أقل عدد تنعقد به صلاة الجماعة هو إثنان إمام ومأموم حتى ولو كان المأموم إمرأة وكلما زاد العدد زاد فضل الصلاة .
وأما أقل عدد تنعقد به صلاة الجمعة هو اثنين فما فوق لأن الاثنين جماعة يحصل بهم الاجتماع ومن المعلوم أن صلاة الجماعة في غير الجمعة تنعقد باثنين بالاتفاق فالجمعة كسائر الصلوات فمن ادعى خروجها عن بقية الصلوات في أن جماعتها لا بد فيها من ثلاثة فعليه الدليل .
وإليك الأدلة على ذلك :
1- قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ . ( الجمعة: 9).
ووجه الدلالة : أنه لا يجوز أن يخرج عن هذا الأمر وعن هذا الحكم أحد إلا من جاء نص جلي، أو إجماع متيقن على خروجه عنه, وليس ذلك إلا الفذ وحده . انظر : (المحلى لابن حزم (3/251).).
2- عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه، قال : أتى رجلان النبي صلى الله عليه وسلم يريدان السفر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أنتما خرجتما، فأذنا، ثم أقيما، ثم ليؤمكما أكبركما ). رواه البخاري (630)
فلما قال لهما : ((وليؤمكما أكبركما)) دل على أن أقل صلاة الجماعة إمام ومأموم .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قَوْله : (بَاب اِثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَة) اسْتُدِلَّ بِهِ (يعني حديث مالك بن الحوريث رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَة إِمَام وَمَأْمُوم ، [ وهو ] أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُون الْمَأْمُوم رَجُلًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ اِمْرَأَةً . انتهى كلام الحافظ.
قال ابن قدامة رحمه الله :
" وتنعقد الجماعة باثنين فصاعدًا، لا نعلم فيه خلافًا... وأمَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حذيفة مرة، وابن مسعود مرة، وابن عباس مرة. ولو أمَّ الرجلُ عبدَه أو زوجته، أدرك فضيلة الجماعة ". انتهى من (كتاب المغني لابن قدامه).
وقال الإمام النوويُّ رحمه الله :
الجماعة تصحُّ بإمام ومأموم وهو إجماع المسلمين .اه
((شرح النووي على مسلم)) (5/175).
وقال أيضًا رحمه الله :
أقل الجماعة اثنان : إمام، ومأموم فإذا صلَّى رجُل برجُلٍ أو بامرأة، أو أَمَتِه أو بِنته، أو غيرهم، أو بغِلامه أو بسيِّدته، أو بغيرهم- حصَلَت لهما فضيلةُ الجماعة التي هي خمس أو سبع وعشرون درجةً، وهذا لا خلافَ فيه، ونقَل الشيخ أبو حامد وغيرُه فيه الإجماع .اه ((المجموع)) (4/196).
قال الشوكانيُّ رحمه الله :
وأمَّا مَن قال : إنها تصحُّ باثنين فاستدلَّ بأنَّ العدد واجب بالحديث والإجماع، ورأى أنَّه لم يثبت دليلٌ على اشتراط عددٍ مخصوص، وقد صحَّت الجماعة في سائرِ الصلوات باثنين، ولا فرْق بينها وبين الجماعة، ولم يأتِ نصٌّ من رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنَّ الجمعة لا تنعقد إلَّا بكذا، وهذا القولُ هو الراجحُ عندي . ((نيل الأوطار)) (3/276).
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
إذا صلى شخصان معا هل يحصّلان أجر الجماعة؟
الجواب :
إذا فاتتهم الجماعة نعم، لكن ليس لهم التخلف عن المسجد، لكن لو كانوا مرضى أو فاتتهم أقل الجماعة اثنان . انتهى من (فتاوى الدروس)
سئلت اللجنة الدائمة :
هل صلاة الاثنين جماعة أو لا ؟
فأجابت :
صلاة الاثنين فما فوقهما جماعة ، لكن كلما زاد العدد زاد الفضل ، ومع ذلك يجب أداء الصلاة جماعة في المسجد . اهـ . "فتاوى اللجنة الدائمة" (7/289) .
إنعقاد صلاة الجمعة بإثنين فأكثر
قال الإمام ابن حزم رحمه الله :
عن إبراهيم النخعي : إذا كان واحد مع الإمام صليا الجمعة بخطبة ركعتين، وهو قول الحسن بن حي, وأبي سليمان, وجميع أصحابنا, وبه نقول . انتهى من (المحلى (5/46).).
وقال أيضا رحمه الله :
" وأما حجتنا فهي ما قد ذكرناه قبل من حديث مالك بن الحويرث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له : " إذا سافرتما فأذنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما ".، فجعل عليه السلام للاثنين حكم الجماعة في الصلاة ". انتهى من ( المحلى (5/48).]).
وقال الإمام الشوكاني رحمه الله :
واعلم أنه لا مستند لاشتراط ثمانين أو ثلاثين أو عشرين أو تسعة أو سبعة ، كما أنه لا مستند لصحتها من الواحد المنفرد ،
وأما من قال أنها تصح باثنين فاستدل بأن العدد واجب بالحديث والإجماع ، وأرى أنه لم يثبت دليل على اشتراط عدد مخصوص ، وقد صحت الجماعة في سائر الصلوات باثنين ، ولا فرق بينها وبين الجماعة ، ولم يأت نص من رسول الله صلى الله عليه و سلم بأن الجمعة لا تنعقد إلا بكذا ، وهذا القول هو الراجح عندي . انتهى من ("نيل الأوطار" (ج3 / 277))
وقال الشيخ الألبانى رحمه الله :
لقد اختلفت أقوال العلماء كثيراً في العدد الذي يشترط لصحة صلاة الجمعة حتى بلغت إلى خمسة عشر قولا، قال الإمام الشوكاني في «السيل الجرار» «١/ ٢٩٨» : « وليس على شيء منها دليل يستدل به قط، إلا قول من قال : إنها تنعقد جماعة الجمعة بما تنعقد به سائر الجماعات ».
قلت : وهذا هو الصواب إن شاء الله تعالى . انتهى من (السلسلة الضعيفة (٣/ ٣٤٩)).
[وقال أيضا رحمه الله في تلخيص المسائل المتعلقة بالجمعة من رسالة «الموعظة الحسنة بما يخطب به في شهور السنة» لصديق حسن خان] :
صلاة الجماعة قد صحت بواحد مع الإمام، وصلاة الجمعة هي صلاة من الصلوات، فمن اشترط فيها زيادة على ما تنعقد به الجماعة فعليه الدليل ولا دليل، والعجب من كثرة الأقوال في تقدير العدد حتى بلغت إلى خمسة عشر قولا ليس على شيء منها دليل يستدل به قط إلا قول من قال :
إنها تنعقد جماعة الجمعة بما تنعقد به سائر الجماعة، كيف والشروط إنما تثبت بأدلة خاصة تدل على انعدام المشروط عند انعدام شرطه،
فإثبات مثل هذه الشروط بما ليس بدليل أصلا فضلا عن أن يكون دليلا على الشرطية مجازفة بالغة وجرأة على التقول على الله وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعلى شريعته.......!
والحق أن هذه الجمعة فريضة من فرائض الله سبحانه وشعار من شعائر الإسلام وصلاة من الصلوات فمن زعم أنه يعتبر فيها ما لا يعتبر في غيرها من الصلوات لم يسمع منه ذلك إلا بدليل . انتهى من [الأجوبة النافعة ص ٤٤]
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق