لا تُشرع الإستعاذة ولا البسملة عند الإستشهاد بآية من القرآن على وجه الإستدلال والإحتجاج بها، فهذا خلاف السنة، كما يفعله كثير من الخطباء والوعاظ .
* وإنما يقول من أراد أن يستدل بآية : قال الله تعالى : ويذكر الآية ولا يذكر الإستعاذة ولا البسملة، فهذا هو الثابت ،
فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم يستشهدون بالآيات القرآنية، ولم ينقل عنهم أنهم كانوا يستعيذون أو يبسملون .
ودليل ذلك :
1- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فاقرؤوا إن شئتم : فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ. "رواه البخاري".
2- وفي خطبته صلى الله عليه وسلم في فتح مكة وحجة الوداع قال : الناس لآدم وآدم من تراب. قال الله تعالى :
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ... (رواه أحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجة ، والبخاري).
دلت هذه الأحاديث على : أن الصواب الإقتصار على إيراد الآية من غير استعاذة اتباعاً للوارد في ذلك ، فإن الباب باب اتباع .
* كما أنه لا يصح أن يقول : " قال الله تعالى بعد أعوذ بالله " فهذا تركيب لا معنى له وليس فيه متعلق للظرف، وإن قدر تعلقه بقال ففيه الفساد الآتي،
وإن قال : " قال الله : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وذكر الآية " ففيه من الفساد جعل الإستعاذة مقولاً لله وليست من قوله.
* أما الإستعاذة المأمور بها في قوله تعالى : ( فَإِذَا قَرَأْت الْقُرْآن فَاسْتَعِذْ )، إنما هي عند قراءة القرآن للتلاوة، أما إيراد آية منه للإحتجاج والإستدلال على حكم فلا. ينظر: "الحاوي- للسيوطي" (1/ 353).
- قال الشيخ الألباني رحمه الله :
الاستعاذة يجب أن تعلموا أنها تشرع بين يدي التلاوة ، أما الاستعاذة بين يدي الاستشهاد بالآية فبدعة خلاف السنة,
لاحظوا إذا قرأتم أحاديث يستدل فيها الرسول بآية : لا تجدونه يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم... انتهى من (سلسلة الهدى والنور شريط رقم 26 دقيقة (02:07)).
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :
" فإن قال قائل : لم يذكر في الحديث أنه استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، وقد قال الله تعالى : ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).
فالجواب :
أن هذه الآية لا يراد بها التلاوة وإنما يراد بها الاستدلال،
والآية الكريمة : ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ ). يعني للتلاوة ، وأحاديث كثيرة من هذا النوع يُذكر فيها الاستشهاد بالآيات ولا يذكر فيها الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
فما قصد به الاستدلال فإنه لا يتعوّذ فيه، بخلاف ما قصد فيه التلاوة والآية ظاهرة : (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) .
وهذا يدل على أن المستدل والخطيب والكاتب : لا يستعيذ ولا يبسمل، وإنما يكتفي بــ " قال الله تعالى " ، أو ما أشبه ذلك ، مما يميز القرآن الكريم عن غيره ". انتهى من (" شرح الأربعين النووية " (ص 301) )
* تنبيه : خطأ ترتيل القرآن أثناء الخطب والمواعظ ، لأن ذلك إستشهاد لا تلاوة.
- قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
مما أحدث الوعّاظ وبعض الخطباء في عصرنا مغايرة الصّوت عند تلاوة القرآن لنسق صوته في وعظه أو الخطابة.
وهذا لم يعرف عن السالفين ولا الأئمة المتبوعين ولا تجده لدى أجلاّء العلماء في عصرنا بل يتنكّبونه،
وكثير من السّامعين لايرتضونه، والأمزجة مختلفة، ولا عبرة بالفاسد منها،
كما أنه لا عبرة بالمخالف لطريقة صدر هذه الأمة وسلفها، والله أعلم. انتهى من (كتاب تصحيح الدعاء ص (320).
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق