">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل الأصل في الإنسان هو التوحيد أم الشرك ؟


الأصل في الإنسان هو التوحيد والإسلام فلم يكن الشرك أصلاً في بني آدم،

بل كان آدم ومن جاء بعده من ذريته على التوحيد معظمين لرب العالمين إلى أن وقع الشرك في قوم نوح بعد عشرة قرون.

** فالإنسان الأول هو آدم عليه السلام كان نبياً يعبد الله وحده لا شريك له،وعلم أبناءه التوحيد؛

حيث سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن آدم : أنبي هو؟ قال : (( نعم، نبي مكلم خلقه الله بيده ثم نفخ فيه روحه...))رواه احمد، ثم وقع بنو آدم في الشرك بعده بأزمان – وهذا يقر ويقول به كل من يؤمن بأن الله هو الخالق .

** ومن أدلة ذلك :

1- قال تعالى : فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون[الروم:30].

قال ابن كثير رحمه الله : يقول تعالى : فسدد وجهك واستمر على الذي شرعه الله لك ، من الحنيفية ملة إبراهيم ، الذي هداك الله لها ، وكملها لك غاية الكمال ، 

وأنت مع ذلك لازم فطرتك السليمة ، التي فطر الله الخلق عليها ، فإنه تعالى فطر خلقه على معرفته وتوحيده ، وأنه لا إله غيره ، كما تقدم عند قوله تعالى : ( وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ). [ الأعراف : 172 ]يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (6/ 313).

2 - قال تعالى : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين[الأعراف: 172].

قال ابن جزي : أن الله لما خلق آدم أخرج ذريته من صلبه وهم مثل الذر، وأخذ عليهم العهد بأنه ربهم، فأقروا بذلك والتزموه،

روي هذا المعنى عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم من طرق كثيرة، وقال به جماعة من الصحابة وغيرهم. يُنظر: ((نفسير ابن جزي)) (1/ 312).

3 - عن عياض رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته : (( .. وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا  ...)). أخرجه مسلم (2865).
 
قال النووي في شرح قوله : ((حنفاء كلهم)) : (أي : مسلمين. وقيل : طاهرين من المعاصي.

قوله تعالى : ((وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم)) أي: استخفوهم فذهبوا بهم، وأزالوهم عما كانوا عليه، وجالوا معهم في الباطل). يُنظر: ((شرح مسلم)) (17/197).

** إذن الشرك لم يكن أصلاً في بني آدم بل كان آدم ومن جاء بعده من ذريته على التوحيد إلى أن وقع الشرك،

ثم انحرف من انحرف عن هذا المنهج القويم، فبعث الله إليهم الرسل ليردوهم إلى التوحيد، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال :
 
( كان بين نوح وآدم عشرة قرون، كلهم على شريعة من الحق، فاختلفوا؛ فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ). ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (7/854).

** وهناك رواية أخرى تبين لنا : كيف بدأ وقوع بني آدم في الشرك وانحرافهم عن توحيد الله عز وجل ، فقد أخرج البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما :

أنه قال في معنى قول الله عز وجل : وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا. [نوح: 23].

قال : (هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون إليها أنصاباً وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد ،حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت).

قال ابن تيمية رحمه الله:

ولم يكن الشرك أصلاً في الآدميين، بل كان آدم ومن كان على دينه من بنيه على التوحيد لله، لا تباعهم النبوة... فإن آدم أمرهم بما أمره الله به، حيث قال له : 

قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ. [البقرة:38-39]،

فهذا الكلام الذي خاطب الله به آدم وغيره لما أهبطهم قد تضمن أنه أوجب عليهم اتباع هداه المنزليُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (20/106).

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

فالأصل هو توحيد الله، والله فطر عباده على توحيد الله، وكان الناس في عهد آدم وبعد آدم قبل نوح على التوحيد حتى وقع الشرك في قوم نوح،

 فالله جل وعلا يقول : فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا. [الروم:30]، فالله فطرهم على توحيد الله، على الإسلام، على الملة، على الإيمان بالله وحده سبحانه وتعالى،

وصح عن رسول الله ﷺ أنه قال : يقول الله جل وعلا : إني خلقت عبادي حنفاء يعني موحدين فاجتالتهم الشياطين عن دينهم، وأمرتهم أن يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا، وأحلت لهم ما حرمت عليهم، هكذا قال النبي ﷺ عن الله ، رواه مسلم في الصحيح.

فالأصل في الإنسان على التوحيد والإسلام، والله خلق آدم على التوحيد أبونا آدم على التوحيد، أبونا آدم خلقه الله وأنشأه نشأة صالحة موحدًا لربه معظمًا له،... انتهى من (التعليقات على ندوات الجامع الكبير).

* المنشور مستفاد من: [ كتـاب : الشرك في القديم والحديث- لأبي بكر محمد زكريا 1/181].
والله اعلم

هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات