من كان في بلد ولم يعلن فيه الصيام فلا يجوز أن يصوم مع بلد آخر وذلك من باب دفع المفسدة الكبرى بالصغرى، فعليه إذن أن يصوم مع البلد الذي هو يعيش فيه،
وهذا هو اللائق بالشريعة السمحة التي من غاياتها تجميع الناس وتوحيد صفوفهم وإبعادهم عن كل ما يفرق جمعهم.
كما أنه سيقع فى حيص بيص في نهاية الشهر -مثلاً- في اليوم التاسع والعشرين هنا عَيَّدوا هناك، كيف يُعَيِّد هو؟ مع من يُعَيِّد؟ .
إذن إذا رأى أهل بلد الهلال فإنه لا يجب الصوم على بقية أهل البلاد الأخرى بناء على رؤية هذا البلد مع اختلاف المطالع ،
وإنما يجب على من رآه أو كان في حكمهم، لعموم قوله تعالى : فمن شهد منكم الشهر فليصمه. [البقرة: 185].
فالذين لا يوافقون في المطالع من شاهده لا يقال إنهم شاهدوه حقيقة ولا حكما والله تعالى أوجب الصوم على من شاهده .
والدليل :
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته . (رواه البخاري) .
هنا النبي صلى الله عليه وسلم علل الأمر في الصوم بالرؤية ومن يخالف من رآه في المطالع لا يقال إنه رآه لا حقيقة ولا حكما.
والقول بعدم اعتبار اختلاف المطالع يخالف المعقول والمنقول.
أما مخالفته للمعقول : فلمخالفته لما هو ثابت بالضرورة من اختلاف الأوقات فلا يمكن إلزام المسلمين بالصوم في وقت واحد،
لأن هذا يعني إلزام جماعة منهم بالصوم قبل رؤية الهلال بل قبل طلوعه.
2- وأما مخالفته للمنقول : فلأنه مخالف لما أخرجه مسلم - عن كريب : أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام،
قال : فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال،
فقال : متى رأيتم الهلال؟ فقلت : رأيناه ليلة الجمعة. فقال : أنت رأيته؟ فقلت : نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية.
فقال : لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت : أو لا تكتفي- شك يحيى بن يحيى، أحد رواة الحديث، في نكتفي أو تكتفي- برؤية معاوية وصيامه؟
فقال : لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . (رواه مسلم).
قال الترمذي : والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكل بلد رؤيتهم.
فقوله : "هكذا أمَرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". دل ذلك على أنَّه قد حفظ من رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أنه لا يلزم أهل بلدٍ العمل برُؤية أهل بلد آخر .
- والعجب أن يقال عن قول ابن عباس فى الحديث أن هذا من اجتهاده لا من نص رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ،
وحينئذ يُرد اجتهاد ابن عباس رضي الله عنهما لإجتهاد فلان وفلان! فأي حسرة هذه تنزل في القلوب؟!.
** كما أن المسلمين مختلفون في الإفطار والإمساك اليومي فلا بد أن يختلفوا كذلك في الإمساك والإفطار الشهري .
قال الصنعاني رحمه الله :
في المسألة أقوالٌ ليس على أحَدِها دليلٌ ناهضٌ، والأقرَبُ لزومُ أهلِ بلدِ الرؤيةِ وما يتَّصِلُ بها من الجهاتِ التي على سَمْتِها. انتهى من ((سبل السلام)) (2/151).
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
الصواب : أن لكل أهل بلد رؤيتهم، كل بلد لهم رؤيتهم، فإذا صام أهل مصر لرؤيتهم، وأهل الشام لرؤيتهم، وأهل المغرب لرؤيتهم؛ فلا بأس،
أما لو تيسر أن يصوموا لرؤية واحدة كان أطيب وأحسن إذا تيسر ذلك؛ لقوله ﷺ : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته. هذا يعم الأمة كلها،
فإذا تيسر أن يصوموا لرؤية السعودية مثلًا أو رؤية دولة إسلامية تحكم بشرع الله، وتنفذ أوامر الله، الرؤية بشهادة الشهود لا بالحساب؛ فلا بأس هذا أفضل، لو صاموا جميعًا برؤية واحدة هذا أفضل؛ لعموم الأدلة .
لكن إذا لم يتيسر ذلك، وتباعدت الأقاليم، وتباعدت البلاد، وصام كل أهل بلد برؤيتهم؛ فلا بأس،
هذا هو الراجح عند جمع من أهل العلم وقد درس مجلس هيئة كبار العلماء هذه المسألة، ورأى أنه لا حرج في أن يعمل كل بلد برؤيتهم إذا لم يتيسر صلاتهم برؤية واحدة .
أما العمل بالحساب فلا يجوز، الواجب العمل بالرؤية؛ لأن الرسول ﷺ قال : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة،
ولا يجوز اعتماد الحساب في ثبوت رمضان لا دخولًا ولا خروجًا، ولا شهر ذي الحجة،
فالواجب العمل بالرؤية، فإن لم ير الهلال عند الدخول كمل شعبان، وإن لم ير الهلال عند الخروج كمل رمضان ثلاثين، هذا هو الواجب على المسلمين جميعًا أينما كانوا. انتهى من (فتاوى نور على الدرب).
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :
من العلماء من يقول : إنه لا يجب الصوم في هلال رمضان ولا الفطر في شوال إلا لمن رأى الهلال أو كان موافقاً فيمن رآه في مطالع الهلال؛
لأن مطالع الهلال تختلف باتفاق أهل المعرفة في ذلك، فإذا اختلفت وجب أن يحكم لكل بلد برؤيته، والبلاد الأخرى موافقة في مطالع الهلال فلا تبع له وإلا فلا،
وهذا القول اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله، واستدل بهذا القول بقوله تعالى : ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه﴾،
وكقول النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا رأيتموه فصموا وإذا رأيتموه فأفطروا »، أي بنص الدليل الذي استدل به من يرى عموم وجوب الصوم على كل أحد إذا ثبتت رؤيته في مكان من بلاد المسلمين،
لكن الاستدلال يختلف وجه الاستدلال أن شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه الآية والحديث لأن الحكم علق بالشاهد والرأي وهذا يقتضي أن من لم يشهد ولم يرى لم يلزمه الحكم بذلك،
وعليه فإذا اختلفت المطالع فإن البلاد المخالفة لبلاد الرؤية لا يكون قد شوهد فيها الهلال ولا رؤي،
وحينئذ لا تكون تثبت أحكام الهلال في حقهم وهذا لاشك وجه قوي في الاستدلال وأقوى من الأول، ويؤيده النظر والقياس.
فإنه إذا كان الشارع قد علق الإمساك للصائم بطلوع الفجر، والفطر بغروب الشمس فقال تعالى : ﴿ فكلوا وأشربوا ﴾،
فقال تعالى : ﴿فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْل﴾،
فالشارع علق الحكم بتبين طلوع الفجر إمساكاً، وبالليل إفطاراً، والنبي عليه الصلاة والسلام قال :« كلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر »،
وقال : « إذا أقبل الليل من هاهنا وأشار المشرق وأدبر النهار من هاهنا، وأشار إلى المغرب، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم ».
والمعلوم بإجماع المسلمين أن هذا الحكم ليس عاماً في جميع البلدان، بل هو خاص في كل بلد يثبت فيه هذا الأمر،
تجد الناس في الشرق يمسكون قبل الناس في الغرب ويفطرون قبلهم حسب تبين الفجر وغروب الشمس،
فإذا كان توقيت اليومي متعلق بكل بلد بحسبه فهكذا التوقيت الشهري يتعلق بكل بلد بحسبه.
وبهذا يتبين أن القول الذي اختاره شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله هو القول الراجح أثراً ونظراً.
هناك قول ثالث : أن الناس يتبعون إمامهم فإذا قرر الإمام وهو ذا السلطة العليا في البلد دخول الهلال، وكان ذلك بمقتضى الأدلة الشرعية ،
وجب العمل بمقتضى هذا الهلال صوماً في رمضان، وإفطاراً في شوال، وإذا لم يقرر ذلك فإنه لا صوم ولا فطر،
واستدل لهذا القول بقول النبي صلى الله عليه وسلم : « الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس »، وهذا هو الذي عليه العمل في وقتنا الحاضر.
ولهذا فنقول للسائل : الأولى أن لا تخالف الناس، بل بعبارة أصح بل ألا تظهر مخالفة الناس،
فإذا كنت ترى أنه يجب العمل بالقول الأول وأنه إذا ثبت رؤية الهلال في مكان من بلاد المسلمين على وجه شرعي وجب العمل بمقتضى ذلك، وكان في ذلك لم تعمل بهذا، وترى أحد الرأيين الآخرين،
فإنه لا ينبغي لك أن تظهر المخالفة لما في ذلك من الفتنة والفوضى والأخذ والرد،
وبإمكانك أن تصوم سراً في هلال رمضان، وأن تفطر سراً في هلال شوال، أما المخالفة فهذه لا تنبغي وليست مما يأمر به الإسلام. انتهى من (فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [179]).
وسئل أيضا رحمه الله :
هناك من ينادي بربط المطالع كلها بمطالع مكة حرصاً على وحده الأمة في دخول شهر رمضان المبارك وغيره فما رأي فضيلتكم؟
فأجاب :
هذا من الناحية الفلكية مستحيل، لأن مطالع الهلال كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تختلف باتفاق أهل المعرفة بهذا العلم،
وإذا كانت تختلف فإن مقتضى الدليل الأثري والنظري أن يجعل لكل بلد حكمه.
أما الدليل الأثري: فقال الله تعالى :
{ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ،
فإذا قدر أن أناساً في أقصى الأرض ما شهدوا الشهر أي الهلال وأهل مكة شهدوا الهلال فكيف يتوجه الخطاب في هذه الآية إلى من لم يشهدوا الشهر؟!،
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته» ، متفق عليه
فإذا رآه أهل مكة مثلاً فكيف نلزم أهل باكستان ومن وراءهم من الشرقيين بأن يصوموا،
مع أننا نعلم أن الهلال لم يطلع في أفقهم، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علق ذلك بالرؤية.
أما الدليل النظري: فهو القياس الصحيح الذي لا تمكن معارضته، فنحن نعلم أن الفجر يطلع في الجهة الشرقية من الأرض قبل الجهة الغربية،
فإذا طلع الفجر على الجهة الشرقية، فهل يلزمنا أن نمسك ونحن في ليل؟ الجواب : لا.
وإذا غربت الشمس في الجهة الشرقية، ولكننا نحن في النهار فهل يجوز لنا أن نفطر؟ الجواب : لا.
إذن الهلال كالشمس تماماً، فالهلال توقيته توقيت شهري، والشمس توقيتها توقيت يومي، والذي قال:
{وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذالِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}،
هو الذي قال: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
فمقتضى الدليل الأثري والنظري أن نجعل لكل مكان حكماً خاصًّا به فيما يتعلق بالصوم والفطر،
ويربط ذلك بالعلامة الحسية التي جعلها الله في كتابه، وجعلها نبيه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سنته ألا وهي شهود القمر، وشهود الشمس، أو الفجر. انتهى من (كتاب مجموع فتاوى ورسائل العثيمين).
وأختم بهذا:
قال العلامة الألباني رحمه الله :
...ليس لك أن تصوم لرؤيتك ، وإنما عليك أن تصوم مع أهل البلد التي أنت تعيش فيها ، فإذا صام أهل البلد صمت معهم ، وإذا أفطروا أفطرت معهم ...
إلى أن قال : أهل البلد الواحد باستطاعتهم أن الدولة إذا أعلنت الصيام يوم كذا ، صام الشعب كله ، ولو كان هذا الإعلان غير شرعي ، أي غير ثابت شرعًا ، لأن الأمر بيد الدولة،
وليس بيد فرد من الأفراد ، كالحدود الشرعية ، لو تولى إقامتها الأفراد لظهر الفساد في البر والبحر ،
فالدول الآن أكثرها لا تُقيم الحدود فهل يتولى الأفراد إقامة الحدود ؟ إذا واحد قتل آخر ، يقوم مثلاً أقاربه بقتل القاتل ، فيزيد الفساد في الأرض ،
لذلك فالصوم لأهل البلد ، يكون جميعًا ، يصومون أو يفطرون ، ولا يجوز أن ينقسموا. انتهى من (سلسلة الهدى والنور-(403)).
وقال أيضا رحمه الله :
الآن مستطاع الصيام برؤية بلد واحد، لكن هذا ليس في -هنا الشاهد- ملك الأفراد وإنما هو في ملك الدول الحاكمة المسيطرة،
إذ الأمر الواقع الآن كما هو الشأن في ذاك الزمان مع اختلاف العلة والسبب،
فينبغي حينئذ أن يصوم كل بلد مع رؤيته وذلك من باب دفع المفسدة الكبرى بالصغرى، ما هي الصغرى هنا وما هي الكبرى؟
الصغرى: أن كل دولة تصوم لوحدها كما هو الواقع،
الكبرى: أن الدولة الواحدة والشعب الواحد يختلف على بعضه البعض، هذا ماذا؟ هذه كبرى،
ولذلك: دفعاً للمفسدة الكبرى بالصغرى، يُقال لأهل البلد : لا تصوموا مع بلد آخر؛ لأنه سوف يكون فيه اختلاف، نحن كنا في منجى منه،
حتى سوف يقع الخلاف في البيت الواحد، كما يقع -مثلاً- في أمور لابد منها بين سلفي وخلفي ... وإلى آخره، هذا واقع.
لكن هذا صام على السعودية بالتالي أبوه -مثلاً- صام مع البلد، هذا ما يجوز؛
لأن الصيام الذي صام مع السعودية ليس له دليل، ما دام يترتب من ورائه مفسدة كبرى، وضحت المسألة الآن؟.. انتهى باختصار من (الهدى والنور / ٢٢٣./ ٠٠: ١٢: ٠٠)
وسئل أيضا رحمه الله :
هل يتقيد المسلم بالصيام مع بلده أم مع البلد الإسلامي الذي أعلن الصيام أولا؟
فأجاب :
هذه مشكلة تتكرر في بعض السنين، من كان في بلد ولم يعلن فيه الصيام فلا يجوز أن يصوم مع بلد آخر،
ونحن لما ذكرنا آنفًا أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: «صوموا لرؤيته». قلنا : من فوائد هذا الأمر توحيد المسلمين في صيامهم،
ولكن معلوم أن المسلمين اليوم لم يتفقوا بعد على تنفيذ هذا النص النبوي تنفيذًا عامًا، فلا تزال بعض الدول تستقل في الصيام عن بعض الدول الأخرى،
ولهذا فمن كان في دولة كالباكستان مثلًا ولو كان من البلاد العربية فهو مقيم فيها لطلب العلم أو لمصلحة أخرى ،
فلا يجوز له أن يخرج في صيامه عن الإقليم الذي هو الآن يعيش فيه؛ لأن في صيامه مع البلد العربي سيزيد الخلاف خلافًا جديدًا،
فسيصبح بعض ذلك الإقليم يصومون مع إقليم آخر، والبعض الآخر وهو الأكثر يصوم مع الإقليم الذي هم فيه،
فتزداد الفرقة ويزداد الخلاف بين المسلمين، والمفروض محاولة تقليل الخلاف بين الناس، وليس من الجائز تكفيره،
وسيقع هذا الذي يصوم مع البلاد العربية في مشكلة أخرى : وهي الخروج من الصوم، ثم صلاة العيد، فسيقع في اضطراب كثير،
ولذلك فمن باب دفع المفسدة الكبرى بالمفسدة الصغرى عليه أن يصوم مع الإقليم الذي هو يعيش فيه. انتهى من (فتاوى جدة (٢٦ ب) /٠٠: ٥٦: ٣٣.)
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق