السفر خلال شهر رمضان يطرح تساؤلات فقهية مهمة، خاصة إذا اختلفت الدول في إثبات دخول الشهر وخروجه.
▣ في هذا المنشور نستعرض حكم الصيام والإفطار عند السفر بين بلدين مختلفين في إثبات الهلال، مع الأدلة الشرعية وأقوال الفقهاء.
▣▣ حكم الصائم الذي يسافر إلى بلد آخر في رمضان؟
إذا سافر المسلم من بلده الذي بدأ فيه الصيام إلى بلد آخر يختلف في رؤية الهلال، فإنه يتبع البلد الذي انتقل إليه في الإفطار، حتى لو صام أكثر من ثلاثين يومًا،
وذلك استنادًا إلى قاعدة "الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس".
▣▣ الحالات المحتملة عند السفر في رمضان:
▣ الحالة الأولى: إذا سافرت إلى بلد تقدم إفطاره عن بلدك بيوم.
إذا كنت صمت ثمانية وعشرين يومًا فقط بسبب انتقالك إلى بلد صام قبلك بيوم، ووجدت أهل البلد قد أتموا التسعة والعشرين يومًا وأعلنوا العيد،
فعليك أن تفطر معهم،وتقضي اليوم الذي فاتك من الصيام لأن الشهر لا يمكن أن يكون أقل من تسعة وعشرين يومًا.
** فإذا أفطر لثمانية وعشرين يوماً قضى يومين إن كان الشهر تامًّا في البلدين ، ويوماً واحداً إن كان ناقصاً فيهما أو في أحدهما.
▣ الحالة الثانية: إذا سافرت إلى بلد تأخر إفطاره عن بلدك.
إذا سافرت إلى بلد بدأ الصيام بعد بلدك بيوم، وبقيت فيه حتى العيد، فعليك أن تبقى صائمًا معهم حتى يُعلنوا العيد،
حتى لو زاد صيامك إلى واحد وثلاثين يومًا، لأنك أصبحت تابعًا لبلد السفر.
▣▣ الأدلة الشرعية حول هذه المسألة :
1 - قال النبي ﷺ: « الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ». («السلسلة الصحيحة» (٢٢٤))،.
- قال الترمذي عقب هذا الحديث : "..إنما معني هذا الصوم والفطر مع الجماعة وعِظَم الناس ". انتهى.
2 - حديث كريب : أن أم الفضل بعثته إلى معاوية في الشام ، وفيه أن كريباً أخبر ابن عباس رضي الله عنهما أن الناس رأوا هلال رمضان ليلة الجمعة في الشام ،
فقال ابن عباس : لكنا رأيناه ليلة السبت ، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه ، فقال كريب : ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال : لا ، هكذا أمرنا رسول الله ﷺ. (رواه مسلم).
▣▣ أمثلة عملية لفهم القاعدة :
1- المثال الأول : إذا بدأ بلدك الصيام يوم الأحد، وسافرت إلى بلد بدأ يوم السبت، وأفطروا بعد 29 يومًا، فيجب أن تفطر معهم وتُكمل قضاء يوم إضافي.
▣ دليل وجوب فطره: أنه رؤي الهلال ، وقد قال النبي ﷺ : ( إذا رأيتموه فأفطروا ).
▣ ودليل وجوب قضاء اليوم: قول النبيﷺ : ( إنما الشهر تسع وعشرون ) فلا يمكن أن ينقص عن تسع وعشرين ليلة .
2- المثال الثاني : إذا بدأت الصيام في بلد يوم الأحد، ثم سافرت إلى بلد بدأ الصيام يوم الاثنين، وأفطروا بعد 30 يومًا،
فيجب أن تصوم معهم حتى لو زاد صيامك عن 30 يومًا،لأنه في مكان لم ير الهلال فيه ، فلا يحل له الفطر.
▣ ودليل وجوب بقائه صائماً فوق الثلاثين: قول النبي ﷺ : ( إذا رأيتموه فأفطروا ) فعلق الفطر بالرؤية ، ولم تكن فيكون ذلك اليوم من رمضان في ذلك المكان فلا يحل فطره .
3- المثال الثالث : إذا سافرت إلى بلد بدأ الصيام بعد بلدك بيوم، لكنه أفطر بعد 29 يومًا، فيجوز لك الفطر معهم دون قضاء، لأنك بذلك تكون قد أكملت 30 يومًا من الصيام.
هذا ما ظهر لنا في هذه المسألة بأدلتها، وهو مبني على القول الراجح من اختلاف الحكم باختلاف المطالع.. ينظر: "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/69).
▣▣ ماذا يقول العلماء؟
- قال العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
وإذا لم نوجب الصوم على أهل البلد الآخر لاختلاف مطالعهما ، فسافر إليه من بلد الرؤية إنسان ،
فالأصح أنه يوافقهم في الصوم آخرا وإن أتم ثلاثين ؛ لأنه بالانتقال إليه صار مثلهم. ينظر: "تحفة المحتاج" (3/383).
- وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
إذا صمتم في السعودية أو غيرها ثم صمتم بقية الشهر في بلادكم فأفطروا بإفطارهم ، ولو زاد ذلك على ثلاثين يوماً،
لقول النبي ﷺ : (الصوم يوم تصومون ، والفطر يوم تفطرون ).
لكن إن لم تكملوا الشهر تسعة وعشرين يوما فعليكم إكمال ذلك ، لأن الشهر لا ينقص عن تسع وعشرين. ينظر: ("مجموع فتاوى ابن باز" (15/155)) .
▣▣ الخلاصة :
* إذا سافرت إلى بلد تأخر إفطاره عن بلدك : تبقى صائمًا حتى يفطروا.
* ىإذا سافرت إلى بلد تقدم إفطاره عن بلدك : تفطر معهم وتقضي الأيام الفائتة.
* العيد : تُعيد مع البلد الذي أنت فيه، سواء كان بلدك الأصلي أو بلد السفر.
* تذكر أن الصوم عبادة جماعية، والأفضل اتباع جماعة المسلمين.
والله اعلم
▣ هل سبق لك أن واجهت هذه المسألة عند السفر؟ شاركنا تجربتك في التعليقات!.
اقرأ أيضا :
تعليقات
إرسال تعليق