القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

عقيدة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته


أهل السنة والجماعة من السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان وهم أصحاب النبي ﷺ ومن سلك سبيلهم يثبتون لله ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيللأنه سبحانه كما أخبر عن نفسه : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ). (الشورى: 11). فاشتملت هذه الآية على إثبات الصفات لله عز وجل ونفي المماثلة والمشابهة للخلق في صفاته.

فكلما سمعت من الآثار شيئا مما لم يبلغه عقلك، نحو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن  )). ((صحيح سنن ابن ماجه)) (199)، وقوله : (( إن الله تبارك وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا )). أخرجه البخاري (1145)، ومسلم (758)، ...، وأشباه هذه الأحاديث - فعليك بالتسليم والتصديق والتفويض والرضا ولا تفسر شيئا من هذه بهواك فإن الإيمان بهذا واجب فمن فسر شيئا من هذا بهواه أو رده فهو جهمي .

فكل صفة جاء بها الكتاب أو صحت بأخبار التواتر أو رويت من طريق الآحاد وكان لها أصل في الكتاب أو خرجت على بعض معانيه فإنا نقول بها ونجريها على ظاهرها من غير تكييف .

ولا نصف معبودنا إلا بما وصف به نفسه إما في كتاب الله أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بنقل العدل عن العدل موصولا إليه لا نحتج بالمراسيل ولا بالأخبار الواهية ولا نحتج أيضا في صفات معبودنا بالآراء والمقاييس .

فأهل السنة والجماعة :

يعرفون ربهم بصفاته الواردة في القرآن والسنة، ويصفون ربهم بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسمائه وآياته، ويثبتون لله ما أثبته لنفسه من غير تمثيل، ولا تكييف ولا تعطيل، ولا تحريف، 

وقاعدتهم في كل ذلك قول الله تبارك وتعالى: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. [الشورى:11] وقوله ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون. [الأعراف:180].

وأهل السنة والجماعة : 

لا يحددون كيفية صفات الله جل وعلا لأنه تبارك وتعالى لم يخبر عن الكيفية ولأنه لا أحد أعلم من الله سبحانه بنفسه، 

قال تعالى : قل أأنتم أعلم أم الله. [البقرة:140] وقال تعالى : فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون. [النحل:74] ولا أحد أعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي قال الله تبارك وتعالى في حقه : وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. [النجم:4].

وأهل السنة والجماعة :

 يؤمنون أن الله سبحانه وتعالى هو الأول ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، 

كما قال سبحانه : هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم. [الحديد:3] 

وكما أن ذاته سبحانه وتعالى لا تشبه الذوات

 فكذلك صفاته لا تشبه الصفات؛ لأنه سبحانه لا سمي له، ولا كفء له ولا ند له، ولا يقاس بخلقه؛ فيثبتون لله ما أثبته لنفسه إثباتا بلا تمثيل وتنزيها بلا تعطيل؛ فحين يثبتون لله ما أثبته لنفسه لا يمثلون، وإذا نزهوه لا يعطلون الصفات التي وصف نفسه بها، وأنه تعالى محيط بكل شيء، وخالق كل شيء، ورازق كل حي، 

قال الله تعالى : ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير. [الملك:14] وقال : إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين. [الذاريات:58]

وأهل السنة والجماعة :

ويؤمنون بأن الله تعالى استوى على العرش فوق سبع سموات بائن من خلقه، أحاط بكل شيء علما، كما أخبر عن نفسه في كتابه العزيز في سبع آيات كريمات بلا تكييف.

قال تعالى : الرحمن على العرش استوى . [طه:5] وقال : ثم استوى على العرش. [الأعراف:54] وقال : أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير. [الملك:17] وقال : إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. [فاطر:10] وقال : يخافون ربهم من فوقهم. [النحل:50] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟). صحيح الجامع

وأهل السنة والجماعة :

 يؤمنون بأن الكرسي والعرش حق قال تعالى : وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم. [البقرة:255]

والعرش لا يقدر قدره إلا الله، والكرسي في العرش كحلقة ملقاة في فلاة وسع السماوات والأرض، والله مستغن عن العرش والكرسي، ولم يستو على العرش لاحتياجه إليه؛ بل لحكمة يعلمها، وهو منزه عن أن يحتاج إلى العرش أو ما دونه، فشأن الله تبارك وتعالى أعظم من ذلك؛ بل العرش والكرسي محمولان بقدرته وسلطانه.

وأن الله تعالى خلق آدم عليه السلام بيديه

 وأن كلتا يديه يمين ويداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء كما وصف نفسه سبحانه فقال : وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء. [المائدة:64] وقال : ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي. [ص:75].

وأهل السنة والجماعة :

 يثبتون لله سمعا، وبصرا، وعلما، وقدرة، وقوة، وعزا، وكلاما وحياة، وقدما وساقا، ويدا، ومعية وغيرها من صفاته – عز وجل – التي وصف بها نفسه في كتابه العزيز، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بكيفية يعلمها الله ولا نعلمها؛ لأنه تعالى لم يخبرنا عن الكيفية، 

قال تعالى : إنني معكما أسمع وأرى. [طه:46] وقال : وهو العليم الحكيم [التحريم:2] وكلم الله موسى تكليما. [النساء:164] ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. [الرحمن:27] رضي الله عنهم ورضوا عنه. [البينة:8] يحبهم ويحبونه. [المائدة:54] فلما آسفونا انتقمنا منهم. [الزخرف:55] يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون. [القلم:42] الله لا إلـه إلا هو الحي القيوم. [البقرة:255] غضب الله عليهم. [المجادلة:14] . وغيرها من آيات الصفات.

وأهل السنة والجماعة :

 يؤمنون بأن المؤمنين يرون ربهم في الآخرة بأبصارهم ويزورونه، ويكلمهم ويكلمونه قال تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة. [القيامة:23] وسوف يرونه كما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته). صحيح الترمذي
 
وأن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل نزولا حقيقيا يليق بجلاله وعظمته قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر؛ فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له؟). صحيح الترمذي

ويؤمنون بأنه تعالى يجيء يوم الميعاد للفصل بين العباد مجيئا حقيقيا يليق بجلاله قال سبحانه وتعالى : كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا. [الفجر:21- 22] وقوله : هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملآئكة وقضي الأمر. [البقرة: 210] 

فمنهج أهل السنة والجماعة في كل ذلك الإيمان الكامل بما أخبر به الله تعالى وأخبر به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والتسليم به وهذا ما قرره الأكابر من سلف الأمة.

وإليك كلام أهل السنة والجماعة :

1 - قال الزهري رحمه الله : من الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم .اه رواه البخاري تعليقاً (٢٧٣٨/٦).

2 - قال سفيان بن عيينة رحمه الله : كل ما وصف الله تعالى به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره لا كيف، ولا مثل .اه ( الشرح الجديد لجوهر التوحيد ص 62) 

3 - وقال نعيم بن حماد الخزاعي رحمه الله : من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيها .اه (معارج القبول)

4 - وروى الترمذي : حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره، حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد  ))  ، ثم قال : 

( قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات : ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، قالوا : قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم، ولا يقال : كيف؟ هكذا روي عن مالك، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث : "أمروها بلا كيف"، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، 

وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات، وقالوا : هذا تشبيه. وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات، ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا : إن الله لم يخلق آدم بيده، وقالوا : إن معنى اليد هاهنا القوة، 

وقال إسحاق بن إبراهيم : إنما يكون التشبيه إذا قال : يد كيد، أو مثل يد، أو سمع كسمع، أو مثل سمع، فإذا قال : سمع كسمع، أو مثل سمع، فهذا التشبيه، وأما إذا قال كما قال الله تعالى : يد، وسمع، وبصر، ولا يقول : كيف؟ ولا يقول : مثل سمع، ولا كسمع، فهذا لا يكون تشبيها، وهو كما قال الله تعالى في كتابه : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. [الشورى: 11] ينظر: ((سنن الترمذي)) (3/ 41).

5 - وقال أبو حنيفة رحمه الله : لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء؛ بل يصفه بما وصف به نفسه، ولا يقول فيه برأيه شيئا؛ تبارك الله تعالى رب العالمين . اه (جلاء العينين ص368)

ولما سئل أيضا عن صفة النزول فقال : ينزل بلا كيف .اه (عقيدة السلف أصحاب الحديث للصابونى) 

وقال أيضا رحمه الله : وله تعالى يدٌ ووجهٌ ونفس كما ذكره الله في القرآن، فما ذكره اللهُ في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس فهي له صفات، بلا كيف ولا يقال إن يده قدرته أو نعمته، فإن فيه إبطالَ هذه الصفة، وهو قولُ أهل القدر والاعتزال، 

ولكنَّ يده صفتُه بلا كيفٍ وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف .اه (الفقه الأكبر لأبى حنيفة ص 2 و(3))

6 - وقال مالك بن أنس رحمه الله : إياكم والبدع قيل : وما البدع؟ قال : أهل البدع هم الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان .اه (أحاديث في ذم الكلام للمقرىء)

وسأله رجل عن قوله تعالى : الرحمن على العرش استوى كيف استوى؟ فقال : الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه  بدعة، وما أراك إلا ضالا، وأمر به أن يخرج من المجلس .اه (فتح المجيد)

7 - وقال الوليد بن مسلم : سألت الأوزاعي، وسفيان بن عيينة، ومالك بن أنس عن هذه الأحاديث في الصفات والرؤية فقالوا : ( أمروها كما جاءت بلا كيف ) .اه (السنة للخلال)

8 - قال الشافعي رحمه الله : آمنت بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله .اه (لمعة الاعتقاد لابن قدامة)

وقال أيضا رحمه الله : ( نثبت هذه الصفات التي جاء بها القرآن ووردت بها السنة، وننفي التشبيه عنه كما نفى عن نفسه، فقال : ليس كمثله شيء.[الشورى: 11] ) ). ينظر: ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (20/341).

وسُئل أيضا رحمه الله عن صفات الله وما يؤمن به فقال : لله تعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه أمته لا يسع أحدا من خلق الله قامت عليه الحجة ردها لأن القرآن نزل بها وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القول بها فيما روى عنه العدول..

فإن خالف بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر أما قبل ثبوت الحجة عليه فمعذور بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالرؤية والفكر ولا يكفر بالجهل بها أحد إلا بعد انتهاء الخبر بها إليه.

وتثبت هذه الصفات وينفى عنها التشبيه كما نفى التشبيه عن نفسه فقال : { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} . انتهى من ( اجتماع الجيوش الاسلامية لابن القيم ص59، والذهبي في العلو ص(121)).

9 - وقال أحمد بن حنبل رحمه الله : ( الإيمان بالقدر خيره وشره، والتصديق بالأحاديث فيه، والإيمان بها، لا يقال : (لم)، ولا (كيف)، إنما هو التصديق والإيمان بها، ومن لم يعرف تفسير الحديث، ويبلغه عقله، فقد كفي ذلك وأحكم له، فعليه الإيمان به والتسليم له، مثل حديث الصادق والمصدوق، ومثل ما كان مثله في القدر، ومثل أحاديث الرؤية كلها، 

وإن نبت عن الأسماع، واستوحش منها المستمع، وإنما عليه الإيمان بها، وألا يرد منها حرفا واحدا، وغيرها من الأحاديث المأثورات عن الثقات، وأن لا يخاصم أحدا، ولا يناظره، ولا يتعلم الجدال؛ فإن الكلام في القدر والرؤية والقرآن وغيرها من السنن مكروه، ومنهي عنه) )). ينظر: ((أصول السنة)) (ص: 17-20).

10 - وذكر الإمام أبو الحسن الأشعري في كتابه مقالات الإسلاميين 1/345 مذهب أهل السنة أصحاب الحديث فقال : 

" هذه حكاية جملة قول أصحاب الحديث أهل السنة : جملة ما عليه أهل الحديث والسنة...

- أن الله تعالى استوى على عرشه، كما قال : { الرحمن على العرش استوى}.

- وأن له يدين بلا كيف كما قال :  { خلقت بيدي}، وكما قال : { بل يداه مبسوطتان}.

- وأن له عينين بلا كيف، كما قال : { تجري بأعيننا}..

- وأن له وجها، كما قال : { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}.

وأثبتوا السمع والبصر ولم ينفوا ذلك عن الله كما نفت المعتزلة " .انتهى

11 - وقال الإمام المفسر البغوي رحمه الله : ( الإصبع المذكورة في الحديث صفة من صفات الله عز وجل، وكذلك كل ما جاء به الكتاب أو السنة من هذا القبيل في صفات الله سبحانه وتعالى، كالنفس، والوجه، والعين، واليد، والرجل، والإتيان، والمجيء، والنزول إلى السماء الدنيا، والاستواء على العرش، والضحك، والفرح . 

قال الله سبحانه وتعالى لموسى : واصطنعتك لنفسي [طه: 41] ، وقال الله عز وجل : ولتصنع على عيني [طه: 39] ، وقال الله سبحانه وتعالى : كل شيء هالك إلا وجهه [القصص: 88] ، وقال الله عز وجل : ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [الرحمن: 27]، وقال الله عز وجل : بل يداه مبسوطتان [المائدة: 64] ، 

وقال : يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي [ص: 75] ، والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه [الزمر: 67] ، هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام [البقرة: 210] ، وقال الله سبحانه وتعالى : وجاء ربك والملك صفا صفا [الفجر: 22] ، وقال الله عز وجل : الرحمن على العرش استوى [طه: 5] ، وقال الله تعالى : ثم استوى على العرش الرحمن [الفرقان: 59] .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر )) . أخرجه البخاري وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا تزال جهنم يلقى فيها، وتقول : هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه )). أخرجه البخاري

وفي حديث أبي هريرة في آخر من يخرج من النار : (( فيضحك الله منه، ثم يأذن له في دخول الجنة )) . أخرجه البخاري وفي حديث جابر : (( فيتجلى لهم يضحك )) . أخرجه مسلموفي حديث أنس وغيره : (( الله أفرح بتوبة عبد من أحدكم يسقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة )) .أخرجه البخاري.

فهذه ونظائرها صفات لله عز وجل، ورد بها السمع، يجب الإيمان بها، وإمرارها على ظاهرها معرضا فيها عن التأويل، مجتنبا عن التشبيه، معتقدا أن الباري سبحانه وتعالى لا يشبه شيء من صفاته صفات الخلق، كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق؛ قال الله سبحانه وتعالى : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [الشورى: 11] .

وعلى هذا مضى سلف الأمة، وعلماء السنة، تلقوها جميعا بالإيمان والقبول، وتجنبوا فيها عن التمثيل والتأويل، ووكلوا العلم فيها إلى الله عز وجل، كما أخبر الله سبحانه وتعالى عن الراسخين في العلم، فقال عز وجل : والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا [آل عمران: 7] .

قال سفيان بن عيينة : كل ما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه، فتفسيره قراءته، والسكوت عليه، ليس لأحد أن يفسره إلا الله عز وجل ورسله....

 وقال الزهري : على الله البيان، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم.

وقال بعض السلف : قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم.

قال أبو العالية : ثم استوى إلى السماء [البقرة: 29] ارتفع فسوى خلقهن.

وقال مجاهد : استوى [البقرة: 29] : علا على العرش ) . ينظر: ((شرح السنة)) (1/ 168 - 171).

وقال أيضا رحمه الله في آخر كتابه شرح السنة : ( القدم والرجلان المذكوران في هذا الحديث من صفات الله سبحانه وتعالى، المنزه عن التكييف والتشبيه، وكذلك كل ما جاء من هذا القبيل في الكتاب أو السنة؛ كاليد، والإصبع، والعين، والمجيء، والإتيان، 

فالإيمان بها فرض، والامتناع عن الخوض فيها واجب، فالمهتدي من سلك فيها طريق التسليم، والخائض فيها زائغ، والمنكر معطل، والمكيف مشبه، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [الشورى: 11] ) . ينظر: ((شرح السنة للبغوي)) (15/ 257). 

فمعتقد أهل السنة في أسماء الله وصفاته هو :

أنهم يؤمنون بما وردت به نصوص القرآن والسنة الصحيحة إثباتًا ونفيًا، فهم بذلك :

ا- يسمون الله بما سمى به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يزيدون على ذلك ولا ينقصون منه.

٢- ويثبتون لله عز وجل ويصفونه بما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل .

٣- وينفون عن الله ما نفاه عن نفسه في كتابه أو على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، مع اعتقاد أن الله موصوف بكمال ضد ذلك الأمر المنفي .

فأهل السنة سلكوا في هذا الباب منهج القرآن والسنة الصحيحة فكل اسم أو صفة لله سبحانه وردت في الكتاب والسنة الصحيحة فهي من قبيل الإثبات فيجب بذلك إثباتها.

وأما النفي فهو أن ينفى عن الله عز وجل كل ما يضاد كماله من أنواع العيوب والنقائص، مع وجوب اعتقاد ثبوت كمال ضد ذلك المنفي .

مستفاد [ من كتاب: الوجيز في عقيدة السلف الصالح لعبد الحميد الأثري - ص55 ].

فالواجب على كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله أن يكون أصل قصده توحيد الله بعبادته وحدة لا شريك له وطاعة رسوله يدور على ذلك ويتبعه أين وجده .

ويعلم أن أفضل الخلق بعد الأنبياء هم الصحابة فلا ينتصر لشخص انتصارا مطلقًا عامًّا إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لطائفة انتصارًا مطلقًا عامًّا إلا للصحابة رضي الله عنهم أجمعين. 

فإن الهدي يدور مع الرسول حيث دار ويدور مع أصحابه دون أصحاب غيره حيث داروا فإذا أجمعوا لم يجمعوا على خطأ قط ..... فكل قول قيل في دين الإسلام مخالف لما مضى عليه الصحابة والتابعون لم يقله أحد منهم بل قالوا خلافه فإنه قول باطل .


والله اعلم


وللفائدة..
هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات