">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل يجوز قطع صلاة النافلة عند إقامة الفريضة؟


إذا أقيمت الصلاة المفروضة وذلك بعد فراغ المؤذن من إقامتها فاقطع النافلة التي أنت فيها وذلك إذا غلب على ظنك أنك لن تدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام لأمره صلى الله عليه وسلم بمتابعة الإمام في حديث أبي هريرة المتفق عليه : ... فإذا كبر فكبروا، وهذا لمن كان داخل المسجد، 

فقوله : فكبروا "، الفاء دالة على الترتيب والتعقيب بلا تأخير فلا يجوز التأخر عن متابعة الإمام بالاشتغال عنها بالتطوع ،

فإذا انشغلت بالنافلة ولم تدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام بطلت صلاة النافلة لأنه إذا تعين الوقت للفريضة بطل التطوع فكما تبطل الصلاة بالحدث تبطل بحضور الفريضة وبطلانها حاصل من جهة الشرع لا من جهة فعل المكلف فلا يشمله النهي الوارد في قوله تعالى : (( ولا تبطلوا أعمالكم )). 

فكل خير يحرص المصلي على تحصيله في النافلة بعد إقامة الصلاة لا يعدل ما فاته من الفريضة .

ودليل ذلك :

1- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ). صحيح مسلم 

قوله : " لا صلاة " نكرة مبنية واقعة في سياق نفي بمعنى النهي، فهي نص في العموم الشامل لمن خاف فوات الركعة ومن لم يخف فواتها، 

بل إنها تعم من أقيمت عليه الصلاة وهو في أثناء النافلة فعليه أن يقطع النافلة هو الآخر حصل ركعة أم لا، ولا فرق بين النافلة التي دخل فيها قبل الإقامة والنافلة التي لم يدخل فيها إلا بعد الإقامة، ومن حصر النفي على ابتداء الصلاة فقد خصص العام بلا مخصص ،كما أنه لم يقيد ذلك بشرط أن يكون قد صلى أكثر النفل .

2- عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس قال : " كنت أصلي وأخذ المؤذن في الإقامة، فجذبني النبي صلى الله عليه وسلم وقال : أتصلي الصبح أربعا " (صحيح -أعلام الموقعين)

دل الحديث على : عدم صلاة النافلة عند إقامة صلاة الجماعة في المسجد، وهذا يعد نهيا عاما لمن يصلي عند الإقامة، سواء ابتدأ بالنافلة قبل الإقامة، أو عندها، أو بعدها، 

والحكمة فيه أن يتفرغ المسلم للفريضة من أولها، فيشرع فيها عقب شروع الإمام، والمحافظة على الفريضة أولى من التشاغل بالنافلة . ينظر: (موقع الدرر السنية).

قال الحافظ العراقي رحمه الله :

إن قوله : " فلا صلاة " 

يحتمل أن يراد : فلا يشرع حينئذ في صلاة عند إقامة الصلاة

ويحتمل أن يراد : فلا يشتغل بصلاة وإن كان قد شرع فيها قبل الإقامة بل يقطعها المصلي لإدراك فضيلة التحريم أو أنها تبطل بنفسها وإن لم يقطعها المصلي يحتمل كلا من الأمرين . انتهى من (نيل الأوطار (3/91 )).

قال العلامة الألباني رحمه الله :

فالإنسان المصلِّي هذا عليه في هذه الحالة أن يقدِّر وأن يجتهد ، فإذا غلب على ظنِّه في بعض الصور لنفترض - مثلًا - 

أنُّو هو قام من السجدة الثانية إلى الركعة الثانية وأقيمت الصلاة ؛ فهنا يتمُّ صلاة ركعتين يحتاج أن يؤدِّي الركعة الثانية ، وهذه تأخذ بعض الوقت ، فيقدِّر إذا أتى بهذه الركعة ولو بأقلِّ قراءة كقراءة الفاتحة فقط ؛ لأنه لا بد منها ، ويستطيع أن يختصر الركوع والسجود وما بينها ، ويسلم قبل أن يكبِّر الإمام ؛ فيتابع الصلاة ولا يقطعها ، 

أما إذا غلب على ظنِّه بأن تكبيرة الإحرام تفوته وراء الامام ؛ فحينئذٍ يقطع الصلاة ولا يتمُّها ؛ لقوله : ( إذا أُقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ) .انتهى من ( رحلة النور - شريط : 66 توقيت الفهرسة : 00:20:19)

وسئل أيضا رحمه الله : 

إذا أقميت الصلاة وهو قد شرع في النافلة ؟

الشيخ : النافلة .

السائل : سواء تحية المسجد ... ؟

الشيخ :

 لا، لا فرق، الذي ينبغي أن يلاحظ هنا في أصّح الأقوال الذي أنا رأيته هو أن يقدّر، كان في أول صلاة النافلة أو في وسطها أو في آخرها عليه أن يقدّر هل يدرك الصلاة من أولها، أيدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام أم لا، 

فإذا غلب على ظنه سواء كان في أول الصلاة أو في وسطها أو في آخرها أنه إذا أتمها أدرك صلاة الفريضة في أولها، يتمها وإلا بطلت أتوماتكيا . انتهى باختصار من (تسجيلات متفرقة - شريط : (223 ))

قال العلامة ابن باز رحمه الله :

ومعنى إذا أقيمت الصلاة أي إذا شرع المؤذن في الإقامة فإن الذي يصلي يقطع صلاته النافلة سواء كانت راتبة أو تحية المسجد يقطعها ويشتغل بالاستعداد للدخول في الفريضة وليس له الدخول في الصلاة بعد ما أقيمت الصلاة، 

بل يقطع الصلاة التي هو فيها ويمتنع من الدخول في صلاة جديدة؛ لأن الفريضة أهم، هذا هو معنى هذا الحديث الصحيح في أصح قولي العلماء.

وقال بعض أهل العلم : يتمها خفيفة ولا يقطعها ويحتجون بقوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ. [محمد:33]. 

لكن من قال يقطعها وهو القول الصحيح كما تقدم يجيب عن الآية الكريمة بأنها عامة وهذا خاص والخاص يقدم على العام ولا يخالفه وهذه قاعدة جليلة معروفة عند أهل العلم وأمثلتها كثيرة .

 وقيل : المراد بالآية المذكورة وهي قوله تعالى : وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ. النهي عن إبطالها بالردة وهذه ليست ردة. 

وبكل حال فالآية عامة وقطع الصلاة التي هو فيها عند إقامة الصلاة دليلها خاص، والخاص يخص العام ولا يخالفه ويقضي عليه، وهذا هو الذي نعتقده ونفتي به أنه إذا كان المصلي في النافلة وأقيمت الصلاة فإنه يقطعها ولا يتمها.....اه [(مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 25/ 154).]

وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :

إذا أقيمت الصلاة المفروضة فاقطع النافلة التي أنت فيها لتدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام، لما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ). انتهى من (فتاوى اللجنة الدائمة (7/312)) . 

أما كيفية قطع النافلة إذا أقيمت الفريضة 

قطع الصلاة يكون بمجرد نية الإنصراف ولا يحتاج إلى تشهد وسلام لأن ذلك يكون عند تمام الصلاة وهذه صلاة لم تتمّ ونية الخروج من الصلاة تقطع الصلاة .

قال العلامة ابن باز رحمه الله :

ما يحتاج سلام تقطعه وبس لقول النبي ﷺ: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة. رواه مسلم .

إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة هكذا قال ﷺ، فإذا أقيمت بطلت الصلاة التي أنت فيها، وعليك أن تدخل مع الإمام، 

إلا إن كنت في آخرها في السجود أو التحيات تكملها؛ لأنها انتهت، أما إذا كان بقي عليك ركعة اقطعها بالنية ويكفي .اه

وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم : « تحريمها التكبير وتحليلها التسليم ». فهذا الحديث في الصلاة الصحيحة التامة أما هنا فهو لم يصل إلى حد يتحلل منها ولم يصل إلى ختامها فله إذن أن ينصرف دون أن يسلم .

إذن

حديث : ( فلا صلاة إلا المكتوبة ) عام، يشمل من يدرك فضيلة الجماعة وغيره، وتخصيص النهي في الحديث بمن تفوته الجماعة تخصيص له بلا مخصص .

بل الأظهر أن النفي من أجل متابعة الإمام وعدم الاختلاف عليه، كما في حديث أبي هريرة مرفوعًا : إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا ... الحديث، وهو من الأحاديث المقطوع بصحتها .

فكان المصلي مأمورًا بأن يكون تكبيره عقب تكبير الإمام المستفاد من (الفاء) في قوله : ( إذا كبر فكبروا )، لا يتأخر عنه، ولا يشتغل عنه بالتطوع .

- أن النهي في النافلة إذا أقيمت الصلاة مطلق، يشمل ابتداء النفل ويشمل إتمامه، فمن خص النهي بابتداء النفل فقد خص العام في قوله : ( فلا صلاة ) وقيد النهي في قوله : ( آلصبح أربعًا )؟ بلا مخصص، ولا مقيد، والنصوص الشرعية لا يخصصها إلا نص من الشارع، أو إجماع .

ومنها : أن تقييد النهي بما إذا خشي أن تفوته الركعة الأولى، أو إذا خشي أن يفوته فضل الجماعة، أو تخصيص النهي بمن صلى قدرًا يسيرًا لم يبلغ ركعة كاملة، أو بمن بقي عليه من النافلة ركعة فأكثر، 

كل ذلك تقييد للنصوص الشرعية بكلام المجتهدين، وكلام المجتهد لا يخصص النص الشرعي، بل إن اختلافهم على هذا النحو دليل على أن هذا التقييد لم يُبْنَ على نص من عند الشارع .

ومنها : إذا ثبت النهي عن النافلة بعد إقامة الصلاة فإن الأصل في النهي التحريم، ولا يصرف إلى الكراهة إلا بقرينة، 

والقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بقطع النافلة لا يكفي لصرف النهي عن التحريم؛ لأن التحريم لا ينافي الصحة، 

فقد تكون الصلاة صحيحة مع التحريم؛ لأن النهي لا يعود لذات النافلة، وإنما لحضور الفريضة، وقد أنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم تنفله، وهذه قاعدة أخرى : في التفريق بين النهي إذا عاد إلى ذات الشيء وإذا عاد إلى أمر خارج .

وقد يقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بقطعها؛ لأن التكليف مع العلم، وقد دخل الصحابي في النافلة جاهلًا فتركه النبي صلى الله عليه وسلم يتم النافلة، والأول أقوى.

ومنها : أن الوقت إذا تعين للفريضة لا يجوز الاشتغال عنه بالنافلة؛ والوقت يتعين بأحد أمرين : 

إما أن يضيق الوقت المتسع حتى لا يبقى من الوقت إلا مقدار الفريضة، فهذا لا يجوز له الاشتغال بالنافلة عن الفريضة بالإجماع.

الأمر الثاني : أن تقام الفريضة، والرجل في المسجد، فإن الوقت تعين بتعيين المكلف، فلا يجوز إذا تعين الوقت للفرض أن يزاحم بالنفل . ينظر : (كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان).


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات