أهل السنة والجماعة من السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان وهم أصحاب النبي ﷺ ومن سلك سبيلهم يثبتون لله ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيللأنه سبحانه كما أخبر عن نفسه: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ). (الشورى: 11). فاشتملت هذه الآية على إثبات الصفات لله عز وجل ونفي المماثلة والمشابهة للخلق في صفاته.
فأهل السنة والجماعة :
يعرفون ربهم بصفاته الواردة في القرآن والسنة، ويصفون ربهم بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسمائه وآياته، ويثبتون لله ما أثبته لنفسه من غير تمثيل، ولا تكييف ولا تعطيل، ولا تحريف، وقاعدتهم في كل ذلك قول الله تبارك وتعالى: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. [الشورى:11] وقوله : ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون. [الأعراف:180].
وأهل السنة والجماعة :
لا يحددون كيفية صفات الله جل وعلا لأنه تبارك وتعالى لم يخبر عن الكيفية ولأنه لا أحد أعلم من الله سبحانه بنفسه، قال تعالى : قل أأنتم أعلم أم الله. [البقرة:140] وقال تعالى : فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون. [النحل:74] ولا أحد أعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي قال الله تبارك وتعالى في حقه : وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. [النجم:4].
وأهل السنة والجماعة :
يؤمنون أن الله سبحانه وتعالى هو الأول ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، كما قال سبحانه :هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم. [الحديد:3]
وكما أن ذاته سبحانه وتعالى لا تشبه الذوات
فكذلك صفاته لا تشبه الصفات؛ لأنه سبحانه لا سمي له، ولا كفء له ولا ند له، ولا يقاس بخلقه؛ فيثبتون لله ما أثبته لنفسه إثباتا بلا تمثيل وتنزيها بلا تعطيل؛ فحين يثبتون لله ما أثبته لنفسه لا يمثلون، وإذا نزهوه لا يعطلون الصفات التي وصف نفسه بها، وأنه تعالى محيط بكل شيء، وخالق كل شيء، ورازق كل حي، قال الله تعالى : ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير. [الملك:14] وقال : إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين. [الذاريات:58]
وأهل السنة والجماعة :
ويؤمنون بأن الله تعالى استوى على العرش فوق سبع سموات بائن من خلقه، أحاط بكل شيء علما، كما أخبر عن نفسه في كتابه العزيز في سبع آيات كريمات بلا تكييف قال تعالى : الرحمن على العرش استوى . [طه:5] وقال : ثم استوى على العرش. [الأعراف:54] وقال : أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير. [الملك:17] وقال : إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. [فاطر:10] وقال : يخافون ربهم من فوقهم. [النحل:50] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟). صحيح الجامع
وأهل السنة والجماعة :
يؤمنون بأن الكرسي والعرش حق قال تعالى : وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم. [البقرة:255]
والعرش لا يقدر قدره إلا الله، والكرسي في العرش كحلقة ملقاة في فلاة وسع السماوات والأرض، والله مستغن عن العرش والكرسي، ولم يستو على العرش لاحتياجه إليه؛ بل لحكمة يعلمها، وهو منزه عن أن يحتاج إلى العرش أو ما دونه، فشأن الله تبارك وتعالى أعظم من ذلك؛ بل العرش والكرسي محمولان بقدرته وسلطانه.
وأن الله تعالى خلق آدم عليه السلام بيديه
وأن كلتا يديه يمين ويداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء كما وصف نفسه سبحانه فقال : وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء. [المائدة:64] وقال : ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي. [ص:75].
وأهل السنة والجماعة :
يثبتون لله سمعا، وبصرا، وعلما، وقدرة، وقوة، وعزا، وكلاما وحياة، وقدما وساقا، ويدا، ومعية وغيرها من صفاته – عز وجل – التي وصف بها نفسه في كتابه العزيز، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بكيفية يعلمها الله ولا نعلمها؛ لأنه تعالى لم يخبرنا عن الكيفية، قال تعالى : إنني معكما أسمع وأرى. [طه:46] وقال : وهو العليم الحكيم [التحريم:2] وكلم الله موسى تكليما. [النساء:164] ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. [الرحمن:27] رضي الله عنهم ورضوا عنه. [البينة:8] يحبهم ويحبونه. [المائدة:54] فلما آسفونا انتقمنا منهم. [الزخرف:55] يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون. [القلم:42] الله لا إلـه إلا هو الحي القيوم. [البقرة:255] غضب الله عليهم. [المجادلة:14] . وغيرها من آيات الصفات.
وأهل السنة والجماعة :
يؤمنون بأن المؤمنين يرون ربهم في الآخرة بأبصارهم ويزورونه، ويكلمهم ويكلمونه قال تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة. [القيامة:23] وسوف يرونه كما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته). صحيح الترمذي
وأن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل نزولا حقيقيا يليق بجلاله وعظمته قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر؛ فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له؟). صحيح الترمذي
ويؤمنون بأنه تعالى
يجيء يوم الميعاد للفصل بين العباد مجيئا حقيقيا يليق بجلاله قال سبحانه وتعالى : كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا. [الفجر:21- 22] وقوله :هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملآئكة وقضي الأمر. [البقرة: 210]
فمنهج أهل السنة والجماعة
في كل ذلك الإيمان الكامل بما أخبر به الله تعالى وأخبر به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والتسليم به وهذا ما قرره الأكابر من سلف الأمة.
وإليك كلامهم :
1- قال الزهري رحمه الله : من الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم .اه رواه البخاري تعليقاً (٢٧٣٨/٦).
2- قال سفيان بن عيينة رحمه الله : كل ما وصف الله تعالى به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره لا كيف، ولا مثل .اه ( الشرح الجديد لجوهر التوحيد ص 62)
3- قال الشافعي رحمه الله : آمنت بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله .اه (لمعة الاعتقاد لابن قدامة)
4- وقال الوليد بن مسلم : سألت الأوزاعي، وسفيان بن عيينة، ومالك بن أنس عن هذه الأحاديث في الصفات والرؤية فقالوا: (أمروها كما جاءت بلا كيف) .اه (السنة للخلال)
5- وقال مالك بن أنس رحمه الله : إياكم والبدع قيل: وما البدع؟ قال: أهل البدع هم الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان .اه (أحاديث في ذم الكلام للمقرىء)
وسأله رجل عن قوله تعالى : الرحمن على العرش استوى كيف استوى؟ فقال : الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا ضالا، وأمر به أن يخرج من المجلس .اه (فتح المجيد)
6- وقال أبو حنيفة رحمه الله : لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء؛ بل يصفه بما وصف به نفسه، ولا يقول فيه برأيه شيئا؛ تبارك الله تعالى رب العالمين .اه (جلاء العينين ص368)
ولما سئل أيضا عن صفة النزول فقال : ينزل بلا كيف.اه (عقيدة السلف أصحاب الحديث للصابونى)
وقال أيضا رحمه الله : وله تعالى يدٌ ووجهٌ ونفس كما ذكره الله في القرآن، فما ذكره اللهُ في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس فهي له صفات، بلا كيف ولا يقال إن يده قدرته أو نعمته، فإن فيه إبطالَ هذه الصفة، وهو قولُ أهل القدر والاعتزال، ولكنَّ يده صفتُه بلا كيفٍ وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف.اه (الفقه الأكبر لأبى حنيفة ص 2 و(3))
7- وقال نعيم بن حماد الخزاعي رحمه الله : من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيها.اه (معارج القبول)
لذا فإنه من سلك مسلك السلف في الحديث عن ذات الله تعالى وصفاته، يكون ملتزما بمنهج القرآن في أسماء الله وصفاته سواء كان السالك في عصر السلف، أو في العصور المتأخرة وكل من خالف السلف في منهجهم؛ فلا يكون ملتزما بمنهج القرآن، وإن كان موجودا في عصر السلف، وبين أظهر الصحابة والتابعين .انتهى
[ من كتاب: الوجيز في عقيدة السلف الصالح لعبد الحميد الأثري - ص55 ]
* وسُئل الامام الشافعى
عن صفات الله وما يؤمن به فقال :
" لله تعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه أمته لا يسع أحدا من خلق الله قامت عليه الحجة ردها لأن القرآن نزل بها وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القول بها فيما روى عنه العدول..فإن خالف بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر أما قبل ثبوت الحجة عليه فمعذور بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالرؤية والفكر ولا يكفر بالجهل بها أحد إلا بعد انتهاء الخبر بها إليه.وتثبت هذه الصفات وينفى عنها التشبيه كما نفى التشبيه عن نفسه فقال : { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} .انتهى
( اجتماع الجيوش الاسلامية لابن القيم ص59، والذهبي في العلو ص(121)).
* وذكر الإمام أبو الحسن الأشعري في كتابه مقالات الإسلاميين 1/345 مذهب أهل السنة أصحاب الحديث فقال : " هذه حكاية جملة قول أصحاب الحديث أهل السنة : جملة ما عليه أهل الحديث والسنة...
- أن الله تعالى استوى على عرشه، كما قال : { الرحمن على العرش استوى}.
- وأن له يدين بلا كيف كما قال : { خلقت بيدي}، وكما قال : { بل يداه مبسوطتان}.
- وأن له عينين بلا كيف، كما قال : { تجري بأعيننا}..
- وأن له وجها، كما قال : { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}.
- وأثبتوا السمع والبصر ولم ينفوا ذلك عن الله كما نفت المعتزلة " .اه
والله اعلم
وللفائدة..
إثبات صفة العين لله
تعليقات
إرسال تعليق