القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل يجوز صوم يوم عرفة أو عاشوراء إذا وافق الجمعة


لا يجوز إفراد يوم الجمعة بالصيام كونه يوم عيد حتى ولو صادف يوم فضيلة كيوم عرفة ويوم عاشوراء إلا لمن صامه مقرونا بيوم قبله وهو الخميس ولا يصوم معه السبت لنهى النبي  عن صيام السبت إلا فى الفرض فمن لم يصم الخميس وصام الجمعة فُرض عليه أن يصوم السبت للخلاص من مخالفة الوقوع في النهي عن إفراد الجمعة بالصيام .

 فمن صام عرفة يوم الجمعة فقد أفرد يوم الجمعة بالصيام حتى ولو قال أنا ما قصدت الجمعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إفراده بالصيام .

وممن قال بكراهية صومه مطلقا : 

النخعي والشعبي والزهري ومجاهد، وقد روي ذلك عن علي رضي الله تعالى عنه وقد حكى أبو عمر عن أحمد وإسحاق كراهته مطلقا، ونقل ابن المنذر وابن حزم منع صومه عن علي وأبي هريرة وسلمان وأبي ذر، رضي الله تعالى عنهم، وشبهوه بيوم العيد. قال ابن حزم‏ :‏ لا نعلم لهم مخالفا من الصحابة‏.‏.

واعتبار الجمعة عيدا ثابت بالنصوص، منها قول النبي : " قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون ". ومنها : أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال : ( إن هذا يوم جعله الله عيدا ). وروى النسائي من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال : ( لا صيام يوم عيد)انظر: عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة (١٠٤)

والدليل :

1- عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمةٌ، فقال : ((أصُمْتِ أمسِ؟))، قالت : لا، قال : ((تريدين أن تصومي غدًا؟))، قالت : لا، قال : ((فأفطري)). (البخاري حديث 1986). وحديث جويرية هو أظهر حديث فى هذا الباب .

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ((لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يومًا قبله أو بعده)). (البخاري حديث 1985/ مسلم حديث 1144).

قال ابن قدامة رحمه الله : وحديث أبي هريرة نص في تحريم إفراد الجمعة .أهـ (المغني/3/ 165) .

3- روى مسلم عن محمد بن عباد قال : سألت جابراً رضي الله عنه : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة ؟ . قال نعم . زاد غير أبي عاصم أن ينفرد بصوم ". أخرجه البخاري ومسلموفي رواية أبي يعلى :  " نهى عن صيام يوم الجمعة مفرداً ".

4- عن أبي هريرة قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفرد يوم الجمعة بصوم . (صحيح الجامع رقم: (6837))

5- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا تختصوا ليلة الجمعة بقيامٍ من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيامٍ من بين الأيام، إلا أن يكون في صومٍ يصومه أحدُكم )). أخرجه مسلم لكن أعله أبو حاتم وأبو زرعة - كما في العلل لابن أبي حاتم - وأن الصواب رواية ابن سيرين مرسلاً ، وأعله الدارقطني كذلك في التتبع والعلل ورجح روايته عن ابن سيرين عن أبي الدرداء وسلمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " يا أبا الدرداء لا تختص ليلة الجمعة بقيام دون الليالي ولا يوم الجمعة بصيام دون الأيام " وقد اخرجه من هذا الوجه أحمد في مسنده والنسائي في سننه وغيرهما ورجح الدارقطني هذا الوجه لكن أعله بالانقطاع لأن ابن سيرين لم يسمع من سلمان وأبي الدرداء العلل (10 / 43 ) ، وقال ابن أبي حاتم : (سئل أبي عن ابن سيرين سمع من أبي الدرداء ؟ قال : قد أدركه ولا أظنه سمع منه ذاك بالشام وهذا بالبصرة) المراسيل ( ص 187 ) فالخلاصة أن أبا حاتم وأبا زرعة رجحا رواية الإرسال عن ابن سيرين ، والدارقطني رجح رواية ابن سيرين عن أبي الدرداء وسلمان لكنه حكم عليها بالانقطاع لعدم سماع ابن سيرين منهما ، وأما مسلم فذكر الحديث عن ابن سيرين عن أبي هريرة فربما أراد تكثير طرق الحديث به أو أراد بيان علته والله أعلم .

وقوله : ( إلا أن يكون في صومٍ يصومه أحدُكم ) يفسره باقى الأحاديث التالية ومنها :

6أتى رجل أبا هريرة فقال : أنت الذي تنهى الناس أن يصلوا ، عليهم نعالهم ؟ قال : لا ، ولكن ورب هذه الحرمة ، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يصلي إلى هذا المقام ، وعليه نعلاه ، وانصرف وهما عليه ونهى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن صيام يوم الجمعة ، إلا أن يكون في أيام . (الصحيح المسند للوادعي رقم:(1348)). وفى رواية ابن حبان : ما نهيت الناس أن يصوموا يوم الجمعة ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تصوموا يوم الجمعة فإنه يوم عيد إلا أن تصلوه بأيام ) . 

دل الحديث : على النهي عن صيام الجمعة مفردا عن باقي الأيام.

وتأمل أخى المسلم كيف رد أبو هريرة على الرجل فى صيام الجمعة وهو نفسه راوي حديث إلا أن يكون في صومٍ يصومه أحدُكم ).

جاء فى حاشية مسند الإمام أحمد - للسندي :

قال : لا، ولكن. . . إلخ "؛ أي : لا أنهى، ولكن أقول بجوازه.

" إلا أن يكون "؛ أي : يوم الجمعة.

" في أيام "؛ أي : مع أيام؛

 أي : إنه يصوم أياما يدخل فيها يوم الجمعة، ولا يفرده بالصوم . انتهى

7- عن بشير بن معبد بن الخصاصية : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أصوم يوم الجمعة ولا أكلم أحدا ذلك [ اليوم ] قال لا تصم يوم الجمعة إلا في أيام هو أحدها وأما لا تكلم أحدا فلعمري لأن تكلم فتأمر بمعروف وتنهى عن منكر خير من أن تسكت . (صحح إسناده الشيخ الالبانى فى السلسلة الصحيحة رقم: (2945)) و (صحح إسناده أيضا الشيخ الارناؤوط فى تخريج المسند رقم: (21954)) وهذا الحديث صريح الدلالة أنه لا يجوز صيامه وحده ولو صادف يوم فضيلة كعاشوراء وعرفة.

8- عن قيس بن سكن قال : مرّ ناسٌ من أصحاب عبد الله على أبي ذرّ يوم جمعة وهم صيام فقال : أقسمتُ عليكم لتُفطرنّ، فإِنه يوم عيد". (إسناده صحيح إرواء الغليل رقم: 4/117)

9- عن جنادة الأزدي رضي الله عنه قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من الأزد يوم الجمعة ، فدعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام بين يديه . فقلنا : إنا صيام ، فقال : أصمتم أمس ؟ قلنا : لا ، قال : فتصومون غدا ؟ قلنا : لا ، قال : فأفطروا ثم قال : " لا تصوموا يوم الجمعة مفرداً ". (صحح إسناده الشيخ الالبانى فى السلسلة الصحيحة رقم: (2/676)) و( صححه ابن حجر فى الاصابة-رقم: (1/245))

10- وروى ابن أبي شيبة بسند حسن عن علي رضي الله عنه : من كان متطوعًا من الشهر فليصم يوم الخميس ولا يصم يوم الجمعة فإنه يوم طعام وشراب وذكر . (حسن إسناده ابن حجر- فتح الباري رقم: (4/277))

11- أخرج ابن حبان بسند صحيح : عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : « لا تصوموا يوم الجمعة فإنه يوم عيد إلا أن تصلوه بأيام ». (تخريج صحيح ابن حبان لشعيب الأرناؤوط)

12- عن عامر الاشعري قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن يوم الجمعة عيدكم فلا تصوموه إلا أن تصوموا قبله أو بعده ». رواه البزار بسند حسن.

13 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : { ما أنا نَهَيتُ عن صيام يوم الجمعة ، محمدٌ صلى الله عليه وسلم وربِّ الكعبةِ نهى عنه } . رواه ابن حِبَّان ( 3609 ) وأحمد وابن خُزيمة وعبد الرزاق ، وسنده صحيح .

فتأمل أخى المسلم الروايات الكثيرة الصحيحة واضحة الدلالة التى لا تدع مجال للشك عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام فى النهى عن إفراد الجمعة بالصيام كونه يوم عيد وقيده بقيد ولا يجوز تعدى هذا القيد وهو إضافة يوم معه

لذا الصحيح إن شاء الله هو لا يجوز إفراد الجمعة بالصيام حتى ولو وافق عادة للأحاديث السابقة ويدل على ذلك أيضا حديث جويرية فليس فيه أنها خصصته بالصيام أو قصدت صومه ومع ذلك أمرها النبي صلى الله عليه وسلم بأن تفطر فلا بد من صوم يوم قبله أو يوم بعده .

كما دلت الأحاديث : على من أراد صيام يوم الجمعة أن يصوم قبله يوم وهو الخميس فإن لم يصم قبله يوم ففرض عليه أن يصوم بعده يوم لحديث أبي هريرة رضي الله عنه.

 ومن صام يوم الجمعة ولم يصم قبله يوم وهو جاهل بالحكم ففرض عليه أن يصوم بعده يوم وهو السبت حتى يخرج من إثم الإفراد لأن يوم الخميس انتهى لا مجال لإستدراكه وإلا فعليه أن يفطر ولا يجوز له الصيام لحديث جويرية رضي الله عنها وهذه دقيقة فقهية يجب التأني في فهمها .

قال ابن حجر رحمه الله :

واختلف في سبب النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام على أقوال وأقوى الأقوال وأولاها بالصواب لكونه يوم عيد . اه (فتح الباري لابن حجر (٣٢٠/٥)).

قال العلامة عبيد الله الرحماني المباركفوري رحمه الله :

 " قلت وأرجح الأقوال عندي : قول من ذهب إلى تحريم إفراد يوم الجمعة بالصيام؛ لما قد صح النهي عنه، والأصل في النهي التحريم والله تعالى أعلم ". انظر: (مرعاة المفاتيح ٧/ ٧٥.).

 وجاء فى فتح العلام لشرح بلوغ المرام للعلامة القنوجي :

 قال ابن المنذر : ثبت النهي عن صوم يوم الجمعة كما ثبت عن صوم يوم العيد

وقال أبو جعفر الطبري : يفرق بين العيد والجمعة بأن الإجماع منعقد على تحريم 
صوم يوم العيد ، ولو صام قبله أو بعده.

وذهب الجمهور إلى أن النهى عن افراد الجمعة بالصوم للتنزيه مستدلين بحديث ابن مسعود الآتي : { أن النبي صلى الله عليه وسلم قل ما كان يفطر يوم الجمعة } فكان فعله صلى الله عليه وسلم قرينه على أن النهى ليس للتحريم .

وأجيب عنه : بأنه يحتمل أنه كان يصوم يوما قبله أو بعده ومع الإحتمال لا يتم الإستدلال .

 واختلف فى وجه حكمة تحريم صومه على أقوال : أظهرها أنه يوم عيد كما روى من حديث أبي هريرة مرفوعا : يوم الجمعة يوم عيدكم. وأخرج ابن أبي شيبة باسناد حسن عن علي قال : من كان متطوعًا من الشهر فليصم يوم الخميس ولا يصم يوم الجمعة فإنه يوم طعام وشراب وذكر

وهذا أيضا من أدلة تحريم صومه ولا يلزم أن يكون كالعيد من كل وجه فانه يزول حرمة صومه بصيام يوم قبله أو يوم بعده كما يفيده الحديث وهو قوله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يومًا قبله أو بعده )). متفق عليه. 

فإنه دال على زوال تحريم صومه لحكمة لا نعلمها فلو أفرده بالصوم وجب فطره كما يفيده ما أخرجه البخارى واحمد وابو داود من حديث جويرية : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمةٌ، فقال : ((أصُمْتِ أمسِ؟))، قالت : لا، قال : ((تريدين أن تصومي غدًا؟))، قالت : لا، قال : ((فأفطري)). والأصل فى الأمر الوجوب. انتهى

وإليك الرد على من قال : أنا ماخصصت الجمعة بالصيام فأنا أصوم بنية عرفة ولا أصوم الجمعة .

فبالإضافة الى الأحاديث السابقة التى وضحت معنى قوله ( إلا أن يكون في صومٍ يصومه أحدُكم ) ومنها الحديث رقم : 2و3و6و7و8و9 و10 و11و12

قال الإمام الألبانى رحمه الله :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم)). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم أو بعده يوم)).

 واعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث : (( إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم )) ينبغي أن يفسر باللفظ الآتي في الحديث الذي بعده .. (( إلا وقبله يوم، أو بعده يوم )) ، وهو متفق عليه، وبالروايات الأخرى المذكورة تحته، فإنها تدل على أن يوم الجمعة لا يصام وحده، ويؤكد ذلك الشاهد المذكور هناك بلفظ: (( لا تصوموا يوم الجمعة مفردًا )) ، ومعناه في (( صحيح البخاري )) من حديث جابر (( ١٩٨٤ )). 

فقول الحافظ في (( الفتح )) (( ٤/ ٢٣٤ )) :

 (( ويؤخذ من الاستثناء جواز صيامه لمن اتفق وقوعه في أيام له عادة يصومها؛ كمن يصوم أيام البيض، أو من له عادة بصوم يوم معين كيوم عرفة فوافق يوم الجمعة )) !

فأقول لا يخفى على الفقيه البصير أن الاستثناء المذكور فيه مخالفتان :

الأولى : الإعراض عن الروايات المفسرة والمقيدة بجواز صيامه مقرونًا بيوم قبله أو بعده .

 والأخرى : النهي المطلق عن إفراد صوم يوم الجمعة

 ومن المعلوم أن المطلق يجري على إطلاقه ما لم يأت ما يقيده، فإذا قيد بقيد لم يجز تعدّيه، ولا يصلح تقييد النهي هنا بما جاء من الفضل في صوم يوم معين -كعرفة أو عاشوراء أو أيام البيض- لمخالفته لقاعدة : الحاظر مقدم على المبيح، مثل صيام يوم الإثنين أو الخميس إذا اتفق مع يوم عيد الفطر أو أحد أيام الأضحى، فإنه لا يصام، لا لنهي خاص بهذه الصورة وإنما تطبيقًا للقاعدة المذكورة، وما نحن بصدده هو من هذا القبيل .

كتبت هذا -بيانًا وأداءً للأمانة العلمية- بمناسبة أن الحكومة السعودية أعلنت أن يوم عرفة سيكون يوم الجمعة في موسم سنة (( ١٤١١ هـ )) ، فاضطرب الناس في صيامه، وتواردت عليّ الأسئلة من كل البلاد، وبخاصة من بعض طلاب العلم في الجزائر، فكنت أجيبهم بخلاصة ما تقدم، 

فراجعني في ذلك بعضهم بكلام الحافظ، ففصلت له القول تفصيلًا على هذا النحو، وذكرته ببعض الروايات التي ذكرها الحافظ نفسه، وأحدها بلفظ : (( .. يوم الجمعة وحده، إلا في أيام معه )) . وفي شاهد له بلفظ : (( إلا في أيام هو أحدها )) . فالجواز الذي ذكره الحافظ يخالف القاعدة والقيد المذكورين.... انتهى باختصار شديد من (السلسلة الصحيحة (٢/ ٧٣٢ - ٧٣٩)).

وسئل أيضا رحمه الله :

 نحن الآن المسألة في قبل أيام يوم الجمعة وهو يوم وقفة عرفة؛ فهل يجوز إفراد الصيام؟

الشيخ :

 ما يجوز؛ لأنه نهى عن إفراد يوم الجمعة بالصيام .

السائل :

 حديث : «إلا أن يكون صيام يصومه أحدكم»، أو كما قال.

الشيخ :

 أي : إلا يوماً قبله .

السائل :

 لا الحديث الآخر كما تعلم -بارك الله فيك-: «إلا أن يكون صيام يصومه أحدكم». فممكن يكون يوم الجمعة صيام بِدّه يصوم يوم عرفة، يكون صيام يصومه أحدنا.

الشيخ :

 هذا الحديث مفسر بالحديث الآخر : « يوماً قبله أو يوماً بعده ».

السائل :

 هذا ليس بتخصيص عام.

الشيخ :

 لا أبداً، ليس تخصيصاً، هذا تفسير، ليس تخصيصاً، بدليل أنه نهى عن إفراد يوم الجمعة بصيام، فهنا أفرد وإلا ما أفرد؟

السائل : أفرد.

الشيخ :

 أفرد، هذا من جهة، ومن جهة أخرى ما ذكرته لك آنفاً، إلا أن يكون في صوم يوم أحدكم، فهذا مفسر : » إلا إذا صام الخميس أو السبت» هذا معنى صوم يوم أحدكم. أي نعم.

مداخلة :

 المراد هو مجرد الموافقة، لا قصد التخصيص كما يقول بعض الناس.

الشيخ : أي نعم.

مداخلة :

 بيقول لك أنا ما خصصت، هذا ليس بمراده، وإنما المراد هو عين الموافقة . انتهى من (الهدى والنور / ٤٩٥/ ٢١: ٠٦: ٠٠) (الهدى والنور / ٤٩٥/ ٢٤: ١٧: ٠٠)

وسئل أيضا رحمه الله :

عن حكم إفراد الجمعة بالصوم إذا وافق يوم عرفة؟

فأجاب :

 لا بد من ضم الخميس إلى الجمعة.

السائل :

 طيب كيف يفهم حديث " مسلم " ( إلا أن يوافق صوم أحدكم ) ومثلا أنا مما اعتدته صيام يوم عرفة.

الشيخ : 

وما أتت روايات أخرى ( إلا يوما قبله أو بعده ).

السائل : كيف يفهم الاستثناء؟

الشيخ :

 الحديث يفسر أو يفسر بعضه بعضا، الحديث في " صحيح مسلم " الذي ذكرته أنت من حديث أبي هريرة ثم جاء بألفاظ أخرى صحيحة ذكرها الحافظ ابن حجر نفسه وهي ( إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده )

هذا تفسير للرواية التي أنت تذكرها ولا يجوز أن يفسر أو أن نأخذ من الرواية الأولى معنى أوسع مما وضح هذا المعنى في الروايات الأخرى عن أبي هريرة من جهة وعن غير أبي هريرة من جهة أخرى يضاف إلى هذا أنه جاء في رواية في " صحيح البخاري " ( نهى عن إفراد يوم الجمعة بالصوم ) تعرف هذه الرواية؟

السائل :

 قرأتها عند ابن حجر لكن القضية أن الموافقة إذا كانت يوما قبله.

الشيخ :

 لا تعيد الكلام أنت قرأتها هذه الرواية؟

السائل : قرأتها.

الشيخ :

 فاليوم سيأتيك يوم جمعة يوم عرفة أفردت يوم الجمعة بالصيام أم لا؟

السائل : إن أفردته فأخذا ... .

الشيخ :

 لا تجادل لا تقول إن أفردته لأنه سيكون إما إفراد أو لا إفراد فأنا أقول لك سيأتيك يوم الجمعة فصمته وحده صدق عليك أنك أفردته بالصيام أم لا؟

السائل : صدق.

الشيخ :

 فإذا كيف نصوم هذا اليوم وحده أنت متأثر بالحديث الأول.

السائل : كيف أفهم الاستثناء؟

الشيخ :

 يا أخي أجبتك بارك الله فيك تفهمه بالرواية الأخرى المفسرة للأولى ( إلا يوما قبله أو يوما بعده ) تفهمه بالرواية الثالثة التي ذكرتها أنه نهى عن إفراد يوم الجمعة بالصيام لو لم تكن هذه الرواية فرواية ( إلا يوما قبله أو يوما بعده ) وفي لفظ آخر ( إلا في صيام يصومه ) هل هناك صيام يصومه؟ ليس هناك صيام يصومه . انتهى من (سلسلة الهدى والنور-(1029))

وقال أيضا رحمه الله :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: « لا تصم يوم الجمعة إلا في أيام هو أحدها، وأما أن لا تكلم أحدا، فلعمري لأن تكلم بمعروف، وتنهى عن منكر خير من أن تسكت ».

والشطر الأول من الحديث عزاه الحافظ في «الفتح» «٤/ ٢٣٤» لأحمد، وسكت عنه مشيرا إلى تقويته إياه. وله شواهد تقدم بعضها برقم «٩٨٠ و ٩٨١ و ١٠١٤». وهو صريح الدلالة أنه لا يجوز صيامه وحده ولو صادف يوم فضيلة كعاشوراء وعرفة خلافا للحافظ . انتهى من (السلسلة الصحيحة (٦/ ٢/ ١٠٧٤)).

وسئل أيضا رحمه الله :

ما حكم صيام يوم الجمعة ويوم السبت؟

فأجاب :

 الحديث صحيح : ( لا تصوموا يوم الجمعة إلا يومًا قبله ويومًا بعده ) وهذا صريح لأن اليوم اللي بعد الجمعة هو صيام يوم السبت ، فظاهر الحديث يتعارض بادئ الرأي مع قوله عليه السلام : ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليمضغه ).

فلما استثنى الرسول عليه السلام بعدما نهى عن صيام يوم السبت ما افترض ، ولما كان صيام يوم الجمعة ليس فرضًا ، فبالتالي يصبح فيه هناك تعارض بين الإذن بالنسبة لمن صام يوم الجمعة أن يصوم يوم السبت ، وبين النهي عن صيام يوم السبت إلا في الفرض ،

 فهنا لابد من تطبيق قاعدة فقهية للخلاص من هذا التعارض الظاهر بين الحديثين ، ويمكن التعبير عن كل منهما بأن أحدهما مبيح لصيام يوم السبت والآخر حاظر محرم ، والقاعدة الأصولية تقول : " إذا تعارض حاضر ومبيح ، قُدم الحاظر على المبيح " ، وهنا لاشك أن صيام يوم السبت منهي عنه ، وهناك مأذون به ، مسموح به ، هذا الذي كنا ولا نزال نفتي به .

 لكن أحيانًا يدور في بالي رأي جديد ، وهذا مصداق قوله تعالى : (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) من كان في ذهنه هذا النهي الشامل لكل صيام يتعلق بيوم السبت إلا في الفرض الذي لابد منه ، فنقول له لا تصم الجمعة لتصوم بعده السبت ، أما من صام يوم الجمعة لسبب أنه ما عنده علم بهذا النهي ، فحينئذٍ نقول له صم مع يوم الجمعة يوم السبت ، هذا رأي جديد طبعًا .

يبقى عموم حديث : ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض ) لا يتعارض مع الأمر بصيام يوم السبت مع الجمعة لمن صام يوم الجمعة ، أما الذي لم يصم يوم الجمعة فلا يجوز له أن يتقصد صيام يوم السبت ، 

هنا مثلاً الناس كان صار بعض المناقشات يمكن بمناسبة عاشوراء وغيرها ، مثل ما صار هلا بالنسبة لعرفة ، صار سبتا ، عرفة الجمعة ، صار سبت فيما مضى في بعض ، يمكن في عاشوراء سبت أو ما شابه هذا الشيء ، فهذا الحكم نفسه أن صيام عاشوراء هذا في يوم السبت ، هل هو فرض ؟الجواب : لا ، لكن من صام يوم الجمعة فصيامه وحده منهي عنه ، فإذا صام يوم الجمعة للخلاص من مخالفة من الوقوع في النهي يصوم يوم السبت . انتهى من (سلسلة الهدى والنور-(495))


والله اعلم


وللفائدة..



هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات