القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

ما هي أسماء الله وما هي صفاته وما الفرق بينهما؟


أسماء الله كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به مثل :  القادر، العليم، الحكيم، السميع، البصير فإن هذه الأسماء دلَّت على ذات الله وعلى ما قام بها من العلم والحكمة والسمع والبصر . 

أما الصفات فهي نعوت الكمـال القائمة بالذات كالعلم والحكمة والسمع والبصر فالاسم دل على أمرين، والصفة دلت على أمر واحد ويقال : الاسم متضمن للصفة والصفة مستلزمة للاسم .

فأسماء الله كلها حسنى، أي : بالغة في الحسن غايته لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه؛ قال الله تعالى : ولله الأسماء الحسنى. [الأعراف: 180].

فإن من أعظم ما يحصل به لذة العبادة تأمل الأسماء والصفات وتعبد الله بها ومراعاتها في كل عبادة فإذا تصدق العبد بالقليل مستشعرا أن الله شكور لا يضيع عمله بل يبارك له فيه ولو كان قليلا كان ذلك مدخلا على قلبه الفرح والسرور بربه ووجد في قلبه حلاوة عظيمة لعمله .

أما ما يُميِّز الاسم عن الصفة والصفة عن الإسم أمور، منها :
 
أولاً : ( أن الأسماء يشتق منها صفات، أما الصفات؛ فلا يشتق منها أسماء، فنشتق من أسماء الله الرحيم والقادر والعظيم، صفات الرحمة والقدرة والعظمة، لكن لا نشتق من صفات الإرادة والمجيء والمكر اسم المريد والجائي والماكرفأسماؤه سبحانه وتعالى أوصاف كما قال ابن القيم في (النونية) :

أسماؤُهُ أوْصافُ مَدْحٍ كُلُّها مُشْتَقَّةٌ قَدْ حُمِّلَتْ لِمَعان.

ثانياً : أن الاسم لا يُشتق من أفعال الله؛ فلا نشتق من كونه يحب ويكره ويغضب اسم المحب والكاره والغاضب، 

أما صفاته؛ فتشتق من أفعاله فنثبت له صفة المحبة والكره والغضب ونحوها من تلك الأفعال، لذلك قيل : باب الصفات أوسع من باب الأسماء ).

ثالثاً : أن أسماء الله عَزَّ وجَلَّ وصفاته تشترك في الاستعاذة بها والحلف بها، لكن تختلـف في التعــبد والدعاء، 

فيتعبد الله بأسمائـه، فنقول : عبدالكريم، وعبد الرحـمن، وعبد العزيز لكن لا يُتعبد بصفاته؛ فلا نقول : عبد الكرم، وعبد الرحمـة، وعبد العزة؛

 كما أنه يُدعى اللهُ بأسمائه، فنقول : يا رحيم! ارحمنا، ويا كريم! أكرمنا، ويا لطيف! ألطف بنا، لكن لا ندعو صفاته فنقول : يا رحمة الله! ارحمينا، أو : يا كرم الله! أو : يا لطف الله !.

 ذلك أن الصفة ليست هي الموصوف فالرحمة ليست هي الله، بل هي صفةٌ لله، وكذلك العزة، وغيرها؛ فهذه صفات لله، وليســـت هي الله، ولا يجوز  التعبد إلا لله، ولا يجوز دعاء إلا الله؛ لقولـه تعالى : يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا. [النور: 55]، وقوله تعالى : ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ. [غافر:60] وغيرها من الآيات . ينظر: ((فتاوى الشيخ ابن عثيمين)) (1/26- ترتيب أشرف عبد المقصود).

قال ابن تيمية رحمه الله :

الحلف بصفات الله سبحانه كالحلف به، كما لو قال : وعزة الله، أو : لعمر الله، أو : والقرآن العظيم؛ 

فإنه قد ثبت جواز الحلف بهذه الصفات ونحوها عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، ولأن الحلف بصفاته كالاستعاذة بها، وإن كانت الاستعاذة لا تكون إلا بالله وصفاته في مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : ((أعوذ بوجهك  ))  ، و((أعوذ بكلمات الله التامات  ))  ، و((أعوذ برضاك من سخطك))  ، ونحو ذلك. وهذا أمر مقرر عند العلماء . ينظر: ((القواعد النورانية)) (ص: 334).

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

كل أسماء الله سبحانه مشتملة على صفات له سبحانه تليق به وتناسب كماله، ولا يشبهه فيها شيء، فأسماؤه سبحانه أعلام عليه ونعوت له عز وجل، ومنها : الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن.. إلى غير ذلك من أسمائه سبحانه الواردة في كتابه الكريم وفي سنة رسوله الأمين، 

فالواجب إثباتها له سبحانه على الوجه اللائق بجلاله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، وهذا هو معنى قول أئمة السلف كمالك والثوري والأوزاعي وغيرهم : أمروها كما جاءت بلا كيف.

والمعنى أن الواجب إثباتها لله سبحانه على الوجه اللائق به سبحانه، أما كيفيتها فلا يعلمها إلا الله سبحانه، ولما سئل مالك رحمه الله عن قوله تعالى : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى. [طه:5] كيف استوى؟ أجاب رحمه الله بقوله : الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، يعني بذلك رحمه الله : السؤال عن الكيفية، 

وقد روي هذا المعنى عن شيخه ربيعة بن أبي عبدالرحمن، وعن أم سلمة رضي الله عنها، وهو قول أئمة السلف جميعا، كما نقله عنهم غير واحد من أهل العلم، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في : "العقيدة الواسطية" وفي : "الحموية" و"التدمرية" وفي غيرها من كتبه رحمه الله. هكذا نقله عنهم العلامة ابن القيم رحمه الله في كتبه المشهورة، ونقله عنهم قبل ذلك أبو الحسن الأشعري رحمه الله . انتهى من (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (6/ 277)).

وسئل أيضا رحمه الله :

هل يجوز دعاء الصفة من صفات الله؟

فأجاب :

ما يجوز دعاء الصفة إنما يتوسل بها اللهم إني أسألك بمحبتك أعوذ بالله برضاه من سخطه وبعفوه من عقوبته .

أما أن تُسأل : لا تُسأل ما قال : يا عين الله افعل بنا، يا يد الله ارزقنا، أو يا كلام الله انصرنا، لا، قال : يا الله يا رحمن يا رحيم، يسأل باسمه جل وعلا، 

الصفات لا تُسأل بإجماع المسلمين، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله، وإنما يُتوسل بها، ويُستعاذ بها، اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، برحمتك أستغيث يا ربي، وما أشبه ذلك .اه

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

كل اسم من أسماء الله يدل على صفة من صفاته، بل على صفتين أحيانا أو أكثر -ما يلزم من إثبات الصفة التي يدل عليها الاسم-، 

مثال ذلك : «الخالق» دل على صفة الخلق، وصفة الخلق تستلزم ثبوت صفة العلم والقدرة، وقد يدل الاسم على الأثر إذا كان ذلك الاسم متعديا، مثاله : السميع يدل على صفة السمع، ويدل على أن الله يسمع كل صوت يحدث . ينظر: ((تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة)) (2/ 59).

كذلك أسماء الله وصفاته توقيفيّة

فلا يجوز لنا أن نطلق على الله تعالى اسماً أو صفةً إلاّ إذا ورد نصٌ من الشارع بذلك .

قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :

لا يوصف الله تعالى بأكثر مما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله بلا حد ولا غاية (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). [الشورى 11] ولا يبلغ الواصفون صفته، وصفاته منه، ولا نتعدى القرآن والحديث، فنقول كما قال، ونصفه كما وصف نفسه، ولا نتعدى ذلك، نؤمن بالقرآن كله؛ محكمه ومتشابهه . ينظر: ((ذم التأويل)) لابن قدامة (ص: 22).

قال ابن القيم رحمه الله :

 ما يُطلقُ عليه سبحانه في باب الأسماء والصفات لابد أن يكون توقيفياً فلا نطلق عليه اسماً ولا نصفه بصفة إذا لم يرد ذلك بكتابٍ أو سُنّة.

 أمّا في باب الإخبار فلا يجب أن يكون توقيفياً كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه وقال : هذا فصل الخطاب .انتهى من "بدائع الفوائد"(1/ 62)

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

الواجب على جميع المسلمين هو الإيمان بأسمائه وصفاته الواردة في الكتاب العزيز والسنة الصحيحة، وإثباتها له سبحانه على الوجه اللائق بجلاله، من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، كما قال سبحانه : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. [الشورى: 11] ، وقال عز وجل : فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[النحل: 74] ، وقال سبحانه : قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد. [الإخلاص: 4] ، 

وهي توقيفية لا يجوز إثبات شيء منها لله إلا بنص من القرآن، أو من السنة الصحيحة؛ لأنه سبحانه أعلم بنفسه، وأعلم بما يليق به، ورسوله صلى الله عليه وسلم هو أعلم به، وهو المبلغ عنه، ولا ينطق عن الهوى، كما قال الله سبحانه : والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى* وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى. [النجم: 1-4] . ينظر: ((مجموع فتاوى ابن باز)) (8/ 44).

العلم بأسماء الله وصفاته هو الطريق إلى معرفة الله عز وجل.

قال ابن تيمية رحمه الله : 

من عرف أسماء الله ومعانيها وآمن بها، كان إيمانه أكمل ممن لم يعرف تلك الأسماء، بل آمن بها إيمانا مجملا، أو عرف بعضها، وكلما ازداد الإنسان معرفة بأسماء الله وصفاته وآياته، كان إيمانه به أكمل . ينظر:((مجموع الفتاوى)) (7/ 233).

وقال ابن القيم رحمه الله :

أساس دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم : 

معرفة الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله، ثم يتبع ذلك أصلان عظيمان:

أحدهما : تعريف الطريق الموصلة إليه، وهي شريعته المتضمنة لأمره ونهيه.

الثاني : تعريف السالكين ما لهم بعد الوصول إليه؛ من النعيم الذي لا ينفد، وقرة العين التي لا تنقطع.

وهذان الأصلان تابعان للأصل الأول ومبنيان عليه؛ فأعرف الناس بالله أتبعهم للطريق الموصل إليه، وأعرفهم بحال السالكين عند القدوم عليه .ينظر: ((الصواعق المرسلة)) (1/ 151).

وقال السعدي رحمه الله :

أصل التوحيد : إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء الحسنى، ومعرفة ما احتوت عليه من المعاني الجليلة، والمعارف الجميلة، والتعبد لله بها، ودعاؤه بها . 

فكل مطلب يطلبه العبد من ربه من أمور دينه ودنياه، فليتوسل إليه باسم مناسب له من أسماء الله الحسنى؛ فمن دعاه لحصول رزق فليسأله باسمه الرزاق، ولحصول رحمة ومغفرة فباسمه الرحيم الرحمن البر الكريم العفو الغفور التواب، ونحو ذلك. 

وأفضل من ذلك أن يدعوه بأسمائه وصفاته دعاء العبادة، وذلك باستحضار معاني الأسماء الحسنى، وتحصيلها في القلوب؛ حتى تتأثر القلوب بآثارها ومقتضياتها، وتمتلئ بأجل المعارف.

فمثلا : أسماء العظمة والكبرياء والمجد والجلال والهيبة؛ تملأ القلب تعظيما لله وإجلالا له.

وأسماء الجمال والبر والإحسان والرحمة والجود؛ تملأ القلب محبة لله وشوقا له، وحمدا له وشكرا.

وأسماء العز والحكمة والعلم والقدرة؛ تملأ القلب خضوعا لله وخشوعا وانكسارا بين يديه.

وأسماء العلم والخبرة والإحاطة والمراقبة والمشاهدة؛ تملأ القلب مراقبة لله في الحركات والسكنات، وحراسة للخواطر عن الأفكار الردية والإرادات الفاسدة.

وأسماء الغنى واللطف؛ تملأ القلب افتقارا واضطرارا إليه، والتفاتا إليه في كل وقت وفي كل حال.

فهذه المعارف التي تحصل للقلوب بسبب معرفة العبد بأسمائه وصفاته وتعبده بها لله؛ لا يحصل العبد في الدنيا أجل ولا أفضل ولا أكمل منها، وهي أفضل العطايا من الله لعبده، وهي روح التوحيد وروحه، ومن انفتح له هذا الباب انفتح له باب التوحيد الخالص، والإيمان الكامل، الذي لا يحصل إلا للكمل من الموحدين . ينظر: ((القول السديد)) (ص: 160).


والله اعلم

هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات