">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

متى يكون الأذان الأول لصلاة الجمعة مشروعًا؟


يُشرع الأذان الأول لصلاة الجمعة وهو ما فعله الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه، وهو من الأئمة الراشدين المهديين الذين أُمرنا باتباع سنتهم.

** ووافقه على ذلك سائر الصحابة رضى الله عنهم بالسكوت وعدم الإنكار فصار إجماعًا سكوتيًا، ثم أقره علي رضى الله عنه فى فترة خلافته، 

ثم إجماع كل الأمة على مر العصور إلى زماننا هذا من غير نكير، ولا يزال العمل قائماً بها إلى الآن في كل أنحاء العالم .

** ولكن ينبغي أن يكون الأذان الأول متقدماً بزمن يتمكن فيه البعيد من التهيؤ للصلاة وحضورها ، 

وأما كونه قريباً جداً من الأذان الثاني بحيث لا يكون بينهما إلا خمس دقائق وما شابه،

فإن هذا ليس بمشروع وليس له فائدة، ولم يكن هذا هو الذي قصده الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه حينما أمر به .

ودليل ذلك :

- عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال : ( كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر 

فلما كان في خلافة عثمان وكثروا أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث فأذن به على الزوراء فثبت الأمر على ذلك )رواه البخارى.

* قوله : ( فثبت الأمر على ذلك )، يدل على أن هذا من حين حدده عثمان أستمر، ولم يترك بعده ، 

وهذا يدل على أن علياً اقر عليه، ولم يبطله، فقد أجتمع على فعله خليفتان من الخلفاء الراشدين –رضي الله عنهم أجمع. ينظر : (“فتح الباري- لابن رجب” (8/231)).

** وهذا الأذان الذي سنه عثمان رضي الله عنه له أصوله الشرعية قياساً على الأذان الأول للفجر.

- قال الحافظ ابنُ حجر رحمه الله :

وتبيَّن بما مضَى أنَّ عُثمانَ أحْدَثه لإعلامِ الناس بدخولِ وقتِ الصَّلاة قياسًا على بقيَّة الصَّلوات، 

فألحق الجُمُعةَ بها وأبْقَى خصوصيتَها بالأذان بين يدي الخَطيب. ينظر: ((فتح الباري)) (2/394).

- قال الإمام ابن قُدامة رحمه الله :

النِّداء الأوَّل مستحَبٌّ في أوَّل الوقت سَنَّه عثمانُ رضي الله عنه وعمِلَتْ به الأمَّة بعده وهو للإعلامِ بالوقتِ، 

والثاني للإعلامِ بالخُطبة، والثالث للإعلامِ بقِيام الصَّلاة. انتهى من ((الشرح الكبير)) (2/188).

- وقال ابن تيمية رحمه الله :

أن عليا - رضي الله عنه - كان ممن يوافق على ذلك في حياة عثمان وبعد مقتله. 

ولهذا لما صار خليفة لم يأمر بإزالة هذا الأذان. ينظر: (منهاج السنة 6\(290)).

وقال أيضا رحمه الله :

... وجمع القرآن في مصحف واحد, وفرض الديوان, والأذان الأول يوم الجمعة, واستنابة من يصلي بالناس يوم العيد خارج المصر,

ونحو ذلك مما سنه الخلفاء الراشدون؛ لأنهم سنوه بأمر الله ورسوله، فهو سُنة. انتهى من (مجموع الفتاوى (22/ 235)).

وقال أيضا رحمه الله :

ويتوجه أن يقال هذا الأذان لما سنَّه عثمان رضي الله عنه واتفق المسلمون عليه، صار أذاناً شرعياً. ينظر: (مجموع الفتاوى ٢٤/١٩٣-(١٩٤)).

- وقال العلامة العينيُّ رحمه الله :

... ولكنَّه ثالثٌ باعتبار شرعيَّته باجتهادِ عُثمانَ وموافقةِ سائرِ الصَّحابة به بالسكوت وعدم الإنكار، فصار إجماعًا سكوتيًّا. ينظر: ((عمدة القاري)) (6/211).

قال العلامة ابن باز رحمه الله :

كان الأمر في عهد النبي ﷺ أذان واحد مع الإقامة كان إذا دخل النبي ﷺ للخطبة والصلاة أذن المؤذن ثم خطب النبي ﷺ الخطبتين، 

ثم يقام للصلاة، هذا هو الأمر المعلوم، وهو الذي جاءت به السنة ..

ثم إن الناس كثروا في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه في المدينة، فرأى أن يزاد الأذان الثالث، ويقال له : 

الأذان الأول، لأجل تنبيه الناس على أن اليوم يوم الجمعة، حتى يستعدوا ويبادروا إلى الصلاة قبل الأذان المعتاد المعروف بعد الزوال، 

وتابعه بهذا الصحابة في عهده، كان في عهده علي ، وعبد الرحمن بن عوف الزهري أحد العشرة، والزبير بن العوام أحد العشرة أيضًا، وطلحة بن عبيد الله .. وغيرهم من أعيان الصحابة وكبارهم، 

... فالمقصود أن هذا حدث في خلافة عثمان وبعده، واستمر عليه غالب المسلمين في الأمصار والأعصار إلى يومنا هذا، 

وذلك أخذًا بهذه السنة التي فعلها عثمان رضى الله عنه وأرضاه لاجتهاد وقع له، ونصيحة للمسلمين ولا حرج في ذلك؛ 

لأن الرسول قال : "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ"، وهو من الخلفاء الراشدين، والمصلحة ظاهرة في ذلك،

 فلهذا أخذ بها أهل السنة والجماعة، ولم يروا بهذا بأسًا، لكونها من سنة الخلفاء الراشدين عثمان وعلي ومن حضر من الصحابة ذلك الوقت جميعًا. ينظر: ((مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 12/ 347)).

- وسئل الشيخ العثيمين رحمه الله :

هل نؤذن للجمعة أذاناً واحداً أم أذانين؟

الاجابة :

الأفضل أن يكون للجمعة أذانان اقتداءً بأمير المؤمنين عثمان بن عفان  رضي الله عنه؛ 

لأنه أحد الخلفاء الراشدين الذين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم باتباع سنتهم؛ 

ولأن لهذا أصلاً من السنة النبوية حيث شرع في رمضان أذانين أحدهما من بلال، والثاني من ابن أم مكتوم رضي الله عنهما، 

وقال : " إن بلالاً يؤذن بليل ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم، فكلواواشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر "،

 ولأن الصحابة رضي الله عنهم لم ينكروا على أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه، فيما نعلم، وأنتم محتاجون للأذان الأول لتتأهبوا للحضور. 

فاستمروا على ما أنتم عليه من الأذانين، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وتكونوا فريسة للقيل والقال بين أمم تتربص بكم الدوائر والاختلاف. ينظر: (مجموع الفتاوى للعثيمين - المجلد السادس عشر - كتاب صلاة الجمعة).

قال الشيخ الفوزان حفظه الله :

الوقت الذي يفصل بين أذان الجمعة الأول والثاني : هو الوقت الكافي للناس في أن يتهيئوا لصلاة الجمعة ويذهبوا إليها ،

فالأذان الأول لتنبيه الناس على قرب وقت صلاة الجمعة..

حتى ينتبه الناس وينتهوا من بيعهم وشرائهم وأعمالهم الدنيوية ويتجهوا إلى صلاة الجمعة.. انتهى باختصار من "المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان" (1/101) .


والله اعلم


وللفائدة..

هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات