يوم عاشوراء، الذي يصادف اليوم العاشر من شهر الله المحرم، من الأيام العظيمة في الإسلام والتي ورد فيها فضل كبير وحث على صيامه.
✅ في هذا الموضوع نعرض فضل صيام عاشوراء، مراتب صيامه، وأهم الردود على الشبهات المنتشرة حوله.
▣▣ ما هو يوم عاشوراء؟
✔ يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر المحرم، وهو من الأشهر الحُرم.
وقد اختصه الله تعالى بفضل عظيم، وصامه النبي ﷺ وأمر بصيامه، لما ورد أنه يوم نجّى الله فيه موسى عليه السلام وقومه من فرعون.
✅ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قدم رسول الله ﷺ المدينة، فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسئلوا عن ذلك، فقالوا
هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون، فنحن نصومه تعظيماً له، فقال رسول الله ﷺ : ( نحن أولى بموسى منكم، فأمر بصيامه ). (رواه البخارى).
▣▣ فضل صيام يوم عاشوراء .
1 - صيامه كان قبل فرض رمضان - فعن عائشة رضي الله عنها قالت : " كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَصُومُهُ
فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ لَا يَصُومُهُ"،
- وزاد في بعض الروايات عن عاشوراء : " وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَةُ ". (رواه البخارى).
2- كان النبي ﷺ يتحرى صيامه - فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما رأيت النبي ﷺ يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء وهذا الشهر يعني شهر رمضان. (رواه البخاري).
ومعنى " يتحرى " : أي يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه.
3- صيام عاشوراء يكفر ذنوب سنة ماضية - قال النبي ﷺ : صيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله. (رواه مسلم).
★ قال النووي رحمه الله : " يكفر كل الذنوب الصغائر، وتقديره يغفر ذنوبه كلها إلا الكبائر ثم قال :
صوم يوم عرفة كفارة سنتين، ويوم عاشوراء كفارة سنة، وإذا وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه..
كل واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير، فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفّره، وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كتبت به حسنات،
ورفعت له به درجات، وإن صادف كبيرة أو كبائر، ولم يصادف صغائر رجونا أن تخفف من الكبائر". ينظر: (المجموع (6/382)).
★وقال ابن تيمية رحمه الله : وَتَكْفِيرُ الطَّهَارَةِ , وَالصَّلَاةِ ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ , وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ - لِلصَّغَائِرِ فَقَطْ . ينظر: (الفتاوى الكبرى ج(5)).
▣▣ مراتب صيام يوم عاشوراء .
ذكر العلماء أن مراتب صيام عاشوراء على النحو التالي:
1- أفضل المراتب : صيام يوم التاسع والعاشر (تاسوعاء وعاشوراء).
2- المرتبة الثانية : صيام يوم العاشر فقط ، وهو جائز ولا كراهة فيه - عند جمهور العلماء.
▣▣ الرد على أبرز الشبهات حول صيام عاشوراء :
▪️ الشبهة الأولى : تعارض التواريخ ، وذلك أنَّ الروايات الصحيحة تنبئ أنَّه ﷺ قَدِم المدينة في هجرته إليها في شهر ربيع الأول،
وظواهرُ أحاديث عاشوراء تنبئ أنَّه رأى اليهود يصومون عاشوراء أوَّل قدومه إليها وليس ذلك في المحرَّم!.
✅ الجواب على ذلك :
أن رؤية النبى ﷺ لليهود يصومون عاشوراء ليس يوم قدومه، بل فى الكلام حذف تقديره :
◄ أن النبى ﷺ قدم المدينة فأقام بها إلى يوم عاشوراء فوجد اليهود فيه صياما.
▪️ الشبهة الثانية : أنَّ صيام يوم عاشوراء عادةٌ قُرشيَّةٌ جاهليَّةٌ، وافقهم النبيُّ ﷺ فيها، فلا خَصِيصَةَ لنا بصيامه .
✅ الجواب على ذلك :
وإن كانت قريش تعظم هذا اليوم والنبى ﷺ قد صامه معهم فهذا كان قبل النبوة وقبل الوحى،
فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه فتأكدت مشروعيته بالوحى بعد ذلك لا بموافقة قريش.
★ وقال القرطبي : يحتمل بحكم الموافقة لهم كالحج أو أذن الله له في صيامه على أنه فعل خير .
▪️ الشبهة الثانية : سؤال النبي ﷺ لليهود عن صيامهم له يوهم أنه لم يكن على علم بعاشوراء من قبل ، مع أنه كان يصومه قبل قدومه المدينة .
✅ الجواب على ذلك :
أنه سألهم ليستكشف السبب الحامل لهم على الصوم، فلما علم بذلك قال لهم تأليفا لهم وإظهارا للحق الذى هو عليه (نحن أحق بموسي منكم).
وكان ذلك في الوقت الذي يحب فيه موافقة أهل الكتاب فيما لم ينه عنه.. ينظر: ( كتاب : إيضاحات لإشكالات - للدكتور أسامة بن عبدالله الخياط).
▣▣ دفع الإشكال فى تحديد يوم عاشوراء.
الذى جاء فى حديث : الحكم بن الأعرج أنه قال : انتهيت إلى ابن عباس رضي الله عنهما وهو متوسد رداءه في زمزم،
فقلت له أخبرني عن صوم عاشوراء فقال إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائما قلت هكذا كان رسول الله ﷺ يصومه قال نعم. رواه مسلم.
✅ الجواب على ذلك :
★ قال الشوكاني رحمه الله فى- نيل الأوطار (4/ 206) :
" أرشد ابن عباس السائل له إلى اليوم الذي يصام فيه ، وهو التاسع ، ولم يجب عليه بتعيين يوم عاشوراء أنه اليوم العاشر ؛
لأن ذلك مما لا يسأل عنه ، ولا يتعلق بالسؤال عنه فائدة ، فابن عباس لما فهم من السائل أن مقصوده تعيين اليوم الذي يصام فيه ؛ أجاب عليه بأنه التاسع.
وقوله " نعم " بعد قول السائل : أهكذا كان النبي ﷺ يصوم ؟ بمعنى :
نعم هكذا كان يصوم لو بقي ؛ لأنه قد أخبرنا بذلك ، ولا بد من هذا ؛ لأنه ﷺ مات قبل صوم التاسع ". انتهى باختصار.
▣▣ بدع ومظاهر خاطئة في يوم عاشوراء.
يحذر العلماء من بعض البدع المنتشرة يوم عاشوراء، مثل :
◄ (إِظهار السرور يوم عاشوراء - والاكتحال - وطبْخ الحبوب - والتوسعة على الأهل) ، كل ذلك لا أصل له وينهى عنه، ولا يحضر الإنسان إذا دعي إليه،
لقول النبي ﷺ : " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ". ينظر: ("مجموع الفتاوى" (25/ 299)).
▣▣ الخلاصة :
✔ يوم عاشوراء يوم عظيم في الإسلام.
✔ صيامه سنة مؤكدة ويكفّر ذنوب سنة ماضية.
✔ الأفضل صيام تاسوعاء وعاشوراء.
✔ لا أصل في الشرع للمظاهر الاحتفالية أو الحزينة فيه.
✔ الردود على الشبهات قائمة على أدلة صحيحة.
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق