لا يشترط لخطبة الجمعة أن يكون الخطيب متوضئ، لذلك لا حرج علي خطيب الجمعة إذا انتقض وضوؤه أن يستمر في الخطبة،
لأن طهارة الإمام الذي يخطب الجمعة مِن الحدث مستحبة وليست واجبةً ولا شرطًا في صحة الخطبة.
** فالخطبة وإن كانت شرطًا للصلاة وأمرًا مرتبطًا بها إلا أنها ليست بصلاة يشترط لها ما يشترط للصلاة،
فهي تؤدى حال استدبار القبلة فاستقبال القبلة ليس مشروطًا فيهما ولا يفسدها الكلام بخلاف الصلاة .
** كما أن الطهارة من الحدث الأكبر ليست شرطاً لخطيب الجمعة، على الراجح من أقوال أهل العلم،
لأن الخطبة من باب الذكر والوعظ والجنب لا يمنع من ذكر الله تعالى-والاعتبار بالصلاة غير سديد،
ولكن يأثم الخطيب إذا خطب الجمعة جنبًا بدون عذر. انظر: بدائع الصنائع (1/263)، ونهاية المطلب في دراية المذهب (2/544).
** وإليك كلام أهل العلم :
- قال الإمام ابن عبد البَرِّ المالكي رحمه الله :
ولو أصاب الإمامَ حدثٌ في خطبة الجمعة قدَّم رجلًا فأتمَّ بهم الخطبة وصلى، وإن كان قد أتمَّها قدَّم من يصلي،
إلا أن يكون قريبًا فينتظر حتى يتوضأ ويصلي بهم، وإن كان بعيدًا لم ينتظر. ينظر: "الكافي" (1/ 222، ط. مكتبة الرياض الحديثة).
- وقال الإمام موفق الدين ابن قُدَامَة الحنبلي رحمه الله :
السُّنَّة أن يخطب متطهرًا.. وقد قال أحمد، فيمن خطب وهو جنب، ثم اغتسل وصلى بهم : يجزئه..
فأما الطهارة الصغرى فلا يشترط ؛ لأنه ذكر يتقدم الصلاة، فلم تكن الطهارة فيه شرطًا كالأذان،
لكن يستحب أن يكون متطهرًا من الحدث والنجس؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي عقيب الخطبة، لا يفصل بينهما بطهارة،
فيدل على أنه كان متطهرًا، والاقتداء به إن لم يكن واجبًا فهو سُنَّة، ولأننا استحببنا ذلك للأذان، فالخطبة أَوْلَى،
ولأنه لو لم يكن متطهِّرًا احتاج إلى الطهارة بين الصلاة والخطبة، فيفصل بينهما، وربما طَوَّل على الحاضرين. ينظر: "المغني" (2/ 227).
- قال العلامة ابن باز رحمه الله :
إذا كان في الجمعة ينزل ويتوضأ ويصلي يكمل الخطبة، الخطبة لا يشترط لها الطهارة،
يكمل الخطبة وإذا كملها يتوضأ ثم يصلي بالناس أو يستنيب من يصلي بالناس ويذهب يتوضأ،
فالخطبة لا يشترط لها الطهارة، يكملها ولا عليه طهارة، ثم بعد هذا يتوضأ ويعود فيصلي بالناس الجمعة،
وإن استناب من يصلي بهم لئلا يعطلهم وراح توضأ وصلى مع الناس فلا بأس. ينظر: (فتاوى الجامع الكبير).
- وسئل الشيخ العثيمين رحمه الله :
إذا أحدث الخطيب وهو يخطب علي المنبر يوم الجمعة وكان في الخطبة الأولى أو الثانية، هل يكمل الخطبة أو ينصرف ويأمر أحد المصلين بأن يصلي؟
الجواب :
لا. يكمل الخطبة ويستمر فإذا أتم الخطيتين نزل وذهب يتوضأ،
فإن كانت الميضأة قريبة إما في المسجد أو في بيت له قريب فإنه يقول للناس : انتظروا؛
كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم خرج ليصلي وذكر أن عليه غسلاً، فقال للناس : « انتظروا ». ثم ذهب واغتسل وجاء وصلى بهم .
فكذلك أيضاً هذا الرجل يقول للناس : انتظروا؛ سوف أتوضأ وأرجع، فينتظر الناس ولا تقام الصلاة حتي يحضر. ينظر: (فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [320]).
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق