">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل تسقط صلاة الجمعة والظهر إذا وافق العيد يوم جمعة؟

 


عندما يجتمع يوم العيد مع يوم الجمعة، يكثر التساؤل بين المسلمين : هل تسقط صلاة الجمعة؟ وهل تسقط صلاة الظهر أيضاً؟

 في هذا المنشور نستعرض القول الراجح بدليله، مع أقوال العلماء، ونوضح ما يجب فعله للمسلمين عامة، والإمام خاصة، عندما يجتمع العيد مع الجمعة.

▣▣ الرأي الراجح : سقوط الجمعة والظهر إذا صُلِّي العيد.

◄ الأرجح - إن شاء الله - أن صلاة الجمعة تسقط إذا اجتمعت مع يوم العيد، وتصير رخصة لكل الناس ، وبالتالي يسقط وجوب صلاة الظهر في هذا اليوم عن من صلى العيد.
 
★ وهذا القول عليه عمل جماعة من الصحابة والتابعين، مثل ابن الزبير وابن عباس، وبه قال عطاء بن أبي رباح، والإمام الشوكاني، والألباني رحمهم الله.

خلاصة القول :

✔ من صلى العيد يُرخّص له ترك الجمعة والظهر.

✔ من لم يشهد العيد فعليه حضور الجمعة.

✔ الإمام الذي يجب عليه إقامة الجمعة لمن لم يصلِّ العيد.

▣▣ هل تجب صلاة الظهر لمن لم يصلِّ الجمعة في هذا اليوم؟

✅ الجواب : لا يجب عليه أن يصلي الظهر بدلًا عنها، لأن الجمعة ممكنة الأداء، لكنها سقطت وجوبًا بدليل شرعي، وإذا سقط الأصل مع إمكانه، سقط البدل، وهو الظهر.

◄ لأن صلاة الجمعة هي الفريضة التي افترضها الله على عباده في هذا اليوم، ولا يوجد دليل صحيح يُعتَمد عليه يُوجب أداء صلاة الظهر بدلاً عنها لمن لم يُصلِّ الجمعة فى ذلك اليوم ، سواء بعذر أو بغير عذر.

◄ فإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد، فإن صلاة الجمعة تسقط بالدليل الخاص مع إمكان أدائها، لأنها فريضة الوقت، بخلاف صلاة الظهر في غير يوم الجمعة فإنها لا تسقط؛ لأنها واجب الوقت،

لذا من اجتمع له العيدان فيسقط أحدهما بالآخر، كما في الحديث: "قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة".

▣▣ هل الرخصة عامة أم خاصة بأهل البادية؟

✔ قال بعض الفقهاء: إن الرخصة خاصة بأهل البوادي، استناداً إلى أثر عن عثمان رضي الله عنه،

لكن الصحيح أن الرخصة عامة كما جاءت فى الأحاديث؛ وقول عثمان لا يخصص قوله ﷺ، لأن النبي ﷺ لم يخصّ أحداً.

▣▣ الأدلة على سقوط صلاة الجمعة والظهر عند اجتماعهما مع العيد:

1- عن إياس بن أبي رملة- قال : شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم، قال : أشهدت مع رسول الله ﷺ عيدين اجتمعا في يوم؟ 

قال : نعم، قال : فكيف صنع؟ قال : صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال : (من شاء أن يصلي، فليصل). (صحيح أبي داود-رقم: (1070 )).

◄ دل الحديث على : التخيير في أداء صلاة الجمعة إذا اجتمع معها صلاة العيد، وأنها ليست بواجبة على من صلى العيد، بل رخصة. 

2- قال رسول الله ﷺ : قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون. (صحيح أبي داود-رقم : 1073 - وحسن إسناده شعيب الارناؤوط فى تخريج زاد المعاد-رقم : 1/432).

◄ هذا النص صريح في أن الجمعة لم تعد واجبة على من صلى العيد، 

لكن النبي  أقام الجمعة لمن أراد أن يحضر، ولم يأمر من لم يصلي الجمعة بصلاة الظهر بدلًا عنها، فدلّ ذلك على أن الظهر تسقط أيضًا.

3- عن ابن عمر، قال : اجتمع عيدان على عهد رسول الله ﷺ فصلى بالناس، ثم قال: «من شاء ‌أن ‌يأتي ‌الجمعة ‌فليأتها، ومن شاء أن يتخلف فليتخلف». ( صحيح ابن ماجه - رقم : 1091).

◄ دل الحديث على : أنه لو كان ثمّ شيء ثالث غير الترخص في ترك الجمعة أو الاتيان إليها لبيّنه، 

فلما لم يفعل دل على عدم وجوب الظهر في حق من صلى العيد يوم الجمعة، والحكم الشرعي ينتفي بانتفاء الدليل.

4- (فعل ابن الزبير وفتوى ابن عباس) فعن عطاء بن أبي رباح قال : صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحداناً.

وكان ابن عباس بالطائف فلما قدمنا ذكرنا ذلك له فقال : (أصاب السنة)(صحيح أبي داود-رقم: (1071 )).

5- وعنه أيضا- قال : اجْتَمَعَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَيَوْمُ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ : عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ(صحيح أبي داود - رقم: (1072)).

◄ فابنُ الزبير صلَّى العيدَ وليسَ الجمعة، والشاهد (عطاء) يرى ما لا يرى الغائب بدليل قوله : (بُكرةً)، وفي الرواية الأخرى : (في أوَّلِ النَّهار)، 

والشاهد أن ابن الزبير لم يزد عليهما حتى صلى العصر، وهو يدل على أنه لم يصل الظهر اكتفاءً بالركعتين اللتين صلاهما بالناس بكرة .

◄ وقد دلَّت السنة القولية على ما ذهب إليه ابن الزبير رضي الله عنه، حيث رخَّص النبي  بترك الجمعة وقال : (( فمن شاء أجزأه من الجمعة ))،

فهل أجزأه العيد عن صلاة الجمعة وخطبتها أم عن الخطبة فقط ؟ 👈 لا ريب أنَّ المقصود الأول وإذا أسقط الشارع الجمعة وأحلَّ مكانها الظهر فأين وجه الرخصة؟!.

◄ وأما قوله : ( لم يزد عليهما حتى صلى العصر). فهل بعد هذا التوكيد المتكرر نفهم من القصة أنه صلاها في بيته ظهراً؟! علماً أنَّ دعوى صلاته في بيته ظهراً لم تنقل في أثر صحيح قط!!.

6- جاء في أثر عطاء -في قصة ابن الزبير-: « فصلَّى الجمعة ركعتين بكرة صلاة الفطر، ثم لم يزد عليهما حتى صلى العصر، قال: فأما الفقهاء فلم يقولوا في ذلك، وأما من لم يفقه فأنكر ذلك عليه، 

قال: ولقد أنكرت أنا ذلك عليه وصليت الظهر يومئذ حتى بلغنا أن العيدين كانا إذا اجتمعا كذلك صليا واحدة »(إسناده حسن: أخرجه عبد الرزاق (٥٧٢٥)، وأبو داود (١٠٧٢) مختصرًا).

◄ فقول عطاء رضي الله عنه : (( ولقد أنكرتُ أنا ذلك عليه وصليتُ الظهر يومئذ ))، فهنا إنكاره كان على ترك صلاة الظهر لا على مجرد الحضور إلى الجمعة؟ لأنه عقَّب على إنكاره بقوله : "وصليتُ الظهر".

◄ وأخص من ذلك : أنَّ ابن الزبير رضي الله عنه ذكر لهم حديث اجتماع العيدين والرخصة في ترك الجمعة قبل أن يحبس نفسه في بيته، 

وعطاء من فقهاء التابعين، فلا يصعب عليه فهم مثل هذه المسألة (الرخصة بترك الجمعة)!، وإنما صعب عليه ترك صلاة الظهر التي تقام في المسجد لا في البيت.

◄ كما أنَّ صلاة عطاء رحمه الله ومَنْ معه الظهر كانت قبل أن يبلغه الخبر، وكان التصويب من عبدالله بن عباس رضي الله عنهما،

فلما بلغهما ذلك كان يفتي لمن سأله عن ذلك، بقوله : 

(( إنْ اجتمع يوم الجمعة ويوم الفطر في يوم واحد : فليجمعهما فليصل ركعتين قط حيث يصلي صلاة الفطر، ثم هي هي حتى العصر ))، 👈 فهل يُنسب له المذهب قبل العلم والسؤال والخبر أم بعدها؟!!.

 إذن، قول (عطاء) تعضده الأدلة، وأما القول بأن هذا قول شاذ أو مهجور لايعمل به. فنقول : أن العبرة بما صح من الآثار لا بمن قال : ولا كثرة من قال من الأئمة- رحم الله الجميع.

 وليس من الشذوذ في شيء أن يختار المسلم قولا من أقوال الخلاف لدليل بدا له ولو كان الجمهور على خلافه، فالشذوذ هو مخالفة السّنّة لا مخالفة أقوال أهل العلم، فافهم.

▣▣ أقوال العلماء في هذا المسألة :

★ قال الإمام الشعبي رحمه الله :

 «إذا كان يوم جمعة وعيد أجزأ أحدهما من الآخر».
ينظر: (مصنف ابن أبي شيبة (5849)- بسند حسن).

 وقال الإمام الفقيه عطاء بن أبي رباح رحمه الله:

«إذا اجتمع عيدان في يوم فأيهما أتيت أجزأك». 
ينظر: (مصنف ابن أبي شيبة (5844)- بسند حسن).

 وقال الإمام إبراهيم النخعي رحمه الله:

 في العيدين إذا اجتمعا : «يجزئه الأولى منهما». «يجزئ واحد منهما عن صاحبه». ينظر: (مصنف ابن أبي شيبة (5847)- بسند حسن).

★ قال عبد الله بن أحمد -في مسائله :

سألت أبي عن عيدين اجتمعا في يوم يترك أحدهما؟ قال : لا بأس به أرجو أن يجزئه. ينظر: (مسائل عبد الله- رقم المسألة ((482))).

★ قال الإمام النووي رحمه الله :

قال عطاء بن أبي رباح : إذا صلوا العيد لم تجب بعده في هذا اليوم صلاة الجمعة ، ولا الظهر ، ولا غيرهما إلا العصر لا على أهل القرى ولا أهل البلد

قال ابن المنذر : وروينا نحوه عن علي بن أبي طالب وابن الزبير رضي الله عنهم. ينظر: (المجموع شرح المهذب » كتاب الصلاة » باب صلاة الجمعة).

★ قال القاضي حسين محمد المغربي رحمه الله :

... وعلى القول بأن الجمعة أصل في يومها والظهر بدل فهو يقتضي صحة هذا القول لأنه إذا سقط وجوب الأصل مع إمكان أدائه سقط البدل.

وظاهر الحديث أيضا حيث رخّص لهم في الجمعة ولم يأمرهم بصلاة الظهر مع تقدير إسقاط الجمعة للظهر يدل على صحة هذا القول. والله أعلم ». ينظر: (البدر التمام شرح بلوغ المرام (2/136-)).

★ وقال العلامة السندي رحمه الله :

« ولا يخفى على المتتبع أن أحاديث هذا الباب بعضها يقتضي سقوط الظهر أيضا، لحديث ابن الزبير وهو غير مذكور في الكتاب،

وبعضها يقتضي عدم لزوم الحضور للجمعة مع كونه ساكتا عن لزوم الظهر والله أعلم ». ينظر: (حاشية السندي على ابن ماجه (2/114-115)).

★ قال الإمام الشوكاني رحمه الله :

وقول ابن عباس : أصاب السنة رجاله رجال الصحيح وعدم الانكار عليه من أحد من الصحابة..

 وحكى في البحر عن الشافعي في أحد قوليه، وأكثر الفقهاء أنه لا ترخيص لأن دليل وجوبها لم يفصل. وأحاديث الباب ترد عليهم .

 وحكي عن الشافعي أيضا أن الترخيص يختص بمن كان خارج المصر، واستدل له بقول عثمان :

"من أراد من أهل العوالي أن يصلي معنا الجمعة فليصل، ومن أحب أن ينصر فليفعل"، ورده بأن قول عثمان لا يخصص قوله صلى الله عليه وآله وسلم.ينظر: (نيل الأوطار - (3 / 347)).

★ وقال أيضا رحمه الله :

ظاهره أنه لم يصل الظهر وفيه أن الجمعة إذا سقطت بوجه من الوجوه المسوغة لم يجب على من سقطت عنه أن يصلي الظهر. 

وإليه ذهب عطاء حكي ذلك عنه في البحر والظاهر أنه يقول بذلك القائلون بأن الجمعة الأصل، وأنت خبير بأن الذي افترضه الله تعالى على عباده في يوم الجمعة هو صلاة الجمعة ،

فإيجاب صلاة الظهر على من تركها لعذر أو لغير عذر محتاج إلى دليل، ولا دليل يصلح للتمسك به على ذلك فيما أعلم.. ينظر: (نيل الأوطار - (3 / 347)).

★ وقال العلامة الألباني رحمه الله :

 اذا سقطت صلاة الجمعة فبالتالي تسقط صلاة الظهر.
ينظر: (سلسلة الهدى والنور- شريط رقم (29)).

▣▣ الخلاصة :

إذا وافق العيد يوم الجمعة، فالأصل أن من صلى العيد فقد سقطت عنه الجمعة والظهر، عملاً بالأدلة الصحيحة وفعل الصحابة.


والله اعلم

اقرأ أيضا:


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات