">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل تعلم أن تقسيم التوحيد استقرائي وليس مبتدعًا؟


تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام هو تقسيم استقرائي وليس اصطلاحياً ولا مبتدعاً.

** فقد دل استقراء نصوص الكتاب والسنة أى من خلال قراءة النصوص الشرعية على أن توحيد الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام :" توحيد الربوبية-وتوحيد الألوهية- وتوحيد الأسماء والصفات "،

 فهو تقسيم مأخوذ بالتتبع والإستقراء لنصوص الكتاب والسنة، وهو استقراء كامل صحيح يفرض نفسه.

** فهذا التقسيم يتبع نفس المنهج المتبع في تقسيمات العلوم الشرعية الأخرى، كتقسيم الأمر الشرعي إلى واجب ومستحب أو تقسيم النواهي الشرعية إلى محرم ومكروه وغير ذلك،

  فسائر هذه التقسيمات وغيرها كثير لم ترد في كلام الشارع منصوصاً عليها، وإنما استنبطها العلماء من خلال استقراء النصوص الشرعية.

وكما في استقراء النحاة كلام العرب إلى : اسم وفعل وحرف، والعرب لم تَفُهْ بهذا، ولم يعتب على النحاة في ذلك عاتب.

** وأما من ينكر هذا التقسيم بأن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته لم يقولوا بهذا التقسيم ولم يبينوه،

فهو كمن يستدل على إنكار شروط الصلاة بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لأصحابه : إن شروط الصلاة كذا وكذا، ومعلوم أن الفقهاء ذكروا شروط الصلاة من القرآن والسنة،

أو كمن يستدل على إنكار تقسيم النفاق إلى نفاق أكبر وأصغر بكون النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه لم يصرحوا بهذا التقسيم، 

فكما أن شروط الصلاة دلت عليها الأدلة الشرعية ولا إنكار على من ذكرها من الفقهاء، وكما أن تقسيم النفاق إلى نفاق أكبر وأصغر دلت عليه الأدلة الشرعية؛

فكذلك تقسيم التوحيد لا وجه لإنكاره مع ثبوت الأدلة عليه ، فالأمر واضح لكل منصف، ولا عبرة لمن جهل وأنكر وتعسف.

** إذن تقسيم العلماء للتوحيد إلى ثلاثة أقسام سواء سموه تقسيما أم لا ليس محدثاً، بل هو معروف في القرون الثلاثة الأولى،

ولم يبتدعه ابن تيمية كما يزعم أهل البدع ، بل كان معروفاً قبل ابن تيمية بأكثر من أربعمئة سنة،

فسوف نجد أن الصحابة والتابعين ك [عبد الله ابن عباس رضي الله عنه، وتلميذه التابعي مجاهد، قتادة، عكرمة، عطاء، ابن زيد -رحمهم الله تعالى]،

قد قرروا وأشاروا إلى هذا التقسيم فى التفريق بين الربوبية والألوهية، وهؤلاء هم أئمة السلف والتفسير- أثناء تفسيرهم لقوله تعالى : " وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ ". (سورة يوسف-)(106)ينظر: (تفسير الطبري ج7 ص312 – (313)).

** فهذا التقسيم الثلاثي وارد في مؤلفات أهل العلم منذ بداية التصنيف والتدوين لمسائل العقيدة:

1- فقد جاء هذا التقسيم عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة - رحمهما الله (ت 182 )، كما ذكر ذلك الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن يحيى بن منده رحمه الله (ت 378 ) حيث فصل وبوب في كتابه القيم : ("كتاب التوحيد"؛ لابن منده (3/ 304 - 306)).

2- وقد سبق ابن منده - إمام الأئمة أبو بكر بن خزيمة رحمه الله (ت 311 )، في تصنيف كتاب مستقل في توحيد المعرفة والإثبات وسماه كتاب :(التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل).

3- وسبق الجميع الإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله (ت 256)، في تصنيف كتاب التوحيد في الرد على الجهمية ضمن كتابه الجامع الصحيح المعروف بصحيح الإمام البخاري.

قال الإمام محمد بن جرير الطبري (ت 310ه) :

القول في تأويل قوله تعالى : " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم ". [محمد: 19]،

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فاعلم يا محمد أنه لا معبود تنبغي أو تصلح له الألوهة، ويجوز لك وللخلق عبادته،

إلا الله الذي هو خالق الخلق، ومالك كل شيء، يدين له بالربوبية كل ما دونه. ينظر: ((تفسير ابن جرير)) (21/ 208).

 قال الإمام أبي عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العُكبري(ت 378 ) ما نصه : 

... وذلك أن أصل الإيمان بالله الذي يجب على الخلق اعتقاده في إثبات الإيمان به ثلاثة أشياء :

أحدها : أن يعتقد العبد ربانيته ليكون بذلك مباينا لمذاهب أهل التعطيل الذين لا يثبتون صانعا.

والثاني : أن يعتقد وحدانيته ليكون مباينا بذلك مذاهب أهل الشرك الذين أقروا بالصانع وأشركوا معه في العبادة غيره.

والثالث : أن يعتقده موصوفا بالصفات التي لا يجوز إلا أن يكون موصوفا بها من العلم والقدرة والحكمة وسائر ما وصف به نفسه في كتابه.. يُنظر: ((الإبانة)) (6/149).

وقال العلامة الشَّريفُ الجُرْجانيُّ الأشعري (ت: 816هـ) :

التوحيد ثلاثة أشياء : معرفة الله تعالى بالربوبية، والإقرار بالوحدانية، ونفي الأنداد عنه جملةيُنظر: ((التعريفات)) (ص: 69).

وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله - في رده على منكري تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام :

هذا التقسيم الاستقرائي لدى متقدمي علماء السلف أشار إليه ابن منده، وابن جرير الطبري وغيرهما، 

وقرره شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وقرره الزبيدي في (تاج العروس)، وشيخنا الشنقيطي في (أضواء البيان) وآخرين، رحم الله الجميع،

وهو استقراء تام لنصوص الشرع، وهو مطرد لدى أهل كل فن،

كما في استقراء النحاة كلام العرب إلى : اسم وفعل وحرف، والعرب لم تَفُهْ بهذا، ولم يعتب على النحاة في ذلك عاتب، وهكذا من أنواع الاستقراء. يُنظر: ((التحذير من مختصرات الصابوني في التفسير)) (ص: 30).

وقال الشيخ فلاح مندكار رحمه الله:

.. حاول بعض أهل البدع والأهواء المعاصرين أن يدخل كثير من طلاب العلم من هذا الباب، فقال له : هذا تقسيم اصطلاحي. لا، هذا ليس بتقسيم اصطلاحي،

التقسيم الاصطلاحي الأصل فيه عند أهل العلم أنه لا مشاحة فيه، لذلك يجوز لكل أن يصطلح ما شاء إذا كان يتفق مع الأصول الشرعية،

أو يتفق فيما بينه وبين أهل فن، أو أهل مكان، أو أهل زمان أن يصطلحوا على تسمية بعض الحقائق بأسماء خاصة لهم ذلك، ولغيرهم أن يصطلحوا اصطلاحا آخر، 

فخلوا على طالب العلم، فقالوا له : هذا تقسيم اصطلاحي؟ قال نعم!!، قال إذن لا مشاحة في التقسيمات الاصطلاحية،

أنتم اصطلحتم ثلاثا، نحن نصطلح أربعا، نصطلح خمسا، دخلوا من هذا الباب، 

نقول لهم : لا هذا ما هو بتقسيم اصطلاحي، وإنما هذا تقسيم استقرائي، وأهل العلم وطلاب العلم يعلمون الفرق بين الاصطلاح والاستقراء.

الاستقراء : يعني تقرره النصوص الشرعية، يعني يقر نفسه بنفسه من خلال إدراك النصوص ومعرفة النصوص، 

وهذا التقسيم ما ابتدعه شيخ الإسلام ولا اصطلحه شيخ الإسلام،

نحن إذا قرأنا في تفسير ابن جرير، وتفسير ابن كثير، سوف نجد أن هذا التقسيم أشار إليه ابن عباس، وأشار إليه قتادة، وأشار إليه مجاهد، وهؤلاء هم أئمتنا في التفسير، 

..إذن التقسيم هذا قديم،

 وعندما نقول الاستقراء، نأخذ قوله تعالى {{وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}} ... يقول عبدالله بن عباس وتلامذته :

" إنك إذا سألتهم من خلقهم؟ - وهذا سؤال في الربوبية- من خلق السموات؟ من خلق الأرض؟

يقولون الله " هذا إيمانهم، وهم في ذات الوقت يشركون معه في العبادة، أقول فهذا تقرير من الصحابة والتابعين لهذا التقسيم؛

وهذا التقسيم أشار له كثير من العلماء قبل شيخ الإسلام، مثل ابن منده – رحمه الله تعالى – في القرن الرابع الهجري، ابن بطة في "الإبانة"،..

 والمجرمون يقولون : التقسيم قرره شيخ الإسلام ابن تيمية إمام المجسمة!!.. انتهى من ( " شرح الطحاوية" -للشيخ فلاح إسماعيل مندكار) .

** توضيح: سبب ظهور هذا التقسيم بشكل واضح في كلام ابن تيمية رحمه الله - ومن جاء بعده: 

يعود إلى انتشار الشرك فى أكثر البلاد الإسلامية،

لأن الناس يظنون أن الشرك الذي حاربه الرسول صلى الله عليه وسلم انما هو أن يصنع تمثالاً على شكل من الأشكال فيصلى له ويسجد ،

ولم يشعروا أن دعاء غير الله والاستغاثة به أو النذر والذبح عند القبور أو الطواف حولها سواء كانت قبور أنبياء أو من يسمون أولياء؛ أن كل ذلك شرك أكبر مخرج من الملة،

 وما ذلك إلا لجهلهم (بتوحيد الألوهية) وبدعوة النبي صلى الله عليه وسلم وما قاتل عليه المشركينينظر : (كتاب أصول مسائل العقيدة عند السلف وعند المبتدعة ص92) .



والله اعلم

هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات