القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

حكم من بدأ الصيام في بلد ثم سافر إلى بلد آخر


إذا سافر الإنسان من البلد التى صام فيها أول الشهر إلى بلد تأخر عندهم الفطر فإنه يبقى لا يفطر حتى يفطروا ولو صام واحداً وثلاثين يوماً لأن الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس .

ولو عكسنا القضية وسافر الإنسان إلى بلد صام قبل بلده وهو صام ثمانية وعشرين يوماً مثلاً وأفطروا هم في التاسع والعشرين بالنسبة له هو وهم أكملوا تسعة وعشرين فيفطر معهم وعليه قضاء يوم لأن الشهر القمرى لا ينقص عن تسعة وعشرين يوما ولا يزيد عن ثلاثين يومًا .

والدليل :

قال صلَّى الله عليه وسلَّم : « الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ». (صحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٢٢٤).)، 

قال الترمذي عقب هذا الحديث:

"وفسَّر بعض أهل العلم هذا الحديث ،فقال : إنما معني هذا الصوم والفطر مع الجماعة وعِظَم الناس".اه

وقال الصنعاني في "سبل السلام"(2/72) :

"فيه دليل علي أن يعتبر في ثبوت العيد الموافقة للناس، وأن المتفرد بمعرفة يوم العيد بالرؤية يجب عليه موافقة غيره،ويلزمه حكمهم في الصلاة والإفطار والأضحية".اه

وقال أبو الحسن السندي في "حاشيته علي ابن ماجه" بعد أن ذكر حديث أبي هريرة عند الترمذي :

"والظاهر أنَّ معناه أنَّ هذه الأمور ليس للآحاد فيها دخل، وليس لهم التفرد فيها، بل الأمر فيها إلي الإمام والجماعة، ويجب علي الآحاد اتباعهم للإمام والجماعة، وعلي هذا فإذا رأي أحد الهلال ،وردَّ الإمام شهادته؛ ينبغي أن لايثبت في حقه شئ من هذه الأمور،ويجب عليه أن يتبع الجماعة في ذلك ".انتهى

جاء في مغني المحتاج :

 (وإذا لم نوجب على) أهل (البلد الآخر) وهو البعيد (فسافر إليه من بلد الرؤية) من صام به (فالأصح أنه يوافقهم) وجوبا (في الصوم آخرا) 

وإن كان قد أتم ثلاثين لأنه بالانتقال إلى بلدهم صار واحدا منهم فيلزمه حكمهم وروي أن ابن عباس أمر كريبا بذلك، والثاني يفطر لأنه لزمه حكم البلد الأول فيستمر عليه .انتهى

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

أنا من شرق آسيا ، عندنا الشهر الهجري يتأخر عن المملكة العربية السعودية بيوم ، وسأسافر إلى بلدي في رمضان ، وقد بدأت الصوم في المملكة ، وفي نهاية الشهر نكون قد صمنا واحدا وثلاثين يوماً ، فما حكم صيامنا ؟ وكم يوماً نصوم ؟

فأجاب :

" إذا صمتم في السعودية أو غيرها ثم صمتم بقية الشهر في بلادكم فأفطروا بإفطارهم ، ولو زاد ذلك على ثلاثين يوماً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (الصوم يوم تصومون ، والفطر يوم تفطرون )

لكن إن لم تكملوا الشهر تسعة وعشرين يوما فعليكم إكمال ذلك ، لأن الشهر لا ينقص عن تسع وعشرين ". انتهى . ("مجموع فتاوى ابن باز" (15/155)) .

وسئل الشيخ العثيمين رحمه الله :

ما حكم من صام في بلد مسلم ثم انتقل إلى بلد آخر تأخر أهله عن البلد الأول ولزم من متابعتهم صيام أكثر من ثلاثين يوماً أو العكس ؟

فأجاب :

إذا انتقل الإنسان من بلد إسلامي إلى بلد إسلامي وتأخر إفطار البلد الذي انتقل إليه فإنه يبقى معهم حتى يفطروا ؛ لأن الصوم يوم يصوم الناس ، والفطر يوم يفطر الناس ، والأضحى يوم يضحي الناس ، وهذا وإن زاد عليه يوم ، أو أكثر فهو كما لو سافر إلى بلد تأخر فيه غروب الشمس ، فإنه يبقى صائماً حتى تغرب ، وإن زاد على اليوم المعتاد ساعتين ، أو ثلاثاً ، أو أكثر ، ولأنه إذا انتقل إلى البلد الثاني فإن الهلال لم ير فيه وقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن لا نصوم ولا نفطر إلا لرؤيته ، فقال : ( صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ) .

وأما العكس : 

وهو أن ينتقل من بلد تأخر فيه ثبوت الشهر إلى بلد تقدم ثبوت الشهر فيه فإنه يفطر معهم ، ويقضي ما فاته من رمضان ، إن فاته يوم قضى يوماً ، وإن فاته يومان قضى يومين ، فإذا أفطر لثمانية وعشرين يوماً قضى يومين إن كان الشهر تامًّا في البلدين ، ويوماً واحداً إن كان ناقصاً فيهما أو في أحدهما .اه (" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 24 )) 

وسئل أيضاًَ رحمه الله :

قد يقول قائل : لماذا قلتم يؤمر بصيام أكثر من ثلاثين يوماً في الأولى ويقضي في الثانية؟

فأجاب بقوله :

يقضي في الثانية لأن الشهر لا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يوماً ، ويزيد على الثلاثين يوماً لأنه لم يُر الهلال ، 

وفي الأولى قلنا له : أفطر وإن لم تتم تسعة وعشرين يوماً ؛ لأن الهلال رؤي ، فإذا رؤي فلا بد من الفطر ، لا يمكن أن تصوم يوماً من شوال ، 

ولما كنت ناقصاً عن تسعة وعشرين لزمك أن تتم تسعة وعشرين بخلاف الثاني ، فإنك لا تزال في رمضان إذا قدمت إلى بلد ولم ير الهلال فيه فأنت في رمضان ، فكيف تفطر؟ فيلزمك البقاء ، وإذا زاد عليك الشهر فهو كزيادة الساعات في اليوم . " .اه (مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 25 ) ).

قال الشيخ فركوس حفظه الله :

الأصل أنَّ المسلم يصوم ويُفْطِر مع الجماعة وعُظْمِ الناسِ وإمامهم حيثما وُجِد، سواءٌ مع أهل بلده أو مع بلدِ غيره؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم : «الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ»(صحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٢٢٤).)، 

وهذا المعنى مِنْ وجوب الصوم والفطر مع الجماعة في الحديث احتجَّتْ به عائشةُ رضي الله عنها على مسروقٍ حين امتنع مِنْ صيامِ يومِ عَرَفةَ خشيةَ أَنْ يكون يومَ النحر حيث قال : «دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَقَالَتْ: «اسْقُوا مَسْرُوقًا سَوِيقًا وَأَكْثِرُوا حَلْوَاهُ»، قَالَ: فَقُلْتُ: «إِنِّي لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَصُومَ اليَوْمَ إِلَّا أَنِّي خِفْتُ أَنْ يَكُونَ يَوْمَ النَّحْرِ»، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «النَّحْرُ يَوْمَ يَنْحَرُ النَّاسُ، وَالفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ»». (جوَّد الألبانيُّ سندَه في «السلسلة الصحيحة» (١/ ١/ ٤٤٢).)، 

ومنه يُفْهَم أنه في العبادة الجماعية كالصوم والإفطار والأضحية والتعييد ونحوِها لا عبرةَ فيها للآحاد، وليس لهم التفرُّدُ فيها، ولا أَنْ يتبعوا جماعةً غيرَ الجماعة التي يُوجَدون بينهم، بل الأمرُ فيها إلى الإمام والجماعة التي وُجِد معهم صومًا وإفطارًا .

وإذا كان حكمُهم يَلْزمه :

1- فإِنْ أفطر لأقلَّ مِنْ تسعةٍ وعشرين يومًا مع البلد الذي انتقل إليه وَجَب أَنْ يقضيَ بعده ما نَقَص مِنْ صومه؛ لأنَّ الشهر القمريَّ لا ينقص عن تسعةٍ وعشرين يومًا ولا يزيد عن ثلاثين يومًا لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم : «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا».(مُتَّفَقٌ عليه)

2- وكذلك إذا أكمل صيامَ ثلاثين يومًا ثمَّ انتقل إلى بلدٍ بقي على أهله صيامُ يومٍ أو أكثرَ وَجَبَ عليه موافقتُهم في صومهم، وما زاده مِنَ الشهر كان له نفلًا، كما يُوافِقُهم في فِطْرِهم والتعييد معهم؛ تحقيقًا لرغبة الشريعة في وحدة المسلمين واجتماعهم في أداء شعائرهم الدينية وإبعادهم عن كُلِّ ما يُفرِّق صفَّهم ويشتِّت شَمْلَهم؛ فإنَّ يد الله مع الجماعة .اه


والله اعلم

هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات