزمر: 5] ، وهذا أوضَحُ بَيانٍ في تكويرِ بَعضِها على بَعضٍ، مأخوذٌ مِن كَورِ العِمامةِ، وهو: إدارتُها، وهذا نَصٌّ على تكويرِ الأرضِ ودَوَرانِ الشَّمسِ كذلك . انتهى من ((الفِصَل في المِلَل والأهواء والنِّحَل)) (2/78).

وقال أبو الفرج بن الجوزي الحنبلي- المتوفي عام 597هـ :

 " وَكَذَلِكَ أجمعوا -أي العلماء- عَلَى أَن الأَرْض بجميع أجرامها من البرد مثل الكرة، ويدل عَلَيْهِ أَن الشمس والقمر والكواكب لا يوحد طلوعها وغروبها عَلَى جميع من فِي نواحي الأَرْض فِي وقت واحد، بَل عَلَى المشرق قبل المغرب، وكرة الأَرْض مثبتة فِي وسط كرة السماء كالنقطة من الدائرة. 

عَلَى ذَلِكَ أَن جرم كُل كوكب يرى فِي جميع نواحي السماء عَلَى قدر واحد، فيدل عَلَى ذَلِكَ أَن مَا بَيْنَ السماء وَالأَرْض من جميع الجهات بقدر واحد، كاضطرار أَن تكون الأَرْض وسط السماء...". انتهى من كتاب " المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ".

 وسئل ابن تيمية رحمه الله :

عن رجلين تنازعا في " كيفية السماء والأرض " هل هما " جسمان كريان " ؟ فقال أحدهما كريان; وأنكر الاخر هذه المقالة وقال : ليس لها أصل وردها فما الصواب ؟

فأجاب :

 السماوات مستديرة عند علماء المسلمين وقد حكى إجماع المسلمين على ذلك غير واحد من العلماء أئمة الإسلام .

مثل : أبي الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي أحد الأعيان الكبار من الطبقة الثانية من أصحاب الإمام أحمد وله نحو أربعمائة مصنف .

وحكى الإجماع على ذلك الإمام أبو محمد بن حزم وأبو الفرج بن الجوزي وروى العلماء ذلك بالأسانيد المعروفة عن الصحابة والتابعين وذكروا ذلك من كتاب الله وسنة رسوله وبسطوا القول في ذلك بالدلائل السمعية . وإن كان قد أقيم على ذلك أيضا دلائل حسابية .

و لا أعلم في علماء المسلمين المعروفين من أنكر ذلك إلا فرقة يسيرة من أهل الجدل لما ناظروا المنجمين فأفسدوا عليهم فاسد مذهبهم في الأحوال والتأثير خلطوا الكلام معهم بالمناظرة في الحساب وقالوا على سبيل التجويز يجوز أن تكون مربعة أو مسدسة أو غير ذلك ; ولم ينفوا أن تكون مستديرة لكن جوزوا ضد ذلك .

وما علمت من قال إنها غير مستديرة - وجزم بذلك - إلا من لا يؤبه له من الجهال .

ومن الأدلة على ذلك

-  قوله تعالى : (( وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون ))وقال تعالى : (( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر و لا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون )) .

قال ابن عباس وغيره من السلف : في فلكة مثل فلكة المغزل ، وهذا صريح بالاستدارة والدوران

 وأصل ذلك : أن " الفلك في اللغة " هو الشيء المستدير يقال تفلك ثدي الجارية إذا استدار ويقال لفلكة المغزل المستديرة فلكة ; لاستدارتها .

فقد اتفق أهل التفسير واللغة على أن " الفلك " هو المستدير والمعرفة لمعاني كتاب الله إنما تؤخذ من هذين الطريقين : من أهل التفسير الموثوق بهم من السلف ومن اللغة : التي نزل القران بها وهي لغة العرب .

- وقال تعالى : (( يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ))قالوا : و " التكوير " التدوير يقال : كورت العمامة وكورتها : إذا دورتها ويقال : للمستدير كارة وأصله " كورة " تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا .

ويقال أيضا : " كرة " وأصله كورة وإنما حذفت عين الكلمة كما قيل في ثبة وقلة . والليل والنهار ، وسائر أحوال الزمان تابعة للحركة ; فإن الزمان مقدار الحركة ; والحركة قائمة بالجسم المتحرك فإذا كان الزمان التابع للحركة التابعة للجسم موصوفا بالاستدارة كان الجسم أولى بالاستدارة .

- وقال تعالى : (( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ))وليس في السماء إلا أجسام ما هو متشابه . أما التثليث والتربيع والتخميس و التسديس وغير ذلك : ففيها تفاوت واختلاف بالزوايا والأضلاع لا خلاف فيه و لا تفاوت ; إذ الاستدارة التي هي الجوانب .

- وفي الحديث المشهور في سنن أبي داود وغيره عن جبير بن مطعم : أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله جهدت الأنفس وهلك المال ; وجاع العيال فاستسق لنا ; فإنا نستشفع بالله عليك ونستشفع بك على الله : فسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه وقال : (( ويحك إن الله لا يستشفع به على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك إن عرشه على سمواته هكذا وقال بيده مثل القبة وأنه يئط به أطيط الرحل الجديد براكبه )) .

فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العرش على السموات مثل القبة وهذا إشارة إلى العلو والإدارة .

- وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وسقفه عرش الرحمن )) . والأوسط لا يكون أوسط إلا في المستدير .

و قد قال إياس بن معاوية : السماء على الأرض مثل القبةوالاثار في ذلك لا تحتملها الفتوى ; وإنما كتبت هذا على عجل .

والحس مع العقل يدل على ذلك فإنه مع تأمل دوران الكواكب القريبة من القطب في مدار ضيق حول القطب الشمالي ثم دوران الكواكب المتوسطة في السماء في مدار واسع وكيف يكون في أول الليل وفي اخره ؟ يعلم ذلك .

وكذلك من رأى حال الشمس وقت طلوعها واستوائها وغروبها في الأوقات الثلاثة على بعد واحد وشكل واحد ممن يكون على ظهر الأرض علم أنها تجري في فلك مستدير وأنه لو كان مربعا لكانت وقت الاستواء أقرب إلى من تحاذيه منها وقت الطلوع والغروب ودلائل هذا متعددة .

وأما من ادعى ما يخالف الكتاب والسنة فهو مبطل في ذلك  )) . انتهى ( مجموع الفتاوى ، 6 / 587 فما بعدها )

وقال أيضا رحمه الله :

اعلم أنّ الأرض قد اتفقوا على أنها
 كرية الشكل، وهي في الماء المحيط بأكثرها إذ اليابس السدس وزيادة بقليل، والماء أيضاً مقبّب من كل جانب للأرض. 

والماء الذي فوقها بينه وبين السماء كما بيننا وبينها بما يلي رؤوسنا. وليس تحت وجه الأرض إلا وسطها ونهاية التحت المركز. فلا يكون لنا جهة بينة إلا جهتان : العلو والسفل.

وإنّما تختلف الجهات باختلاف الإنسان :

 فعلو الأرض وجهها من كل جانب، وأسفلها ما تحت وجهها، ونهاية المركز هو الذي يسمّى محط الأثقال. فمن وجه الأرض والماء من كل وجهة إلى المركز يكون هبوطاً، ومنه إلى وجهها صعوداً. 

وإذا كانت السماء الدنيا فوق الأرض محيطة بها فالثانية كريّة، وكذا الباقي . اهـ (الأسماء والصفات لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/114)).

 وقال أيضا رحمه الله
 في (مجموع الفتاوى) :

نفى بعض الجهال أن تكون الأفلاك مستديرة، فمنهم من ينفي ذلك جزما، ومنهم من ينفي الجزم به على كل أحد، وكلاهما جهل .

فمن أين له نفي ذلك أو نفي العلم به عن جميع الخلق، ولا دليل له على ذلك إلا ما قد يفهمه بفهمه الناقص . 

هذا وقد ثبت بالكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة أن الأفلاك مستديرة، قال الله تعالى : وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَوقال تعالى : لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ. 

قال ابن عباس : في فلكة مثل فلكة المغزل. وهكذا هو في لسان العرب الفلك الشيء المستدير.. وقال تعالى : (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل) والتكوير هو التدوير.. ومنه قيل للكرة : كرة، وهي الجسم المستدير،

 ولهذا يقال للأفلاك : كروية الشكل.. ومنه الحديث : إن الشمس والقمر يكوران يوم القيامة.. وقال تعالى : (الشمس والقمر بحسبان) مثل حسبان الرحا. وقال : (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت).

 وهذا إنما يكون فيما يستدير من أشكال الأجسام دون المضلعات من المثلث أو المربع أو غيرهما فإنه يتفاوت لأن زواياه مخالفة لقوائمه، والجسم المستدير متشابه الجوانب والنواحي ليس بعضه مخالفا لبعض. انتهى.

ويثبت شيخ الإسلام ابن تيمية ـ بالعقل وحده ـ أنه ليس أحد على سطح الكرة الأرضية فوق أحد، بمعنى أن الذي هو في النصف الشمالي ليس تحت الذي يكون في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية ولا العكس أيضاً ، فقال رحمه الله في الرسالة العرشية :

ليس أحد جانبي الفلك تحت الآخر، ولا القطب الشمالي تحت الجنوبي، ولا بالعكس. 

وإن كان الشمالي هو الظاهر لنا فوق الأرض وارتفاعه بحسب بعد الناس عن خط الاستواء، فما كان بعده عن خط الاستواء ثلاثين درجة مثلا كان ارتفاع القطب عنده ثلاثين درجة، وهو الذي يسمى عرض البلد، 

فكما أن جوانب الأرض المحيطة بها وجوانب الفلك المستديرة ليس بعضها فوق بعض ولا تحته، فكذلك من يكون على الأرض من الحيوان والنبات والأثقال لا يقال : 

إنه تحت أولئك، وإنما هذا خيال يتخيله الإنسان، وهو تحت إضافي؛ كما لو كانت نملة تمشي تحت سقف فالسقف فوقها، وإن كانت رجلاها تحاذيه. 

وكذلك من علق منكوسا فإنه تحت السماء، وإن كانت رجلاه تلي السماء، وكذلك يتوهم الإنسان إذا كان في أحد جانبي الأرض، أو الفلك أن الجانب الآخر تحته، وهذا أمر لا يتنازع فيه اثنان، ممن يقول : إن الأفلاك مستديرة .

واستدارة الأفلاك كما أنه قول أهل الهيئة والحساب فهو الذي عليه علماء المسلمين، كما ذكره أبو الحسن بن المنادى، وأبو محمد بن حزم، وأبو الفرج بن الجوزي وغيرهم أنه متفق عليه بين علماء المسلمين . ينظر :(مجموع فتاوى ابن تيمية، جمع عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي (6/566)).‏‏ 

وقال العلامة الألبانى رحمه الله :

نحن الحقيقة لا نشك في
 أن قضية دوران الأرض حقيقة علمية لا تقبل جدلا في الوقت الذي نعتقد أنه ليس من وظيفة الشرع عموما والقرآن خصوصا أن يتحدث عن علم الفلك ودقائق علم الفلك. 

وإنما هذه تدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام الذي أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة تأبير النخل حينما قال لهم ( إنما هو ظن ظننته فإذا أمرتكم بشيء من أمر دينكم فأتوا منه ما استطعتم وما أمرتكم بشيء من أمور دنياكم فأنتم أعلم بأمور دنياكم ) .

فهذه القضايا ليس من المفروض أن يتحدث عنها الرسول عليه السلام وإن تحدث هو في حديثه أو ربنا عز وجل في كتابه فإنما لبالغة أو لآية أو لمعجزة أو نحو ذلك ، ولذلك فنستطيع أن نقول أنه لا يوجد في الكتاب ولا في السنة ما ينافي هذه الحقيقة العلمية المعروفة اليوم والتي تقول أن الأرض كروية وأنها تدور بقدرة الله عز وجل في هذا الفضاء الواسع .

 بل يمكن للمسلم أن يجد ما يشعر إن لم نقل ما ينص على أن الأرض كالشمس وكالقمر من حيث أنه كلها في هذا الفراغ كما قال عز وجل : ((وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ )) ،لا سيما إذا استحضرنا أن قبل هذا التعميم الإلهي بلفظة (( وكُلٌّ )) تعني الكواكب الثلاثة حيث ابتدأ بالأرض فقال : (( وَآَيَةٌ لَهُمُ الأَرْضُ المَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ )) ثم قال : (( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ وَالقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالعُرْجُونِ القَدِيم لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ القَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ )) ، فلفظة (( كُلٌّ )) تشمل الآية الأولى الأرض ثم الشمس ثم القمر ثم قال تعالى : (( وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ )) هذا ظاهر من سياق الآيات وهي بلا شك آيات في ملك الله عز وجل باهرة ،

 أقول هذا مع العلم بأن العلماء في التفسير أعادوا اسم كل إلى أقرب مذكور وهو الشمس والقمر لكن ليس هناك ما يمنع أبدا من أن نوسّع معنى الكل فيشمل الأرض التي ذكرت قبل الشمس وقبل القمر هذا أقوله فإن صح فبها ونعمت وإن لم يصح فأقل ما يقال أنه لا يوجد في القرآن كما قلت آنفا ولا في السنة ما ينفي هذه الحقيقة العلمية ،

 أما ما يقال أو ما يستدل به من الآيات كجعل الله عز وجل الجبال رواسي أَنْ تَمِيدَ بِهم وكـ (( الأرض بعد ذلك دحاها )) ونحو ذلك من الآيات فهي في الحقيقة لا تنهض لإبطال هذه الحقيقة العلمية الكونية من جهة بل لعل بعضها تكون حجة على المستدلين بها .

فخلاصة القول 

لا يوجد في الشرع أبدا ما ينفي كروية الأرض ، ثم كروية الأرض أصبحت اليوم حقيقة علمية ملموسة لمس اليد ، يعني يتهم الإنسان في عقله وعلى الأقل في علمه فيما إذا جحد هذه الحقيقة  .

لأنك اليوم تستطيع أن ترفع السماعة وتتصل مع صديق لك صادق وتقول له ماذا عندكم اليوم نهار أم ليل سيقول لك عندنا ليل في الوقت الذي يؤذن عندنا مثلا لأذان المغرب يؤذن عندهم لصلاة الفجر أو يكون قد طلعت الشمس وهذا لا يمكن تصوره أبدا إلا كما يقول العلم بالتجربة أن هذا ينتج بسبب أن الأرض تدور حول الشمس دائرة كاملة ينتج من ورائها الليل والنهار، 

ثم أدق من ذلك حصول الفصول الأربعة بسبب ابتعاد الأرض عن الشمس واقترابها وهذا له تفصيله في علم الفلك وعلم الجغرافيا لسنا في صدده ، لكن الشاهد أنه لا يمكن أن تحصل هذه الأمور الواضحة إلا والأرض أولا كروية وإذا سلبت كرويتها فلا يمكن أن يقال بأنها ثابتة.

 لأن البشر يسكنون هذه الأرض في كل جوانبها كما يقال اليوم في القطب الشمالي في القطب الجنوبي فلو كانت هي كروية وثابتة كيف يثبت من كانوا في أسفل القطب الجنوبي مثلا بل ومن كان في طرفيها .

 لكنها لما كانت تدور بقدرة الله العجيبة الدوران الذي لا يجعل حياة المستوطنين والساكنين عليها مضطربة فهذا أمر في غاية الإعجاز الدالة على عظمة وقدرة الله تبارك وتعالى . انتهى من (تسجيلات متفرقة - شريط : 15 توقيت الفهرسة : (00:07:48)).

وقال العلامة ابن باز رحمه الله :

الأرض كروية عند أهل العلم 
قد حكى ابن حزم وجماعة آخرون إجماع أهل العلم على أنها كروية يعني : أنها منضم بعضها إلى بعض مدرمحة كالكرة، لكن الله بسط أعلاها لنا وجعل فيها الجبال الرواسي وجعل فيها الحيوان والبحار رحمة بنا ولهذا قال : وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ.
 [الغاشية:20]

فهي مسطوحة الظاهر لنا ليعيش عليها الناس ويطمئن عليها الناس، فكونها كروية لا يمنع تسطيح ظاهرها لأن الشيء الكبير العظيم إذا سطح صار له ظهر واسع .انتهى من (فتاوى نور على الدرب).

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

" الأرض كروية بدلالة القرآن والواقع وكلام أهل العلم 

أما دلالة القرآن : فإن الله تعالى يقول : ( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ )  والتكوير جعل الشيء كالكور مثل كور العمامة ، ومن المعلوم أن الليل والنهار يتعاقبان على الأرض وهذا يقتضي أن تكون الأرض كروية  لأنك إذا كورت شيئاً على شيء ، وكانت الأرض هي التي يتكور عليها هذا الأمر لزم أن تكون الأرض التي يتكور عليها هذا الشيء كروية .

وأما دلالة الواقع : فإن هذا قد ثبت فإن الرجل إذا طار من جدة مثلاً متجهاً إلي الغرب خرج إلى جدة من الناحية الشرقية إذا كان على خط مستقيم وهذا شيء لا يختلف فيه اثنان .

وأما كلام أهل العلم : فإنهم ذكروا أنه لو مات رجل بالمشرق عند غروب الشمس ، ومات آخر بالمغرب عند غروب الشمس ، وبينهما مسافة ، فإن من مات بالمغرب عند غروب الشمس يرث من مات بالمشرق عند غروب الشمس إذا كان من ورثته ، فدل هذا على أن الأرض كروية ، لأنها لو كانت الأرض سطحية لزم أن يكون غروب الشمس عنها من جميع الجهات في آن واحد ، وإذا تقرر ذلك فإنه لا يمكن لأحد إنكاره ،

ولا يشكل على هذا قوله تعالى : ( أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ . وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ . وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ . وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ) لأن الأرض كبيرة الحجم وظهور كرويتها لا يكون في المسافات القريبة فهي بحسب النظر مسطحة سطحاً لا تجد فيها شيئاً يوجب القلق على السكون عليها ولا ينافي ذلك أن تكون كروية لأن جسمها كبير جداً ولكن مع هذا ذكروا أنها ليست كروية متساوية الأطراف بل إنها منبعجة نحو الشمال والجنوب .

 فهم يقولون : إنها بيضاوية أي على شكل البيضة في انبعاجها شمالاً وجنوباً ". انتهى من ( "فتاوى نور على الدرب-066").

وقال أيضا رحمه الله :

قوله تعالى : يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل. فيه إثبات كروية الأرض، ومعلوم أن الليل والنهار يتعاقبان على الأرض؛ فإذا كان سيرهما تكويرا دل على أن الأرض كروية . ينظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الزمر)) (ص: 50).

وقال أيضا رحمه الله :

ثم نعود ونقول أيضا ولا يمكن أن يتناقض كتاب الله عز وجل وما صح من سنته مع الواقع أبدا لا يمكن أن يتناقض مع الواقع أبدا مثال ذلك، 

قال قائل : كيف تجمعون بين قوله تعالى :  وإلى الأرض كيف سطحت  وبين ما ثبت الآن بأن الأرض كروية ؟ 

هل ثبت الآن أن الأرض كروية ؟ نعم ؟ غريب كيف تتوقفون في هذا ؟ ما فيه إشكال أن الأرض كروية لأنك لو ذهبت الآن من جدة متجها نحو الغرب لخرجت من الدمام في خط مستقيم خرجت من هنا، إذا الأرض إيش ؟ كروية ما فيه إشكال ولا تتهيبوا أن تقولوا أمرا واقعا هي كروية

 فإذا قال قائل : كيف تجمع بين هذا الثابت الذي لا يمكن إنكاره ولو أنكره منكر ونسب ذلك إلى الإسلام لكان هذا أكبر عيب في الإسلام إذا قال كيف تجمع بين هذا وبين قوله :  وإلى الأرض كسف سطحت  ؟

أقول : القرآن لا يناقض الواقع، القرآن لا يناقض الواقع فهي وإن كانت كروية فهي سطح مسطحة للعباد يزرعون فيها ويحرثون ويغرسون ويبنون فيجدون ذلك متساو ولا غير متساو ؟ متساو إذا هذا سطح وأقول له في القرأن ما يشهد للواقع بأن الأرض كروية ما هو يخالف الواقع اقرأ قوله تعالى :  يكور الليل على النهار  والليل يكور على النهار على أي شيء على أي جرم ؟ الليل ويش يدور عليه يا إخوان ؟ على الأرض لا شك إذا هي كروية.

اقرأ قوله تعالى :  إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت وإذا الأرض مدت.  متى هذا ؟ يوم القيامة إذا هي الآن غير ممدودة ولهذا جاء في الحديث أنها يوم القيامة تمد مد الأديم يعني الجلد.

فالحمد لله ما في القرآن شيء يخالف الواقع إطلاقا ولا في القرآن ما يتناقض إطلاقا ولا في السنة ما يتناقض ولا تناقض بين القرآن وصحيح السنة ...انتهى باختصار من (فتاوى الحرم النبوي-(01)).

وقال الشيخ ابن عاشور رحمه الله :

- واستعمال التكوير هنا في قوله : يكور الليل على النهار. من محاسن البلاغة؛ فالتكوير حقيقته : اللف واللي، ومثلت به هنا هيئة غشيان الليل على النهار في جزء من سطح الأرض وعكس ذلك على التعاقب بهيئة كور العمامة؛ إذ تغشى اللية اللية التي قبلها، وهو تمثيل بديع قابل للتجزئة بأن تشبه الأرض بالرأس، ويشبه تعاور الليل والنهار عليها بلف طيات العمامة. 

قيل : ومما يزيده إبداعا إيثار مادة التكوير الذي هو معجزة علمية من معجزات القرآن؛ فإن مادة التكوير جائية من اسم الكرة، وهي الجسم المستدير من جميع جهاته على التساوي، 

والأرض كروية الشكل في الواقع، وذلك كان يجهله العرب وجمهور البشر يومئذ، فأومأ القرآن إليه بوصف العرضين اللذين يعتريان الأرض على التعاقب، وهما النور والظلمة، أو الليل والنهار؛ إذ جعل تعاورهما تكويرا؛ لأن عرض الكرة يكون كرويا تبعا لذاتها، فلما كان سياق هذه الآية للاستدلال على الإلهية الحقة بإنشاء السموات والأرض، اختير للاستدلال على ما يتبع ذلك الإنشاء من خلق العرضين العظيمين للأرض مادة التكوير دون غيرها؛ 

لأن تلك الآية مسوقة للدلالة على سعة التصرف في المخلوقات، فكان تصوير ذلك بإغشاء الليل والنهار خاصة؛ لأنه دل على قوة التمكن من تغييره أعراض مخلوقاته؛ 

ولذلك اقتصر على تغيير أعظم عرض -وهو النور- بتسليط الظلمة عليه؛ لتكون هاته الآية لمن يأتي من المسلمين الذين يطلعون على علم الهيئة؛ فتكون معجزة عندهم . ينظر: ((تفسير ابن عاشور)) (23/328، 329).

وأما من قال أن الأرض مسطحة

 فسبب ذلك أنه قام بتأويل آيات القرآن على غير مرادها فتأول في ذلك قوله تعالى : {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ـ إلى قوله : ـ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ. [الغاشية: 17 - 20] وقوله : {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا}. [الرعد: 3] وقوله : {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ}[الحجر: 19] وقوله : {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا}. [نوح: 19]. ونحو ذلك من الآيات.

وأما وجه الخطأ في الاستدلال السابق فبينه كثير من أهل العلم .

-  قال العلامة الطاهر بن عاشور في (التحرير والتنوير) :

المد : البسط، أي : بسطنا الأرض فلم تكن مجموع نتوءات إذ لو كانت كذلك، لكان المشي عليها مرهقا

والمراد : بسط سطح الأرض، وليس المراد وصف حجم الأرض لأن ذلك لا تدركه المشاهدة ولم ينظر فيه المخاطبون نظر التأمل، فيستدل عليهم بما لا يعلمونه، فلا يعتبر في سياق الاستدلال على القدرة على خلق الأمور العظيمة، ولا في سياق الامتنان بما في ذلك الدليل من نعمة، فلا علاقة لهذه الآية بقضية كروية الأرض . اهـ.

- وقال الشيخ عطية سالم في تتمة أضواء البيان :

قوله : { كيف سطحت } آية ثابتة؛ لأن جرمها مع إجماع المفسرين على تكويرها فإنها ترى مسطحة، أي : من النقطة التي هي في امتداد البصر وذلك يدل على سعتها وكبر حجمها لأن الجرم المتكور إذا بلغ من الكبر والضخامة حدا بعيدا يكاد سطحه يرى مسطحا من نقطة النظر إليه .اهـ.

وقال في موضع آخر :

إذا كان علماء الإسلام يثبتون كروية الأرض، فماذا يقولون في قوله تعالى : {إلى الأرض كيف سطحت} ؟

وجوابهم كجوابهم على قوله تعالى : { حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة } ،أي في نظر العين؛ لأن الشمس تغرب عن أمة، وتستمر في الأفق على أمة أخرى، حتى تأتي مطلعها من الشرق في صبيحة اليوم الثاني ويكون بسط الأرض وتمهيدها نظرا لكل إقليم، وجزء منها؛ لسعتها وعظم جرمها .

وهذا لا يتنافى مع حقيقة شكلها، فقد نرى الجبل الشاهق، وإذا تسلقناه ووصلنا قمته، وجدنا سطحا مستويا، ووجدنا أمة بكامل لوازمها، وقد لا يعلم بعض من فيه عن بقية العالم، وهكذا. اهـ.

وقال الإمام فخر الدين الرازي (606 هـ)

- رحمه الله تعالى - مجيباً على الاعتراض بنحو قوله تعالى .. { وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ }. الرعد 3 ..... 

" الأرض جسم عظيم، والكرة إذا كانت في غاية الكبر كان كل قطعة منها تشاهد كالسطح.اه ( التفسير الكبير 19/3 و 170 )

وفي تفسيره أيضا لقوله تعالى :

 " حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ " ..... قال الرازي : " ثبت بالدليل أن الأرض كرة وأن السماء محيطة بها ولا شك أن الشمس في الفلك ".اه

وقال العلامة البيضاوي رحمه الله 

- في تفسير قوله تعالى : { الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشًا } البقرة 22 " أي مهيّأة لأن يقعدوا ويناموا عليها كالفراش المبسوط وذلك لا يستدعي كونها مسطحة ... لأن كروية شكلها مع عظم حجمها لا يأبى الافتراش عليها ".اه (أنوار التنزيل 1/16) .

- وقال العلامة الألوسي (1270 هـ)

- في تفسير قوله تعالى : { الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشًا } البقرة 22 ولا ينافي كرويتها كونها فراشاً لأن الكرة إذا عظمت كان كل قطعة منها كالسطح في افتراشه كما لا يخفى" .اه (روح المعاني 187/1) 

وقال أيضا رحمه الله

في تفسير قوله تعالى : { وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا } الحجر 19 المراد بسطها وتوسعتها ليحصل بها الانتفاع لمن حلّها ولا يلزم من ذلك نفي كرويتها، لما أن الكرة العظيمة لعظمتها ترى كالسطح المستوي".اه (14/28) - روح المعانى (53/17) و (176/26) ...

وقال أيضا رحمه الله

في تفسير قوله تعالى : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ بِسَاطًا } نوح 19: " وليس فيه دلالة على أن الأرض مبسوطة غير كروية، لأن الكرة العظيمة يرى كل من عليها ما يليه مسطحاً.اه (76/29روح المعانى) .

وأختم بكلام الخوارَزمي رحمه الله وهو عالم مسلم لمَع في علم الرِّياضيّات والفلك ، ولد سنة 164 ، وتوفي سنة 235 هِجْرية حيث قال:

الأرض في وسط السماء والوسط هو السّفل بالحقيقة والأرض مدوّرة بالكلية مضرّسة بالجزئية من جهة الجبال البارزة والوهدات الغائرة ولا يخرجها ذلك من الكريّة إذا وقع الحسّ منها على الجملة لأن مقادير الجبال وإن شمخت صغيرة بالقياس إلى كل الأرض 

ألا ترى أن الكرة التي قطرها ذراع أو ذراعان إذا نتأ منها كالجاورسات وغار فيها أمثالها لم يمنع ذلك من إجراء أحكام المدوّر عليها بالتقريب ولولا هذا التّضريس لأحاط بها الماء من جميع الجوانب وغمرها حتى لم يكن يظهر منها شيء 

فإن الماء وإن شارك الأرض في الثّقل وفي الهويّ نحو السفل فإن بينهما في ذلك تفاضلا يخف به الماء بالإضافة إلى الأرض ولهذا ترسب الأرض في الماء وتنزل الكدورة (الرواسب) إلى القرار 

فأما الماء فإنه لا يغوص في نفس الأرض بل يسوخ فيما تخلخل منها واختلط بالهواء والماء إذا اعتمد على الهواء المائي للتخلخل نزل فيها وخرج الهواء منها كما ينزل القطر من السحاب فيه ولمّا برز من سطح الأرض ما برز جاز الماء إلى الاعماق فصار بحارا وصار مجموع الماء والأرض كرة واحدة يحيط بها الهواء من جميعها .انتهى.


والله اعلم

هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات