القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الأرجح إن شاء الله أنه لابد من شهادة اثنين من المسلمين العدول لإثبات رؤية هلال رمضان كسائر الشهور أو بإِكمال عدّة شعبان ثلاثين يوماً في حال عدم رؤيته .

وإليه ذهب أحمد في رواية وهو مذهب عثمان بن عفان وعطاء والليث والأوزاعي .

وأما العدد المعتبر فى خُروج شَهر رمضان فلا بد من إخبار شاهدين عدلين برؤية هلال شوال.وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة.

ولا عبرة بالحساب الفلكي والأصل في الرؤية أن تكون بالعين المجردة لكن يجوز استعمال المراصد الفلكية لرؤية الهلال كالمنظار المُقرب .

وإليك الأدلة :

1- عن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب رضي الله عنه أنه خطب الناس في اليوم الذي يشكُّ فيه فقال :

" ألا إني قد جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وساءلتُهم، وإنهم حدثوني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، وانسُكوا لها، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا ) . صحيح سنن النسائي (1997).

فالحديث صريح الدلالة على أن هلال رمضان لا يَثبت إلا برؤية اثنين يَشهدان بأنهما رأيا الهلال حيث علق النبي صلى الله عليه وسلم الصوم والفطر على شهادتهما .

2- ويؤكد هذا : عن حسين بن الحارث الجدلي من جديلة قيس : أنّ أمير مكّة خطب، ثمّ قال : عَهِدَ إِلينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أن نَنْسُكَ للرؤية، فإِنْ لم نره، وشهد شاهدَا عَدْل نسَكْنا بشهادتهما.

فسألت (السائل : هو أبو مالك الأشجعي الراوي عن حسين بن الحارث الجدلي.) الحسين بن الحارث : مَن أمير مكّة؟ قال : لا أدري، ثمّ لقِيَني بعدُ فقال : هو الحارث بن حاطب، أخو محمّد بن حاطب.

ثمّ قال الأمير: إِنّ فيكم من هو أعلم بالله ورسوله منِّي، وشهد هذا من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأومأ بيده إِلى الرجل. قال الحسين : فقلت لشيخ إِلى جنبي : من هذا الذي أومأ إِليه الأمير؟

قال : هذا عبد الله بن عمر، وصدَق، كان أعلم بالله منه، فقال عبد الله بن عمر : بذلك أَمَرَنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". "صحيح سنن أبي داود" (2050).

فقوله : " بذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "، أي : أمرنا إذا لم نر الهلال وشهد رجلان ذوا عدل على رؤيته، فإنه تقبل شهادتهما ويبدأ الشهر.

وهذا الحديث يفيد : أن ابن عمر لا يقبل إلا شهادة عدلين فى رؤية هلال رمضان كغيره من الشهور .

3- جاء في المدونة : أرأيت استهلال رمضان هل تجوز فيه شهادة رجل واحد في قول مالك؟

قال : قال مالك : لا تجوز فيه شهادة رجل واحد، وإن كان عدلاً. قلت : فشهادة رجلين؟ قال : هي جائزة في قول مالك. انتهى من (المدونة (1/174)).

قال الشيخ محمد بازمول حفظه الله :

تحت حديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب : والحديث دليل على أنه لا تقبل شهادة العدل الواحد في رؤية هلال رمضان وشوال وأنه لا بد من شهادة اثنين من المسلمين العدول.

ووجه الدلالة مفهوم المخالفة في قوله : « فإن شهد شاهدان »؛ مفهومه أن أقل من شاهدين لا تثبت به رؤية الهلال.

وهذا ما قال به مالك والثوري والأوزاعي والليث وابن راهويه، والحسن بن حي، وعبيدالله بن الحسن، وابن علية وهو أحد قولي الشافعي وأحمد. انظر:(التمهيد (٣٥٤/١٤)).
 
قال الترمذي رحمه الله : قال إسحاق بن راهويه : لا يصام إلا بشهادة رجلين ،، ولم يختلف أهل العلم في الإفطار، أنه لا يقبل فيه إلا شهادة رجلين». (صحيح سنن الترمذي (٢١٢/١)). اهـ . 

.... ثم ذكر الشيخ كلام الفريق المخالف ثم قال:

قلت: والذي يترجح - عندي - إنه لا يصام ولا يفطر إلا بشهادة عدلين، وذلك للأمور التالية :

1- لأن حديث ابن عمر الذي فيه إنه أثبت دخول الشهر بشهادته واقعة عين ، ليس نصاً في أن الرسول صلى الله عليه وسلم أثبت دخول رمضان وهلاله بشهادة ابن عمر بمفردها؛

إذ يحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم أثبت هلال رمضان بأمر آخر معها كأن يكون شهد قبل ابن عمر رضي الله عنه لدى الرسول صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة برؤية الهلال ،

فلما جاء ابن عمر رضي الله کمل نصاب الشهادة فقبل شهادته فصام وأمر بالصيام وهذا الاحتمال أقوى وأظهر،

فلا يكون بين حديث ابن عمر رضي الله عـنـه وحـديـث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب رضي الله عنه اختلاف.

2- ويرشحه : أن حديث ابن عمر الذي قال الشوكاني رحمه الله : إنه دل على الحكم بالمنطوق ؛ هو في حقيقته حكاية فعل للرسول صلى الله عليه وسلم نقله ابن عمر.

بينما حديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب نقل قول للرسول صلى الله عليه وسلم عن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم،

 وهذا مما يرجح دلالة حديث عبد الرحمن بن زيد ، ويدل على أن حديث ابن عمر وجهه ما ذكرت من الاحتمال. 

3- ويؤكده : إنه قد جاء حديث يفيد أن ابن عمر رضي الله عنه يرى أن لا يقبل إلا شهادة عدلين في هلال رمضان كغيره من الشهور، وهذا الحديث هو التالي :

عن حسين بن الحارث الجدلي من جديلة قيس : « إن أمير مكة خطب، ثم قال : عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية، فإن لم نره، وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما .

ثم قال الأمير : إن فيكم من هو أعلم بالله ورسوله مني، وشهد هذا من رسول الله ، وأومأ بيده إلى رجل . 

قال الحسين : فقلت لشيخ إلى جنبي من هذا الذي أومأ إليه الأمير؟ قال : هذا عبدالله بن عمر، وصدق كان أعلم بالله منه. فقال عبدالله بن عمر: بذلك أمرنا رسول الله . أخرجه أبو داود (حديث صحيح). 

4- ولا يقال هنا كما قال ابن حزم رحمه الله : " ليس فيه إلا قبوله اثنين، ونحن لا ننكر هذا وليس فيه أن لا يقبل واحد" اهـ.

لا يقال هذا، لأن هذا من ابن حزم بناء على مذهبه في اعتبار ظاهر اللفظ، دون مفهومه، وهو في ذلك مخالف لجمهور أهل العلم رحم الله الجميع.

5- ويدل على صحة ما قررته لك - أن ثبوت رؤية هلال رمضان وشوال لا يثبت إلا بشهادة عدلين يدل على صحة هذا ـ، أن رسول الله دلّنا أن هذا من باب الشهادات بقوله : « فإن شهد شاهدان »،

والأصل في باب الشهادات قوله تبارك وتعالى : " واستشهدوا شهيدين من رجالكم .." الآية [البقرة : ۲۸۲]؛ وهو يدل على أن أقل الشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، فكذا ثبوت الرؤية للهلال. انظر: ( الحاوي الكبير (٤١٢/٣، وقد ذكر اختلاف العلماء في ذلك الخطابي في معالم السنن» (٢٢٦/٣ - ٢٢٧) ) .

6- ومما يرجح ذلك أيضاً : أن جماهير أهل العلم اتفقوا على أن لا يقبل في سائر الشهور إلا شهادة عدلين. انظر:( الحاوي (٤١٢/٣) ، التنبيه ص ٦٥ ، المفتي (١٥٩/٣)، الروض الندي ١٦٠، الإنصاف (٢٧٥/٣).)

قال الترمذي رحمه الله : " لم يختلف أهل العلم في الإفطار أنه لا يقبل فيه إلا شهادة رجلين ". اهـ (صحيح سنن الترمذي1/212).

فإذا كان ذلك مسلّماً، فثبوت هلال رمضان كذلك، ومن فرق فقد ناقض. انتهى من (كتاب الترجيح فى مسائل الصوم والزكاة).

هذا وقد اتفق الفقهاء على

 أن الشهر الشرعي يكون تسعا وعشرين ويكون ثلاثين، قال صلى الله عليه وسلم ( جعل الله الأهلة مواقيت للناس فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ). ( صحيح الجامع ).

ورؤية الهلال هي المعتبرة دون الحساب فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ( إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين ). (رواه البخاري).

قال الحافظ ابن حجر في الفتح :

قيل للعرب أميون لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة، قال تعالى (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم ). ولا يرد على ذلك أنه كان فيهم من يكتب ويحسب لأن الكتابة فيهم قليلة نادرة .

والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضا إلا النزر اليسير،

فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير واستمر الحكم في الصوم ،

ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلا ويوضحه قوله في الحديث [ فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ].

ولم يقل فسلوا أهل الحساب ، والحكمة فيه كون العدد عند الإغماء يستوي فيه المكلفون فيرتفع الاختلاف والنزاع عنهم. انتهى من (فتح الباري / الحافظ ابن حجر (4/151-152)).

وإليك بعض المسائل المتعلقة بذلك:

1- من رأى هلال شوال لوحده فإنه لا يفطر حتى يفطر الناس. لقول النبي صلى الله عليه وسلم قال : .. والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون . ((صحيح الترمذي)) (697).

2- إذا لم ير هلال شوال وجب إكمال شهر رمضان ثلاثين يوما. فعن عبد الله بن عمر :

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان، فقال : لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له). والمراد بقوله : (فاقدروا له). أي : أكملوا العدة . رواه البخاري

3- إذا ثبتت رؤية هلال شوال ليلا ولم يعلم الناس إلا بعد صاموا بعض النهار فإنهم يفطرون ويصلون العيد إن كان ذلك قبل الزوال.

قال ابن عبد البر : وأجمع العلماء على أنه إذا ثبت أن الهلال من شوال رئي بموضع استهلاله ليلا،

وكان ثبوت ذلك وقد مضى من النهار بعضه؛ أن الناس يفطرون ساعة جاءهم الخبر الثبت في ذلك،

فإن كان قبل الزوال صلوا العيد بإجماع من العلماء وأفطروا، وإن كان بعد الزوال فاختلف العلماء في صلاة العيد حينئذ .انتهى من ((التمهيد)) (14/358- 359).

4- إذا رئي هلال شوال نهارا فلا يفطرون سواء رئي قبل الزوال أو بعده لأنه لا تعتبر رؤيته نهارا ،

وإنما العبرة لرؤيته بعد غروب الشمس لقوله صلى الله عليه وسلم : (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته). فأمر بالصوم والفطر بعد الرؤية .

فعن شقيق قال : جاءنا كتاب عمر ونحن بخانقين، قال في كتابه : إن الأهلة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال نهارا،

فلا تفطروا حتى يشهد شاهدان أنهما رأياه بالأمس . (صححه البيهقي في ((السنن الكبرى)) (4/248).


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات