لا يجوز صيام يوم السبت إلا فى رمضان والقضاء والنذر والكفارت فقط فلا يُصام فى أى نفلٍ آخر مفرداً على وجه التخصيص ولا على وجه التخصيص،
ولا يُصام مقترناً بيوم قبله أو بيوم بعده ولا يُصام حتى لو وافق عرفة أو عاشوراء.
لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام السبت ثم خصص من النهي صيامه " فيما افترض الله " فقط، فلا يجوز أن نضيف إليه قيداً آخر غير (قيد الفريضة).
فالحديث صريح في النهي القطعيِّ عن صومه، ولم يُشِر إِلى كونه منفرداً أو مخصوصاً، فالحمل للحديث على ظاهره هو الأصل.
وهو قول طائفة من السلف منهم الصحابى عبد الله بن بسر راوى حديث السبت ومجاهداً وطاوس بن كيسان وإبراهيم وخالد بن معدان واختاره الألباني. ينظر: "نخب الأفكار433 / 8 "
** فلا يحزنك أنّك لم تصم عرفة أو عاشوراء إِذا وافق السبت؛ لأنك تستحق الأجر إن شاء الله بنص هذا الحديث: " إِنّك لن تدَع شيئاً لله عز وجلّ إلاَّ بدّلك الله به ما هو خيرٌ لك منه ". (السلسلة الصحيحة-رقم : 2/734)،
فأنت تركت صيامه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ، فأنت خير من الذين صاموا وقدموا رأى فلان على رأى النبي صلى الله عليه وسلم.
- جاء في كتاب "الاعتبار" للعلاّمة الحازمي -رحمه الله- (ص 39) إِشارة إِلى أنه في غير السبت : " ... ولأنّ الإِثم حاصل في فِعل المحظور، ولا إِثم في ترْك المباح، فكان الترك أولى ".انتهى.
وإليك الأدلة على ذلك :
1- عن الصمّاء -رضي الله عنها : أنَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال : " لا تصوموا يوم السبت؛ إِلا فيما افترض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إِلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه ". ("صحيح سنن ابن ماجه" (1403)).
- قال النووي في "المجموع(6/ 439)": " وقال مالك : هذا الحديث كذب، وهذا القول لا يقبل؛ فقد صححه الأئمة ". انتهى.
فقد صحح هذا الحديث الترمذي وابن ماجه والذهبي والحاكم والنووي وأبو داوود وابن خزيمة وابن حبان وابن السكن والضياء المقدسي وابن قدامة وابن الملقن والألباني رحمهم الله جميعا.
2- وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تصم يوم السبت إلا في الفريضة ولم تجد إلا لحاء شجرة فأفطر عليه ). (السلسلة الصحيحة رقم(3101).
3- وعن عبد الله بن بسر المازني قال : ترَوْنَ يدي هذه ؟ بايَعْتُ بها رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وسمِعْتُه يقولُ:
( لا تصوموا يومَ السَّبتِ إلَّا فيما افتُرِض عليكم ولو لم يجِدْ أحدُكم إلَّا لِحاءَ شجرةٍ فليُفطِرْ عليه ). (تخريج صحيح ابن حبان لشعيب الأرناؤوط -رقم: (3615)).
4- فتوى راوي الحديث الصحابي عبد الله بن بُسر رضي الله عنه بعدم جواز صيام السبت، فقد أخرج النسائي في "الكبرى"(باب النهي عن صيام يوم السبت)،
من طريق معاوية بن يحيى أبو مطيع قال: حدثنا أرطاة قال : " سمعت أبا عمر قال سمعت ثوبان مولى النبي – صلى الله عليه وسلم – عن صيام يوم السبت ؟ فقال سلوا عبدالله بن بسر. فسئل ؟ فقال : ( صيامُ يومِ السَّبتِ لا لكَ ولا عليك)". (السلسلة الصحيحة الجزء أو الصفحة:1/446 حكم المحدث:إسناده جيد).
فهذا الحديث وإن كان موقوفاً فهو في حكم المرفوع، لأن الأصل في كلّ صومٍ أنه مشروع ما لم يُنهَ عنه،
فلا يُعقل لصحابي جليل كعبد الله بن بُسر أن يَنفي شرعية صيامِ يوم السبت إلا بتوقيف من النبي – صلى الله عليه وسلم.
فقوله : " لا لك ". أي : لا يشرع لك أن تتعبد بما ليس بعبادة فلا أجر لك في صيامه، فكأنك لم تصم أصلا، فهو كحديث : "من صام الدهر لا صام و لا أفطر".
إذن دلت الأحاديث السابقة:
على أنَّ النهي عن صيام يوم السبت يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض.
فالحديث يدل بمنطوقه على عدم مشروعية صيام السبت في غير الفريضة وأنه لايجوز صيام يوم السبت في النوافل كلِّها،
سواء ضُمَّ إليه يوم آخر أو وافق صوماً معتاداً كعرفة أو عاشوراء أو ست من شوال أو الأيَّام البيض أو شهر شعبان إلى غير ذلك من صيام النَّافلة،
إذ النهي يقتضي التحريم ما لم يصرف إلى الكراهة أو الإباحة ولا صارف.
فحديث النهي عن صوم يوم السبت يدل على تحريم صيامه بثلاثة مؤكدات أكثر من صيام يوم العيدين :
الأولى: قوله ﷺ (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ) والأصل في النهي التحريم ما لم يصرف إلى الكراهة أو الإباحة ولا صارف.
الثانية: قوله ﷺ (إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) وإلا تفيد الحصر فلا يدخل غير المحصور وهو قوله افترض عليكم،
وهو رمضان والكفارات والنذور والقضاء وكل ما فرض صيامه فلو صادف السبت أحد هذه المفروضات فلا مانع من صيامه.
الثالثة: شدة النهي على صيام هذا اليوم حيث قال ﷺ : (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ).
فأوجب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاكل في هذا اليوم والأمر بإفطاره يفيد الوجوب ولو بلِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ،
ومن المعلوم أن لِحَاءَ العِنَبَةٍ أَوْ عُودَ الشَجَرَةٍ لا يغني من الجوع وإنما ليبين أنه قد افطر هذا اليوم،
- قال العراقي كما في ((فيض القدير)) (408/6)" : هذا من المبالغة في النهي عن صومه , لأنَّ قشر شجر العنب جاف لا رطوبة فيه ألبتة بخلاف غيره من الأشجار. انتهى.
- قال الشيخ محمود مهدي إِستنبولي -رحمه الله- في كتابه "صوم رمضان" (ص 49) :
قلت : والحديث صريح في النهي القطعيِّ عن صومه، ولم يُشِر إِلى كونه منفرداً أو مخصوصاً، فالحمل للحديث على ظاهره هو الأصل. والله أعلم".
- قال الشيخ الألباني رحمه الله :
وتأويل الحديث بالنهي عن صوم السبت مفرداً يأباه قوله : " إلا فيما افترض عليكم " فإنه كما قال ابن القيم في (تهذيب السنن):
دليل على المنع من صومه في غير الفرض مفرداً أو مضافا لأن الاستثناء دليل التناول وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض،
ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد لقال لا تصوموا يوم السبت إلا ان تصوموا يوما قبله أو يوما بعده كما قال في الجمعة،
فلما خص الصورة المأذون فيها بالفريضة علم تناول النهي لما قابلها .أهـ .
قلت (الألباني) : وأيضا لو كانت صورة الإقتران غير منهي عنها لكان إستثناؤها في الحديث أولى من إستثناء الفرض،
لأن شبهة شمول الحديث له أبعد من شموله لصورة الإقتران فإذا إستثنى الفرض وحده دل على عدم استثناء غيره كما لايخفى. انتهى من كتاب (تمام المنة ص (406)).
وإليك توضيح الحديث دراية فى حوار بين القائلين بجواز صيام السبت وبين المانعين
اعلم أخي المسلم أن هذا الحديث صحيح ودلالته على الحرمة ظاهرة ولكن اعترض عليه بإعتراضات تم الرد عليها بفضل الله، ستجدها هنا فاضغط على هذا (الرابط).
وسنذكر البعض منها هنا باختصار :
1- القائلون بالجواز قالوا إن هذا الحديث منسوخ
نسخه حديث أم سلمة وحديث جويرية رضى الله عنهما.
القائلون بالنهي ردوا على ذلك فقالوا:
أن حديث الصماء هو ناسخ لأحاديث الجواز، وذلك لسببين اثنين :
الأول: أن راوي حديث المنع وهو عبدالله بن بسر من آخر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم موتًا من أهل الشام.
قال البخاري في (( التاريخ الكبير ))(14/5) : قال علي - يعني ابن المديني -: سمعت سفيان ، يقول : قلت للأحوص : كان أبو أمامة آخر من
مات عندكم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ؟ قال : كان بعده عبد الله بن بسر قد رأيته ". انتهى.
والثاني:وهو أن حديث المنع ناقل عن حكم الأصل وهو الإباحة فيصار إليه.
- يقول شيخ الاسلام : إذا تعارض نصان ناقل وباق على الاستصحاب فالناقل هوالراجح. انتهى من (مجموع الفتاوى (25 /224)).
- وقال صاحب كتاب ((التقرير والتحبير)): " في التخصيص أو يكون من قبل الزمان حكما كالمحرم ؛ أي كتقديمه على المبيح إذا عارضه اعتبارا له ـ أي للمحرم ـ متأخرا عن المبيح ؛
كي لا يتكرر النسخ على تقدير كون المحرم مقدما على المبيح بناء على أصالة الإباحة .
فإن المحرم حينئذ يكون ناسخا للإباحة الأصلية ثم المبيح يكون ناسخا للمحرم بخلاف تقدير كون المحرم متأخرا مع القول بأصالة الإباحة،
فإنه لا يتكرر النسخ ؛ لأن المبيح وارد لإبقائها حينئذ والمحرم ناسخ له ، والأصل عدم التكرار .
وتقدم ما في أصالة الإباحة في المسألة الثانية من مسألتي التنزل في فصل الحاكم من البحث والتحرير فليطلب ثمة ـ ولأنه ؛ أي تقديم المحرم على المبيح الاحتياط ؛
لأن فيه زيادة حكم هو نيل الثواب بالانتهاء عنه ، واستحقاق العقاب بالإقدام عليه ؛ وهو ينعدم في المبيح والأخذ بالاحتياط أصل في الشرع ".انتهى.
- فلفظ حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها : أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ ، فَقَالَ :
(( أَصُمْتِ أَمْسِ )) ؟ قَالَتْ : لَا ، قَالَ : تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا ؟ قَالَتْ : لَا ، قَالَ : (( فَأَفْطِرِي )). رواه البخاري. ومثله حديث أبي هريرة مرفوعا:(( لايصوم احدكم يوم الجمعة الا يوما قبله او بعده )). أخرجه البخاري.
وهذان الحديثان فيهما النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم , فمن أفرده بالصوم يصير صيام يوم السبت فرضاً بحق مَن صام الجمعة ولم يسبقها بصيام الخميس,
والأمر بالإفطار دليل على فرض صيام يوم مع يوم الجمعة إما يوم الخميس قبله وإما يوم السبت بعده, فيكون صيام يوم السبت داخلا في صيام الفرض اذا لم يصم يوم الخميس,
ولهذا قال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم (( أصمت أمس )) وهو يوم الخميس فأجابت بالنفي , فقال لها تصومين غدا,
وهو يوم السبت لانه فرض عليها ان تصوم قبل الجمعة أو بعدها ولا يجوز افراد يوم الجمة بصيام، ولهذا قال لها " فأفطري " وهذا أمر يقتضي الوجوب,
ولا يجوز جمع هذه الأيام كلها بالصيام, فيصوم مع يوم الجمعة يوما قبله ويوما بعده فاذا صام قبل يوم الجمعة يوم الخميس فلا يجوز له أن يصوم يوم السبت لانه حينئذ لا يكون فرضا عليه،
فاذا صام قبل يوم الجمعة يوم الخميس وصام بعده يوم السبت فقد وقع في النهي من جهتين : من جهة مخالفته لحديث آل بسر وحديث أبي هريرة وحديث جويرية من جهة اخرى .
وإليك رداً آخر على قولهم:
أما الأمر الأول: وهو حديث أم سلمه رضي الله عنها : (أن رسول الله ﷺ اكثر ما كان يصوم من الأيام السبت والأحد). فيمكن الاجابة عليه من وجهين:
الوجه الأول : هذا الحديث ضعيف وذلك لجهالة حال راويين عبدالله بن محمد بن عمر وأبيه، ولم يتابعا.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد : ( وفي صحة هذا الحديث نظر فإنه من رواية محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب : وقد استنكر بعض حديثه ).انتهى. ولهذا استقرَّ الشيخ الألباني على الحكم بضعف الحديث .
الوجه الثاني : على فرض صحة الحديث فلا معارضة لأن حديثها رضى الله عنها فعل وحديث النهي قول والقول مقدم على الفعل كما هو مقرر في علم الأصول،
- قال العلاّمة الحازمي - رحمه الله- (ص 35): في وجوه الترجيح :
" ... أن يكون أحد الحديثين قولاً والآخر فِعلاً، فالقول أبلغ في البيان؛ ولأنّ النّاس لم يختلفوا في كون قوله حُجّة ، واختلفوا في اتباع فِعله ،
ولأنّ الفِعل لا يدلّ لنفسه على شيء؛ بخلاف القول فيكون أقوى". انتهى.
- كما قد يقال أن صيام السبت والاحد يحتمل الخصوصية بالرسول صلى الله عليه وسلم ، كما ان حديث أم سلمه رضي الله عنها إباحة وحديث النهى حظر والحظر مقدم على الإباحة كما هو مقرر في علم الأصول،
نقول هذا على فرض صحة هذا الحديث والأمر ليس كذلك فالحديث ضعيف ولا يصح ان يكون ناسخا لحديث ابن بسر الصحيح.
• وأما الأمر الثاني: حديث جويرية بنت الحارث : أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال : (صمت أمس؟ فقالت : لا، فقال : "تريدين أن تصومي غداً؟" قالت: لا، قال: فافطري). البخاري. فالجواب من وجوه :
1- دعوى النسخ لا يصار إليها إلا بعد تعذر الجمع ومعرفة السابق واللاحق وهو غير متيسر هنا .
2- لا تعارض بين الحديثين فقد قال الشيخ الألباني رحمه الله : ( من صام يوم الجمعة دون الخميس فعليه أن يصوم السبت وهذا فرض لينجو من إثم مخالفة الإفراد ليوم الجمعة،
فهو في هذه الحالة داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث السبت : إلا فيما افترض عليكم،
ولكن هذا إنما لمن صام الجمعة وهو غافل عن النهي عن إفراده أما من كان على علم بالنهي فليس له أن يصومه لأنه في هذه الحالة يصوم ما لا يجب أو يفرض عليه فلا يدخل –
والحالة هذه تحت العموم المذكور ومنه يعرف الجواب عما إذا اتفق يوم الجمعة مع يوم فضيلة فلا يجوز إفراده كما لو وافق ذلك يوم السبت لأنه ليس ذلك فرضاً عليه ).انتهى.
فإن لم ترضوا بهذا الجمع فاعلموا أنَّ الأدلة متعارضة،
قال الشخ العثيمين رحمه الله : ..... فعدم إمكان الجمع ظاهر حيث إنه لا يمكن الجمع بينه وبين حديث أبي هريرة وحديث جويرية، لأن ظاهره التحريم مطلقاً وظاهرهما الجواز إذا ضم إليه يوم الجمعة ..انتهى من (شرح بلوغ المرام ).،
وحينئذ لا بدَّ من التسليم لقواعد الترجيح، ومنها :
** : كقاعدة " المنطوق مقدَّم على المفهوم " فحديث جويرية مسوق أصلا في حكم صوم يوم الجمعة أي في متى يشرع صومه؟
فكان قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : (إلا يوماً قبله أو بعده) فجواز صوم يوم السبت فى هذا الحديث يؤخذ تبعاً من قوله (أو بعده)،
أما لو نظرنا إلى حديث النهي عن صيام يوم السبت علمنا أنَّ الحديث مسوق أصلا في حكم صوم السبت متى يشرع صومه؟
فكان قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : (إلا فيما افترض عليكم)، والمسوق أصلا مقدَّم على المسوق تبعاً فحديث جويرية يدل بدلالة المفهوم،
أما حديث النهي فيدل بدلالة المنطوق والمنطوق مقدم على المفهوم كما لا يخفى في علم الاصول .
** أيضا حديث النهي عن صيام يوم السبت حاظر وحديث جويرية غاية ما يفهم منه الإباحة و قد تقرر في الأصول أن الحاظر مقدم على المبيح.
** وأيضا حديث النهي غير محتمل ، وحديث جويرية محتمل، والنص إذا تطرق إليه الاحتمال سقط الاستدلال .
وكذلك حديث أبي هريرة رضى الله عنه الكلام فيه مثل الكلام في حديث جويرية، فإما أن يجمع بينها بما تقدم وإما أن يرجح بالقواعد السالفة الذكر،
وبهذا يتبين ضعف دعوى النسخ ويتبين أن الحديث خالٍ من هذه العلة.
2- القائلون بالجواز قالوا أن هذا الحديث شاذ
لأن الحديث مخالف ومعارض لعموم الاحاديث الدالة على استحباب صيام بعض الايام والتي قد يقع السبت فيها!!، ومنها :
• حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر: السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر : الثلاثاء والأربعاء والخميس). أخرجه الترمذي وحسنه.
القائلون بالنهي ردوا على ذلك فقالوا:
القول بشذوذه أبعد إذ لا مخالفة فيه أما كونه معارضا بغيره فلا نعرف من يسمى هذا شذوذا، ولوعملنا بذلك لحكمنا على كثير من الأحاديث المختلفة بشذوذ بعضها ولا قائل به والله أعلم.
- قال الشيخ العوايشة حفظه الله فى "الموسوعة الفقهية" : أمّا دعوى الشذوذ فهي إِمّا إِسنادية أو متنية،
فمن حيث الإِسناد، فالحديث صحيح دونما ريب.
أمّا من حيث المتن، فلم ترِد هذه الدعوى على أصحابها إِلا بعد تعذُّر الجمع والتوفيق عندهم ولا يُلْجَأُ إِلى ادّعاء الشذوذ بمجرد هذا التعذُّر.
وليس التعريف العلمي الاصطلاحي للشذوذ منطبقاً على هذا النوع من مظنّة التعارض، كما لا يخفى. انتهى باختصار
** أما بخصوص حديث عائشة رضي الله تعالى عنها" (كان رسول الله ﷺ يصوم من الشهر: السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر : الثلاثاء والأربعاء والخميس). أخرجه الترمذي.
فالحديث له علتان: ( الوقف والإرسال ). فالحديث لا يصح مرفوعاً ولا موقوفاً ولقد ضعفه الالباني رحمه الله تعالى.
- قال العظيم آبادي في عون المعبود [7/50] : ( وقد طعن في هذا الحديث جماعة من الأئمة مالك بن أنس وابن شهاب الزهري والأوزاعي والنسائي، فلا تغتر بتحسين الترمذي وتصحيح الحاكم ). انتهى.
** وأما بخصوص حديث أم سلمة وحديث جويرية بنت الحارث وحديث أبي هريرة، فقد تمت الاجابة عليه عند الكلام على الاعتراض على الحديث بأنه منسوخ فلا داعى لمعاودتها.
** أما عن باقي الاحاديث الدالة على استحباب صيام بعض الايام والتي قد يقع السبت فيها،
فهذه الأدلة الدالة على استحباب تلك الأيام عامة بمعنى : أنَّها على مدار أيام السنة السبت والأحد إلى آخر أيام الأسبوع،
وحديث : (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم) خاص في حكم صيام يوم السبت،
فيكون الجمع : أنَّ هذه الأيام يشرع صيامها على مدار أيام السنة إلا في أوقات النهي كالعيدين ويوم السبت ولمن صام الجمعة بمفردها.
قال الشوكاني في ((إرشاد الفحول)) : " وقد تقرر أن الخاص أقوى دلالة من العام والأقوى أرجح وأيضا إجراء العام على عمومه إهمال للخاص وإعمال الخاص لا يوجب إهمال العام ".انتهى.
أي : لا يهمل العام مطلقا إلا في بعض صوره فإن صادف صوم له فضيلة يوم السبت لم يًشرع كما واضح .
- إذن الأدلة التي احتج بها المجيزون لصيام السبت :
منها ما هو ضعيف مثل : حديث أم سلمة وعائشة وهما غير صالحين للإحتجاج بهما كما تقدم آنفا .
ومنها ما هو صحيح لكنه عام وحديث النهي عن صيام السبت في غير الفرض خاص، وحمل العام على الخاص متعين وقد ذكرنا وجوه الرد على تلك الأحاديث .
كما أنه نسألكم :
ماذا لو وافق يوم العيد يوم الخميس أو يوم الاثنين؟
وقد جاء عن مولى أسامة بن زيد : أنه انطلق مع أسامة إلى وادي القرى في طلب مال له فكان يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس فقال له مولاه لم تصوم يوم الاثنين ويوم الخميس وأنت شيخ كبير،
فقال إن نبي الله ﷺ (كان يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس وسئل عن ذلك فقال إن أعمال العباد تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس). صححه الألباني.
فيومي الإثنين والخميس يستحب فيهما الصيام ولقد مر معنا كيف كان الصحابة يحافظون على صيامهما رغم كبر السن فهما يومان تعرض فيهما الاعمال،
فماذا لو وافق أحد هذين اليومين يوم عيد كعيد الفطر أو عيد الاضحى، فهل ستقولون بصيام ذلك اليوم لما فيه من الفضل الكبير أم تقولون بإفطار ذلك اليوم؟
القائلون بالجواز قالوا :
نقول بعدم جواز صيام ذلك اليوم رغم ما فيه من الفضل المذكور وذلك لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن صيام يومى العيد. متفق عليه.
القائلون بالنهي قالوا :
وجوابنا كجوابكم وذلك لأن النبي ﷺ نهى عن صيام يوم السبت كما تقدم.
بل نحن نقول أن النهي الوارد في صيام يوم السبت آكد من النهى الوارد في صيام يومي العيد،
فعند النهى عن صيام يومي العيد قال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ صِيَامِهِمَا).
أما عند نهيه ﷺ عن صيام السبت فقد أكدها بثلاثة مؤكدات، وهي :
الأولى: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ). والأصل في النهي التحريم .
الثانية: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) وإلا تفيد الحصر فلا يدخل غير المحصور .
الثالثة: شدة النهي على صيام هذا اليوم حيث قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ...). فسبب عدم جواز صيام يوم العيد إذا وافق يوما يستحب صيامه،
هو نفس السبب الذي قلنا به بعدم جواز صيام يوم السبت إذا ما وافق يوما يستحب صيامه.
القائلون بالجواز قالوا :
إن تشبيهكم يوم السبت بيومي العيد غير صحيح لأن النهي عن صيامهما مجمعٌ على حرمة صيامهما, أما السبت فمختلف فيه.
القائلون بالنهي قالوا :
• أما أن يومي العيد مجمعٌ على حرمة صيامهما وأن السبت مختلف فيه فإن هذا الأمر يجر إلى أمر أعظم منه ألا وهو عدم العمل بدلالة النص إلا إذا اجتمع أهل العلم على القول به ،
وهذا يعني تعطيل العمل بالكثير من النصوص لعدم الإجماع عليها ذلك لأنَّكم فرقتم في الحكم بين حالتين متشابهتين لا لشيء إلا لكون إحداهما مجمعٌ عليها والأخرى مختلف فيها.
- ثم إن الذي نهانا عن صيام يوم السبت هو الذي استحب لنا صيام بعض هذه الأيام التي ذكرتموها (وَهُوَ اللّهُ لآ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الاُولَىَ وَالاَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). القصص70 .
وإنما كان الأمر بإفطار يوم السبت إذا ما وافق صيامه يوم فضيلة بسبب دليل شرعي يحتم علينا هذا الإفطار وليس عن هوى نفس،
وعليه فإننا نقول إن الله سبحانه وتعالى بكرمه ومنّه سيعوضنا خيراً مما هو مذكور في فضلية صيام الأيام المذكورة سابقاً ،
وذلك بنص الحديث الصحيح أن النبي ﷺ قال : ( إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه). صححه الألباني.
وخلاصة الأمر أن هذا الحديث صحيح سنداً وغير شاذ متناً.
3- القائلون بالجواز قالوا: يحمل النهي على الإفراد أو إذا لم يقصد صومه بعينه.
فلو صام يوماً قبله أو بعده أو لم يقصده بعينه لخرج من النهي.
القائلون بالنهي ردوا على ذلك فقالوا:
كلامكم هذا هو مجرد رأي وليس نصاً من كلام الشرع وسياق الحديث يأباه لأنه لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثنى.
كما قرر ذلك شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم رحمه الله في حاشيته على سنن أبي داود :( قوله في الحديث : " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم". دليل على :
المنع من صومه في غير الفرض مفرداً أو مضافاً؛ لأنَّ الاستثناء دليل التناول وهو يقتضي: أنَّ النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض،
ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد لقال : "لا تصوموا يوم السبت إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" كما قال في الجمعة!!
فلما خصَّ الصورة المأذون في صومها بالفرضية علم تناول النهي لما قابلها ). انتهى.
ولكن ابن القيم حكم على الحديث بالشذوذ لمعارضته لمعارضته لحديث جويرية؛ (وقد رددنا على من قال بالشذوذ)،
ولولا ذلك لقال بظاهر الحديث وهو المنع من صومه في غير الفرض مفرداً أو مضافاً كما أشار هو في أول كلامه.
- كما أنه يقل النبي صلى الله عليه وسلم صوموا هذه الأيام وإن وافقت يوم السبت، بل جعل لنا قاعدة ثابتة تُنزّل على كل الأدلة العامة التي تقدم ذكرها، والقاعدة هي: (( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم)).
وهذا متناول لكل صور التطوع فأيهما أبلغ بياناً أن يذكر النبي ﷺ مع كل حديث ورد في استحباب تلك الأيام الفاضلة عبارة : " إلا إذا كان يوم السبت فلا تصوموا". والأحاديث كثيرة كما لا يخفى.
أم أن يقول: " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم". هكذا فتصبح قاعدة عامة تبيّن للمسلم : أنَّ صيام التطوع مشروع في كل أيام السنة إلا في يوم السبت لأنه منصوص عليه بعينه بنص خاص.
- قال الشيخ الألباني فى ((الصحيحة ))(733/2) : فلا يجوز أن نضيف إليه قيدا آخر غير قيد الفريضة،
كقول بعضهم : (إلا لمن كان له عادة من صيام أو مفردا) فإنه يشبه الإستدراك على الشارع الحكيم ولا يخفى قبحه ". انتهى.
- وانظر إلى فقه الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فعن عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال رجل : نذر أن يصوم يوما قال : أظنه قال : الاثنين فوافق ذلك يوم عيد،
فقال ابن عمر: " أمر الله بوفاء النذر ونهى النبي ﷺعن صوم هذا اليوم. أخرجه البخاري.
فهذا الرجل الذي جاء يسأل ابن عمر قد نذر أن يصوم يوماً فوافق يوم العيد فأجابه بما فَهِمَ منه السائل المنع من صوم.
وأما قولكم : لماذا لم تقبلوا توجيهنا لحديث النهي عن صيام السبت أنه لأجل تخصيصه بالصيام؟!
فجوابه :
لو كان المقصود من النهي تخصيص السبت بالصيام لكان الحديث جاء بلفظ : لا تخصوا يوم السبت بصيام، كما هو الحال في يوم الجمعة وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما هو مقرر.
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أفصح العرب فلو كان يريد النهي عن تخصيص السبت بصيام،
لذكره صريحا كما هو الحال في نهيه عن تخصيص الجمعة بصيام أو قيام !. انتهى الحوار باختصار.
وإليك الفهم الصحيح للنص من العلماء الذين لم يأخذوا به.
- قال شيخ الإسلام رحمه :...ولا يقال : يحمل النهي على إفراده لأن لفظه : "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" والإستثناء دليل التناول،
وهذا يقتضي أن الحديث عم صومه على كل وجه، وإلا لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثني فإنه لا إفراد فيه، فاستثناؤه دليل على دخول غيره. بخلاف يوم الجمعة، فإنه بين أنه إنما نهى عن إفراده. انتهى من (الإقتضاء ص 75).
- قال الشيخ العثيمين رحمه الله : " وقوله إلا فيما افترض عليكم " استثناء يدل على أن ما قبله عام لأن لدى أهل العلم قاعدة يقولون :
" إن الإستثناء معيار العموم " " معيار " يعني : ميزانا يعني : أنه إذا جاء اللفظ فيه استثناء فما قبل المستثنى عام،
وإلا لم يكن للإستثناء فائدة فإذا جاء شيء عام واستثني منه شيء فاعلم أنه عام فيما عدا المستثني. انتهى.
- وقال رحمه الله : أن ظاهره تحريم صوم هذا اليوم مطلقاً سواء ضم إليه ما قبله أو ما بعده أو لم يضم، من أين يؤخذ أن ظاهره التحريم؟
أولاً : من النهي .
ثانياً : من التأكيد على فطره مع أن الرسول ما قال : إلا أن تصوموا يوماً قبله أو بعده. انتهى.
- وقال رحمه الله : ..... فعدم إمكان الجمع ظاهرحيث إنه لا يمكن الجمع بينه وبين حديث أبي هريرة وحديث جويرية، لأن ظاهره التحريم مطلقاً وظاهرهما الجواز إذا ضم إليه يوم الجمعة ..انتهى من (شرح بلوغ المرام ).
- وقال الشيخ محمد بازمول حفظه الله : والحديث يدل بظاهره على تحريم صيام يوم السبت في التطوع مطلقاً ووجه الدلالة : أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام السبت ثم خصص من النهي صيامه فيما " افترض الله " فبقي ما عدا محل التخصيص على التحريم .
وقال : والحديث استثنى من النهي صوم يوم السبت فيما افترض الله بقوله صلى الله عليه وسلم : " إلا فيما افترض الله "،
وبقيت الصور الأخرى تحت النهي فلا يجوز صيام يوم السبت لا مفردا ولا مقترنا في غير ما افترض الله. انتهى من ( الترجيح ص89) .
(فهذا هو المفهوم الصحيح للحديث فعض عليه بالنواجذ) وإن كان من نقلنا عنهم هذا الفهم الصحيح يذهبون لغير ذلك لإعتقاد التعارض أو لتضعيفهم للحديث وقد تم الرد عليهم فيما تقدم .
قال ابن القيم رحمه الله :
....لا تقدم على ما جاء به ( المعصوم ) قول أحد ولا رأيه كائنا من كان، بل تنظر في صحة الحديث أولا فإذا صح لك نظرت في معناه ثانيا فإذا تبين لك لم تعدل عنه ولو خالفك من بين المشرق المغرب،
ومعاذ الله أن تتفق الأمة على مخالفة ما جاء به نبيها، بل لا بد أن يكون في الأمة من قال به ولو لم تعلمه،
فلا تجعل جهلك بالقائل به حجة على الله ورسوله بل أذهب إلى النص ولا تضعف واعلم أنه قد قال به قائل قطعا ولكن لم يصل إليك. انتهى من ( كتاب الروح)
قال الإمام الألباني رحمه الله :
الرسول عليه السلام نهى عن صيام يوم السبت إلا في الفرض، فإذا قال قائل ـ كما نسمع ـ لا وإلا في عاشوراء ـ استثناء ثاني ـ وإلا في عرفة وإلا في الأيام البيض .
الله أكبر !! أنا لا أتصور مسلماً يدري وينتبه إلى ما يخرج من فمه أنه يتجرأ أن يقول هذا الكلام رسول الله يقول : ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ). وهو يقول إلا (كذا وإلا كذا وإلا كذا) !!
هذا أليس استدراكاً على رسول الله؟!! أليس معنى ذلك ـ لا سمح الله ـ أن هذا الذي يقول هذا الإستدراك الثاني والثالث والرابع لسان حاله يقول أن الرسول عليه السلام لا يعرف أن يتكلم ؟!،
لأنه جلب نهياً عاماً واستثناءً واحدًا وكان عليه أن يجلب كلمة تشمل هذه الأنواع وهذه المستثنيات الأخرى التي يقولها هؤلاء الجماعة .
بعد هذا العنوان: نأتي بصورة سترون هؤلاء المتحمسين بهذه الاستثناءات الثلاثة وأقولها بعبارة أخرى المستدركين على رسول الله سيتراجعون في مسألة أخرى نقول لهم :
إذا صادف يوم عيد يوم السبت هل تصومونه ؟ يوم النحر ؟ وثلاث أيام بعده؟ لابد في سنة من السنين سبق أنه في يوم الاثنين أو الخميس صادف بلا شك هل نصوم يوم الاثنين إذا صادف يوم عيد؟
سيكون الجواب بالإجماع: لا ، سنقول لهم لماذا ؟ سيقولون : هذا منهي عنه.
ما الفرق بين صيام يوم السبت وهو منهي عنه وبين صيام يوم عيد من أيام العيد صادف يوم الاثنين وهو مرغوب بصيام يوم الاثنين مرغوب في صيام يوم الخميس،
لكن لما صادف يوماً نُهي عن صيامه ماذا كان موقف العلماء ؟ غلّبوا النهي على الإباحة. فقالوا :
نحن لا نصوم الاثنين والخميس لمصادفة هذا اليوم أو ذاك ليوم العيد وهو منهي عن صيامه، لا فرق أبداً بين نهي الرسول عن يوم السبت وبين نهي الرسول عن صيام أربعة أيام العيد،
فما هي القاعدة التي لجأ إليها هؤلاء الذين يذهبون إلى الإستدراك على الرسول عليه السلام فقالوا بجواز صيام يوم السبت إذا وافق يوماً فاضلاً كيوم عرفة مثلاً ؟
فماذا يقولون هؤلاء في صيام يوم الاثنين ويوم الخميس وهما من الأيام التي يستحب صيامها ؟
هؤلاء إن كانوا فقهاء سيجيبون بكلام علماء الأصول سيقولون لمّا تعارض النهي مع الإباحة قُدِّم النهي على الإباحة أيام العيد منهي عن صيامها يوم الاثنين ويوم الخميس مباح صيامه ومرغوب فيه.
فإذا تعارض المبيح مع المحظور قُدِّم المحظور على المبيح نفس القاعدة نحن طبقناها هناك في صوم يوم السبت.
السائل: حتى لو كان صوم يوم قبله أو بعده؟
الشيخ : نفس النتيجة يا أخي نفس النتيجة يعني مثل ما يقول ابن حزم الله يرحمه : " هذا حكم زائد جاء به الشارع يجب أن نخضع له ".
والقاعدة واحدة قدم الحاظر على المبيح فيما يتعلق بصيام يوم السبت فيما يتعلق بصيام يوم العيد الحاظر مقدم على المبيح .
أخيراً نقول شيئاً
كثير من الناس يتوهّمون أنهم إذا صادف يوم السبت يوم عاشوراء أو يوم من أيام الفضيل،
أنهم إذا ما تركوا صيام ذاك اليوم يوم السبت فاتهم خير كبير ك: ( صوم يوم عاشوراء يكفّر سنة ماضية ) ( صوم يوم عرفة يكفّر الماضية والآتية ). كيف نخسر هذه الفضيلة وتلك ؟
الجواب :
لو كانوا يعلمون في قوله عليه السلام : ( من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراَ منه ) نحن ما صمنا يوم السبت لماذا ؟ لأنه زهداً في صيام يوم عرفة وفي صيام يوم عاشوراء وفي صيام أي يوم فضيلة من الأيام البيض مثلاً ؟
ليس زهداً وإنما طاعة لله ولرسوله إذًا صدق فينا هذا الحديث: ( من ترك شيئاً لله ) شيئاً هنا : مثلاً شيئاً في الآية السابقة : (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول ))،
من ترك شيئاً مطلق أي شيء من هذه الأشياء تركنا صيام يوم السبت مع أنه صادف يوم عرفة لماذا ؟ لله لأنه نهانا على لسان نبيه.
إذاً نحن خير من أولئك الذين صاموا يوم عاشوراء وإن شاء الله استحقوا أن يغفر الله لهم السنة الماضية والسنة الآتية ،
نحن الذين نستحق إن شاء الله بنص هذا الحديث نحن عملنا بحديثين حديث فيه فضيلة وحديث فيه نهي،
هم عملوا بحديث فيه فضيلة وأعرضوا عن الحديث الذي فيه نهي.
فنحن واقعين بين الأجرين والأجر إن شاء الله وهذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين. انتهى من (سلسلة الهدى والنور شريط عدد (154)).
ينظر: تتمة لجواب الشيخ الألبانى رحمه الله عن حكم صيام يوم السبت إذا صادف يوم فاضل؟
فباختصار
ما ورد في من نصوص المقال التى تُجيز فهي نصوص عامة خصصها حديث النهي عن صيام السبت ،
كما خصص النهي عن صيام يوم العيد صيام داود وبعضها هي من فعل الرسول الله عليه وسلم، والقول مقدم على الفعل عند التعارض والحاظر مقدم على المبيح.
ولمن يريد الإستزادة فهناك رساله باسم ( الإعلام بما تضمنه حديث آل بسر من الأحكام ).
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق