مسألة رفع اليدين في تكبيرات صلاتي العيد والجنازة من المسائل الإجتهادية التي اختلف فيها العلماء،
ولم يثبت حديث صحيح مرفوع إلى النبي ﷺ يدل على أفضلية رأي على آخر.
لذا، يجوز للمسلم أن يرفع يديه أو لا يرفعها فى تكبيرات العيد والجنازة من غير نكير.
* هذا مع إنعقاد الإجماع على مشروعية رفع اليدين في التكبيرة الأولى من صلاتي العيد والجنازة، وقد نقل هذا الإجماع ابن المنذر وابن قدامة والنووي وغيرهم .
** وقد ورد في هذه المسألة ثلاثة أحاديث مرفوعة لا يصحُّ منها شيءٌ ، مثل:
1- حديث ابن عمر رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند التكبير في كل صلاة، وعلى الجنائز. (السلسلة الضعيفة رقم: (1044)).
2- عن أبي هريرة، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى على الجنازة رفع يديه في أول تكبيرة ثم وضع يده اليمنى على اليسرى. (أحكام الجنائز-إسناده ضعيف).
3- عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه على الجنازة في أول تكبيرة ثم لا يعود. (التلخيص الحبير-إسناده ضعيف ).
** وأما الأحاديث الموقوفة، فقد رويت عن ستة من الصحابة لم يصح منها إلا اثنان ، وهما :
1- عن ابن عمر رضي الله عنهما : « أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة على الجنازة ». (أحكام الجنائز للالبانى - إسناده صحيح) (تخريج شرح السنة - شعيب الأرناووط -إسناده صحيح). واحتجَّ بهذا الأثر الإمامان : الشافعي، وأحمد.
2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما : ( أنَّه كان يرفعُ يَديهِ في تكبيراتِ الجِنازة ). أخرجه سعيدُ بن منصور كما قال الحافظُ ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (2/291) وصحَّحه.
- قال ابن المنذر في الأوسط (5/ 468) :
أجمع عوام أهل العلم على أن المصلي على الجنازة يرفع يديه في أول تكبيرة يكبرها واختلفوا في رفع اليدين في سائر التكبيرات.
فقالت طائفة: ترفع الأيدي في كل تكبيرة على الجنازة، كذلك كان ابن عمر يفعل،
حدثنا إسماعيل، قال : ثنا أبو بكر، قال : ثنا ابن إدريس، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، « أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة على الجنازة».
وبه قال عطاء، وعمر بن عبد العزيز، وقيس بن أبي حازم، والزهري، وسالم بن عبد الله بن عمر، وروينا ذلك عن مكحول، والنخعي، وموسى بن نعيم، وبه قال الأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
واختلف فيه عن مالك : فحكى ابن وهب عنه أنه قال : « يعجبني أن يرفع اليدين في التكبيرات الأربع »،
وحكى ابن نافع عنه أنه قال : « استحب أن يرفع يديه في التكبيرة الأولى»،
وحكى ابن القاسم : « أنه حضره يصلي على الجنازة، فما رأيته يرفع يديه في أول تكبيرة ولا غيرها ».
قال أبو بكر : بقول ابن عمر أقول اتباعاً له ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما بين رفع اليدين في كل تكبيرة يكبرها المرء وهو قائم،
وكانت تكبيرات العيدين والجنائز في موضع القيام، ثبت رفع اليدين فيها، قياساً على رفع اليدين في التكبير في موضع القيام،
ولما أجمعوا أن الأيدي ترفع في أول تكبيرة واختلفوا فيما سواها، كان حكم ما اختلفوا فيه حكم ما أجمعوا عليه .
وقالت طائفة: ترفع اليد في أول تكبيرة من الصلاة على الميت، ثم لا ترفع بعد ، كذلك قال الثوري، وأصحاب الرأي، وروي ذلك عن النخعي خلاف القول الأول عنه. انتهى.
الخلاصة
- لم يثبت عن النبي ﷺ حديث صحيح في رفع اليدين مع كل تكبيرة من تكبيرات صلاتي العيد والجنازة سوى التكبيرة الأولى، وأيضا لم يثبت عنه حديث صحيح فى عدم الرفع .
- وفى المقابل، جاء عن ابن عمر وابن عباس موقوفًا عليهما أنهما كانا يرفعان أيديهما.
- لذلك هذه مسألة من مسائل الإجتهاد والأمر واسع إن شاء الله لأنه لا توجد سنة ملزمة.
* فمن رفع يديه فى كل تكبيرة إتباعا لابن عمر رضى الله عنهما ، لأنه كان معروفا عنه أنه أشد اتباعا لسنة النبي ﷺ، فلا ينكر عليه .
* ومن لم يرفع يديه لأنه لم يثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا فى تكبيرة الإحرام، ولأن هذه المسألة لو فعلت لنقلت واشتهر ذلك، فلا حرج عليه .
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية : … وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ فلا ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً. انتهى من (الآداب الشرعية (1/169)).
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق