القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل من السُنة وضع اليدين على الصدر بعد الركوع؟


ليس من السُنة وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع كحال القيام قبل الركوع،

لأن وضعهما على الصدر هيئة تعبدية، وهذا فعل والفعل يحتاج إلى دليل.

فلم يرد مطلقاً في شيء من أحاديث الصلاة، ولم ينقل عن أحد من السلف وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع،

لأن الرفع من الركوع لا يسمى قياماً بل يسمى اعتدالاً، ولم يذكر الفقهاء بأن المصلي يعقد يديه بعد الإعتدال من الركوع بل يرسلهما.

فلو كان النبي ﷺ يضع يديه على الصدر بعد الرفع من الركوع لنُقل إلينا نقلاً صريحاً،

لأنه أمر وجودي والأمور الوجودية مما تتوافر الهمم على نقلها، فما دام لم ينقل نقلاً صريحاً فهذا دليل على عدم حدوثه.

* وقال بعض أهل العلم : أن وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع بدعة.

وهذا مذهب الجمهور واختاره الإمام الألباني .

ودليل ذلك :

ما أخرجه الإمام مسلم برقم ( 401 ) من حديث وائل بن حجر : أنه رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة حيال أذنيه وكبر

ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما

ثم كبر فركع فلما قال : سمع الله لمن حمده رفع يديه فلما سجد سجد بين كفيه.  

دل هذا الحديث : على أن وائلاً رضي الله عنه قد اعتنى عناية بالغة بموضع اليدين 
فيما ذكر من هيئات الصلاة،

فلو كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ضم يديه بعد الرفع لنقل ذلك وائل، فلما لم يذكره دل على عدم وقوعه .

** فإن قيل : وكما أن وائل بن حجر لم ينقل الضم ، فكذلك لم ينقل الإرسال، فلماذا ترسلون ؟ 

فالجواب عن ذلك  : 

 أن الضم حركة في الصلاة تحتاج إلى دليل فمن لم يُـقِمْ عليها دليلاً فلا يُـقبل قوله،

كما أن الأصل الإرسال والانتقال عن الأصل يحتاج إلى دليل ناقل ، ولا دليل مع المخالف.

- وقد قال صلى الله عليه وسلم : صلوا كما رأيتموني أصلي. فنحن مأمورون بالصلاة كما صلى النبي ،

فمن قال السنة في الصلاة كذا طالبناه بثبوتها عن النبي فالعبادة توقيفية لا مجال للرأي فيها.

لذا المطالب بالدليل في هذه الحالة هو القائل بالوضع فهو يثبت هيئة خاصة فعلها،

أما القائل بالإرسال فلم يثبت هيئة خاصة، ولذلك هو مستند إلى أن الأصل في العبادة المنع ما لم يأت دليل وما دام لم يأت دليل بالوضع،

فالأصل الإرسال كحالة الإنسان قبل الدخول في الصلاة كذلك إذا دخل في الصلاة،

لأن الإنسان قبل الصلاة يكون في الغالب مرسلاً يديه والعبرة بالغالب والنادر لاعبرة به.

والإرسال عدم الوضع وعدم القبض أمر عدمي والأمور العدمية لاتنقل إلا ما احتيج إليه فينقل للحاجة،

ولا حاجة في نقل الإرسال لأنه الأصل أما الأمر الذي تحتاج لمعرفته هو الذي ينقل، فعلى سبيل المثال :

هذا الشخص رأيته حياً فلا تحتاج لقول شخص يقول لك فلان حي، لأن الأصل عندك أنه حي والذي تحتاج إليه هو موته لأنه خلاف الأصل.

ومن يقرأ صفة صلاة النبي ﷺ في كتب الفقه للعلماء السابقين يجد كثير منها لا تذكر الوضع بعد الرفع من الركوع أصلا.

- قال ابن تيمية رحمه الله في "شرح العمدة" :

ولا يستحب ذلك في قيام الاعتدال عن الركوع لأن السنة لم ترد به ولأن زمنه يسير يحتاج فيه إلى التهيؤ للسجود. انتهى.

- وقال العلامة الألباني رحمه الله :

و لست أشك في أن وضع اليدين على الصدر في هذا القيام (يعني بعد الرفع من الركوع) بدعة ضلالة,

لأنه لم يرد مطلقا في شيء من أحاديث الصلاة وما أكثرها  ولا ذكره أحد من أئمة الحديث فيما أعلم. انتهى من (صفة صلاة النبي صلى الله عليه و سلم- ص 120).

** فهذه الأمة اعتنت عناية عظيمة بنقل كل شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم،

حتى آداب قضاء الحاجة علمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما بالك بالصلاة ؟.

وعندما يقول النبي صلى الله عليه وسلم : صلوا كما رأيتموني أصلي ، كيف ستكون عناية الأمة بوصف صلاته عليه الصلاة والسلام،

لذلك انظر الدقة في نصوص الأحاديث ، حتى صفة وضع الأصابع ذكروها ، عند السجود تضمها ، وعند الركوع تفرج فيما بينها.

* فهذه الدقائق ذكرت وبُوّب لها في كتب السنة ، فكيف بما هو أكبر منها ، فقبض اليدين بعد الركوع لم يذكرها أحد كتبويب لباب، 

وكل الأبواب التي ذكرها أهل العلم قد فصلوا فيها تفصيلا عظيما في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلماذا لم يذكروا هذه الحيثية وهذا التفصيل بعد الرفع من الركوع؟.

فكيف يفوتهم أن ينقلوا وضع اليدين على الصدربعد الركوع ؟ مع أنها مسألة جلية وواضحة.
 
فالشاهد أنه لا الفقهاء ولا المحدثون بوبوا لوضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع ، وإنما كل الذين بوبوا قالوا : باب الرفع من الركوع.

** وأما حديث النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان يرجع إلى ما كان عليه "،

- فالمقصود : إلى إسبال اليدين لأن هذا هو الأصل في خلقة الإنسان، وأما وضعهما فهذا فعل والفعل يحتاج إلى دليل.

** وأما قول الصحابي : " كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يضع اليمنى على اليسرى في القيام "،

فالقيام هنا : هو الوضع الكامل ولا ينطبق هذا إلا على القيام الأول، لأن القيام الثاني هو مقيد بالركوع فيقال القيام من الركوع،

أما القيام الأول فيقال فيه القيام ولا يقيد بشيء، فهذا هو القيام المقصود في الحديث.

** وإليك بعض أقوال جمهور العلماء

قال الإمام الكاساني الحنفي : وأجمعوا على أنه لا يُسن الوضع في القيام المتخلل بين الركوع والسجود؛

لأنه لا قرار له ولا قراءة فيهانتهى من "بدائع الصنائع" (1/ 201، ط. دار الكتب العلمية).

وجاء في "المدونة الكبرى" لسحنون (1/ 170، ط. السعادة) : وقال مالك: في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة قال :

لا أعرف ذلك في الفريضة - وكان يكرهه - ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك؛ يعين به نفسه. اهـ.

وجاء في "مختصر خليل مع شرحه" للعلامة الخرشي من كتب المالكية (1/ 286، ط. دار الفكر):

(ص) وسَدْلُ يديه (ش) أي: يندب لكل مصل على المشهور سدل- أي: إرسال- يديه إلى جنبيه من حين يكبر للإحرام؛

ظاهره في الفرض والنفل، ويكره القبض في الفرض. اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (1/ 252، ط. المكتب الإسلامي) :

ويستحب عند الاعتدال رفع اليدين حذو المنكبين، على ما تقدم من صفة الرفع،

ويكون ابتداء رفعهما، مع ابتداء رفع الرأس، فإذا اعتدل قائمًا حطهما.اهـ.

وقال الهيتمي : (فإذا انتصب) قائمًا أرسل يديه، وما قيل: يجعَلُهما تحت صدره كالقيام، يأتي قريبًا ردُّه. انتهى من ((تحفة المحتاج)) (2/63).

وهو رواية عن الإمام أحمد أيضًا؛ قال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 63، ط. دار إحياء التراث العربي) :

وعنه - أي : الإمام أحمد -: إذا قام رفَعَهُما ثم حَطَّهُما فقط . اهـ.



والله اعلم

هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى. اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات