تعتبر البدعة من أخطر الأمراض التي تصيب العقيدة الإسلامية،
فهي كل عبادة أحدثها الناس ليس لها أصل في الكتاب ولا في السنة ولا في عمل الخلفاء الأربعة الراشدين،
لقول النبي ﷺ : "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". متفق على صحته.
* وعلى الرغم من وضوح تحريمها في الإسلام، إلا أن الكثيرين لا يزالون يستهينون بها، ولا يدركون عواقبها الوخيمة على الفرد والمجتمع.
* في هذا الموضوع، سنتناول خطر البدعة وأثرها على حياة الفرد المسلم فى الدنيا والاخرة .
** وإليك خطورة البدعة وعواقبها الوخيمة.
1 - صاحب البدعة ما يزداد لله اجتهاداً صياماً وصلاة إلا ازداد من الله بعداً.
فعن أيوب السِّخْتِياني قال : ( ما ازداد صاحب بدعة اجتهاداً إلا ازداد من الله بعداً ). رواه ابن وضاح في ((البدع والنهي عنها)) (ص: 16).
* ويصحح هذا النقل ما أشار إليه الحديث الصحيح : في قوله عليه الصلاة والسلام في الخوارج :
( يخرج من ضئضئ هذا قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم ـ إلى أن قال ـ يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميَّة ). (رواه البخاري).
فبين أوَّلاً اجتهادهم ثم بيَّن آخراً بُعْدهُمْ من الله تعالى.
2 - مانعة من شفاعة محمد ﷺ
لما في الصحيح قال : ( أوَّل من يُكسى يوم القيامة إبراهيم، وإنَّه سيؤتى برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال ـ إلى قوله ـ فيقال لم يزالوا مرتدين على أعقابهم ). (رواه البخاري).
* ففيه أنَّه لم يذكر لهم شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويظهر من أوَّل الحديث أنَّ ذلك الارتداد لم يكن ارتداد كفرٍ،
لقوله : (( وإنَّه سيؤتى برجال من أمتي )) ولو كانوا مرتدين عن الإسلام لما نُسبوا إلى أُمته،
ولأنَّه عليه السلام أتى بالآية وفيها : وَإنْ تَغْفِرْ لهُمْ فَإنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ الْحَكِيمُ. [ المائدة: 118]،
ولو علم النبي صلى الله عليه وسلم أنَّهم خارجون عن الإسلام جملة لما ذكرها، لأنَّ من مات على الكفر لا غفران له البتة،
وإنَّما يرجى الغفران لمن لم يخرجه عملُه عن الإسلام، لقول الله تعالى : إنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ. [ النساء: 116].
3 - على مبتدعها إثم من عمل بها إلى يوم القيامة.
لقوله تعالى : لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القِيامَةِ ومِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ. [ النحل: 25]،
ولما في الصحيح من قوله عليه الصلاة والسلام : ( من سَنَّ سنةً سيئةً كان عليه وزرها ووزر من عمل بها ). رواه مسلم .
4 - صاحبها ليس له من توبة .
لما جاء من قوله عليه الصلاة والسلام : ( إنَّ الله حَجَرَ التوبة على كلِّ صاحب بدعة ). (صحيح الجامع).
- قال القاضي : سئل الإمام أحمد - رضي الله عنه - عن ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : «أن الله احتجر التوبة عن كل صاحب بدعة»، وحجر التوبة إيش معناه؟
قال أحمد : لا يُوَفَّقُ, ولا يُيَسَّر صاحب بدعة. انتهى من (غذاء الألباب).
* فإن المبتدع لا يكاد يفكر في التوبة؛ لاعتقاده أن بدعته قربة؛ ولأن اعتقاده كذلك يدعوه إلى أن لا ينظر نظرا تاما إلى دليل خلافه فلا يعرف الحق،
ولذلك قال يحيى بن يمان : سمعت سفيان يقول : " البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها ". رواه اللالكائي في السنة.
5 - المبتدع يُلقى عليه الذل في الدنيا والغضب من الله تعالى.
لقوله تعالى : إنَّ الذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَينَالهُمْ غَضَبٌ مِن رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ في الحياةِ الدُّنْيا وكذلِك نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ. [ الأعراف: 152].
* لأن المتخذين للعجل إنما ضلوا به حتى عبدوه ، لما سمعوا من خواره ، ولما ألقى إليهم السامري فيه ، فكان في حقهم شبهة خرجوا بها عن الحق الذي كان في أيديهم .
قال الله تعالى : ( وكذلك نجزي المفترين ) ; فهو عموم فيهم وفيمن أشبههم ، من حيث كانت البدع كلها افتراء على الله;
حسبما أخبر في كتابه في قوله تعالى : ( قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله ) .
[ ص: 167 ] فإذا كل من ابتدع في دين الله ، فهو ذليل حقير بسبب بدعته ، وإن ظهر لبادي الرأي عزه وجبروته ، فهم في أنفسهم أذلاء. ينظر: (كتاب الإعتصام للشاطبي).
6 - البعد عن حوض رسول الله ﷺ.
: لحديث البخاري عن أسماء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال : ( أنا على حوضي أنتظر من يرد عليَّ، فيؤخذ بناسٍ من دوني، فأقول : أمتي، فيقال : إنَّك لا تدري، مشوا القهقرى ). رواه البخاري
* قال الشيخ العثيمين رحمه الله عقب حديث :« إِنكُمْ سَتَلْقَونَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ ». متفق عليه.
يعني : اصبروا ولا تنابذوا الولاة أمرَهم حتى تلقوني على الحوض؛ يعني : أنكم إذا صبرتم فإن من جزاء الله لكم على صبركم أن يسقيكم من حوضه، حوض النبي صلى الله عليه وسلم،
اللهم اجعلنا جميعًا ممن يَرِدُه ويشرب منه. المصدر: (شرح رياض الصالحين).
7 - اسوداد الوجه في الآخرة.
لقوله تعالى : يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجوهٌ. [ آل عمران: 106]. أى : يوم تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه اهل البدعة. ينظر: ( كتاب الإعتصام للشاطبي) .
** ختاما:
إن البدعة خطر داهم يهدد ديننا وأمتنا، لذلك يجب على كل مسلم أن يكون حريصًا على دينه وأن يحافظ عليه من كل بدعة وضلالة.
ولنحذر من اتباع الهوى والأهواء، ولنتبع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ندعو الله تعالى أن يثبتنا على دينه وأن يحفظنا من الفتن والبدع، وأن يجعلنا من أهل السنة والجماعة.
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق