** لا يجوز أن نقول : ( إن الله جالس أو قاعد أو مستقر على العرش )،
لأن هذه الألفاظ لم ترد فى الكتاب ولا فى السنة الصحيحة، ولا في أقوال الصحابة رضي الله عنهم،
لذا الصواب هو الكف عن استعمال هذه الألفاظ ، فليس لنا أن نتفوه بشئ لم يأذن به الله، خوفا من أن يدخل القلب شئ من البدعة،
وإنما يقال: أن الله استوى على العرش بدون كيف، ويفسر الإستواء : بالعلو والإرتفاع.
** لذا لا يجوز استعمال ألفاظ لم ترد في الشرع، فنحن لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه ثم مقرونا مع التنزيه "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير".
إذن لا يجوز تفسير الإستواء على العرش بالجلوس أو القعود أو الاستقرار.
- قال ابن عبدالبر (ت: 463هـ) رحمه الله : " والاستواء معلوم في اللغة ومفهوم، وهو العلوُّ والارتفاع على الشيء ". ينظر: [التمهيد، لابن عبدالبر: (7/ 131)].
** وأما الحديث الذي يورده خصوم أهل السنة للتشنيع عليهم في مسألة الصفات، والذي فيه :
« إذا جلس الرب على الكرسي سمع له أطيط كأطيط الرحل الجديد ». فهو حديث ضعيف. ينظر: (سلسلة الاحاديث الضعيفة والموضوعة – محمد ناصر الدين الالباني – ج 2 ص 256 - (257)).
- قال الشيخ الألباني رحمه الله : " ولا يصح في الأطيط حديث مرفوع ، كما تقدم تحت رقم ( 866 )، وانظر تفسير ابن كثير ( 2 / 13 - 14 طبع المنار ) ". انتهى من [سلسلة الاحاديث الضعيفة والموضوعة – محمد ناصر الدين الالباني – ج 2 ص 307 ].
* وبالإضافة إلى ضعفه فهو مناقض لما صح : عن ابن عباس وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما من أن : " الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر قدره إلا الله ". (صحيح موقوف-تفسير القرآن العظيم لابن كثير-رقم: (1/457)).
- جاء فى "كتاب العلو للعلي الغفار" للذهبي:
قال العلامة أبو أحمد الكرجي في عقيدته التي ألفها، ..، فمما قال فيها:
" كان ربنا عز وجل وحده لا شيء معه، ولا مكان يحويه، فخلق كل شيء بقدرته، وخلق العرش لا لحاجة إليه، فاستوى عليه استواء استقرار كيف شاء وأراد، لا استقرار راحة كما يستريح الخلق ".
قلت (الذهبي) : ليته حذف "استواء استقرار" وما بعده، فإن ذلك لا فائدة فيه بوجه، والباري منزه عن الراحة والتعب. انتهى.
- قال العلامة الألباني رحمه الله :
لا يجوز اعتقاد أن الله عز وجل يقعد على العرش، ولا نسبة الاستقرار عليه؛ لأنه لم يرد ؛ فإنه يتضمن نسبة القعود على العرش لله عز وجل،
وهذا يستلزم نسبة الاستقرار عليه لله تعالى، وهذا مما لم يرد؛ فلا يجوز اعتقاده ونسبته إلى الله عز وجل. ينظر: (مختصر العلو ص 16، المقدمة ط. المكتب الإسلامي بيروت - عمان - دمشق ط. سنة 1412هـ- 1991م ).
- وقال أيضا رحمه الله عن الجلوس :
لا أعلم في جلوس الرب تعالى حديثاً ثابتاً. انتهى من "مختصر العلو" (ص 93).
- وسئل أيضا رحمه الله :
هل يوصف الله تعالى بأنه مستقر على العرش؟
فأجاب :
لا يجوز استعمال ألفاظ لم ترد في الشرع؛ لا يجوز أن يُوصف الله بأنه مستقر؛ لأن الاستقرار:
أولاً : صفة بشرية،
ثانياً : لم يوصف بها ربنا عز وجل حتى نقول : استقرار يليق بجلاله وكماله كما نقول في الاستواء،
فنحن لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه ثم مقروناً مع التنزيل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.(الشورى:11). انتهى من ("الهدى والنور" (542/ 19: 15: 00)).
* ومعنى قول الشيخ الألباني رحمه الله بأن الإستقرار صفة بشرية، أى: أنه ليس له معنى إلا الهيئة الحسية وثبوت الكيفية والعياذ بالله. والله اعلم.
** تنبيه : ذكر بعض أهل العلم أن لفظ (الإستقرار) هو أحد المعاني الصحيحة للإستواء على العرش، ولكن الأحوط ألا يفسر الإستواء إلا بالعلو والإرتفاع.
- قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
.. علا وارتفع وصعد معنى الثلاثة متقارب أو واحد، استقر الاستقرار أمر زائد على مجرد العلو ،
وكأن الذين فسروه بالاستقرار أخذوه من قوله تعالى: (( لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه )) أي إذا استقررتم عليه وهذا ليس ببعيد،
وإن كان الأحوط أن لا نفسر استوى على العرش إلا بعلا على العرش هذا هو الأحوط ،لأن هذا الفعل عدي بعلى فلا نقتصر على معنى العلو فيه،.. انتهى باختصار من (صحيح البخاري- شرح كتاب التوحيد-(12)).
- وقال أيضا رحمه الله :
.. واللسان العربي المبين يدل على أن معنى قول استوى على الشيء علا على الشيء، ولا يجوز لنا العدول عما يقتضيه اللسان العربي إلا بدليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع،
وهنا لا دليل من الكتاب ولا السنة ولا اللغة ولا الإجماع على مخالفة هذا التفسير أن استوى بمعنى علا.. انتهى باختصار من (صحيح البخاري- شرح كتاب التوحيد-(12)).
** ختاما :
على فرض أن هذه الألفاظ صحت عن بعض السلف ؛ فالأصل أن يتوقف في مثل هذه الألفاظ التي لم ترد في الكتاب والسنة , وأن يستفصل عن معناه كما هي القاعدة السلفية
فإن أراد بالجلوس أو القعود أو الاستقرار صفة تليق بجلال الله لا تشبه شيئا من صفات المخلوقين فهي حق مع التوقف في اللفظ ،
فليس لنا أن نتفوه بشئ لم يأذن به الله، خوفا من أن يدخل القلب شئ من البدعة, وإن أراد غير ذلك من المعاني الباطلة رددناه.
اقرأ أيضا : معنى الإستواء في قوله "الرحمن على العرش استوى".
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق