القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

معنى قول الله : الرحمن على العرش استوى


الإستواء

 صفة فعلية خبرية ثابتة لله عز وجل بالكتاب والسنة وهو العلو والإرتفاع فوق العرش وهو معلوم من حيث اللغة العربية ولكن كيفيته مجهولة ما نعلم كيف استوى ولكن نقول : إنه استوى على عرشه وارتفع فوق عرشه ارتفاعاً يليق بجلاله وعظمته لا يشابه الخلق في صفاتهم، لا في الاستواء ولا في غيره؛ لقوله : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ

فالقاعدة الكلية التى قام عليها مذهب أئمة السلف هي أن الله خاطبنا بما نعرف في لغة العرب فلا بد من فهم كلامه بناءً على ما تقتضيه تلك اللغة والتى أوضحها الإمام مالك عندما سئل عن الاستواء، فقال : الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعه )، ثم أمَر بإخراج السائل من مجلسه..

فعن قتادة بن النعمان رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه). (رواه الخلال في ((كتاب السنة))، وصحح إسناده على شرط البخاري: الذهبي في كتاب ((العرش)) (ص62) وابن القيم في ((اجتماع الجيوش الإسلامية)) (ص 107) .) . ونفس الرواية نقلها الحافظ الحكمي رحمه الله في معارج القبول وقال : رواه الخلال في كتاب السنة بإسناد صحيح على شرط البخاري المصدر: معارج القبول ج1/ ص149، ط1 دار ابن القيم. ونفسها ذكرها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتاب فتح رب البرية بتخليص الحموية ص 1وقال رواها الخلال في كتاب السنة بسند صحيح

تنبيه :  يستدل المبتدعة من الزنادقة بحديث منكر بقصد تشويه عقيدة أهل السنة والجماعة بمثل هذه الأحاديث المنكرة لينفروا الناس من العقيدة الحقة وهو حَدِيث استلقاء الرب ووضع إِحْدَى الرجلَيْنِ على الْأُخْرَى. ولكن هو حديث مُنكر .

والحديث فيه : أن الله تَعَالَى لما قضى خلقه اسْتلْقى ثمَّ وضع إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى ثمَّ قَالَ لَا يَنْبَغِي لأحد من خلقي أَن يفعل هَذَا قَالَ أَبُو سعيد لَا جرم لَا أَفعلهُ أبداً. - قال الشيخ الألباني رحمه الله في تحقيقه لكتاب السنة لابن أبي عاصم : حديث رقم 568: "إِسْنَاده ضَعِيف، والمتن مُنكر، كَأَنَّهُ من وضع الْيَهُود... انْتهى. – وأخرجه الألباني في[السلسلة الضعيفة حَدِيث رقم (755)، ج2/ص177.] وحكم عليه بالنكارة . - ورَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ثمَّ قَالَ هَذَا( حَدِيث مُنكر ).

قال ابن القيم في مصنفه الذي قصم وقمع كل مبتدع ضال (اجتماع الجيوش الإسلامية ) قال في (2-108) : وَرَوَى الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " « لَمَّا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ »)). انتهى

فشتان ما بين الاستواء والاستلقاء وهذا موافق لنصوص القرآن أن الله تعالى استوى على عرشه بعد اتمام خلق السماوات والأرض .

والحديث غير موجود في المطبوع من كتاب الخلال فلا بد أنه في المفقود الذي اطلع عليه أولائك الحفاظ وغاب عنا في هذا العصر ولم يتفرد الحافظ ابن القيم بهذا الكلام فقد وافقه الحافظ الذهبي وهذان الحافظان من أعدى أعداء كل مبتدع جهمي قبوري أفاك أثيم .

قال الذهبي في كتاب العلو ( ص 52), الذي علا به على رقبة كل جهمي معطل منكر علو الله على خلقه ((رواته ثقات رواه أبو بكر الخلال في كتاب السنة له)) انتهى .

وذكره أيضا في كتابه العرش (2-89) الذي هز عروش المبتدعة الهشة فقال ((- وعن قتادة بن النعمان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه ". رواه الخلال في السنة بإسناد صحيح على شرط الصحيحين.)). انتهى

والاستواء على العرش يختلف عن العلو بأنه أخص منه ، فالله جل وعلا من صفاته الذاتية العلو ، وأما الاستواء فإنه صفة فعلية باعتبار أنه جل وعلا لم يكن مستويا على العرش ثم استوى .

ومن معانى الاستواء : العلو، والارتفاع، والاستقرار، والصعود.

قال الإمام أبي الحسن الأشعري رحمه الله (في كتاب (الإبانة عن أصول الديانة : 

إن قال قائل : ما تقولون في الاستواء ؟

 قيل له :

 نقول إن الله عز وجل يستوي على عرشه استواء يليق به من غير طول استقرار. كما قال : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى{طـه:5}.

إلى أن قال : ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله تعالى مستو على العرش الذي هو فوق السماوات، فلولا أن الله عز و جل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش كما لا يحطونها إذا دعوا إلى الأرض .انتهـى.

وقد أكد القرطبي – صاحب التفسير - أن أئمة السلف كانوا يعتقدون أن الاستواء صفة حقيقية، فقال : 

«  ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة، وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء، فإنه لا تعلم حقيقته ».[أحكام القرآن (7/219).]

 قال محيي السنة البغوي رحمه الله :

وذلك عند تفسيره لقوله تعالى : ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ. [الأعراف: 54] 

  أولت المعتزلة الاستواء بالاستيلاء. فأما أهل السنة يقولون : الاستواء على العرش صفة لله تعالى بلا كيف، يجب على الرجل الإيمان به ويكل العلم فيه إلى الله عز وجل. اه (تفسير البغوى)

وقال ابن القيم رحمه الله :

 ردًّا على من حرَّف صفة الاستواء وعطَّلها هذا الذي قالوه باطل من اثنين وأربعين وجهاً :

أحدها : إن لفظ الاستواء في كلام العرب الذي خاطبنا الله تعالى بلغتهم وأنزل بها كلامه : نوعان :

 مطلق ومقيد

 فالمطلق : ما لم يوصل معناه بحرف مثل قوله : ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ). القصص/ 14  وهذا معناه : كمل وتمَّ  يقال : استوى النبات واستوى الطعام .

أما المقيد : فثلاثة أضرب :

أحدها : مقيد بـ " إلى " ، كقوله : ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ) البقرة/ 29 ، وهذا بمعنى العلو والارتفاع ، بإجماع السلف .

الثاني : مقيَّد بـ " على " ، كقوله تعالى : ( لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ) الزخرف/ 13 ، وهذا أيضاً معناه العلو والارتفاع والاعتدال ، بإجماع أهل اللغة .

الثالث : المقرون بـ " واو " مع التي تعدي الفعل إلى المفعول معه ، نحو : استوى الماء والخشبة ، بمعنى ساواها .

وهذه معاني الإستواء المعقولة في كلامهم ليس فيها معنى " استولى " ألبتة ولا نقله أحد من أئمة اللغة الذين يعتمد قولهم وإنما قاله متأخرو النحاة ممن سلك طريق المعتزلة والجهمية .اه " مختصر الصواعق " ( ص 371 ، 372 ) .

قال العلامة ابن باز رحمه الله :

قوله : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى. [طه:5]، فسره علماء السنة بأنه العلو والارتفاع، يعني : ارتفع فوق العرش وعلا فوقه سبحانه وتعالى بدون كيف، أهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي ﷺ وأتباعهم بإحسان يقولون في صفات الرب : إن الواجب إثباتها وإمرارها كما جاءت بلا كيف...

فالاستواء هو العلو والارتفاع فوق العرش، وهو معلوم من حيث اللغة العربية، ولكن كيفيته مجهولة، ما نعلم كيف استوى، 

ولكن نقول : إنه استوى على عرشه وارتفع فوق عرشه ارتفاعاً يليق بجلاله وعظمته لا يشابه الخلق في صفاتهم، لا في الاستواء ولا في غيره؛ لقوله : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] ؛ولقوله : فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:74] وقوله سبحانه : وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، فهو سبحانه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله لا شبيه له، ولا سمي له، ولا كفء له، ولا ند له سبحانه وتعالى .

هذا هو الواجب على أهل الإسلام أن يؤمنوا بهذه الصفات الاستواء والرحمة، والسمع والبصر، والغضب والوجه، واليد والقدم، والأصابع وغير هذا من صفاته سبحانه وتعالى، كلها يجب إثباتها لله على الوجه اللائق بالله من غير تحريف ولا تعطيل لصفات الله، ولا تكييف لها، ولا تمثيل لها، 

بل يقال : إنها حق، وإنها ثابتة لله على الوجه اللائق به ، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا؛ لأنه سبحانه وتعالى لا مثيل له، لا في ذاته، ولا في صفاته .اه

قال العلامة الألباني رحمه الله :

وإن من عجيب أمرِ هؤلاء المعطِّلة النفاة لعلو الله على عرشِه أنهم يتوهَّمون من إثبات العلو إثبات المكان لله عز وجل، وهذا مما يدل على بالغ جهلهم؛ 

لأن الله تعالى كان قبل كل شيء، ثم خلق الأمكنة والسموات والأرض وما بينهما، وقد صحَّ في المعقول، وثبت بالواضح من الدليل أنه كان في الأزل في مكان، كما قال حافظ الأندلس ابن عبدالبر رحمه الله في التمهيد (7/135، 136)، فهو تعالى ليس في مكانٍ أزلاً وأبدًا، 

ومع هذا الجهل البالغ فقد وقعوا فيما منه فرُّوا، لقد فروا مما توهَّموه ضلالاً، وهو الحق يقينًا، أن الله فوق المخلوقات كلها، ومنها الأمكنة، فوقعوا في الضلال الأكبر حين قالوا : إنه في كل مكان، وافترى بعض الإباضية في ذلك حديثًا نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى. (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة - ج(13) )

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

قولنا في استواء الله تعالى على عرشه :

 "إنه علو خاص على العرش يليق بجلال الله تعالى وعظمته" نريد به أنه علو يختص به العرش وليس هو العلو العام الشامل لجميع المخلوقات، ولهذا لا يصح أن نقول : استوى على المخلوقات، أو على السماء، أو على الأرض مع أنه عال على ذلك، وإنما نقول : هو عال على جميع المخلوقات عال على السماء، عال على الأرض ونحو ذلك. 

وأما العرش فنقول : إن الله تعالى عال على عرشه ومستو على عرشه، فالاستواء أخص من مطلق العلو، ولهذا كان استواء الله تعالى على عرشه من صفاته الفعلية المتعلقة بمشيئته بخلاف علوه فإنه من صفاته الذاتية التي لا ينفك عنها. 

وقد صرح بمثل ما قلنا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله تعالى في شرح حديث النزول ص 522 مج 5 مجموع الفتاوي جمع ابن قاسم:

 " فإن قيل : فإذا كان إنما استوى على العرش بعد أن خلق السماوات والأرض في ستة أيام فقبل ذلك لم يكن على العرش؟

 قيل :

 الاستواء علو خاص فكل مستو على شيء عال عليه، وليس كل عال على شيء مستوياً عليه، ولهذا لا يقال: لكل ما كان عالياً على غيره: إنه مستو عليه واستوى عليه، ولكن كل ما قيل فيه : استوى على غيره فإنه عال عليه". 

أما قولنا :  " يليق بجلاله وعظمته "  فالمراد به أن استواءه على عرشه كسائر صفاته يليق بجلاله وعظمته، ولا يماثل استواء المخلوقين، فهو عائد إلى الكيفية التي عليها هذا الاستواء، لأن الصفات تابعة للموصوف، فكما أن لله تعالى ذاتاً لا تماثل الذوات، فإن صفاته لا تماثل الصفات { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } ليس كمثله شيء في ذاته ولا صفاته . 

ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله في الاستواء حين سئل كيف استوى؟ قال : " الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ".

 وهذا ميزان لجميع الصفات فإنها ثابتة لله تعالى كما أثبتها لنفسه على الوجه اللائق به من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.

وبهذا تبين فائدة القول بأن الاستواء على العرش علو خاص على العرش مختص به، لأن العلو العام ثابت لله عز وجل قبل خلق السماوات والأرض، وحين خلقهما، وبعد خلقهما، لأنه من صفاته الذاتية اللازمة كالسمع، والبصر، والقدرة، والقوة ونحو ذلك بخلاف الاستواء .اه (مجموع الفتاوى للعثيمين المجلد الأول - باب السماء والصفات)

إذن

معتقد أهل السنَّة  أنَّ الله جلَّ وعلا مستوٍ على عرشه بذاته حقيقةً فوق السماء السابعة استواءً يليق بجلاله، بائنٌ من خلقه ولا يعلوه خلقٌ من خلقه، فهُمْ يُثبتون له ما أثبته الله تعالى لنفسه من غير تكييفٍ ولا تشبيهٍ ولا تعطيلٍ، وينكرون تأويلَ الصفات وإخراجَها عن ظاهرها إلى معانٍ لا تحتملها اللغة ولا يصيغها الشرعُ.

وقد أجمع الصحابة وأئمَّة السلف على إثبات صفة الاستواء لله جلَّ وعلا، ونقل الصابوني -رحمه الله- هذا الاتِّفاقَ في «عقيدة السلف أصحاب الحديث» (15، 16) بقوله : 

« وعلماء الأمَّة وأعيان الأئمَّة من السلف -رحمهم الله- لم يختلفوا في أنَّ الله تعالى على عرشه، وعرشُه فوق سماواته، يُثبتون له من ذلك ما أثبته الله تعالى، ويؤمنون به ويصدِّقون الربَّ جلَّ جلاله في خبره، ويُطلقون ما أطلقه سبحانه وتعالى من استوائه على العرش، ويُمرُّونه على ظاهره، ويكِلُون عِلْمَه إلى الله».

 كما ذكر الحافظ ابن حجرٍ -رحمه الله- الإجماعَ عند إيراده لأقوال أئمَّة السنَّة في إثبات صفة الاستواء، فقال في «فتح الباري» (13/ 407-408) في سياق التعقيب : 

« فكيف لا يوثق بما اتَّفق عليه أهل القرون الثلاثة وهم خير القرون بشهادة صاحب الشريعة ».

وأما عن تفسير الإستواء بالجلوس والقعود.

الأقرب هو التوقف في هذا اللفظ  لعدم وروده في الكتاب والسنة الصحيحة ولا في أقوال الصحابة رضي الله عنهم ولو ثبتت في الكتاب والسنة لأثبتناها كباقي صفات ربنا جل جلاله فلا يجوز أن نقول : (إن الله جالس على عرشه) لأن لفظ الجلوس لم يأت به كتاب ولا سنة وإنما يقال : استوى على العرش ويفسر الاستواء بالعلو والارتفاع .

وأما الحديث الذي يرويه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة.. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : « إذا جلس الرب على الكرسي سمع له أطيط كأطيط الرحل الجديد ».. فهذا حديث ضعفه الشيخ الألباني.. فمدار كل رواياته على عبد الله بن خليفة.. قال الشيخ الألباني : «وهذا إسناد ضعيف، عبد الله بن خليفة. قال الذهبي : لا يكاد يعرف» انتهى 

وبالإضافة إلى ضعفه فهو مناقض لما صح عن ابن عباس وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما من أن الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر قدره إلا الله..

قال العلامة الالبانى رحمه الله :

 "لا يجوز اعتقاد أن الله عز وجل يقعد على العرش، ولا نسبة الاستقرار عليه؛ لأنه لم يرد؛ فإنه يتضمن نسبة القعود على العرش لله عز وجل، وهذا يستلزم نسبة الاستقرار عليه لله تعالى، وهذا مما لم يرد؛ فلا يجوز اعتقاده ونسبته إلى الله عز وجل ".اهـ  (مختصر العلو ص 16، المقدمة ط. المكتب الإسلامي بيروت - عمان - دمشق ط. سنة 1412هـ- 1991م )

وقال أيضا رحمه الله عن الجلوس :

لا أعلم في جلوس الرب تعالى حديثاً ثابتاً. "مختصر العلو" (ص 93).

وسئل أيضا رحمه الله :

هل يوصف الله تعالى بأنه مستقر على العرش؟

فأجاب :

 لا يجوز استعمال ألفاظ لم ترد في الشرع؛ لا يجوز أن يُوصف الله بأنه مستقر؛ لأن الاستقرار أولاً : صفة بشرية، ثانياً : لم يوصف بها ربنا عز وجل حتى نقول : استقرار يليق بجلاله وكماله كما نقول في الاستواء، فنحن لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه ثم مقروناً مع التنزيل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.(الشورى:11). اه ("الهدى والنور" (542/ 19: 15: 00))

وسئل أيضا رحمه الله :

هل هناك دليل من الكتاب أو السنة أو أقوال الصحابة ما ينفي أو يثبت مماسة الرب عز وجل لعرشه؟

فأجاب :

 لا يوجد ذلك إطلاقاً، وإثبات مثل هذه الأمور ونفيها في اعتقادي خروج عن منهج السلف الصالح؛ لأن كلاً من الإثبات والنفي يترتب منه محذور، أما الإثبات فقد يلزم منه محظورات أحدهما نسبة شيء إلى الله عز وجل لم يثبت في الكتاب ولا في السنة وهذا لا يجوز .

والشيء الآخر أننا إذا أثبتنا أو ادعّينا شيئاً من ذلك فتحنا طريقاً للمعطلين المؤولين لنصوص الكتاب والسنة المتعلقة بصفات الرب تبارك وتعالى، فتحنا لهم طريقاً ليتهمونا بالتجسيم؛ لأنهم يُفسِّرون هذه الأمور التي قد يدَّعيها بعض من سبقنا، يفسرونها على ظاهرها التي تليق بالبشر ولا تليق بالله عز وجل،

 ولذلك فلا يجوز إثبات مثل هذه الأمور، كما أنه لا يجوز نفيها لأنه قد يلزم من نفيها نفي ما جاء في الكتاب والسنة من ذلك مثلاً : 

أن الله عز وجل ليس حالاً في المخلوقات، أي : ليس كما يقول المعطلة والقائلون بوحدة الوجود أن الله عز وجل في كل مكان، أن الله عز وجل موجود في كل الوجود، وغلا الصوفية في تصريحهم بهذه الضلالة حينما قال قائلهم في شعر لا أذكره الآن، أنه مثل رب العالمين ومخلوقاته كمثل الماء والثلج، هل يمكن فصل الماء عن الثلج حين كونه ثلجاً؟

 الجواب : لا، كذلك عندهم رب العالمين تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيرا إنه حالّ في المخلوقات،

 والعقيدة السلفية أن الله عز وجل غني عن العالمين، وهو ليس بحاجة إلى العرش، وإلى الجلوس عليه، والتمَكُّن منه، وقد صرَّح بذلك بعض العلماء المعتدلين من الماتريدية، أقول المعتدلين؛ لأن الماتريدية كالأشاعرة في كثير من الأمور المخالفة لعقيدة السلف الصالح أما هذا البعض الذي أُشير إليه، فقد قال مثبتاً لصفة علو الله على عرشه دون إيهام أنه بحاجة إليه فقال :

ورب العرش فوق العرش 

 بلا وصف التمكن واتصال

لأن وصف رب العالمين بهذا الوصف معناه أنه بحاجة إلى العرش، وكان الله ولا شيء معه، كما نفهم من حديث عمران بن حصين، ثم خلق العرش والسماوات كما جاء تفصيل ذلك في السنة.

فإذاً : باختصار لا يوجد في الكتاب ولا في السنة شيء يثبت هذا الذي جاء في السؤال أو ينفيه فلا نقر ولا ننفي .اه ("الهدى والنور" (188/ 00:49:13))

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :

 " فأما تفسير استواء الله تعالى على عرشه باستقراره عليه ، فهو مشهور عن السلف، نقله ابن القيم في النونية وغيره .

وأما الجلوس والقعود : فقد ذكره بعضهم، لكن في نفسي منه شيء. والله أعلم". انتهى. (مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/ 196)).


والله اعلم


وللفائدة..



هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات